وسعى البنك المركزي، الذي وصف إجراء خفض القيمة بأنه خطوة استثنائية لتعزيز استجابة العملة الصينية لقوى السوق، إلى طمأنة أسواق المال أمس بأنه ليس على أعتاب خفض متكرر لليوان.
واصل اليوان هبوطه لليوم الثاني على التوالي أمس، مسجلاً أدنى مستوياته في أربع سنوات بعدما خفضت السلطات الصينية قيمة العملة في إجراء أثار مخاوف من حرب عملات عالمية واتهامات لبكين بإعطاء ميزة غير عادلة لمصدريها.
وتراجع السعر الفوري لليوان في الصين إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ آب (أغسطس) 2011 مسجلاً 6.45 يوان، بعدما حدد البنك المركزي الصيني مؤشر نقطة المنتصف اليومية عند 6.3306 يوان، وهو مستوى أقل من خفض القيمة الذي قرره أول من أمس. وتراجع سعر اليوان في معظم التعاملات الدولية إلى 6.59 يوان في مقابل الدولار.
وسعى البنك المركزي، الذي وصف إجراء خفض القيمة بأنه خطوة استثنائية لتعزيز استجابة العملة الصينية لقوى السوق، إلى طمأنة أسواق المال أمس بأنه ليس على أعتاب خفض متكرر لليوان. وأضاف «بنك الشعب الصيني» في بيان: «بالنظر إلى الوضع الاقتصادي في الداخل لا أساس حالياً لتوجه نحو خفض مستدام لليوان».
وقال متعاملون في النقد الأجنبي إن المصارف الحكومية في الصين تبيع الدولار نيابة عن البنك المركزي بهدف الحفاظ على اليوان في حدود 6.43 يوان أمامه. ورأى أحد المتعاملين في بنك أوروبي في شنغهاي «أن البنك المركزي لا يريد أن يخرج اليوان عن السيطرة»، لافتاً إلى أن «الخفض غير المتوقع تسبب في بعض الفزع في الأسواق (...) على رغم أن البنك المركزي قدم تفسيرات أمس، مؤكداً على أن اليوان لن يظهر خفضاً مستداماً لقيمته، إلا أن السوق متوتر جداً».
وفقد اليوان نحو 3.5 في المئة من قيمته في الصين ونحو 4.8 في المئة في الأسواق العالمية. وأدى تراجع اليوان إلى هبوط عملات آسيوية ناشئة أخرى أمس، إذ تراجعت الروبية الإندونيسية والرنجيت الماليزي إلى أدنى مستوياتهما في 17 سنة، كما تراجع الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي إلى أدنى مستوياتهما في ست سنوات.
وجاء قرار خفض قيمة اليوان أمس بعد سلسلة بيانات اقتصادية ضعيفة، ما أثار شكوكاً في الأسواق حول إقدام الصين على خفض طويل المدى لأسعار الصرف. وكان خفض الأمس الأكبر من نوعه في يوم واحد منذ خفض آخر كبير عام 1994.
وسيساعد خفض قيمة اليوان في تراجع قيمة الصادرات الصينية وجعلها أرخص في الأسواق الخارجية. وأظهرت بيانات مطلع الأسبوع تراجع الصادرات الصينية 8.3 في المئة في تموز (يوليو) الماضي، وأن أسعار الجملة تتجه نحو الانكماش للعام الرابع على التوالي. وأظهرت كذلك تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتراجع نمو إنتاج المصانع إلى ستة في المئة في تموز مقارنة بالعام الماضي، وهو رقم دون توقعات السوق، كما تراجعت استثمارات الأصول الثابتة ومبيعات التجزئة دون المتوقع. وأظهرت بيانات من وزارة المال ارتفاع النفقات المالية 24.1 في المئة في تموز، ما يعكس جهود بكين لتنشيط الاقتصاد. وأكد صندوق النقد الدولي أن تحرك الصين نحو تعزيز استجابة اليوان لقوى السوق يبدو موضع ترحيب في السوق، وعلى بكين أن تسعى إلى التوصل إلى سعر صرف عائم ومؤثر خلال سنتين أو ثلاث.
وتضغط بكين على صندوق النقد من أجل إدراج اليوان في سلة الصندوق لعملات الاحتياط المعروفة باسم حقوق السحب الخاصة التي يستخدمها الصندوق لإقراض المستدينين السياديين. وقال ناطق باسم الصندوق في بيان عبر البريد الإلكتروني: «المرونة الأكبر في سعر الصرف مهمة للصين، إذ تسعى جاهدة إلى إعطاء قوى السوق دوراً حاسماً في الاقتصاد وتتكامل بوتيرة سريعة في أسواق المال العالمية».
ودان نواب أميركيون من الحزبين الجمهوري والديموقراطي قرار خفض قيمة اليوان، ووصفوه بأنه انتزاع لميزة تصديرية غير عادلة وقد يعد الساحة لمحادثات حادة عندما يزور الرئيس الصيني شي جينبينغ واشنطن الشهر المقبل. أما وزير المال الكوري تشوي كيونغ هوان فقال: «التأثير سيكون إيجابياً للصادرات الكورية على الصين، إذ أن معظمها من السلع الوسيطة التي لا تدخل في منافسة مباشرة مع المنتجات الصينية».
إلى ذلك، ارتفع الناتج الصناعي في الصين ستة في المئة في تموز على أساس سنوي، ولكنه جاء دون توقعات السوق، ما عزز التكهنات بأن الاقتصاد في حاجة إلى حزمة حوافز جديدة لتفادي مزيد من التباطؤ. وكان محللون استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم توقعوا زيادة 6.6 في المئة، انخفاضاً من 6.8 في المئة في حزيران (يونيو).
وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاءات ارتفاع استثمارات الأصول الثابتة، وهي محرك مهم لثاني أكبر اقتصاد في العالم، 11.2 في المئة خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة، مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، بينما توقع خبراء زيادة نسبتها 11.5 في المئة. وزادت مبيعات التجزئة 10.5 في المئة في تموز مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي، بانخفاض طفيف عن توقعات بنموها 10.6 في المئة.