أحد ابطال المواجهة في وادي الحجير رجل على حافة الخمسين من العمر
احد ابطال المواجهة في الحجير .. رجل على حافة الخمسين في حينها
التقيته بعد عدوان تموز 2006 بأيام قليلة، لم اعرفه بداية لشدة ضعف بدنه.
استغربت ذلك وسالته عن السبب ... مرض او ما شابه واصريت عليه ان يقول لي السبب وبعد الالحاح قال لي:
"كنت في مهمة جهادية قبل الحرب في وادي الحجير واثناء المهمة وقعت الحرب " .
وفيما يلي ما رواه أبو علي:
الايام الاولى لم تكن واضحة بعد، حجم الحرب واهدافها ، فتم اتخاذ اجراءات احترازية من قبيل الانتشار وغير ذلك. ولكن عند بلوغ الحرب اوجها ومع تقدير المقاومة لنية العدو التوغل البري تم اتخاذ قرار بانسحاب الاخوة من تلك النقطة باتجاه نقاط اخرى.
قبل ذلك كان ابو علي وهو مصاب بمرض اسمه "النقرس" * كان قد اطلع من قبل الاخوة المعنيين على نوع جديد من الصواريخ المضادة للدروع وهي "الكورنيت" لم يكن رآها من قبل وسمع شرحا بسيطا حول كيفية عملها.
طبعا ابو علي صاحب تجربة كبيرة فهو من بدايات العمل المقاوم في لبنان.
الى هنا والامور كانت عادية الا انه تم اتخاذ القرار باخلاء النقطة وابلاغ جميع الاخوة بذلك لكن ابو علي ولسبب ما لم يكن على السمع وعليه لم ينفذ الانسحاب بالوقت المطلوب والى النقطة الجديدة ، فبقي في تلك النقطة بين الوديان وتحت الاشجار.
ابو علي وبحسب معرفتي به لديه من التوازن والاتزان والانضباط بمستوى عال جدا ، اتكل على الله، واستفاد جيّدا من الصواريخ التي بين يديه وعددها سبعة اضافة الى سلاحه الفردي وجهاز لاسلكي والقليل من الغذاء والماء لكن سرعان ما نفد الغذاء منه لقلته، في حين ان النقاط تم ضربها ولم يعد باستطاعته الحصول على الغذاء، فبات يقيم تحت الاشجار ويستظل بالاغصان من حرّ تموز وآب اللهاب بانتظار دخول دبابات العدو من بوابة الوادي ليرميها بحجارته الحارقة المتفجرة.
وكان له ما اراد ما ان اطلت الدبابات حتى رماها بالصواريخ ولاول مرة يرمي هذا النوع من الصواريخ او يطلع عليه فاصاب منها مقتلا، جميعها اصابت الاهداف، سبع دبابات بين معطوبة ومدمرة.
فرح ابو علي جدا وشكر الله اذ منع العدو من التقدم وبعد ان فرغ من الصواريخ، اخلى ابو علي المنطقة، الى منطقة اخرى من الوادي تحسبا لقصف الطيران الحربي ، لكن الغذاء قد فرغ منه بالكامل وايضا دواؤه الدائم لمرض "النقرس" وكذلك الدخان فهو مدخن عتيق. لم يكن ابو على اتصال بالعالم الخارجي ابدا حتى غرفة العمليات منقطع عنها فهو بحكم خبرته يعلم ان اي نداء على الجهاز يعني استجلاب القصف الجوي للمنطقة التي يتواجد فيها.
فما كان عليه سوى الصبر والانتظار اما النصر او الشهادة.
وبذلك اتخذ اجراءات عملية اذ كان ينام فوق الشجرة تحسبا لاي تقدم اسرائيلي ليلا وهو نائم فياخذونه اسيرا من الارض.
لذا اتخذ هذا الاجراء حتى اذا احس على اي تقدم اسرائيلي فيكون في موقع المبادر لفتح النار فيقتل منهم من يقتل ويستشهد، المهم ان لا يقع اسيرا.
بهذه الروح العالية بقي ابو علي في الوادي حارسا له مدة تزيد عن العشرة ايام، وفي صبيحة 14 آب وعلى غير عادة سمع صوتا على الجهاز ينادي من غرفة عمليات المقاومة يبلغ من خلاله المنادي الجميع ببدء سريان مفعول وقف اطلاق النار .
لم يكن يعلم ابو علي قبلا بالذي يجري وجرى من دمار او قصف او غير ذلك كل همه منع التوغل البري ونجح في ذلك .
صمت قليلا ولم يرد على الجهاز الى ان سمع مرة اخرى النداء فتيقن ان ما يسمعه ليس مناورة او غيرها فرد السلام على غرفة العمليات واعلمهم بوجوده في مكان ما بالوادي .
ابو علي لم يستطع تحديد النقطة وقرب اي بلدة ليتم ارسال سيارة لجلبه كونه لا يعرف المنطقة جيّدا، وكما قلنا انه كان في مهمة جهادية في تلك المنطقة ووقعت الحرب.
بعد مضي وقت تم التواصل مع ابو علي وارسال سيارة له ، نعم لقد فقد ابو علي الكثير من الوزن (12 كلغ) ، لم يشعر ابو علي بهذا الامر الا حين وصل الى السيارة وكأن جبلا قد وضع على كتفيه.
اول ما طلبه سيجارة ارتشف منها ونفخ يمينا ويسارا ومضى من جانب الوادي يودعه كحبيب يودع حبيبا.
*ويُعرف أيضاً بـ" نِقْرس إبهام القدم" عندما يصيب الأصبع الكبير للقدم - هو حالة مرضية تتصف عادةً بتكرار حدوث الإصابة بالتهاب المفاصل الحاد.