24-11-2024 12:37 AM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 17-8-2015 الامن العام للاسير «أنت خالد العباسي؟..تفضل معنا»

الصحافة اليوم 17-8-2015 الامن العام للاسير «أنت خالد العباسي؟..تفضل معنا»

ركزت الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين 17 اب 2015 محلياً على مفاجئة امنية لصيد ثمين فجرها جهاز الامن العام والمتمثلة بالقاء القبض على الارهابي الفار احمد الاسير في مطار بيروت الدولي مستعيناً بجوازات سفر مزورة .


ركزت الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين 17 اب 2015 محلياً على مفاجئة امنية لصيد ثمين فجرها جهاز الامن العام والمتمثلة بالقاء القبض على الارهابي الفار احمد الاسير في مطار بيروت الدولي مستعيناً بجوازات سفر مزورة اما اقليمياً تصدرت الزبداني المشهد بعد تقدم ملحوظ للجيش السوري ومجاهدي المقاومة  واحكام السيطرة على عدد من كتل الأبنية في الحي الغربي من المدينة بعد القضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية التكفيرية فيها.


* النهار

"عملية الأسير" تُطلق يد الأمن العام سلام لـ"النهار": لن أتنازل عن التوافق

خطف الانجاز الامني للامن العام الذي حققه بتوقيف الشيخ السلفي الفار منذ أكثر من سنتين احمد الاسير ظهر السبت، لدى محاولته مغادرة مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي متنكراً ومبدلاً ملامحه، الاضواء عن الأزمة السياسية – الحكومية، خصوصاً ان كل محركات الاتصالات والوساطات في شأن هذه الازمة اخمدت طوال الايام الاخيرة في انتظار معاودتها مطلع الاسبوع.

واتخذ توقيف الاسير بعد أقل من 48 ساعة بعدًاً امنياً واسعاً مع شروع الامن العام في عمليات دهم وتوقيفات في بعض المناطق التي كان للاسير مناصرون فيها، الامر الذي عكس بداية توغل التحقيقات الاولية الجارية معه الى اعترافات أدلى بها وأدت الى اطلاق عمليات الدهم والتوقيف. وفي المعلومات التي توافرت لـ"النهار" من مصدر أمني رفيع، أن الأسير كان قد وصل من مخيم عين الحلوة الى مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي بمفرده في سيارة مرسيدس وليس كما قيل من انه كان في رفقة شخص، وقبض عليه عند نقطة الأمن العام في حرم المطار وليس في الطائرة بعدما اثار جواز سفره الفلسطيني المزور الشكوك لدى عنصر الأمن العام، الذي طلب منه مرافقته. ولم ينكر الأسير هويته واعترف انه هو، على رغم خضوعه لعمليات تجميل.

أما عن الحديث عن نجاح الأمن العام في توقيف الأسير نتيجة بصمة العين، فنفاه المصدر، موضحاً ان جهاز الأمن العام لا يملك هذه الآلة التي تخوله مراقبة بصمة العين، بل ان القبض عليه تم بعد مراقبة دقيقة وحثيثة وبسرية تامة من الأمن العام منذ مدة.

وأكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لـ"النهار" ان هذه العملية "قام بها جهاز الأمن العام بمفرده، ولا علاقة لأي جهاز أمني خارجي في موضوع توقيف الأسير"، مضيفاً: "لو تعاونا مع أي جهاز اجنبي لم نكن لنخجل بالموضوع ضمن التعاون الذي يتم على غرار توقيف شادي المولوي سابقاً، لكن هذه العملية هي لجهاز الأمن العام بمفرده من ألفها الى يائها". كما نفى أي علاقة للفصائل الفلسطينية بتوقيف الأسير، قائلاً: "لا علاقة للأخوة الفلسطينيين بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد".

أما في شأن كل من انتقد في شكل مباشر او غير مباشر القيام بهذه العملية أو لماذا توقيف الأسير من دون سواه، فدعا اللواء ابرهيم المنتقدين "الى العودة الى وطنيتهم بعيداً من الحساسيات. فهذا موضوع وطني بامتياز له علاقة بالشهداء، ودم اللبنانيين لا يذهب هدراً، وأي قاتل لم يتم توقيفه اليوم بالطبع سيتم توقيفه غداً".

وحتى ليل أمس كان الأسير لا يزال موقوفاً في المديرية العامة للأمن العام حيث يجري استجوابه وسينقل لاحقا الى المحكمة العسكرية. وفهم انه ادلى بمعلومات واعترافات عن تورط بعض الأشخاص في عمليات ارهابية، ولهذا السبب عمدت المديرية العام للامن العام الى دهم بعض الأماكن بالقرب من بيروت وصيدا. ودهمت قوة من الامن العام في جدرا في اقليم الخروب منزل أحد المقربين من الاسير الذي يعتقد انه عاونه في التخفي طوال العامين الماضيين وهو عبدالرحمن الشامي، لكنها لم تعثر عليه. ودهمت بعد ذلك محله في صيدا وأوقفت ابنه. كما اوقف شخص في محيط بيروت ذكر انه ضبطت في حوزته وثائق وصفت بأنها غاية في الخطورة.

وفي اطار ردود الفعل السياسية على هذا التطور، برزت اشادة الرئيس سعد الحريري "باليقظة التي أظهرها عناصر الامن العام في المطار"، مثنياً على الجهود التي تبذلها القوى الامنية والعسكرية الشرعية "لحماية الاستقرار وملاحقة الخارجين عن العدالة والقانون وهو الامر الذي يجب ان يكون محل رعاية القيادات والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلحة". اما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فهنأ الاجهزة الامنية "بالانجاز الامني الكبير"، الا انه تساءل: "كيف تمكنت هذه الاجهزة من اعتقال الأسير رغم تنكره الكامل بينما لم تتمكن من اعتقال قتلة هاشم السلمان وصبحي ونديم الفخري رغم انهم معروفون تماماً ولم يتنكروا يوما؟".

سلام والأزمة

على صعيد الازمة الحكومية، كشف رئيس الوزراء تمّام سلام لـ"النهار" انه لا يزال يتريّث في الدعوة الى جلسة هذا الأسبوع افساحاً في المجال للاتصالات والمشاورات من أجل تفعيل عمل الحكومة وعقد جلسة منتجة تعالج شؤون الناس وتبت الملفات العالقة.

وقال: "إن هيبة الدولة اليوم على المحك في ظل التعطيل الذي تتعرض له مؤسساتها ولا سيما التشكيك الحاصل في المؤسسة العسكرية على خلفية قرار التمديد العسكري، علماً ان تلك الخطوة اتخذت لمنع الفراغ في هذه المؤسسة الوطنية التي تحفظ الهيبة للدولة ولمؤسساتها"، وتساءل: "كيف نؤمّن مصالح الناس ونحفظ هيبة الدولة إذا لم يكن لدينا توافق داخل الحكومة؟".
وسئل هل يلجأ إلى اعتماد تسيير القرارات بتواقيع 18 وزيراً، فأجاب: "إن الامر يتطلب التشاور مع كل القوى السياسية إنطلاقا من حرصي على تأمين التوافق في كل القرارات التي تصدر عن الحكومة".

وعن سبب عدم حسمه الجدل الذي شهدته الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، قال: "ليس صحيحا أنني لم اتدخل بل كانت لي مداخلة كالعادة في مستهل الجلسة أحرص فيها على تأكيد أهمية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية واتناول المواضيع المطروحة على الساحة وفي نهاية الجلسة أدلي بموقف من المناقشات، وهذا ما حصل في الجلسة الاخيرة. ولكن ما أريد تأكيده انني أرفض أن أكون فريقاً داخل مجلس الوزراء، ويوم أتنازل عن دوري الوفاقي الذي أتمسك به فلا لزوم لأستمر. حرصي دائم على إبقاء الخطوط مفتوحة امام النقاش الرصين. وباستثناء الحالات التي شهدت فيها تهجماً مباشراً عليّ وعلى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء أو عرقلة لدوري أو إنتقاصاً منه فلا يمكنني ان أتغاضى عن ذلك.

أما غير ذلك، فأنا لم أقصر ولن أقصر في ممارسة صلاحياتي ودوري ليس بفتح المجال أمام المشاكل والازمات لتعصف بالحكومة بل باحتوائها واستيعابها والعمل على معالجتها. وفي الجلسة الأخيرة أفسحت في المجال للجميع للتنفيس عن مكنوناتهم وليعرفوا أنني لا أمارس في إدارة الجلسات اسلوباً قمعياً أو تسلطياً بل أنا حريص على ان يأخذ كل مكوّن سياسي دوره وحقه".

في موازاة ذلك، تحدثت مصادر مواكبة لملف التمديد للقيادات العسكرية، فقالت إن مخرج ترفيع 12 عميداً الى رتبة لواء يتطلب تعديلا لقانون الدفاع في مجلس النواب بعد المرور بمجلس الوزراء. أما الحل الاسهل والذي يتعلق بتأجيل تسريح العميد شامل روكز، فيتطلب فقط قراراً من وزير الدفاع وهو حل لا يحظى بتأييد "التيار الوطني الحر".
وأشارت الى أن رفع سن التقاعد لجميع العمداء يواجه تحفظاً من عدد من الاطراف بينهم النائب وليد جنبلاط.

- اللواء ابرهيم لـ"النهار": توقيف الأسير عملية للامن العام من الفها الى يائها

علمت "النهار" ان الامن العام اوقف شخصا على خلفية الاعترافات التي ادلى بها الشيخ احمد_الاسير في التحقيقات الاولية الجارية معه منذ السبت تبين ان في حوزته معلومات على جانب من الاهمية والخطورة وان هذه المعلومات قد تتضح بعض خيوطها تباعا .

وفي هذا السياق اكد المدير العام للامن العام اللواء عباس_ابرهيم لـ"النهار" ان عملية توقيف الاسير "قام بها جهاز الأمن العام بمفرده، ولا علاقة لأي جهاز أمني خارجي في موضوع توقيف الأسير"، مضيفاً "لو تعاونا مع اي جهاز اجنبي لم نكن لنخجل بالموضوع من ضمن التعاون الذي يتم على غرار توقيف شادي_المولوي سابقاً، لكن هذه العملية هي لجهاز الأمن العام بمفرده من ألفها الى يائها".

كما نفى اللواء ابرهيم اي علاقة للفصائل الفلسطينية بتوقيف الأسير، قائلاً "لا علاقة للاخوة الفلسطينيين بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد".


* السفير

«أنت خالد العباسي؟.. تفضل معنا»

القصة الكاملة لتوقيف الأسير

قرابة العاشرة والربع من صباح أمس الأول، وصلت سيارة الأجرة (بيضاء اللون) التي كانت تقلّ خالد العباسي من بلدة جدرا في ساحل إقليم الخروب الى مطار رفيق الحريري الدولي. ناول خالد السائق المبلغ المطلوب، وتقدم الى البوابة الرئيسية، ثم الى أول حاجز لأمن المطار عند «السكانر» من جهة اليسار. قدّم أوراقه الى العسكري ووضع محفظته أمام جهاز الكشف، وتولى أحد العسكريين تفتيشه يدويا، وبعد ذلك اتجه صوب «الكونتوار» التابع للخطوط الجوية المصرية. انتظر دوره، وأعاد تقديم جواز سفره وحجزه الإلكتروني، وناول الموظفة حقيبة واحدة، فيما حمل في حقيبة يد بعض الأغراض، بالاضافة الى هاتفه الخلوي. تقدم ذهاباً وإياباً، وعندما قاربت الساعة العاشرة والنصف، وقف بالصف المؤدي الى أول حاجز للأمن العام قبل ختم جوازات السفر. ما ان قدّم جواز سفره للعسكري، حتى سأله الأخير: اسمك خالد العباسي، أجابه نعم، فاستأذنه الدخول معه الى مكتب التحقيق المحاذي.

تبلّغ الضابط المعني أن خالد العباسي صار موجودا في المكتب. التقطت له أكثر من صورة، وتم ارسالها بواسطة «الواتساب» الى الضابط المعني في مكتب المعلومات في المديرية العامة للأمن العام. تكامل جهد مختبر الأمن العام في المطار مع مكتب المعلومات، في الجزم بأن جواز سفر خالد العباسي مزور (بشكل فاضح وخصوصا توقيع الضابط المفوّض من المدير العام للأمن العام). عندها صار أمر توقيفه محسوماً، ليبدأ البعد الأمني في المديرية العامة للأمن العام في المتحف.

هناك، ما ان تسلم الضابط الكبير الموقوف خالد العباسي، حتى كان يخاطب المدير العام للأمن العام الموجود في مسقط رأسه بلدة كوثرية السياد: مبروك سيدي. أحمد الأسير صار في ضيافتنا في المديرية.

قبل هذه اللحظة، كانت قد اتخذت اجراءات في مطار بيروت وأروقته شاركت فيها قوة مؤلفة من 40 عسكرياً من الأمن العام، بعضهم كان بلباسه العسكري، والبعض الآخر بملابس مدنية. انتشروا في زوايا محددة لهم. قيل لهم قبل ذلك أن ثمة موقوفاً خطيراً اسمه خالد العباسي وهو متهم في جرائم إرهابية، ولا بد من اجراءات وقائية، مخافة أن يقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بحزام ناسف في الخارج أو يحاول اقتحام المطار.

المفارقة اللافتة للانتباه أن هذه القوة لم تتحرك من أماكنها، ولم تصدر عنها أية حركة تلفت انتباه المسافرين في المطار، ولم تعلم بأمر القاء القبض على المطلوب الا عندما طُلب منها العودة الى مقر المديرية العامة في المتحف.

منذ ستة أشهر، تلقى الأمن العام إشارة حول نيّة أحمد الأسير مغادرة لبنان بأوراق مزوّرة الى الخارج، وقبل ثلاثة اشهر، تمّ التأكد أنه مصمم على المغادرة وهو اختار التوجه الى نيجيريا بسبب إمكان حصوله على تأشيرة من السفارة النيجيرية في بيروت (محلة بئر حسن) عبر إحدى شركات السفر، ومن دون الحاجة الى الحضور شخصياً.
تمّ تشكيل أكثر من مجموعة في الأمن العام. مجموعات كانت تراقب حركة اتصالات مشتبه بصلتها بأحمد الأسير.

مجموعة كانت تتواصل مع مجموعة مخبرين في مناطق صيدا وإقليم الخروب والشمال. مجموعة كانت تقوم بوضع كل الصور التي يمكن أن ينتحلها أحمد الأسير عبر برنامج «فوتوشوب» متطور (رسمت عشرات الشخصيات الافتراضية تبيّن لاحقا أن أحدها تطابق مع صورته لحظة القاء القبض عليه بنسبة تصل الى 90 في المئة). مجموعة كانت تدقق في الأمن العام في رحلات الطيران والمسافرين، خصوصا الى نيجيريا وعواصم أخرى.

وفيما كان الجهد متمحورا حول كمين مطار بيروت، كادت الصدفة تجعل الأسير يقع في قبضة الأمن العام اللبناني في مطلع هذا الشهر، وذلك أثناء وجوده في منطقة شرحبيل لولا مصادفة تحرك دوريات عسكرية لبنانية في المنطقة جعلت الأسير يغير مكانه سريعا باتجاه عين الحلوة.

وقد حمل أحمد الأسير مجموعة من الأوراق الشخصية، بينها جواز سفره الفلسطيني المزوّر باسم خالد علي العباسي ووالدته فاطمة وهو من مواليد صيدا 1972،(رقم الوثيقة 251408)، وهو صالح لمدة ثلاث سنوات (أعطي بتاريخ 31 تموز 2015 وصالح لغاية 30 تموز 2018).

كما حمل بطاقة هوية مزوّرة خاصة باللاجئين الفلسطينيين، وفيها أنه من مواليد صيدا (1972) ومن سكان حي البراد. كما حمل جواز سفره تاشيرة سياحية الى نيجيريا بدءا من تاريخ 10 آب 2015 ولمدة شهرين من تاريخه.
قبل وصوله الى المطار، كان أحمد الأسير قد أمضى 48 ساعة في منزل أحد مؤيديه ويدعى عبد الرحمن الشامي في بلدة جدرا وقد تمت مداهمة الشقة وتبين أن صاحبها قد توارى سريعا عن الأنظار ما ان سمع بنبأ توقيف الأسير، فتم احتجاز ولده الذي أكد خلال التحقيق أن الأسير انطلق من منزلهم الى مطار بيروت.

كما تمت مداهمة مركز عمل الشامي وشقة يملكها في بيروت، وتمت مصادرة أوراق وأجهزة كومبيوتر.
ووفق نجل عبد الرحمن الشامي، فإن الأسير كان يقضي معظم وقته متنقلا بين مخيم عين الحلوة (مع فضل شاكر) وصيدا القديمة.

وعلى قاعدة التدقيق الاضافي (اعترف خالد العباسي قبل وصوله الى المديرية العامة للأمن العام في المتحف بأنه أحمد الأسير)، تم استدعاء والدي الأسير، وتم أخذ عيّنة من الـ «دي ان ايه» منهما تمهيداً لاجراء فحوصات ومطابقتها مع الحمض النووي للأسير، وهي مهمة تحتاج الى 48 ساعة تقريبا.

وفور وصول الأسير الى مقر الأمن العام، شرع المحققون بالتحقيق معه، من دون أن يتعرض الى أي ضغط حيث قدم معلومات عن بعض الشقق وأماكن تخزين السلاح، وعلى الفور باشر الأمن العام حملة مداهمات خصوصا في صيدا وضواحيها الشرقية.

وفق الأسير، فانه كان متوجها برحلة للخطوط الجوية المصرية (مصر للطيران) الى مدينة أبوجا، تسبقها محطة قصيرة في مصر، لا يغادر خلالها مطار القاهرة الدولي، على أن يكون في استقباله على الأرض النيجيرية عدد من الأشخاص (من التابعية اللبنانية والفلسطينية) ممن تولوا كل ترتيبات اقامته وتخفّيه قبل انضمامه لاحقا الى بعض مجموعات «القاعدة» التي تقاتل في نيجيريا.

وهذه النقطة استوجبت تواصلاً سريعاً بين الأمن العام وكل من السلطات المصرية والنيجيرية للتدقيق في هوية الأشخاص الذين كانوا سيستقبلون الأسير وإمكان تسليمهم للسلطات اللبنانية.

اللواء ابراهيم: عملية نظيفة جداً

ووفق المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم «كنا أمام عملية أمنية نموذجية ونظيفة جداً ومتقنة وبالغة الحِرَفية، ولم نتلق في كل مراحلها أي مساعدة من أي جهاز أمني خارجي ولا من أية جهات محلية وخصوصا فلسطينية»، وقال لـ «السفير» إنه لم يتسلم حتى الآن أجهزة بصمة العيون «لكن بصمة العين الوطنية أثبتت أنها بصمة لا تخطئ ولا تحيد عن هدف حماية الأمن والاستقرار، ولذلك قلت وأكرر أن حربنا ضد الارهاب مستمرة وهي عنوان هذه المرحلة».

وأضاف: «الأمن العام في عمله لا يقيم اعتبارا لأية مصلحة الا مصلحة لبنان العليا دولة وشعباً، وأحمد الأسير بإرهابه ونيرانه وحقده لم يميز بين لبناني وآخر سواء أكان عسكرياً أو مدنياً، من هنا أهمية اهداء هذه العملية لأرواح أولئك، شهداء معركة عبرا من العسكريين والمدنيين وكل من تضرر بأرزاقه أو بقطع الطريق عليه، واذا كان قد تمكن يومها من الافلات من العدالة، فإن عيون الأمن العام كانت له بالمرصاد في المرة الثانية».

وإذا كان المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود قد أكد لـ «السفير» أن الأسير سيحال إلى المحكمة العسكرية» بشأن قضية أحداث عبرا باعتبارها الجهة التي تضع يدها على الملفّ، فإن مصدراً قضائياً رسمياً قال لـ «السفير» إنّ الأسير لن يستجوب أمام قاضي التحقيق العسكري الأول إلا إذا ادعي عليه بتهم جديدة (كتزوير مستندات)، وإنما سينفّذ به رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم وجاهياً، مذكرة التوقيف الصادرة بحقّه.

ولم يستبعد المصدر أن يساق إمام «مسجد بلال بن رباح» السابق إلى الجلسة المخصّصة لمرافعات عدد من موقوفي عبرا غداً، إذا ما أرسل الأمن العام إشعاراً بتوقيفه إلى «العسكرية» قبل هذا الموعد، غير أن مصادر الأمن العام قالت لـ «السفير» إن هذا الأمر غير محسوم حتى الآن.

- الزبداني: الهدنة و«أحرار الشام» تتخبطان

يسود التخبط صفوف «حركة أحرار الشام» بشأن التعاطي مع ملف المفاوضات حول مدينة الزبداني. ويعود التخبط في قسم منه إلى سوء إدارة الملف، وربط مصيره بورقة الفوعة وكفريا في ريف ادلب، غصباً عن الجغرافيا التي تباعد بين المنطقتين مئات الكيلومترات.

لكن قسماً منه يعود إلى عدم قدرة الحركة على الاستحصال على تفويض كامل من جميع الأفرقاء المؤثرين في الزبداني، الأمر الذي حرمها من القدرة على اتخاذ القرار. كما أن بعض الفصائل المتضررة من مبدأ التفاوض تسعى جاهدة إلى إفشال المفاوضات بأي ثمن.

في هذه الأثناء، نفذ سلاح الجو سلسلة غارات على أوكار وتجمعات الإرهابيين في ريفي إدلب وحماه أسفرت عن مقتل عدد منهم، فيما قضت وحدات الجيش العاملة في درعا على ستة من قيادات الإرهابيين ودمرت إمداداتهم القادمة من الجانب الأردني.

وبعد ساعات من عودة العمليات العسكرية في الزبداني، أعلن مصدر عسكري لوكالة الانباء السورية ـ «سانا» ان «وحدات من الجيش السوري، بالتعاون مع المقاومة اللبنانية، احكمت سيطرتها على عدد من كتل الأبنية في الحي الغربي من المدينة بعد القضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية التكفيرية فيها»، مضيفا: «تواصل وحدات الجيش بالتعاون مع المقاومة تقدمها باتجاه مركز المدينة في إطار العملية العسكرية المتواصلة لاجتثاث الإرهاب التكفيري في المدينة».

وكانت «أحرار الشام» أعلنت، مطلع الأسبوع الماضي، وقف المفاوضات مع «الوفد الإيراني» حول مدينة الزبداني، معللة ذلك بسعي «الوفد الإيراني» إلى «إحداث تغيير ديموغرافي» في ريف دمشق والمنطقة الحدودية مع لبنان، وهو الأمر الذي اعتبرته الحركة خطراً كبيراً لا يمكنها لوحدها تحمل مسؤوليته. فدعت الفصائل كافة إلى الاستنفار وإشعال الجبهات من أجل مواجهته.

لذلك كان مفاجئاً أن يتم الإعلان، بعد أيام قليلة من صدور بيان «وقف المفاوضات»، عن توقيع هدنة لمدة 48 ساعة تتضمن وقف إطلاق النار في كل من الزبداني والفوعة وكفريا وإخراج المصابين، ثم الإعلان عن تمديد الهدنة لفترة إضافية كان يفترض أن تستمر حتى صباح يوم الأحد. ومع انتهاء مدة الهدنة الأصلية، وقبل دخول التمديد حيز التنفيذ، سارعت «أحرار الشام» إلى تسريب أنباء عن انهيار المفاوضات وانتهاء الهدنة، واضعةً حداً لتفاؤل بعض التوقعات بأن تتحول الهدنة إلى تسوية متكاملة. وكترجمة لذلك فقد استأنفت كتائب «أحرار الشام» في ريف إدلب عمليات القصف على أحياء بلدتي الفوعة وكفريا.

ولم تستطع الحركة توضيح سبب انهيار الهدنة، مكتفية بترداد السمفونية نفسها حول عزم إيران «إخلاء المسلحين والمدنيين من المدينة»، علماً أنه السبب نفسه الذي ادّعت أنه وراء قرارها السابق بوقف المفاوضات، من دون أن تفسر لماذا عادت إليها برغم بقاء ما تزعم أنه مطلب إيراني؟!
وفي هذا السياق، نفى مصدر متابع لملف مفاوضات الزبداني، لـ «السفير»، أن يكون هذا الأمر مطروحاً على طاولة النقاش.

وأكد أن ما يجري نقاشه هو تحديد قائمة بأسماء الراغبين في الانسحاب، سواء من المسلحين أو المدنيين، من دون إجبار أحد عليه.

وتأكيداً لذلك، قال رئيس «حزب التضامن» المعارض محمد أبو القاسم إن هناك مسارين للتفاوض، مسار عسكري - أمني يجري خلاله الاتفاق على الانسحاب وتسليم الأسلحة، ومسار سياسي سيقوده حزبه يهدف إلى توقيع اتفاق مصالحة مع أبناء المدينة الذين فضّلوا البقاء فيها وعدم الانسحاب.

ويبدو أن «أحرار الشام» وجدت نفسها أمام مأزق كبير جراء المفاوضات التي تخوضها بتفويض من بعض فعاليات وفصائل مدينة الزبداني.

وهي كانت عبّرت عن هذا المأزق ببيانها السابق عندما اعتبرت أن «قضية الزبداني أكبر منا (أي من الحركة ومسؤوليتها)». لذلك فضلت التستر على هذا المأزق عبر التركيز على المخطط «الصفوي» ونيته تهجير المدنيين من المدينة. ويعود هذا المأزق إلى أسباب عدة، أهمها أن الحركة هي الفصيل الذي كان يهيمن على مدينة الزبداني، وبالتالي تشعر أنها ستكون مسؤولة لوحدها عن أي قرار تتخذه نتيجة المفاوضات.

وقد علمت «السفير» من مصدر محلي في وادي بردى، القريب من مدينة الزبداني، بريف دمشق، أن قيادة «جبهة النصرة» في المنطقة غير راضية عن انخراط «أحرار الشام» في هذه المفاوضات، لكنها لم تسارع إلى معارضتها علناً نتيجة المعطيات التي توافرت عندها بأن مصير المفاوضات سيكون الفشل. ولكن بعد الإعلان عن الهدنة وتمديدها شعرت قيادة «النصرة» بأن الأمور تتطور بسرعة، وقد تتحول إلى تسوية كاملة كما جرى في أحياء حمص القديمة، لذلك سارعت إلى دق الإسفين الأول بهدف إفشال الهدنة وإعادة الأمور إلى الاشتعال من جديد.

وتمثل الإسفين بقيام «جبهة النصرة» بإصدار بيان مصور، بإسم «مجلس شورى مجاهدي وادي بردى»، أعلنت فيه قطع مياه الفيجة عن العاصمة دمشق، وأن المياه لن تعود قبل انسحاب الجيش السوري و «حزب الله» من مدينة الزبداني بشكل كامل.

وبالفعل نفذت «النصرة» تهديدها وقطعت المياه عن مدينة دمشق، الأمر الذي استدعى رداً فورياً من طائرات الجيش السوري التي أغارت على معاقل المسلحين في وادي بردى لإجبارهم على التراجع عن مغامرة «تعطيش العاصمة». ويؤكد المصدر، الذي تحدث إلى «السفير»، أن خطوة قطع المياه صدرت عن «جبهة النصرة» وحدها من دون استشارة باقي الفصائل المتواجدة في المنطقة، مشيراً إلى أن الهدف منها هو خرق هدنة الزبداني تمهيداً لإفشالها.

وذكر المصدر أن «جبهة النصرة» لم تتراجع عن هذه الخطوة إلا بعد وصول مجموعة من المسلحين إلى معقل «أميرها الشرعي» أبو حسن التلفيتي وتهديده بإطلاق النار عليه، وهو ما دفع الأخير إلى إصدار أوامر لعناصره بالانسحاب من نبع الفيجة وإعادة المياه إلى مجاريها.

وما يؤكد صحة هذه الرواية أن الجماعات المسلحة الأخرى سارعت أمس إلى إعلان «هدنة» مع الجيش السوري وإعادة ضخ المياه إلى دمشق، علماً أن وادي بردى يخضع لاتفاق تسوية بين الجيش السوري والمسلحين منذ أشهر عدة.

من جهة ثانية، أصدرت بعض الشخصيات «السياسية والاجتماعية من أهالي الزبداني» بياناً أعلنوا فيه رفضهم للمفاوضات التي تجري، متهمين «أحرار الشام» بأنها «تريد الاستسلام والهروب من المعركة»، وطالبوها بأن تفعل ذلك «باسمها وليس باسم أهالي الزبداني الذين لم ولن يفوضوا أحداً لإخراجهم من ديارهم كما حصل في حمص».
وقد وقّع على هذا البيان كل من المعارض السوري كمال اللبواني والسفير السابق فاروق طه والعقيد المنشق علي ناصيف. كما وقّعه ممثلون عن «المجلس الثوري في سرغايا ومضايا».

ولا يقتصر مأزق «أحرار الشام» على الجانبين السابقين فحسب، بل تعداّه إلى وجود خلافات بين قيادة الحركة المحلية في الزبداني وبين قيادتها المركزية حول بعض الشروط التي يمكن أن يتضمنها الاتفاق، وأهم هذه الشروط المكان المرشح لانسحاب عناصر الحركة إليه. حيث يرفض قادة الحركة المحليون الانسحاب إلى مكان يفقدون فيه الامتيازات القيادية التي يتمتعون بها في الزبداني، لا سيما أن القيادي البارز في الزبداني أبو عدنان زيتوني، قائد «كتائب حمزة»، يعتبر نفسه من مؤسسي الحركة الأوائل.

وعليه، فإن نجاح المفاوضات بشأن الزبداني أو فشلها، لا يتعلق فقط بالاشتراطات «الإيرانية» كما تقول «أحرار الشام»، بل يتعلق أولاً وأخيراً بقدرة الحركة على الحصول على تفويض كامل من أهالي الزبداني للتوقيع على الاتفاق الذي يمكن أن تتمخض عنه المفاوضات الجارية، وكذلك بقدرتها على إرضاء حلفائها، وخاصة «جبهة النصرة» ومنعها من المشاغبة على أي اتفاق مرحلي أو نهائي يتم التوقيع عليه.

ويضاف إلى ذلك وجود هاجس لدى الحركة حول تواجدها في محيط دمشق، خاصة بعد أن خسرت تواجدها في الغوطة الشرقية، إثر الخلاف مع «فيلق الرحمن» و «القيادة الموحدة»، والذي انتهى إلى منعها من العمل في الغوطة وحرمانها من استعادة مستودعات أسلحتها.

وتخشى بعض قيادات الحركة أن يؤدي انسحابها من الزبداني إلى خسارة آخر معاقلها في محيط العاصمة، وهو ما سيؤثر في دورها في مستقبل سوريا في «حال سقوط النظام». وقد تكون حادثة اغتيال قائدها العسكري في القابون أبو راتب المزاوي، قبل يومين، عززت من هذه الهواجس وجعلتها تشعر أن أكثر من فريق يريد إنهاء وجودها حول دمشق.

* المستقبل

الحريري يطّلع من المشنوق وابراهيم على وقائع التوقيف ويثني على اليقظة الأمنية

الأسير إلى المحاكمة.. ودعوات لأسر كل المطلوبين

بعد نهاية أسبوع أمنية بامتياز انتهت معها «رحلة» تواري وفرار الشيخ أحمد الأسير بعد سنتين وشهرين من انطلاقها في حزيران 2013 بسقوط مباغت في قبضة الأجهزة الأمنية أثناء محاولته مغادرة البلاد متخفياً بجواز سفر فلسطيني مزوّر عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وما أن أعلن نبأ توقيف الأسير أمس الأول السبت حتى توالت المواقف والمعلومات والصور المسرّبة عن الواقعة، في وقت عززت الأجهزة العسكرية والأمنية إجراءاتها الاحترازية في صيدا وجوارها لتلافي أي انعكاسات سلبية ربطاً بتوقيف المطلوب رقم واحد في أحداث عبرا، بينما واصلت المدينة دورة حياتها الاعتيادية من دون تسجيل أي خرق يعكّر صفوها باستثناء تحرك احتجاجي محدود نفذته زوجة الأسير أمل شمس الدين وعدد من زوجات مناصريه سرعان ما تم فضّه عند مستديرة «مكسر العبد».

وإذ رجحت مصادر قضائية لـ»المستقبل» أن تتم إحالة الأسير غداً للمثول أمام المحكمة العسكرية بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية الجارية لدى «معلومات» الأمن العام تحت إشراف مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، برزت على صعيد المواقف السياسية المؤمنة بدولة القانون والمؤسسات اشادات بالإنجاز الأمني الذي تحقق على قاعدة أنّ العدالة تسمو فوق الجميع ويجب أن تشمل بسطوتها كافة «العصابات المسلحة كائنة من كانت وإلى أي جهة انتمت»، كما طالب الرئيس سعد الحريري في معرض إشادته باليقظة الأمنية ودعوته «القيادات كافة» إلى «الامتناع عن حماية المجرمين».

وأوضح المكتب الإعلامي للحريري، أنه أجرى اتصالين بكل من وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، واطّلع منهما على وقائع توقيف الأسير أثناء محاولته الفرار عبر المطار.

وقد أثنى الرئيس الحريري للمناسبة على «اليقظة التي أظهرها عناصر الأمن العام في المطار، وتمكنهم من إحباط محاولة الفرار وإلقاء القبض على المطلوبين»، مشدداً على «أهمية الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية والعسكرية الشرعية لحماية الاستقرار الوطني وملاحقة الخارجين على العدالة والقانون، وهو الأمر الذي يجب أن يكون محل رعاية القيادات اللبنانية كافة، والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلحة، كائنة من كانت والى اي جهة انتمت».

بدوره، تساءل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد الإشادة عبر «تويتر» بالإنجاز الذي حققته الأجهزة الأمنية، عن أسباب عدم قدرة هذه الأجهزة التي «تمكّنت من اعتقال الأسير بالرغم من تنكّره وكل الاحتياطات التي اتخذها» على توقيف «قتلة هاشم سلمان (أمام السفارة الإيرانية) وصبحي ونديم فخري (في بتدعي) وقطّاع الطرق وعصابات المخدرات والتشليح والخطف والتعدي في البقاع وهم معروفون تماماً ولم يتنكّروا يوماً» كما فعل الأسير.

«الرحلة الأخيرة»

وبانتظار اتضاح قرار المحكمة العسكرية ما إذا كانت بصدد فصل ملف الأسير عن ملف الموقوفين في أحداث عبرا أم إلحاقه به ربطاً بكونه المطلوب الأساس في المحاكمات الجارية في القضية والتي باتت في مراحلها النهائية، روت مصادر مطلعة لـ«المستقبل» وقائع متصلة بعملية توقيفه في المطار بينما أفادت معلومات موثوقة من صيدا «المستقبل» بعضاً من تفاصيل «الرحلة الأخيرة» التي قام بها الأسير قبيل توقيفه.

وبحسب المصادر والمعلومات، فإنّ الأسير كان قبيل توجّهه إلى المطار يقيم في منزل في منطقة سيروب إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا عند تخوم مخيم عين الحلوة، يعود للمدعو «عبد ش.»، بحيث كان متوارياً لديه ويتنقل بين منزلين يعودان له في سيروب وجدرا. وصبيحة اليوم الذي أوقف فيه، استقلّ الأسير سيارة أجرة أقلّته من سيروب إلى ساحة النجمة في وسط صيدا، ومن هناك استقل «تاكسي» لوحده طالباً من السائق أن يقلّه إلى المطار، وكان متنكراً بالمظهر نفسه الذي أوقف به في المطار، وهي السيارة التي جرى تعميم مواصفاتها (من نوع مرسيدس بيضاء اللون رقمها 254635 /ط)، وأفيد أنه تم توقيف سائقها الذي تبين أنه لم يكن يعلم من هي الشخصية التي يقلّها.

وإلى المطار، وصل الأسير عند العاشرة والنصف قبل ظهر السبت الفائت حاملاً جواز سفر فلسطينياً مزوراً وكان في نيّته التوجّه إلى القاهرة ومنها «ترانزيت» إلى نيجيريا عبر الخطوط الجوية المصرية مستنداً في خطته إلى أن يساعده في الفرار تنكّره والتعديلات التي أجراها على ملامح وجهه وتسريحة شعره وشاربه، غير أنّ التعرّف إليه تم بناءً لصورة كانت الأجهزة الأمنية قد حصلت عليها من شخص في مخيم عين الحلوة كان هو نفسه قد زوّد الأسير بجواز السفر المزوّر ومن ثمّ قام بتزويد الأجهزة الرسمية بالصورة التي تظهر شكله الجديد بعد تغيير ملامحه. في حين تشير المعلومات إلى أن الأسير كان بصدد السفر إلى نيجيريا بمساعدة شخص مغترب موجود هناك تردّد أنه لبناني، من دون أن تتوافر أية معطيات إضافية حول هويته.

وعقب توقيف الأسير وبالاستناد إلى اعترافاته الأولية، شنّت الأجهزة الأمنية سلسلة عمليات دهم وتفتيش في صيدا وعدد من ضواحي المدينة حيث تمكنت من توقيف أحد مناصريه الفلسطيني «أحمد ع.» في أحد الأندية الرياضية في عبرا، كما داهمت قوة من الأمن العام محل تصليح أشمبانات في المدينة الصناعية في سينيق لمالكه «عبد ش.» بالإضافة إلى منزليه في سيروب وجدرا، وقد أفاد أحد أصحاب المحال المجاورة أنّ عبد كان قد أقفل محله وتوارى عن الأنظار منذ لحظة شيوع خبر توقيف الأسير.


اكتُشِفت محاولة فراره متخفياً بجواز سفر مزور وأوقف داخل قاعة المسافرين في المطار

أحمد الأسير «نسخة منقّحة» يقع في قبضة الأمن العام

رأفت نعيم

شكل توقيف المطلوب رقم واحد في احداث عبرا في حزيران من العام 2013، إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ احمد الأسير في مطار رفيق الحريري الدولي مفاجأة من العيار الثقيل في الأوساط السياسية والأمنية واعتبر انجازا وصيدا امنيا ثمينا نظرا لما سيمثله توقيف الأسير من تحول هام في مسار هذه القضية ونظرا لدقة عملية التوقيف وحرفيتها رغم محاولات الأسير التخفي بشخصية واسم آخرين.

تعددت المعطيات والروايات حول عملية التوقيف الا ان الثابت المؤكد حتى الآن ان الأسير اصبح في عهدة الأمن العام اللبناني وان الأنظار الآن ستتجه الى ما ستؤول اليها التحقيقات التي بوشرت معه من قبل الأمن العام اللبناني وباشراف من مديره العام اللواء عباس ابراهيم وبمواكبة ومتابعة من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، ولاحقا عند احالته الى القضاء العسكري الذي طلب له في العام 2014 الإعدام مع ثلاثة وخمسين شخصاً آخرين من مناصريه على خلفية احداث عبرا.

مصادر مطلعة روت للمستقبل بعضا من وقائع توقيف الأسير فأشارت الى انه عند العاشرة والنصف قبل ظهر السبت، حضر شخصان الى مطار رفيق الحريري الدولي ووجهتهما الأولى مصر، فقصدا بداية مكتب الخطوط الجوية المصرية وطلبا تأشيرتي مرور بمطار القاهرة « ترانزيت» وقالا انهما سيستقلان من هناك طائرة أخرى متوجهة الى نيجيريا.

وبحسب هذه المصادر فان احد الشخصين كان يحمل جواز سفر فلسطينيا مزورا بإسم رامي عبد الرحمن طالب والآخر يحمل جواز سفر لبنانياً بإسم خالد صيداني. وبعد الحصول على تأشيرتي « الترانزيت» من الخطوط المصرية، توجها الى مركز الجمارك اللبنانية في المطار حيث اخضعت حقيبتاهما للتفتيش.. ومن هناك تابعا اجراءات السفر وصولا الى مركز الأمن العام اللبناني لختم جوازي سفرهما فختم الأول (رامي طالب) جواز سفره وتوجه الى القاعة المخصصة للركاب المتوجهين الى القاهرة، فيما اوقف الأمن العام الآخر «خالد صيداني» للإشتباه به أثناء ختم جوازه.. وقبيل وقت قصير من اقلاع الطائرة توجهت قوة من الأمن العام الى القاعة المخصصة للمسافرين الى القاهرة وعملت على توقيف الأول حيث تم التأكد من أنه المطلوب احمد الأسير.

وعلمت المستقبل في هذا السياق ان الأسير وعندما ايقن بانكشاف امره بمجرد اطباق عناصر الأمن العام عليه بادرهم بالقول «انا احمد الأسير.. ما حدا يمد ايدو «!. وهو كان قد غير مظهره فارتدى زياً مدنياً وكان حليق الذقن واطلق شعره وشاربه.. فيما تردد ان الشخص الآخر الذي اوقف معه هو يوسف ح. احد كوادر الأسير المقربين منه والذي توارى بعد اشهر قليلة من احداث عبرا. واقتيد الأسير وسط حراسة أمنية مشددة الى خارج حرم المطار حيث أوقف بناء على إشارة من النيابة العامة التمييزية وبوشر التحقيق معه من قبل الأمن العام وسط تكتم وسرية تامين.

وعلم في هذا الاطار ان توقيف الأسير سبقه على مدى ايام قبلها عملية رصد ومتابعة من قبل شعبة معلومات الأمن العام اللبناني لشخص يعتقد انه كان يساعد الأسير بعد توافر معطيات حول تهيؤ الأخير للفرار خارج لبنان. وافيد في هذا السياق ان الأمن العام تمكن من تحديد نوع السيارة التي اقلت الأسير الى المطار وتوقيف سائقها وهي من نوع مرسيدس بيضاء اللون رقمها 254635 /ط.

ولاحقا طرحت صورة للأسير موقوفا تناقلتها بعض وسائل التواصل الاجتماعي احتمال ان يكون قد اوقف في وقت سابق من التاريخ المعلن لتوقيفه كونه بدا فيها وقد نبت شعر ذقنه بينما ظهر في صورة التقطتها كاميرا مراقبة في المطار حليق الذقن تماما. الأمر الذي فسر على انه لإعتبارات امنية لرصد اي حركة او ردة فعل لأي من مناصري الأسير وللتأكد من عدم وجود اخرين منهم في المطار او محيطه، وليتسنى للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى اتخاذ اجراءات امنية احترازية تحسبا لأي طارئ على خلفية التوقيف.

وذكر بيان المديرية العامة للأمن العام اللبناني أنه أثناء محاولة الأسير مغادرة البلاد عبر مطار رفيق الحريري إلى نيجيريا عبر القاهرة، مستخدما وثيقة سفر فلسطينية مزورة وتأشيرة صحيحة لنيجيريا، أوقف من قبل عناصر الأمن العام وأحيل الى مكتب شؤون المعلومات في مديرية الأمن العام حيث بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.

من جهته اعلن النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود أنه تبلّغ رسميًا من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بتوقيف احمد الأسير، وتنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه عن القضاء العسكري، وانه اي القاضي حمود طلب من مفوض الحكومة إجراء فحوص الحمض النووي (DNA) بشكل سريع للموقوف للتثبت علميًا وجينيًا من أنه الأسير فعلاً».

وذكر حمود بأن هناك قرارًا اتهاميًا سبق وصدر بحق الأسير عن قاضي التحقيق العسكري، ما يعني أن ملفه القضائي متكامل ولا يحتاج إلى وقت طويل لمثوله أمام المحكمة، لكن لا بد من إجراء تحقيق أولي وتأسيس محضر يكون مستندًا أساسيًا للاستجواب الذي سيخضع إليه الأسير أمام المحكمة العسكرية في محاكمة علنية، وقال ان المحكمة العسكرية هي التي تقرر ما إذا كانت ستفصل ملفه عن ملف الموقوفين في أحداث عبرا أم ستلحقه به، ما دامت محاكمتهم باتت في مراحلها النهائية.

ولم تمض ساعات قليلة على توقيف الأسير حتى بدأت قوة من شعبة معلومات الأمن العام حضرت من بيروت الى صيدا بتنفيذ سلسلة مداهمات في عدد من ضواحي المدينة افيد انها جاءت على خلفية التحقيقات مع الأسير، وتواصلت ايضا في اليوم التالي فاوقفت احد مناصري الأسير ( مساء السبت) الفلسطيني «احمد ع.» في احد الأندية الرياضية في عبرا ودهمت صباح الأحد محلا لتصليح «الاشبمانات» يعود للمدعو «عبد ش. «احد مناصري الأسير في المدينة الصناعية في سينيق جنوب صيدا حيث قام عناصر القوة المداهمة بخلع المحل المذكور الذي كان مقفلا وتفتيشه واخراج صندوق كان بداخله لم يعرف على ماذا يحتوي. وافاد أحد اصحاب المحال المجاورة للمحل المذكور ان صاحبه « عبد ش.» اقفل محله وتوارى عن الأنظار منذ لحظة شيوع خبر توقيف احمد الأسير.

ولاحقا دهمت قوة من معلومات الأمن العام بيتا في منطقة سيروب يعود للشخص نفسه. كما افيد عن مداهمة منزل له في منطقة جدرا. وذكرت بعض المصادر ان الأمن العام نفذ مداهمات قرب بيروت واعتقلت شخصاً بحوزته مستندات في غاية الخطورة.

نتج عن احداث عبرا ملف قضائي ومحاكمات استمرت طيلة اكثر من عام ولا تزال وهي الآن في مراحلها النهائية. وجاء توقيف الأسير اليوم ليطرح تساؤلا جديا حول مدى تأثير هذا التوقيف سلبا او ايجابا على هذه المحاكمات، وابرز هذه التساؤلات : هل سيتم فصل محاكمة الأسير عن محاكمة بقية الموقوفين، ام ستربط بها، واذا ربطت هل يؤدي ذلك الى تأخير صدور الأحكام لبقية الموقوفين ؟.

والتساؤل الأبرز، ما سيكون انعكاس توقيف الأسير على وضع المطلوب رقم اثنين في احداث عبرا الفنان المعتزل فضل شاكر والذي سبق وابدى رغبته في طي هذه الصفحة والعودة الى فنه!.

وفيما يلي ابرز المحطات التي مر بها ملف الموقوفين منذ صدور القرار الظني في احداث عبرا.

[ في اواخر شباط من العام 2014 اصدر قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا قراره الاتهامي في احداث عبرا، وشمل القرار 78 مدّعياً عليهم، 54 شخصاً بإطلاق النار على الجيش وقتل عناصره طالباً لهم عقوبة الإعدام، فيما راوحت عقوبات 14 آخرين بالسجن من 3 إلى 15 عاماً كحد أقصى. وقرّر أبو غيدا ترك ستة عشر موقوفاً بينهم ثمانية مُنعت عنهم المحاكمة لعدم الدليل. وأسقط دعوى الحق العام عن 3 آخرين لعلّة الوفاة.

[ وفي منتصف تموز 2014 وفي خطوة تهدف إلى تسريع المحاكمات، قرر رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم في الجلسة الأولى من محاكمة «موقوفي أحداث عبرا» تجزئة الملف إلى 4 أو 5 ملفات فرعية وفقاً للجرائم المدعى بها على المتهمين من الموقوفين والفارين، وذلك تسهيلاً للسير بالمحاكمات التي تقرر ان تبدأ فعليا في اواخر اب.

[ في 27 اب من العام 2014 انطلقت محاكمة الموقوفين في «حوادث عبرا» أمام المحكمة العسكرية الدائمة فيما تطوع اكثر من ثلاثين محامياً للدفاع عن المتهمين. وقسم الموقوفون بناء للقرار الاتهامي الى 5 مجموعات : الاولى وهي الابرز وهي تضم 53 متهماً بقتل عناصر الجيش. الثانية تضم 7 موقوفين لم يعترفوا في التحقيقات الأولية بإطلاق النار، وانتموا الى مجموعات مسلحة وحملوا السلاح خلال الاشتباكات. الثالثة وتضم موقوفين لم يحملوا السلاح يوم الاشتباكات انما انتموا الى مجموعات مسلحة. الرابعة وتضم 3 موقوفين انحصر دورهم بأمور لوجستية وادارية. اما المجموعة الخامسة فقد منعت المحاكمة عن افرادها.

[ وسجلت في فترات متفاوتة خلال العامين 2014 و2015 اخلاءات سبيل ومنع محاكمة عن عدد من موقوفي احداث عبرا، ونقل معظم الموقوفين تباعا الى سجني جزين وعاليه.

قرابة الثانية الا عشر دقائق من بعد ظهر الثالث والعشرين من حزيران2013، تعرضت نقطة للجيش قبالة مدخل المربع الأمني للشيخ الأسير في عبرا لاطلاق رصاص غزير من قبل عناصر مسلحة تابعة للأسير، أسفر عن استشهاد ثلاثة عسكريين من بينهم ضابط برتبة ملازم أول واصابة عدد آخر بجروح. ورد الجيش بقوة على هذا الاعتداء بعملية عسكرية واسعة في عبرا. وشملت الاشتباكات ايضاً منطقة تعمير عين الحلوة بعد تعرض مراكز الجيش فيها لقذائف صاروخية واطلاق نار من قبل مجموعات «جند الشام» و«فتح الاسلام» داخل مخيم عين الحلوة، ما استدعى تدخل القوى الفلسطينية في المخيم لضبط هذه المجموعات ومنعها من جر المخيم الى مواجهة مع الجيش.

وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة على بدء العملية تمكن الجيش من احكام السيطرة على مربع الأسير الأمني والقضاء على عدد من المسلحين وتوقيف المئات من مناصري الأسير، الذي توارى عن الأنظار قبل ان يتأكد خروجه من عبرا مع بعض المقربين منه، ما أثار جدلاً حول ظروف خروجه والوجهة التي توجه اليها. اما حصيلة أحداث عبرا فكانت أكثر من عشرين شهيدا ونحو مئة جريح للجيش، ونحو 20 قتيلاً وعشرات الجرحى في صفوف مناصري الأسير، وقتيلان وعدد من الجرحى في صفوف «جند الشام» و«فتح الاسلام»، اضافة الى عدد كبير من الجرحى المدنيين فاق الخمسين جريحاً برصاص الاشتباكات والقنص، فضلاً عن أضرار هائلة لحقت بالمنازل والسيارات والممتلكات.

وبعد انتهاء احداث عبرا مباشرة تحدثت معلومات ومصادر عدة وشهود عيان عن أن مسلحين من «حزب الله» و«سرايا المقاومة» شاركوا في