دعوات لتشكيل خلايا أزمة وزارية ومناطقية
حبيب معلوف
تجاوزت كارثة النفايات كل الحدود الممكنة للحل، بالرغم من معرفة الجميع بأن كل يوم تأخير في إيجاد الحلول البعيدة والقريبة المدى، يعني استفحال الكارثة وزيادة تأكيد انعدام إمكانية المعالجة. فالبالات المجموعة مؤقتاً تتفكك والنفايات تتحلل أو يجري إحراقها بشكل يترك آثاراً صحية خطيرة، بالإضافة الى انتشار هذه الكارثة في الأحراج والوديان والأنهر والتسبب بتلويث التربة والمياه الجوفية، بالإضافة الى الهواء والغذاء.
واذ لم يبرز بعد أي أفق جدي للحلول الرقيبة أو البعيدة المدى، تأكّد في الأيام الأخيرة أن الخيار الأكثر تداولاً كالشحن الى الخارج، غير قابل للتطبيق لأسباب كثيرة طالما تناولناها. واذ ظهر جلياً من خلال تصاريح الكثير من المسؤولين أن هناك نوعاً من انسداد في الأفق لإيجاد مطامر في بيروت أو جبل لبنان، عاد طرح نقل النفايات إلى عكار ليطرح «بهدوء» إثر زيارة وزير الداخلية الى المنطقة في اليومين الماضيين.
أما حول إمكانية إيجاد مخارج ما بانتظار فض العروض للمناقصات اليوم أو غداً، فتجزم المصادر المحايدة والمتابعة لإدارة هذا الملف أن لا حاجة للانتظار، وان النتائج مهما تكن، فلن تحل المشكلة. فإذا لم يختَر المشارك في المناقصة الأمكنة والتقنيات، فلن يكون هناك قيمة لعرضه، واذا اختار في ظل هذه الظروف من الرفض الشعبي المطلق، لن يستطيع أحد مساعدته وستصبح هذه المناقصات في الحصيلة كأنها لم تكن. فالكارثة التي وصلنا اليها بعد شهر على تراكم المشكلة في الشوارع وفي أماكن خطرة جداً على الصحة العامة والبيئة، تجاوزت ما كان مطروحا في المناقصات، وبتنا بحاجة إلى خطط طوارئ سريعة ولها أبعاد إستراتيجية في آن، وهذا غير متوفر في المناقصات ونتائجها مهما كانت، إن لناحية أن هذه المناقصات في حد ذاتها غير فنية ولا عادلة ولا استراتيجية وينقصها الكثير من الشروط التي طالما تناولناها... او لناحية الفترة الزمنية التي تحتاجها والتي تقدَّر بما لا يقلّ عن سنة لوضعها موضع التنفيذ. فما هي الحلول السريعة والاستراتيجية في آن؟
هذا أول ما يجب أن تناقشه لجنة الطوارئ الوزارية الذي دعا إلى تشكيلها أمس وزير الصحة وائل ابو فاعور من باب مسؤولياته في حماية الصحة العامة وتحت شعار «لا يمكن ترك النفايات والحفاظ على الصحة في الوقت نفسه». داعياً الى اتخاذ قرارات سريعة للتخفيف من المشكلة على الأقل. وإذ دعا الى إنشاء «خلايا أزمة مناطقية»، برز قوله ايضاً «إذا لم نكن قادرين أن نكون دولة كاملة، فلنكن نصف دولة للتخفيف من المخاطر». وحذر خصوصاً من المناطق التي يعتبر القيّمون عليها أنهم وجدوا حلولاً لأزمة النفايات من خلال الطمر في أماكن عشوائية وفي مجاري الأنهر. إن في هذا الأمر خطورة كبرى والمشكلة لم تُحلّ بل ستتفاقم آثارها السلبية.
وأعلن أبو فاعور أنه سينقل هذه الاقتراحات إلى رئيس الحكومة متمنياً أن يكون هناك تحرّك عاجل وجذري من خلال مجلس الوزراء، على أن يتمّ القيام بإجراءات جزئية للتخفيف من الأضرار إلى حين اتخاذ القرار النهائي في موضوع النفايات.
أمام الإفلاس الحكومي المكتوم أو المعبر عنه بشكل أو بآخر، يراهن البعض على المناقشات التي ستحصل هذا الأسبوع حول الأفكار الاستراتيجية التي يفترض ان تطرحها منظمات من المجتمع المدني كمساهمة منها في إيجاد الحلول الاستراتيجية للتخفيف من حجم هذه المشكلة والتي تسهل أيّ حلّ من الحلول الكثيرة المقترحة دون جدوى.
تتلخص هذه المقترحات بـ21 مبدأ استراتيجياً للمعالجة، يفترض أن يتم إدراجها ضمن استراتيجية لمعالجة النفايات تكون أيضاً من ضمن استراتيجية للتنمية المستدامة. وقد ذهب البعض إلى التأكيد أن مشكلة إدارة النفايات في لبنان لن تجد طريقها الى الحلول السليمة إذا لم تتغير الإدارة السياسية التقليدية الممثلة بالقيادات والأحزاب التي وصلت الى السلطة... المولدة للأزمات وبينها النفايات، وما لم تتغير الثقافات السياسية والاجتماعية المسيطرة أيضاً، بالإضافة الى قوى السوق غير الخاضعة لأي قيد بيئي.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه