22-11-2024 11:10 PM بتوقيت القدس المحتلة

فضل الله: نخشى دخول لبنان في تعقيدات ما حصل في أكثر من بلد عربي

فضل الله: نخشى دخول لبنان في تعقيدات ما حصل في أكثر من بلد عربي

وقال سماحته: "أخشى أنَّنا بدأنا نفقد قيم المحبّة والخير والتعاون التي كانت ميزة من ميزاتنا، والتي كانت تسود علاقاتنا مع بعضنا البعض، وتركنا غرائزنا ومصالحنا تتحكّم بنا، فأصبحت لغة المصالح والأنانيَّة هي الحاكمة

فضل الله: نخشى دخول لبنان في تعقيدات ما حصل في أكثر من بلد عربيابدى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله خشيته من أن يدخل لبنان في مرحلة جديدة تحمل تعقيدات ما حصل ويحصل في أكثر من بلد عربيّ، مديناً التعرّض للمتظاهرين سلمياً، داعياً كلّ من يحمل مطالب محقّة إلى عدم الإساءة إلى الأملاك العامّة والناس.

موقف سماحته جاء خلال كلمته في الحفل الـتأبينيّ في ذكرى أربعين المرحوم حسين إسماعيل حيدر أحمد (أبو هشام)، الَّذي أقيم في قاعة العليّة في قرية الساحة التراثية، بحضور عددٍ من الشّخصيّات الدينيّة والثقافيّة والاجتماعيّة والأكاديميّة والبلديّة، وحشد من أبناء منطقة جبيل غصَّت بهم القاعة.

البداية آيات من الذكر الحكيم، ثم  كلمات للسفير غسان عبد الساتر، والدكتور سمير حيدر أحمد،  والمحامي محمد حيدر أحمد، وقصيدة شعرية للشاعر محمود شحرور، بعدها كانت كلمة العلامة السيد علي فضل الله، التي تحدّث فيها عن العصامية والمناقبية والنزاهة والشفافية والأخلاق التي كان يحملها المرحوم، وحبّه الدائم والمستمرّ للناس، وسعيه لخدمتهم جميعاً، فكان الموظّف المثالي الحريص والغيور على مصلحة الناس والدولة، معتبراً أنّنا بغيابه نفتقد إلى هذا النموذج المثالي في التفاني والبذل والتضحية من أجل المصلحة العامة، مشيراً إلى العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بسماحة المرجع فضل الله(رض).

وقال سماحته: "أخشى أنَّنا بدأنا نفقد قيم المحبّة والخير والتعاون التي كانت ميزة من ميزاتنا، والتي كانت تسود علاقاتنا مع بعضنا البعض، وتركنا غرائزنا ومصالحنا تتحكّم بنا، فأصبحت لغة المصالح والأنانيَّة هي الحاكمة والمتحكّمة بواقعنا على مختلف المستويات، وعلى أساسها نتحرّك ونطلق المواقف والخطابات ونتّخذ القرارات".

وأضاف: "مشكلتنا أنَّنا سخَّرنا الأديان والمذاهب لمصالحنا الخاصّة والذاتيّة، وحوَّلنا هذه الأديان الّتي تدعو إلى المحبّة والخير للبشريّة، إلى منصّات للتّقاتل والتّحاقد باسمها، واستخدمنا مفرداتها في حروبنا الداخلية، من أجل تعزيز مواقع المتنفذين في هذه الطائفة أو تلك، أو هذا  المذهب أو ذاك، وتحت عناوين وحجج متعدّدة". وتابع سماحته: "نحن لا ننكر وجود غبن أو حرمان لدى هذه الطائفة أو ذاك المذهب، أو هواجس مشروعة، ولكننا نؤكد دائماً ضرورة أن تكون لغتنا في المطالبة بالحقوق، هي لغة الأنبياء والرسل، الذين كانوا يتحدثون لحساب الناس جميعاً".

ودعا إلى استبدال الحديث عن حقوق هذه الطّائفة أو تلك، بالحديث عن حقوق الإنسان، وهو ما يساهم في تعزيز الوحدة داخل الأوطان، ويمنع من انقسامها، فيما الحديث عن حقوق هذه الطائفة يستفزّ الطائفة الأخرى، أو هذا المذهب يستفزّ المذهب الآخر.

وثمّن الحراك الّذي يقوم به المجتمع الأهلي، والبعيد عن كل التّلاوين الطائفية والمذهبية، لأن ما يعانيه إنسان هذا البلد من حرمان ومآسٍ، يطاول كلّ أبنائه دون تمييز، ولا سيما في الأزمات الحياتية والاجتماعية الَّتي يعيشها، سواء في الكهرباء والماء والنفايات وغيرها، داعياً إلى إنشاء جبهة واحدة في مواجهة الفساد والانحراف الخلقيّ والقيميّ.

وأبدى سماحته خشيته على هذا الحراك، ومن دخول الكثيرين على خطّه، من أجل استغلاله لمصالحهم أو حرفه عن مساره الذي انطلق من أجله، لإخراجه من طهارة منطلقاته، وإدخاله في حروب وفتن، كما جرى في أكثر من بلد عربي.
وأعرب عن قلقه من سوء تصرف من هم في مواقع المسؤوليّة، محذراً من دخول لبنان مرحلة تحمل تعقيدات ما حصل ويحصل في أكثر من بلد عربيّ، مديناً التعرّض للمتظاهرين سلمياً، داعياً كلّ من يحمل مطالب محقّة إلى عدم الإساءة إلى القضيّة الّتي يحملونها، من خلال التعرّض للأملاك العامّة والناس.

وختم قائلاً: "إنَّ المطلوب من المسؤولين اليوم، الإصغاء إلى وجع الناس وآلامهم، والتفكير في الأسباب التي أدت إلى وصول الأحوال إلى ما وصلت إليه، وخصوصاً عندما يختزن الناس كل هذا الإحساس بالقهر! والمطلوب أيضاً العمل لإيجاد الحلول، بدل إطلاق التصريحات، أو إثارة الهواجس والمخاوف، لعلّهم يجدون حلاً جذرياً يرضي هؤلاء الناس ويقنعهم، وأخشى أن يفكّر البعض بطريقة خاطئة أو تمييعية، أو غير واقعية، ويعتقد أنّ النّاس لم يتغيَّروا".