النساء يواجهن أشد أوجه القمع السياسي في المملكة، حيث لا يزال القانون يمنعهن من قيادة السيارات ويحاكمهن كإرهابيات إذا حاولن القيادة ويحرمهن من الأهلية القانونية الكاملة

أعلنت المملكة العربية السعودية عن حق النساء في التصويت بالانتخابات، ووصفت المملكة هذه الخطوة بأنها "مَعلم مهم في التقدم"، تتماشى مع المرسوم الملكي الذي أُصدر في 2011 ويسمح للنساء بالترشح والتصويت في الانتخابات البلدية المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

مقال لفانيسا تاكر، نائب الرئيس لشؤون التحليل لدى منظمة "بيت الحرية" الحقوقية

لكن قبل الاحتفال بهذه الخطوة نحو المساواة في واحدة من أكثر الدول المعروفة في العالم بمعاداة حقوق المرأة، من المهم أن ننظر عن قرب الى هذا الإصلاح المفترض. فعندما يُنظر لهذا التغيير في سياق القمع السياسي الشديد والمتزايد في السعودية، يتضح أن هذه الخطوة هي تقدم على الورق فقط.

إن حق التصويت في نظام سياسي مغلق لا معنى له أساسا. فكيف لصوت الشعب أن يعني شيئا في نظام يمنع أي معارضة سياسية ذات مغزى من أي نوع؟

المعارضة السياسية تعتبر جريمة في المملكة، ويصنف التقرير السنوي لمنظمة "بيت الحرية" السعودية بأنها دولة "غير حرة". انها إحدى أشد الدول في العالم انتهاكا لحقوق المرأة وأكثرها قمعا للحريات السياسية. حيث أن أي محاولة للمواطنين للتلميح بأن الحقوق السياسية وحقوق الإنسان ينبغي أن تُطبق، تؤدي الى محاكمتهم كإرهابيين ضمن النظام القضائي الذي يتحالف بشكل وثيق مع النظام الملكي.

الانتخابات السعودية تأثيرها محدود، وهذا أقل ما يقال. القرار السياسي يدور حول الملك، الذي يعين مجلس الوزراء بنفسه ومن ثم يصادق على التشريع الذي يصدره المجلس. هيئات صنع القرار مثل مجلس الشورى، المجلس الاستشاري المكون من 150 عضواً معيناً من قبل الملك، يعمل بصفة استشارية.

بدأت أول حملة لإجراء انتخابات بلدية محلية عام 2005. نصف مقاعد هذه المجالس تُشغل عن طريق التصويت، والنصف الآخر عن طريق التعيين الملكي. أصوات المرأة إذن لن تؤثر إلا في نصف مقاعد هيئة استشارية يسيطر عليها القصر بالكامل.

حتى ظهور شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، الذي يوصف بأنه أكبر انجاز في المشاركة السياسية في التاريخ الحديث، كان له تأثير محدود على التغيير السياسي. وهذا بفضل جهود الحكومة الاستثنائية لتقييد حرية التعبير على الانترنت وخارجه.

وبطبيعة الحال، فإن النساء يواجهن أشد أوجه القمع السياسي في المملكة، حيث لا يزال القانون يمنعهن من قيادة السيارات ويحاكمهن كإرهابيات إذا حاولن القيادة ويحرمهن من الأهلية القانونية الكاملة. بالإضافة إلى ذلك، تعاقب الشرطة الدينية النساء اللواتي لا يلتزمن بالزي الصارم في البلاد.

كل ذلك يعني أنه في حين أن الحكومة السعودية قد تصف إشراك المرأة في الانتخابات البلدية كخطوة إلى الأمام في عملية أكبر تجاه تعزيز حقوق المرأة، فإن فكرة التغيير التدريجي هي خرافة نظرا لطبيعة النظام السعودي المغلق.

في نهاية المطاف، في عصر انتشار توافق الآراء العالمية بشأن الحقوق السياسية وحقوق الإنسان، لا تقدر الأنظمة الاستبدادية على استيعاب الإصلاحات التدريجية التي يحاول السعوديون تنفيذها. وعلى الرغم من أن أخذ خطوات نحو حرية الخيار السياسي تؤدي الى تآكل الوهم الذي أنشأته الحكومة بسيطرتها المطلقة، فإن الحماية الحقيقية لحقوق الإنسان تتطلب آليات حقيقية لفرض سيادة القانون، والتي هي مناقضة لأنظمة مثل نظام المملكة العربية السعودية الذي يفتقر إلى المساءلة السياسية.

وفي حين أود الاحتفال بهذا التقدم المفترض لحقوق المرأة في السعودية، لا يمكنني ذلك. ليس لأن المشاركة السياسية للمرأة ليست ذات أهمية حيوية لأي بلد مزدهر، ولكن لأن المشاركة في نظام عديم الفائدة لا معنى لها.