24-11-2024 08:19 AM بتوقيت القدس المحتلة

تراجع أسواق الأسهم: مقدمة لركود اقتصادي جديد؟

تراجع أسواق الأسهم: مقدمة لركود اقتصادي جديد؟

رأى مراقبون غربيون أن ما حصل للأسواق العالمية أمس هو نكسة عابرة سببها «اتضاح صورة» تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ، مستشهدين بتراجع لأسواق الأسهم الغربية دام 3 أشهر في عام 1998.

رأى مراقبون غربيون أن ما حصل للأسواق العالمية أمس هو نكسة عابرة سببها «اتضاح صورة» تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني (الذي يحتفظ بمعدل نمو مرتفع، يناهز 7%)، مستشهدين بتراجع لأسواق الأسهم الغربية دام 3 أشهر في عام 1998. ولفت آخرون إلى أن المؤشرات الأساسية للاقتصادات الغربية تنبئ بأن دخولها في ركود جديد، شبيه بالذي بدأ عام 2008، هو «مسألة وقت فقط».

Nasdaqشهدت أسواق الأسهم العالمية يوم أمس تراجعات دراماتيكية، وهبطت أسعار السلع إلى مستويات قياسية جديدة، وذلك بعدما أغلقت بورصة شنغهاي تعاملاتها عند مستوى 3209.91 نقطة، متراجعة بنسبة 8.50%، في أكبر تراجع لها منذ عام 2007.

قادت الأسهم المرتبطة بالصين عمليات بيع الأسهم أمس، حيث أغلقت بورصة شنغهاي بانخفاض بنسبة 8.49%، في أكبر خسارة في يوم واحد منذ 27 شباط من عام 2007. وجاء ذلك رغم سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصينية لتحفيز الاقتصاد، كخفض سعر صرف اليوان في 11 آب الجاري، فضلاً عن إجراءات لوقف التدهور في أسواق الأسهم، كالسماح لصناديق التقاعد الصينية باستثمار ما يصل إلى 30% من أصولها المالية في الأوراق المالية، حيث من المتوقع أن تخصص الصناديق تلك نحو 600 مليار يوان (نحو 93 مليار دولار) لدعم سوق الأسهم المحلي.

وكانت البيانات قد أظهرت، يوم الجمعة الماضي، تباطؤ نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى له منذ 77 شهراً، مع انخفاض الطلب المحلي والخارجي، ما أدى إلى تعزيز المنحى التشاؤمي في الأسواق، فسجلت البورصات الكبرى الأخرى في آسيا تدهوراً كبيراً، حيث خسرت سوق هونغ كونغ 5.17%، وطوكيو 4.61% وسيدني 4.09%.

أما عمليات البيع الواسعة في أسواق الأسهم الأميركية يوم أمس، فبلغت مستوى قياسياً غير مسبوق منذ شهر شباط 2014. وشهدت جميع مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية تراجعاً كبيراً، حيث هبطت أسهم السلع الأولية إلى أدنى مستوى لها منذ سنتين، وهبطت أسهم شركات الطاقة إلى أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول من عام 2011؛ كذلك هبطت أسهم «سيتيغروب» و«جي بي مورغان تشايس» بنسبة لا تقل عن 3.1%، وذلك بحسب مجموعة «بلومبرغ»، التي تشير إلى أن موجة البيع التي اجتاحت أسواق العالمية، «ومسحت أكثر من 5 تريليونات دولار من قيمة الأسهم حول العالم، بعد أن خفضت الصين قيمة عملتها في 11 آب الجاري»، أضعفت إلى حد كبير الرهان على رفع الاحتياطي الفديرالي الأميركي لأسعار الفائدة في أيلول المقبل.

عصر يوم أمس، كان مؤشر الأسهم الأميركي «S&P500»، الذي يضم 500 من أكبر شركات السوق الأميركي، قد انخفض بمقدار 73.40 نقطة، ليصل إلى مستوى 1897.49 نقطة. كذلك تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 392.31 نقطة، أي بما نسبته 2.38%، ليصل إلى مستوى 16067.44 نقطة، بعدما كان قد بلغ 15981.99 نقطة في بداية التعاملات. وهبط أيضاً مؤشر «ناسداك» لأسهم شركات التكنولوجيا بمقدار 196.91 نقطة، ليصل إلى مستوى 4509.13 نقطة.

وفي أوروبا، انخفض أمس مؤشر «يوروفرست 300» للأسهم الأوروبية الكبرى بنسبة 3.6%، وكانت العديد من الأسواق الأوروبية قد سجلت تدهوراً زادت نسبته على 7% في تعاملات بعد الظهر. وخسر مؤشر «فوتسي 100» في لندن 4.67%، وسجل مؤشر «كاك» في باريس انخفاضاً بنسبة 5.35%، وخسر مؤشر «داكس» في فرانكفورت 4.70%، فيما انخفض مؤشر «MICEX» للأسهم المقومة بالروبل بنسبة 1.40%.

ومن بين البورصات الأوروبية التي سجلت انخفاضاً بأكثر من 5%، أمستردام وبروكسل وميلانو ومدريد، فيما منيت بورصة اليونان بخسارة كبيرة تجاوزت 10%، في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد التي من المرجح أن تشهد انتخابات مبكرة الشهر المقبل. وعلى وقع المزيد من التراجع في أسعار النفط الخام، انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية، وهي الأكبر في العالم العربي، بنسبة 5.88%، وتراجع مؤشر قطاع البتروكيماويات، القيادي في المملكة، بنسبة 7.26%، فيما خسرت سوق دبي 1.44% من قيمة مؤشرها، وتراجع سوق الكويت بنسبة 1.59%، وأبوظبي بنسبة 0.5%.

يرى لازلو بيرينيي، رئيس مؤسسة «بيرينيي أسوشياتس» الأميركية، أن التراجع في أسواق الأسهم العالمية يشبه تراجعاً حصل عام 1998، حين «أدى ضغط مالي من آسيا وروسيا إلى خفض مؤشر S&P 500 بنسبة 19%، لتتعافى بعد 3 أشهر» فقط. وهو يعتقد أن ما يحصل هو «تصحيح مؤلم قصير الأمد»، وأنه «حيث تكون السوق واعية لهذه المسألة، فإنها قادرة على التصحيح». ولكن الرأي هذا، الذي يشترك فيه العديد من المراقبين و«المحللين الماليين» الغربيين، يتجاهل المؤشرات الأساسية للاقتصادات الغربية، التي تهدد بدخول الأخيرة في ركود جديد، عاجلاً أو بعد حين.

وإذ احتفلت مجلة «ذي إيكونوميست»، في عددها الصادر في 13 حزيران من العام الحالي، بعودة «جميع الاقتصادات المتقدمة إلى النمو، للمرة الأولى منذ عام 2007»، حذّرت من «هشاشة» الاقتصادات الغربية، حيث بات «جبل الديون» يشكل عبئاً متزايداً على تلك الاقتصادات، فباتت نسبته من الناتج، كمعدل عام بين هذه الدول، أعلى بـ50% من المعدل السائد قبل انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008. ورأت المجلة أنه منذ ذاك التاريخ، «كان الإنفاق (في تلك الدول) على البنى التحتية، الداعم للنمو، ضئيل بشكل مخجل».