يعرض معهد العالم العربي في باريس ثلاثة تماثيل فرعونية ضخمة كانت غارقة في مياه البحر المتوسط لأكثر من ألف عام.
يعرض معهد العالم العربي في باريس ثلاثة تماثيل فرعونية ضخمة كانت غارقة في مياه البحر المتوسط لأكثر من ألف عام. والتماثيل المعروضة تمثل تحفاً فنية وتسبق معرض «أوزيريس» (ألغاز مصر الغارقة)، الذي سيفتح في 8 أيلول المقبل وتعرض فيه ثلاثين قطعة فنية اكتشف معظمها في عمليات بحث تحت المياه قادها عالم الآثار الفرنسي البحري فرانك غوديو.
غوديو هو الذي أشرف على انتشال تمثالي الإلهين أوزيريس وإيزيس إلى لوح غرانيتي ضخم كان يوجد بداخل أحد المعابد. التمثالان يبلغ طولهما نحو 6 أمتار ويزن كل منهما ما بين أربعة إلى خمسة أطنان.
أما اللوح الغرانيت فيبلغ طوله عشرين قدماً، ويزن نحو 16 طناً. وعادة ما تعرض هذه الأعمال في المتحف البحري بالإسكندرية.
أحد التماثيل المكتشفة جرى العثور عليه في دلتا النيل وهو تمثال أوزيريس، من البرونز مع تاج أبيض على الرأس، وما يشبه الشال الملتف حول الصدر تمثال آخر للإله Hapy من مادة الغرانيت الوردي، بطول 5,40 أمتار، اكتشف أيضاً في مياه النيل ليس بعيداً كثيراً عن تمثال أوزيريس.
عالم الآثار فرانك غوديو استند في عمليات البحث إلى نصوص قديمة من الإله هيرودوت وديودور دوسيسيل ومدن تاريخية مثل مدينة هيراكليون، ومدن أخرى جرى الحديث عنها طويلاً من العام 1934 كمدن تاريخية غمرتها المياه.
كانت الفكرة مصادفة جميلة في يوم من الأيام تحدث طيار بريطاني عن رصد بقع سوداء تحت المياه، والأمير عمر طوسون كان غطاساً وراودته فكرة البحث تحت المياه، مع مدير متحف الآثار اليونانية الرومانية في الإسكندرية، المغامرة لم تنجح ولكن نجحت في تحديد مكان يبعد 1,8 كلم عن الشاطئ، شاطئ الإسكندرية.
بين العامين 1997 و2000 أنجزنا عدة رحلات بحرية تمكنا من خلالها من تحديد موقعين أثريين واحد على عمق 6,50 متراً وعلى مساحة تمتد نحو 800 متر واكتشفنا كميات كبيرة من المجوهرات والعملات ما عزز الإشارات عن وجود مدن تحت المياه.
اكتشفنا إثر الفرعون Nectanébo، وربطنا ما بين الأسماء «Thonis» بالمصرية وهيراكليون باليونانية. والتسمية Thamis héracleion، تعني بوابة مصر، المرفأ أو البناء لمدينة دينية تربط باسم الإله إيزيريس من القرن الثاني وأوزيريس هو ابن الأرض والسماء حين توفي قطّع جسده إلى 14 قطعة ورمي في مياه النيل من قبل شقيقه سيت (Seth)، فيما عمدت شقيقته إيزيس إلى إعادة جمع القطع وبعث الحياة فيها مجدداً وعاد إلى المعابد.. وفق الأسطورة.
وفي العصر الوسيط 1850 قبل السيد المسيح أسطورة أوزيريس تتردد مع كل انخفاض في مستوى مياه النيل وانسحابه لصالح مناطق زراعية خصبة هي دلتا النيل. البعض يتحدث عن أشياء معقدة جداً، عن تسونامي حصلت وعن زلزال حصل في الأرض في العام 365 وعن ظاهرة طوفان الأرض، ولكن الشيء المؤكد أنه في نهاية القرن الثامن بوابة هيراكليون وميناء الإسكندرية الكبيرة اختفيا في الوقت نفسه، والأشياء التي وجدت لاحقاً هي لقطع ذهبية إسلامية.
إنه تاريخ غني وخصب يمتد من الماضي إلى المستقبل والفكرة هائلة أن يكتشف مدناً تحت الأرض ويتعامل معها بطرق تكنولوجية حديثة ثلاثية الأبعاد ويعاد تجميعها وبدقة عالية جداً مع فريق أريكيولوجي من 60 شخصاً ومع أبحاث أنجزت على مدى ثلاثمئة سنة للوصول إلى الاكتشافات الحديثة.