كمال شيخ إبراهيم وفارس فياض وكميل صباغ، استوحوا الفكرة من واقع الحرب في بلادهم التي أدَّت إلى إصابة آلاف الأشخاص، ومنهم من فقدوا أحد أطرافهم.
ثلاثة شبَّان لا يزيد عمر أكبرهم على 16 عاماً تعاونوا في ما بينهم على صناعة «روبوت» على شكل ذراع ذكيَّة يمكنها أن تؤدِّي عمل اليد وتنفذ مجموعةً من الأوامر، وكأنَّها طرف اصطناعي.
كمال شيخ إبراهيم وفارس فياض وكميل صباغ، استوحوا الفكرة من واقع الحرب في بلادهم التي أدَّت إلى إصابة آلاف الأشخاص، ومنهم من فقدوا أحد أطرافهم.
يقول شيخ إبراهيم إنَّ الاختراع يأتي كمحاولة «لإيجاد حلّ لفقدان الأطراف، وقد دفعتنا للعمل عليه حاجة البلاد إلى هكذا ابتكارات، وحجم الفائدة التي يمكن أن يحقّقها».ومن ميزات هذه الذراع، أنَّها قادرة على قياس المسافة بشكل دقيق جداً، فضلاً عن أنَّها تستطيع تحديد الألوان، الأمر الذي يخدم المصابين بمرض عمى الألوان. كما أنَّها قابلة للتطوير حتى تصبح طرفاً اصطناعياً، بحسب فياض.
وحتى يصير «الروبوت» طرفاً اصطناعياً، فهو يحتاج إلى صناعة محرِّكات أكثر دقَّة، وحسَّاسات من نوعيَّات أفضل، وفقاً لصباغ الذي يشير إلى أنَّهم «يطمحون أيضاً إلى إضافة حسَّاس رؤية لليد، باعتبار أنَّ كثيراً من مصابي الحرب، فقدوا أيضاً نظرهم».
«الروبوتيون» الثلاثة لا يزالون صغاراً في السن، وهم يؤمنون بالتجريب والابتكار والاختراع، ويؤكدون أنَّهم حاولوا كثيراً حتى وصلت الذراع إلى الشكل الذي تبدو عليه.
ويفتقد هؤلاء إلى كثير من القطع والمواد الأوليَّة التي تَسَبَّبَ الحظرُ وارتفاع سعر صرف الدولار بصعوبة تأمينها، لكنَّهم يعملون معاً في الجمعية العلميَّة السوريَّة للمعلوماتية على تطبيق التجارب، وفق ما هو متوفر. ومثلهم كثر يعملون في المركز الوطني للمتميزين ضمن التوجّه ذاته، وجميعهم لا يزالون في سن مبكرة، ويحتاجون إلى رعاية وعناية لتعويض النقص الذي فرضته الحرب من جراء هجرة الأدمغة.
نائل ديوب، وهو أول دكتور مختصّ بالروبوت في جامعة تشرين، يقول في حديث لـ «السفير»، إنَّه «من المهم جداً دعم هؤلاء الطلبة سواء في الجمعية أو المركز الوطني أو حتى خارجهما من أجل ربطهم أكثر بالبلاد، وتعزيز الثقافة التي يعملون بها والقائمة على الاحتياج الوطني، كتصميم أطراف اصطناعية». ويضيف: «نحن بحاجة إلى دعم أيّ فكر ينحى في اتجاه الهندسة الطبية الخاصة بالأعضاء الاصطناعية، والأجيال الجديدة متحمسة لهذا الأمر ولديهم أفكار خلاقة جداً. حالياً، الطالبة كريستينا فياض، من جامعة تشرين، لديها مشروع طرف اصطناعي ذكيّ يأخذ أوامره من العقل.. إذاً، نحن نمتلك العقول لكن يبقى الدعم بأشكاله المختلفة، وعلى رأسه المادي والبحثي».
ويستشهد عباس عبد الرحمن، وهو رئيس اللجنة الإدارية في الجمعية المعلوماتية التي تُعَدُّ أهم حاضن للشباب، بالتجربة الإيرانية، إذ يقول: «الإيرانيون، وبالرغم من سنوات الحصار، إلَّا أنَّهم عزَّزوا الثقة بالطاقات المحلية ودعموا الخبرات الإيرانية إلى أن وصلوا إلى التكنولوجيا النووية، وامتد الأمر إلى تطوير كل القطاعات اعتماداً على الخبرات المحلية التي باتت تمتلك خبرةً كبيرة، ونحن كسوريين علينا الاستفادة من هذه التجربة في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي قدر الإمكان، معتمدين على دعم الخبرات المحلية ورعاية الشباب ومساعدتهم وتشجيعهم على التجــريب والاختراع، حتى نصل إلى الغاية المنشودة».
وتقول رئيسة لجنة الشباب المعلوماتي مريم فيوض إنَّ الشبان الثلاثة «طرحوا فكرة مميزة قابلة للتطوير والتحول إلى الاستخدام البشري، وهذا أهم ما في الأمر، على اعتبار أنَّهم ما زالوا في هذه المرحلة العمرية، وهذا يشجعنا أكثر في سعيــنا إلى ترسيخ ثقافة الروبوت لدى الأجيال الناشئة، خصوصاً أنه يدخل في عملــية البرمجة لكل القطاعات، وبالتالي نصل بهذه الثقافة للتحرر من البيروقراطية والحاجة للخارج، وندفع مختلف الجهات لتخصيص ميزانية أكبر للبحث العلمي.
آلاف السوريين الذين فقدوا طرفاً من أطرافهم، باتوا ينتظرون أيّ تطوّر علميّ هنا أو هناك، يمكن أن يفيدهم، لكن معظمهم من الفقراء الذين لا يستطيعون دفع تكاليف أيّ تطور قادم من الخارج، لذا فإنهم ينشدون تطوراً محلياً زهيد التكلفة تصنعه خبرات بلادهم.