نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا، تناولت فيه مسألة الأزمة التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وتشهدها عدد من الأسواق المالية العالمية البارزة، حيث عرضت فيه أبرز مسببات هذه الأزمة وآفاق انتشارها.
نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا، تناولت فيه مسألة الأزمة التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وتشهدها عدد من الأسواق المالية العالمية البارزة، حيث عرضت فيه أبرز مسببات هذه الأزمة وآفاق انتشارها.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن المؤشرات الاقتصادية السلبية التي كشفت عنها الصين الجمعة الماضية، دفعت المستثمرين الدوليين لتوقع الأسوأ فيما يخص هذه القوة الاقتصادية الثانية عالميا.
وبينت "لوفيغارو" كيف أفضى الارتفاع الأسطوري في بورصات شانغهاي وشنغن، أوائل حزيران/ يونيو الماضي، بـ150% إلى هذه الأزمة.
فقد جذب هذا الارتفاع القياسي في المعاملات مجموعة من المستثمرين المبتدئين، شجعتهم الحكومة عن طريق وسائل الإعلام، على الاستثمار في البورصة، سعيا لطرح بديل للخيبة التي لحقت بسكان المدن على أثر انخفاض قيمة العقارات.
ولكن ذلك أدى إلى نتائج عكسية، حيث أدى النشاط المفرط للمضاربة إلى انخفاض الأسعار بنسبة 30 %، ما أثار موجة من الذعر ودفع بالحكومة الصينية للتدخل على نطاق واسع، لطمأنة المستثمرين، ولكن دون فائدة.
ولفتت الصحيفة إلى أن نسبة النمو في الصين شهدت انخفاضا إلى ما دون 7 % في النصف الأول من العام الجاري، في وتيرة هي الأضعف على الإطلاق منذ ربع قرن، علاوة على عجز الدولة عن إرساء توازن بين الاستهلاك المحلي الصادرات التي انخفضت بنسبة 8.3 % في خلال النصف الأول من العام، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأجور مقابل انخفاض قيمة العملة، ما يقلص من قدرة الصين على المنافسة على مستوى عالمي.
ولفتت الصحيفة إلى انخفاض الأسهم الأوروبية بنسبة 15%، وهو أمر نفى عدد من المختصين أن يكون على علاقة بالوضع في الصين.
وأكد التقرير على ضرورة أن تنتهج البنوك المركزية سياسة نقدية توفر العديد من التسهيلات على مستوى نسبة الفوائض وكمية السيولة، وذلك لتفادي أزمة نقدية عالمية، إذ من شأن هذه الخطوات أن تنعش الاقتصاد العالمي الذي يمر بفترة ضعف، خاصة مع صعوبة إصلاح الوضع في ظل ما تشهده الصين من صعوبات.
ونقلت الصحيفة شكوك المختصين حول قدرة البنك الأميركي على الحد من الآثار السلبية المرتبطة بانخفاض الصادرات نحو الصين، إن لم تتم مراجعة الأسعار المنخفضة للفائدة، وما يتطلبه ذلك من إعادة تقييم للدولار.
لكن "لوفيغارو" لفتت إلى أن من شأن المحافظة على النسب المنخفضة لأسعار الفائدة أن تشجع المستثمرين، ما سيعود بالنفع على البورصة.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا للخبراء، فإن الاقتصاد الأوروبي، والفرنسي خاصة، لن يتأثر كثيرا بهذه التوازنات القائمة بين الصين والدول والمصدرة للمواد الأولية، رغم أن السوق العالمية على وعي بتباطؤ النمو الصيني، غير أن ألمانيا والبلدان الشرقية هي الأكثر عرضة لنتائج هذا الانخفاض.
وفي السياق ذاته، أكدت "لوفيغارو" أن الشركات الأوروبية لصناعة السيارات هي الأكثر تضررا من التراجع الاقتصادي الصيني، على اعتبار تصدر السوق الصينية للمرتبة الأولى لعملاء هذا القطاع.
واعتبر محللو المجموعة المصرفية الفرنسية (CM-CIC)، أن الفترة المزدهرة قد انقضت بالفعل. واشارت الصحيفة الى ان شركة فولكسفاغن الألمانية تعتبر الأكثر تأثرا بهذا الوضع، بسبب مكانتها الرائدة في السوق الصينية. أما بالنسبة للشركات الفرنسية، فيتوقع لشركة بيجو - سيتروين أن تعاني من انعكاسات التراجع الاقتصادي للامبراطورية الآسيوية، نظرا لتصدر الصين لقائمة عملائها، متجاوزة السوق الفرنسية نفسها، عكس شركة رينو، التي قامت مؤخرا بإنشاء أول مصنع لها في الصين.
وأشارت الصحيفة إلى ما يمكن أن يشكله دعم اليورو من خطر على الشركات الأوروبية المصدرة، خاصة منها الشركات الألمانية الكبرى، والصناعة الجوية الفرنسية، التي من شأنها أن تتعرض لردة فعل سلبية من العملاء، على الرغم من امتلاكها سجلا حافلا بالطلبيات.
وفي السياق ذاته، قالت "لوفيغارو" إن انتعاش كبرى الشركات الأوروبية للبترول أصبح صعبا، على الرغم من الانعكاس الإيجابي للاتفاق النووي الإيراني على نشاطها، وذلك لعمق تأثير الطلبات الصينية على نشاطها.
وفي الختام، لفتت الصحيفة إلى ضرورة توخي الحذر عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار، في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي الدولي، وصعوبة توقع مآله، وهو ما يؤكده عدد من الخبراء في هذا الشأن، حيث يتوقعون حصول بعض الإصلاحات الاقتصادية العاجلة في الدول المعنية بالأزمة.