22-11-2024 05:26 AM بتوقيت القدس المحتلة

مسلحو الزبداني: سخط على القيادة !

مسلحو الزبداني: سخط على القيادة !

«جيش الفتح» متهم بـ«المتاجرة بالمجاهدين»


عبد الله سليمان علي

يعاني مسلحو «أحرار الشام» في الزبداني أوضاعاً سيئة للغاية على الصعد كافة، العسكرية والنفسية والمعيشية والصحية. ولا يعود ذلك إلى التقدم الميداني الذي يحققه الجيش السوري و «حزب الله» فحسب، بل لإحساسهم أيضاً، أن قيادتهم المركزية وحلفاءهم قد تخلّوا عنهم، وحاولوا إدارة المفاوضات بخصوص الهدنة بمنطق الابتزاز وإرادة التكسّب على حسابهم، من دون الأخذ بالاعتبار الأوضاع السيئة التي أصبحوا عليها.

في هذا الوقت، تلقت المبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية دفعة، مع إعلان الرئيس السوري بشار الأسد ترحيبه بها، فيما كان مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يشدد على أن أي مبادرة ناجحة لا بد أن تأخذ بالاعتبار الدور المحوري للأسد وحكومته.

وقال عبد اللهيان: «نحن نعتبر أن أي مشروع ناجح لحل الأزمة السورية لا بد أن يأخذ بالاعتبار الدور المركزي للشعب السوري في تقرير مستقبله ومصيره. وستكون مسألة مكافحة الإرهاب أساسية ومهمة، مشيرا إلى أن «المسؤولين السوريين قدموا أفكاراً ومقترحات واضحة وبناءة وقيمة تساعد في مجال إنهاء الأزمة». وأضاف: «نحن متفائلون بهذه الورقة والنتائج المترتبة عليها».

وساد مؤخراً، لغطٌ كبير حول انهيار هدنة الزبداني والأسباب التي أدّت إلى فشلها والطرف المسؤول عن ذلك. ووجهت «حركة أحرار الشام» اتهامات إلى «الوفد الإيراني» بأنه السبب وراء فشل الهدنة، لأنه أصرّ على إخلاء المدينة من أبنائها في إطار سياسة تغيير ديموغرافي يتبعها. كما تحدثت بعض وسائل الإعلام عن حدوث خلاف بين «الوفد الإيراني» والنظام السوري حول شرط الإفراج عن ألف معتقلة من السجون مقابل إخلاء بعض المدنيين من بلدتَي الفوعة وكفريا، حيث رفض النظام الاستجابة لهذا الشرط رغم موافقة «الوفد الإيراني» عليه.

كما أن الشيخ السعودي عبدالله المحيسني شدَّد على رفض النظام لشرط الإفراج عن المعتقلات، ودوره في فشل الهدنة، وذلك في مقطع الفيديو الذي تحدث فيه من قرية الصواغية القريبة من بلدة الفوعة بريف إدلب، والتي كان «جيش الفتح» قد سيطر عليها قبل أيام.

وفي هذا السياق، كشف أحد الناشطين الإعلاميين المقربين من قائد «أحرار الشام في الزبداني» أبو عدنان زيتون، لـ «السفير» حقيقة ما حصل في المفاوضات، وقصة شرط المعتقلات الذي حال دون الوصول بالهدنة إلى خواتيمها السعيدة.

ويشير كلام الناشط بوضوح إلى وجود حالة من الاستياء العام بين صفوف مسلحي الزبداني من موقف قيادتهم المركزية في الشمال، وبعض حلفائهم في «جيش الفتح»، من المفاوضات وطريقة التعاطي معها، إذ لم يتردد الناشط لحظة واحدة في اتهام بعض الفصائل في «جيش الفتح» بأنها تريد «المتاجرة بالمجاهدين»، وأن هذه الفصائل «أصبحت تريد تحرير جميع المدن السورية مقابل الزبداني»، في إشارة منه إلى المعادلة التي أرساها «جيش الفتح» وتقوم على أساس الزبداني مقابل الفوعة وكفريا.

وحول الطرف المسؤول عن انهيار الهدنة وفشلها، قال الناشط أن مسلحي الزبداني بقيادة أبي عدنان كانوا موافقين على الهدنة المطروحة، بل لم يُخْفِ اعتقاده أن أبا عدنان كان يمكن أن يوافق على شروط أسوأ من ذلك، بسبب الحالة الحرجة التي تمر بها جبهة الزبداني وعدم رغبته في إلقاء مقاتليه إلى تهلكة لا نجاة منها إلا عبر المفاوضات. لكن هناك أطرافا ضمن «جيش الفتح» تواطأت في ما بينها، وضغطت على قيادة «الأحرار» في الشمال من أجل طرح شرط الإفراج عن ألف معتقلة من سجون النظام. وشدد على أن هذا الشرط لم يطرح إلا بعد التوقيع على الهدنة، وهو الأمر الذي أزعج الوفد المفاوض عن الطرف السوري (ما يسمونه الوفد الإيراني) لتتوقف المفاوضات بعدها وتنهار الهدنة.

وأكد الناشط بأنه في حال «سقطت الزبداني بيد النظام، فإن ملف المفاوضات بتفاصيله موجودة، وكلّ من تاجر بالمجاهدين سوف ينشر اسمه ودوره في خذلان الزبداني».

وعند سؤاله عن موقف أبي عدنان من محاولات الإفشال، وعدم قيامه بالتواصل مباشرة مع المفاوض السوري لعقد هدنة متجاوزاً قيادته المركزية، قال الناشط إنه فكّر في هذا السؤال لكنه لم يستطع توجيهه إلى أبي عدنان ونار المعارك مستعرة.

وبالنسبة إلى الوضع المعنوي والصحي للمسلحين في ظل تقدم الجيش السوري و «حزب الله» على أكثر من محور، أقرّ ناشط آخر مقيم في لبنان، لكنه على تواصل مستمر مع القادة الميدانيين، بأن الوضع سيئ جداً، وأن «المجاهدين» يحتاجون إلى معجزة للنجاة من هذا الهجوم، خصوصاً بعد أن ضاقت المساحات التي يسيطرون عليها.

وشدد الناشط بشكل خاص على سوء الأوضاع الصحية للجرحى والمصابين، الذين رفض تحديد أعدادهم، موضحاً أنه لم يعد هناك مستشفيات ميدانية وانعدمت وسائل الطبابة كافة، مشيراً إلى أنهم يضطرون أحياناً إلى بتر أعضاء بعض الجرحى من دون تخدير نتيجة افتقارهم إلى المواد اللازمة لذلك. كما أشار إلى أن بعض الإصابات أصابها التعفن لعدم توافر مواد التعقيم، وبعضها أصبح يرعى فيها الدود. لذلك لم يُخْفِ الناشط استهجانه من موقف «قيادة الشمال» في المفاوضات الأخيرة وعدم مراعاتها للأوضاع الحرجة التي يمر بها «المجاهدون».

وفي تأكيد لما قاله زميله الناشط السابق، قال إن الفصائل الستة التي تحاصر الفوعة وكفريا هي المسؤولة عن إفشال الهدنة، وهي من أصرت على طرح شرط الإفراج عن ألف معتقلة. وأشار إلى أن «قيادة الزبداني» عند استشارتها بهذا الشرط رفضته بشكل مطلق، وردت عليهم بالقول: «رح تروحوا المجاهدين ومعهم آلاف المدنيين كرمال ألف معتقلة مجهولة المصير».

غير أن هذا الناشط لفت إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن شرط الإفراج عن ألف معتقلة لا يدخل، حسب رأيه، في خانة إفشال الهدنة، بل قال إن بعض قادة الفصائل فوجئوا من مشاركة «الوفد الإيراني» في المفاوضات، الأمر الذي أثار لديهم اعتقاداً مغلوطاً بأن القضية كبيرة وتستحق المطالبة بثمن أكبر مما كان مطروحاً على الطاولة، فابتدعوا شرط الألف معتقلة. وبعبارة أخرى بحسب الناشط: «الموضوع لم يكن موضوع إفشال، بل موضوع طمع بعد رؤية الإيراني مهتماً بالقضية، وكل ذلك على حساب الشباب المحاصرين في الزبداني».

assafir.com

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه