قبل سنوات، كان الحديث عن الهجرة غير الشرعية بين السوريين يتم بشكل سري. حينها كان الخوف من معرفة أسماء المهربين وطرق العبور.
وسام عبدالله
قبل سنوات، كان الحديث عن الهجرة غير الشرعية بين السوريين يتم بشكل سري. حينها كان الخوف من معرفة أسماء المهربين وطرق العبور. وخلال الأشهر الماضية أصبح الحديث في المقاهي بشكل علني، أرقام هواتف وأسماء مستعارة يتم تناقلها، وكثر أصبح لهم تواصل مع مهاجرين غير شرعيين، يقدمون لهم خبرتهم في كيفية الوصول والمبالغ المطلوبة.
يبدأ التحضير للرحلة بالاستفسار عن ثلاث مراحل أساسية: طريق الوصول إلى تركيا، العبور من تركيا إلى اليونان، وماذا بعد الوصول إلى الشاطئ؟
الانطلاق من سوريا يكون بثلاث طرق، الأول عن طريق البر بالتواصل مع مهربين هم على اتصال مع المجموعات المسلحة المتواجدة في شمال سوريا، وخاصة في ريف حلب. وهذه الطريقة كانت البداية منذ سنوات في عملية التهريب، وخطورتها هي في المجموعات المتشددة التي تتعرض للهاربين بالضرب والاهانات قبل نقلهم، بالتنسيق مع الأمن الحدودي التركي إلى داخل البلاد. وتعد منطقة حوار كلس في شمالي حلب من أهم المعابر المستخدمة في عملية التهريب والتي أصبحت تغلق في معظم الأحيان، إضافة إلى طرق التهريب من المنطقة الشرقية على الحدود مع محافظة الحسكة.
الطريقان الآخران، إما البحر أو الجو، وهو ما يتم بطريقة واضحة وعلنية. ففي العاصمة دمشق مكاتب سفريات في ساحتي المرجة والمحافظة، تقطع تذاكر للمسافرين إلى تركيا عن طريق لبنان. ندخل أحد مكاتب السفريات، ليعطينا الموظف خيار إما السفر إلى تركيا عبر الجو أو عن طريق البحر، موضحاً «تقف حافلات في شارع المعرض القديم تنقل المسافرين إلى الحدود اللبنانية، بشكل نظامي ورسمي، وحين تصل إلى بيروت، يكون حجزك عن طريق مطار بيروت الدولي في رحلة إلى تركيا، أو عن طريق باخرة تنطلق نحو الشواطئ التركية».
وبعد أن يتم تأمين الطريق من سوريا إلى تركيا، يبدأ التواصل مع المهربين في الجانب التركي. وفي اتصال هاتفي مع احد المهربين الموجود في تركيا، ويدعى «أبو يوسف»، يصف لنا الخطوات التي يجب إتباعها حين نصل إلى تركيا. ويقول «عليك في البداية التواصل مع احد الأشخاص المسؤولين عن تأمين وصولك إلى تركيا، وعند وصولك يكون في استقبالك شخص آخر يسألك عن كلمة سر نقوم بإعلامك بها قبل انطلاقك، وتدفع جزءا من المبلغ المتفق عليه والجزء الثاني تدفعه حين يتسلمك المسؤول عن سفرك نحو اليونان».
وتبدأ بعدها عروض الأسعار، حيث يقدم لنا احد المهربين عبر البحر عرضين للتهريب، الأول من اسطنبول إلى اليونان إما بقارب مطاطي بتكلفة 1300 دولار أميركي، أو يخت سياحي بتكلفة 2500 يورو، ومكان الوصول هو جزيرة كوس اليونانية. العرض الثاني من مدينة بوضروم التركية إلى جزيرة متليني اليونانية، وذلك عبر قارب مطاطي بتكلفة 1200 دولار. وقدرة استيعاب القوارب المطاطية حوالي 35 شخصاً، أما السياحية فتصل إلى 50 شخصاً.
ويتحدث «المهرب» عن طريقة الهرب عن طريق البر نحو اليونان أو بلغاريا، حيث يمكن تقديم عرض تزوير جوازات سفر بلغاريا، بتكلفة تصل إلى 20 ألف دولار، ومشكلتها هي مدتها الطويلة للعبور سيرا على الأقدام، حيث أن الوصول إلى ألمانيا من اليونان يتطلب عبور ألبانيا ومقدونيا وصربيا ثم المجر والنمسا وتليها ألمانيا، وتتراوح تكلفتها بحسب الخدمات المقدمة فيها، فهي تبدأ من ألفي دولار وتصل إلى ستة آلاف دولار. ومن الخدمات المقدمة وجود دليل يقود الرحلة لمنع وقوعهم في أيدي الشرطة.
في السابق كانت إحدى طرق الهرب لبعض السوريين هي ليبيا نحو إيطاليا. وتشير إحصاءات رسمية إلى مقتل أكثر من 10 آلاف سوري غرقاً منذ بداية الأزمة. ويقول «أبو يوسف»، المتواجد في اسطنبول، إن «طلبات التهريب في ازدياد بشكل يومي، وخاصة بعد التسهيلات التي بدأت الدول الأوروبية بتقديمها للمهاجرين». ويضيف «في البداية كان الهاربون من المناطق التي شهدت معارك، مثل ريف حلب والرقة وادلب، أما اليوم فالأمر أصبح مفتوحاً حتى لسكان المدن».
وتشير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى انه ومنذ بداية الشهر الماضي وصل حوالي 21 ألف مهاجر إلى اليونان، وهم من سوريا والعراق وأفغانستان. كما تشير إحصاءات، نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية، إلى انه في الفترة التي تقع بين الأول من كانون الثاني وحتى 14 آب الماضي، وصل 160 ألف مهاجر بحراً إلى اليونان، يضاف إليهم 1716 مهاجراً وصلوا عن طريق البر، وسجل مصرع أكثر من 2400 مهاجر خلال محاولتهم الهرب نحو أوروبا.
وأشارت الحكومة السورية في جلستها الأخيرة إلى ضرورة معالجة موضوع الهجرة غير الشرعية وملاحقة المهربين ومعرفة أسبابها. يذكر أن الإدارة العامة للهجرة والجوازات السورية كشفت في إحصائية بأنه منذ بداية العام 2015 بلغ عدد الطلبات للحصول على جواز سفر من داخل سوريا وخارجها، حوالي مليون طلب، 200 ألف منها للنساء و40 ألفاً للأطفال. وكان سكان مدينة دمشق وريفها من أكثر المتقدمين، حيث سجل تقديم 360 ألف طلب منذ بداية العام الحالي.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه