22-11-2024 05:38 AM بتوقيت القدس المحتلة

الجولة الأولى للحوار تعبر «حقل الألغام».. ولا تجد مفاتيح الحل

الجولة الأولى للحوار تعبر «حقل الألغام».. ولا تجد مفاتيح الحل

هي جلسة تأكيد المؤكد، ما تقوله الاطراف جميعها، كررته على طاولة الحوار.


نبيل هيثم

هي جلسة تأكيد المؤكد، ما تقوله الاطراف جميعها، كررته على طاولة الحوار.

دارت المواقف حول نفسها، مداخلات هادئة، ومضامين متقاطعة عند عمق الازمة ومخاطرها التي ينذر استمرارها بشر مستطير، ولكن ليس في اليد حل جاهز يفك الشيفرة المعقدة ويقود السفينة الى بر الامان.

مسار المناقشات لا يشي بامكان التوصل الى قواسم مشتركة، الافتراق واضح. حول الرئيس، حول الاساسيات، حول الدستور، والسباق واضح بين محور الانتخابات الرئاسية اولا ومحور الانتخابات النيابية اولا.. محوران متناقضان من الصعب ان يلتقيا. وينذران بمزيد من التصعيد المتبادل بينهما في الآتي من الجولات الحوارية.. وما بين هذين المحورين ثمة موضوعية حكمت مواقف بعض الاطراف «دعونا ننجز ما نستطيع ان ننجزه، والبداية من معالجة الامور الحياتية وفي مقدمتها الكهرباء والنفايات». ووسط كل ذلك لم يشعر احد بغياب «القوات اللبنانية».

افتتح الرئيس نبيه بري الجلسة بكلمة قصيرة، دعا فيها الى وضع خريطة طريق لحل الازمة، لافتا الى ان عناوينها الاساسية هي الشغور الرئاسي والشلل المؤسساتي وارتفاع معدلات الفقر لدى الاسر.

وقال: البلد يفرط بين أيدينا. من قبل كنا نتكل على الاشقاء الذين كانوا يتدخلون لمساعدتنا والتوفيق بيننا. اليوم، لا أحد فاضي لنا، والجميع في المنطقة لديهم مشكلاتهم وكلٌ منهم يريد الخلاص بنفسه. وهذه فرصة امامنا حتى نصنع انجازا لبنانيا 100%، وإلا سنندم لاحقا، فلا أحد يأخذ الامور ببساطة.. فإذا فشلنا، سننتظر دولة عربية لتأخذ بأيدينا.

أضاف: كان لا بد من هذا الاجتماع للخروج من الازمة. والاستمرار في لعبة عض الاصابع يتم على حساب مصلحة الوطن والمواطن، ونحن نحتاج الى حوار جدي ومنتج وليس الى حوار طرشان.

ثم اعطى بري الكلام الى رئيس الحكومة تمام سلام الذي القى كلمة اكد في مستهلها على حياديته قائلا: أنا مستقل، وليس لدي حزب سياسي، وأملك قراري.

واعتبر أن ما وصلنا اليه في هذه الفترة كنت قد حذرت منه منذ اكثر من سنة، وتأكيدي على الحيادية هو بهدف ارساء التوافق، وهذا التوافق لا يعني الجمود، ودائما ما كنت اسعى لأن ابعد مجلس الوزراء عن الخلافات، ومن اهم انجازاته هو استتباب الأمن وتجنب الفتنة، ولكن يجب ان يكون مجلس الوزراء منتجا، وإن لم يكن كذلك فلا حاجة له».

وقال: يجب ان نعالج الازمة القائمة، وإن لم نتمكن من ذلك فنحن ذاهبون الى الانهيار، بل اكثر من الانهيار اي الى الفوضى وانتظار الدول لكي تنتشلنا.

ولفت الانتباه الى ان «لبنان ليس اولوية في ما يجري مع ملفات المنطقة»، ودعا الى «انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت، فهذا الانتخاب يشكل المفتاح لمعالجة الازمة».

ثم اعطيت الكلمة للرئيس فؤاد السنيورة الذي اكد التمسك بالحوار لمنع انزلاق لبنان نحو الفوضى والحفاظ على المؤسسات والدولة. وامل الا يكون هذا الحوار الغاء للمؤسسات التنفيذية والرئاسية.

وقال: اقيمت ثلاث جولات حوار في السابق، ولكن ما تقرر فيها لم يأخذ مجاله للتطبيق. وبعض الفرقاء تنكروا له.

واشار الى ان «التجربة اظهرت ان وجود رئيس جمهورية يشكل حجر زاوية في انتظام عمل المؤسسات، ولم ندرك ذلك، حتى حصلت المشكلة».

ودعا الى حل مشكلة الكهرباء والنفايات وقال «اننا نتحرك في ظروف اقليمية خطيرة، ونجحنا حتى الآن في تجنب الفتنة لان اللبنانيين تعلموا من حروبهم الداخلية». لكنه لفت الانتباه الى ان «احزمة الامان الداخلية تحتاج الى تعزيز».

واعتبر ان «قوة الطائف بنيت على اساس قوة التوازن بين الطوائف وحقوقها وحقوق الفرد وهو يصلح للاستلهام في الدول العربية».

ثم تكلم الرئيس نجيب ميقاتي، فشدد على أنه «لم يعد لدينا إلا خيار واحد وهو الخروج بحلول تنبع من رغبات شعبنا، والأهم أن نلتزم معاً بتطبيق هذه الحلول ووضعها على سكة التنفيذ».

واعتبر أن «وظيفة هذا الحوار تتلخَّص ببناء الوطن وإنقاذ المواطن وحماية الجمهورية وصونها، وفي الحدِّ الأدنى التفاهم على تفسير مشترك للدستور وحسن تطبيقه».

ورأى أنه «إذا كان معظم هذا الشارع على حقٍّ في مطالبه، فيما قلة منه تجاوزت الخطوط الحمر وأثارت الشبهات والمخاوف حول دوافعها، فإن الحري بنا أن نستوعب الدروس مما جرى في العالم العربي في السنوات الأخيرة، حيث تحول اندفاع الشباب إلى ثورات، سرعان ما تلطخت بالدماء والحروب والعنف، فانحرفت، وضاعت الأهداف، وعمت الفوضى والمآسي».

وقال» لنضع معاً الآن أولويات الإنقاذ المنشود، ونبتدع المخارج والحلول، ونبدأ التنفيذ، قبل أن ينفد وقت العقل، وتخرج الأمور عن السيطرة، ويتعرَّض لبنان إلى خطر الفوضى والانهيار».

وتلاه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري فدعا الى مقاربة للملفات الراهنة بعيدا عن «14 و8 آذار»، معتبرا ان حل مشكلة الرئاسة تحل مشكلة الحكومة ومجلس النواب تلقائيا.

ثم عرض احصائية اعدتها الامم المتحدة حول ثقة المواطنين بالحكم، في دول العالم، تبين ان لبنان في الدرجة الـ144 من بين 144 اي انه الأخير.

هنا طلب الوزير ميشال فرعون توزيع هذه الاحصائية على الحضور، الا ان بري فضل الا يتم ذلك.

ثم تكلم النائب اسعد حردان فسأل «من اين نبدأ في الحل؟»، ويضيف «التسلسل تحكمه اولوية الرئاسة، وهذا الموضوع له الاولوية فعلا، فلنقرر معا انتخاب الرئيس بالتشارك والحوار، رئيس يلتزم بالدستور ووحدة تراب الوطن، والعداء لاسرائيل ومواجهتها، وبهوية لبنان العربية».

واعطيت الكلمة للنائب بطرس حرب الذي انتقد الخروج على الدستور، مشيرا الى ان البعض يطرح تعديلات لدستورنا وقال: نحن لسنا قوى تأسيسية بل نحن قوى برلمانية تسعى الى الحوار.

واشار الى كلام للنائب ميشال عون الذي يقول فيه بانتخاب رئيس من الشعب او تعديل قانون الانتخاب، وقال «الدستور يقول غير ذلك، فهو يحتم الاجتماع الفوري لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية».

وشكا من ان الحكومة معطلة منذ ما يزيد على ستة اشهر، ملمحا بالتعطيل الى وزراء «تكتل الاصلاح والتغيير» من دون ان يسميهم.

وتكلم النائب ميشال المر، فاعتبر انه ما دام هناك شغور في موقع رئاسة الجمهورية ستبقى الفوضى والنفايات وغير ذلك.

تلاه الوزير ميشال فرعون الذي ذكر بالقرارات السابقة للجولات الحوارية التي لم تطبق، ودعا الى انتخاب رئيس للجمهورية والى تشكيل حكومة انتقالية ومن ثم اعداد قانون انتخابي جديد واجراء الانتخابات خلال ثلاثة اشهر.

وتحدث النائب طلال ارسلان فقال: عندما نتحدث عن الدستور، لماذا يتغافل البعض عن الفقرة ج في مقدمة الدستور، فهي غير مطبقة لأننا غير متساوين بالحقوق والواجبات، وهناك مواطن فئة اولى ومواطن فئة عاشرة.

وتكلم النائب محمد رعد فأكد اننا محاطون بالاعداء، فالمنطقة تقع على خط زلزالي ممتد من اليمن الى لبنان الى ابعد نقطة في المنطقة، ووجودنا مهدد بالارهاب بوجهيه العنصري الاسرائيلي والتكفيري. وقال: توجد مشكلة شغور في الرئاسة، ونحن اوشكنا ان نتفق على رئيس للجمهورية، لكن هناك فيتو خارجيا هو الذي اجهض الاتفاق.

اضاف: المشكلة ان هناك تفاوتا بالانتماء الوطني السيادي لمقاربة الامور وتقديرها على اساس وطني، والدستور يتم التعاطي معه كإله من تمر، عندما يجوع البعض يأكلونه ويرمونه خلفهم. نحن نسمع حماسة في تطبيق الدستور، ولكن هذه الحماسة لم نرها عندما انسحب مكون كبير من الحكومة وبقيت الحكومة مستمرة وصادرت رئيس الجمهورية والدستور وتوقيع رئيس الجمهورية وكل شيء بالبلد، بل مضوا في هذا الامر وكأن شيئا لم يكن.

وقال: البعض يتعاطى مع الدستور استنسابيا بحسب رغباته ومصالحه الشخصية والفئوية والحزبية. وقال: ما نطالب به هو تطبيق الدستور بندا بندا، فالبلد لا يبنى بالعقلية الاستنسابية. وهناك نصوص موجودة في هذا الدستور ولم تطبق كتشكيل هيئة الغاء الطائفية السياسية. وقال: قاتلنا اسرائيل على مدى 18 سنة ولم نكن نشعر ان التعاطي معنا على قدم المساواة مع الآخرين.

واشار الى ان ما قامت به المقاومة هو اشرف انجاز في تاريخ الشعوب والامم والعصر الحديث، لكن هناك من سعى الى اخذ هذا الامر الى الزواريب الطائفية والمذهبية لاجهاض قيمة الانتصار الذي حققته المقاومة.

اما في موضوع رئاسة الجمهورية، فقال رعد: من يظن ان رئيس الجمهورية يصنع خارج لبنان يراهن على سراب. نحن قادرون ان نتوافق على رئيس، ولدينا مرشح قوي وله حيثية شعبية وله مصداقية سيادية وعقل وطني، كانت لدينا فرصة توافق احبطها الفيتو الخارجي، فقط لأن هذا الشخص وقف الى جانب المقاومة، هذا هو مرشحنا الذي نستطيع ان نأتمنه على السيادة.

واعطيت الكلمة للنائب سامي الجميل، فاعتبر ان النظام السياسي جرى تركيبه خطأ عندما وضعت الطوائف في صراع مع هذا النظام يستجلب الاستقواء بالخارج. واكد انه ليس ممكنا ان نأتي برئيس لمصلحة فريق، وقال: لا بد من احترام الاليات الدستورية، سواء بقي النظام او ذهبنا الى تغيير النظام.

ثم اعطيت الكلمة للنائب ميشال عون، الذي قدم مداخلة ذكر فيها بموقفه القديم من اتفاق الطائف. أضاف: الشرعية مصدرها الشعب، فقد حصل التمديد الاول لمجلس النواب وهو تمديد غير شرعي، وكذلك التمديد الثاني، هنا تتم مصادرة آراء الناس. وامام هذا الواقع نحن امام خيارين: اما ان نحول هذه الهيئة الى مجلس تأسيسي ونتفق على رئيس، او ان نذهب الى الاحتكام للشعب الذي هو مصدر السلطات.

وقال: ان ما يحصل في البلد هو تراكم مشكلات، والمشكلة الحالية خرجت على المعتاد، هناك 3 امور عندما تصاب بالخلل نقع في مشكلة: الدستور والقوانين والميثاق. وقال: لا نستطيع ان ننتج مجلسا نيابيا اذا كانت سدة الرئاسة شاغرة.

اما في ما يتعلق بالميثاقية فلماذا رئيس الجمهورية في لبنان ينتخب وليس له اية شعبية، اما في ما يتعلق بالرئاسات الاخرى فيؤخذ بالاعتبار ما تريده الطائفة المعنية؟

هنا حاول النائب بطرس حرب الرد على عون، في ما قاله حول الدستور، فتوجه اليه عون بنبرة عالية بما معناه «فكنا منك ومن آرائك الدستورية»..

ثم اعطيت الكلمة للنائب سليمان فرنجية فاعاد استحضار تجربة الرئيس رفيق الحريري الذي كان يعرف خياراته جيدا، وكان يميز بين الامور الاستراتيجية وغيرها، وقال اذا اتفقنا على الامور الاستراتيجية يصبح انتخاب رئيس الجمهورية تفصيلا. وقال: نحن مختلفون جذريا حول المسائل الاستراتيجية، ولذلك نختلف حول من يكون رئيس الجمهورية، ومقاطعة جلسات انتخاب الرئيس هي حق دستوري، وليست مخالفة للدستور.

وشدد على الاتفاق على رئيس يمثل الشريحة الشعبية الواسعة، وقال: انا اتفهم ان تعترضوا على مرشح لرئاسة الجمهورية لان برنامجه السياسي لا يعجبكم، ولكن انا لا استطيع ان اتفهم الاعتراض على مرشح للرئاسة لانه قوي في طائفته.. فهل تريدون رئيسا «خدمتجي»؟ هل تريدون موظفا؟ ثم تريدون ان تأتوا بموظف لدى مرشح رئاسي قوي؟ هذه اهانة لا نقبلها.

واكد اننا نريد رئيسا يطمئن المسيحيين، ويعطي اشارة اطمئنان، ليس للبنانيين فقط، بل الى كل المسيحيين في الشرق، واقول لكم ان عدم انتخاب رئيس يطمئن معناه انكم تقولون للمسيحيين اتركوا لبنان، وانا شخصيا اذا لم يتم انتخاب رئيس يطمئنني فسأرحل. واستبعد فرنجية الاتفاق على قانون انتخابي.

ومن ثم تكلم النائب وليد جنبلاط فاعاد التذكير بجولات الحوار السابقة التي لم تنفذ، ثم اشار الى انه لا يرى امكانية لان نتفق على رئيس للجمهورية. فدعونا نرى ما في مقدورنا ان ننجزه. ثم اكمل ضاحكا: في الماضي اخذونا الى الدوحة، وفي آخر الليل يستدعوننا الى بعض الغرف في آخر طابق، ورائحة السيجار عابقة في الاجواء، ولا نعرف ما اذا كانوا قد تفاهموا معنا او قرروا عنا، الآن الوضع مختلف. ودعا الى التوافق على قانون انتخابي وقال: ان الاساس في هذه المرحلة هو انه ممنوع الخروج من الحكومة لا استقالة ولا اعتكافا.

assafir.com

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه