التحركات الاستفزازية للمستوطنين في المسجد الاقصى والاعتداء من الاحتلال على المصلين تكرر في الاونة الاخيرة ، وما تلاها من قرارات حكومية صهيونية وجولات استفزازاية لنتنياهو اثارت العديد من التساؤلات
أحمد شعيتو
الاقصى مجدداً.. والعرب غائبون؛ ليسوا كلهم نائمين هذه المرة أو في اجازات طويلة في الاقطار الاوروبية الوادعة، فهم متابعون ويقظون بل يخوضون الحروب! حروبٌ في عدة ميادين إلا فلسطين. ميادين دول "شقيقة" تارة بالسلاح والعنصر المباشر وتارة بالوكيل.
"استعاد" العرب البيانات وتأبّطوا المواقف المثيرة للسخرية، وتلوها بكلمات مستهلكة بل متهالكة هرمة تجاه ما يجري، حروف كأنها من ماء تجاه اي خطر على فلسطين وحروف من نار تجاه اي دولة شقيقة! فعندما استيقظت الدول العربية كانت يقظتها ضد دول "شقيقة" وتشظت قدراتها بعد ان كانت كامنة في قمقمها، لتقتل الاشقاء وتعيث في بلادهم..
في الفترة الاخيرة طغت من جديد اخبار القدس والمسجد الاقصى ولو خجولة عند البعض، وهي التي تآكلت قضيتها في طي صفحات النسيان في العديد من وسائل الاعلام العربية؛ التحركات الاستفزازية للمستوطنين في المسجد الاقصى والاعتداء من قوات الاحتلال على المصلين التي تكررت في الاونة الاخيرة ، وما تلاها من قرارات حكومية صهيونية وجولات استفزازية لنتنياهو اثارت العديد من التساؤلات بل التحذيرات من الخفايا.
واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي انتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المرابطين والمصلين فيه، ما اسفر عن اصابة العشرات منهم. وفي عدد من المرات قامت بالتحطيم والحرق واطلاق القنابل الغازية.
رافق ذلك ارسال تعزيزات يومية الى القدس فيما برزت تحذيرات فلسطينية من ان الاعتداءات الاسرائيلية ترمي الى تفريغ القدس المحتلة من اهلها الفلسطينيين عبر الاجراءات الامنية بحجة احداث الاقصى، وهو يدخل في اتمام سياسة التهويد في المدينة.
برزت تحذيرات مماثلة حول مستقبل المسجد الاقصى حيث شكلت زيارة اليهود بشكل كثيف للمسجد بحجة الصلاة ظاهرة بارزة بعددها الكثيف وتكرر مراتها، في وقت ظهر الحديث في اوساط صهيونية عن سعي لتقسيم الاقصى مكانياً وزمانياً بحجة حماية اليهود و"شعائرهم"، وهو ما حذر منه قياديون فلسطينيون مثل القيادي في حركة الجهاد الاسلامي احمد العوري. كما اكدت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية افخم، ان قيام الاحتلال الاسرائيلي بتقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيا ومكانيا يعارض القانون الدولي.
وتوالت حتى الساعات الاخيرة اخبار المواجهات في الاقصى وتحدثت عن إصابات بين صفوف حراس الأقصى بعد اشتباك مباشر بالأيدي والاعتداء عليهم بالضرب من قبل القوات الإسرائيلية الخاصة، وكانت المواجهات تجددت أمس الثلاثاء في المسجد الأقصى ومحيطه لليوم الثالث على التوالي أصيب خلالها 26 مواطنا، في أعقاب اقتحام المصلى القبلي وإحراق جزء منه ومحاولة إخلاء المرابطين من داخله من قبل جنود الاحتلال.
ما الخطورة؟
محرر الشؤون العبرية في قناة المنار حسن حجازي لفت الى ان "هناك سياسة اساسية لحكومة اليمين التي يقودها نتنياهو لتعزيز هوية القدس اليهودية وتثبيت موطئ قدم في المسجد الاقصى، وفي هذا الاطار تاتي الزيارات المتكررة للمستوطنين اليهود الى باحات المسجد التي تشعل نيران المواجهات مع الفلسطينيين".
وحول الاخطار والنوايا يشير حجازي في حديث لموقعنا الى ان "اصرار حكومة نتنياهو على السماح لهؤلاء بالصعود الاستفزازي الى باحات الحرم القدسي يؤكد مسعى التهويد". ويضيف ان "مضيه في الاجراءات العقابية ضد الفلسطينيين الذين يتصدون للمستوطنين مؤشر واضح على مواصلة هذه السياسة في ظل الدعوة الاسرائيلية بالسماح لليهود بممارسة شعائرهم في باحات المسجد".
ويلفت حجازي الى ان "هذا يمثل تطورا بالغ الخطورة لانه سيعطي اليهود الحق بالوجود في باحات المسجد وربما تقسيمها من حيث الزمان والمكان بين المسلمين واليهود وبذا يفقد المسجد الاقصى هويته الاسلامية".
وقد برزت مواقف صهيونية خطيرة وذات مدلولات كبيرة تؤكد الخطر الداهم، ودعت وزيرة الثقافة الليكودية ميري ريغيف رئيس الوزراء إلى الإيعاز بإغلاق الحرم القدسي أمام المسلمين، فيما دعا رئيس بلدية الاحتلال في القدس الحكومة الى عدم السماح بتحويل الحرم القدسي الشريف الى مأوى لمن وصفهم المخربين.
بدوره ما يسمى وزير الامن الداخلي غلعاد إردان قال انه يدفع باتجاه تغيير تعليمات إطلاق النار في حال الرشق بالحجارة.
نتنياهو اخذها على عاتقه!
في هذا الوقت بدا ان نتنياهو اخذ على عاتقه شخصيا قيادة الاعتداءات والاستفزازات وهو ما اعاد الى الاذهان اشتعال الانتفاضة الثانية بعد اقتحام شارون لحرمة المسجد الاقصى. فهل يسعى نتنياهو لمحاولة للاستفزاز واشعال الاوضاع من اجل التمهيد لاتخاذ اجراءات قاسية بحق الفلسطينيين والقدس والاقصى؟
لقد "تعهد" نتنياهو بوضع معايير جديدة لمنع عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة في القدس ومحيطها"، يقول موقع "صوت اسرائيل" ، الذي يضيف ان ذلك اتى خلال جلسة ترأسها نتنياهو مع وزراء "الدفاع" والأمن الداخلي والعدل والمواصلات وشؤون القدس بحضور عدد من المسؤولين الأمنيين والمستشار القانوني للحكومة .
ويكشف الموقع " أنه تقرر خلال الجلسة تشديد الإجراءات المتخذة للتعامل مع حوادث إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة ومنها النظر في احتمال تغيير تعليمات إطلاق النار وتحديد سقف أدنى قضائي ملزم للعقوبات".
ولفتت صحيفة هآرتس إلى أن "مكتب نتنياهو أصدر في الأيام الثلاثة الأخيرة ثلاثة بيانات مختلفة حول احداث الاقصى"!.. مما يدل على ان هناك متابعة حثيثة من نتنياهو تنبئ بالاخطر.
وعنون موقع صحيفة هآرتس "انتفاضة تجري في القدس - والمسؤولون الإسرائيليون لا يعرفون ماذا يفعلون"!
وقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صورا لنتنياهو يجول في القدس من منطقة صور باهر بطريقة استفزاية بمرافقة اعداد كبيرة من الشرطة الصهيونية. واحتشد مقدسيون في شوارع صور باهر للتصدي لاقتحام نتنياهو للحي الملاصق للمسجد الأقصى. وسربت مواقع عبرية ان نتنياهو سيقوم بجولة بأماكن احتكاك حساسة في القدس المحتلة.
في السياق ذاته، اقتحم الحاخام الصهيوني المتطرف يهود غليك المسجد الأقصى برفقة عدد من المستوطنين بالتزامن مع زيارة نتنياهو لصور باهر، فيما تصدى له المرابطين في المسجد الأقصى، وأصيب عدد منهم جراء الاعتداء عليهم من جنود الاحتلال.
وفي اطار ما يبدو انه ارهاب ضد الاعلام الفلسطيني لطمس الوقائع ، وبحسب خبر نقلته هآرتس نفسها قالت الصحيفة ان اثني عشر من الصحفيين الفلسطينيين تعرضوا للضرب على يد الشرطة في مدينة القدس القديمة على مدى الأيام الثلاثة الماضية. واضافت انه وفقا لصحفي ومصدر آخر، سمعوا تعليمات ضباط لأفراد الشرطة باستخدام القوة ضد المصورين.
الاقصى امام الخطر المتجدد ونوايا وخفايا قد يفصح عن بعضها المقبل من الايام، وفيما الاحتلال يبادر الى تحقيق مآربه الخطيرة والتهويدية والاجهاز على ما تبقى من قضية، يهزأ بالساكتين بل المتواطئين لعشرات السنين وهم يحتفون بعلاقات وتطبيع وسفراء وسفارات، لكن الاحتلال لا يأبه ولا يقلق الا ممن وعى العمل لا الاقاويل، من اهل المقاومة والإعداد والقوة.