بعد يوم واحد من تباهي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بنجاحه، عبر لقائه في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحديد آلية لمنع صدام بين الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا
حلمي موسى
بعد يوم واحد من تباهي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بنجاحه، عبر لقائه في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحديد آلية لمنع صدام بين الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا، عمد معلّقون أمنيون إلى تنفيس النجاح.
وفيما ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقرّبة من نتنياهو، أن آلية التنسيق بين الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا تستند إلى تواصل بين رئيسي الأركان في الدولتين، كتب المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» أن إسرائيل تهمّها الخطوط الحمراء أكثر مما يهمها الخط الأحمر بين الجيشين.
وشدد المعلق الأمني في «معاريف» على أن ما توصل إليه نتنياهو مع بوتين هو «إنجاز مشكوك فيه»، نظراً لأن مجرد وجود الوحدات الروسية، يقيد عمل الجيش الإسرائيلي. بل إن مصادر عسكرية إسرائيلية عليا أبدت خشيتها من أن روسيا ستبدأ في تشويش عمل واتصالات الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية.
وكان أعقب اللقاء بين بوتين ونتنياهو اجتماع بين رئيس الأركان الروسي فاليري غارسيموف والإسرائيلي غادي آيزنكوت تقرر خلاله إنشاء لجنة مشتركة لتنسيق النشاطات العسكرية في المنطقة. وسيرأس اللجنة نائبا رئيسي الأركان في الدولتين المقرر أن يلتقيا في أول اجتماع تنسيقي بينهما بعد أسبوعين.
ونقلت «هآرتس» عن ضابط إسرائيلي رفيع المستوى قوله للمراسلين العسكريين أن اللجنة ستعنى بتنسيق النشاط الجوي والبحري، وأيضا بآثار النشاط الألكترومغناطيسي العسكري على كل من الجانبين. وقال الضابط إن «هناك نشاطاً جوياً في شمال الدولة يمكن أن يحتك بالنشاط الروسي هناك، ويمكن ألا يحتك». وفي كل حال لم يتحدد بعد مكان الاجتماع بين نائبي رئيس الأركان، وهل سيكون في إسرائيل أم روسيا؟ ورفض الضابط تأكيد أو نفي ما إذا كان تم إطلاع الأميركيين سلفاً على التنسيق مع الجيش الروسي، وعقد لقاءات حول النشاطات الجوية والبحرية في المنطقة.
لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية ذاته أبلغ الصحافيين أنه قام بإطلاع الأميركيين مسبقاً على تفاصيل خطة الزيارة، ومواضيع النقاش مع بوتين. وقال إن «للجميع مصلحة في منع صدام لا حاجة له». وشدّد على أن «علاقاتنا مع الولايات المتحدة لها الأولوية، وهي قوية وصلبة وراسخة، ونحن ننسق بشكل تام معها في هذا الشأن».
وقد اعتبر نتنياهو أمر تشكيل اللجنة المشتركة إنجازاً، حيث قال إن «هذا أمر فائق الأهمية لدولة إسرائيل، وهذه هي النتيجة الأولية الواضحة لهذا اللقاء». وأضاف «يكفي التفكير حول الاحتمال الثاني بمواجهة خطيرة مع روسيا ومعالجة سوء الفهم بعد أن يقع، لكي نفهم أهمية هذه الزيارة».
وتباهى نتنياهو بأنه شدد أمام بوتين على أن إسرائيل ستواصل العمل لإحباط نقل أسلحة فتاكة من سوريا وإيران إلى «حزب الله» وضد محاولات تنفيذ عمليات «إرهابية» ضدها. وقال «أوضحت بشكل لا يحتمل التأويل أننا لن نتحمل التسليح الذي تقوم به إيران ضدنا، وسنتخذ كل التدابير التي قمنا بمثلها حتى اليوم، وأيضا نشاطات أخرى ضد الإرهاب وضد التهديدات على أمننا». وأضاف «قلت لبوتين إن هذا حقنا وواجبنا، وهو لم يشكك في ذلك».
غير أن فرحة نتنياهو بالإنجاز كانت تتبخر حتى لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مع زوال الغبار. وحسب المراسل العسكري لموقع «والا» الإخباري أمير بوحبوط فإن المؤسسة العسكرية تفهم أن الوضع على الحدود الشمالية دخل مرحلة حساسة جداً، وهي ستزداد حساسية كلما زاد الجيش الروسي من سيطرته على مناطق في سوريا، ومن مشاركته في القتال ضد «داعش». وينقل عن عسكريين إسرائيليين قولهم إن الحساسية لا تنبع فقط من تعقيدات التنسيق مع جيش أجنبي، وإنما من حقيقة أن الجيش الروسي يدير محطة إنذار ورصد ضد الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع الجيش السوري، فضلاً عن أنه ينسق حالياً مع إيران و «حزب الله».
ونقل موقع «والا» عن مصدر سياسي إسرائيلي تفسيره بأن إسرائيل تدخل إلى المحادثات مع روسيا بعد أسبوعين مكرهة، والأميركيون يفهمون أنه لا مفر من التنسيق الأمني، وأن من المهم للأطراف ضمان مصالحها في المنطقة. ولذلك هناك خشية كبيرة من أن المنظومات المتطورة، التي سيبدأ الجيش الروسي استخدامها قريباً لتشويش الرادارات ووسائل الاتصال، يمكن أن تعرقل أو حتى تشل منظومات إسرائيلية، قسم منها معد أصلاً للإنذار، وللرصد الاستخباري والسيطرة وحتى للاتصالات. كما تخشى إسرائيل من زيادة النشاط البحري العسكري الروسي في البحر المتوسط الأمر الذي سيقيد العديد من النشاطات الإسرائيلية البحرية.
في كل حال، كتب المعلق الأمني في «معاريف» يوسي ميلمان أن الروس لم يؤكدوا كلام نتنياهو، ولكن إذا صح أمر التنسيق فإن ذلك لا يعتبر انجازاً لإسرائيل، بل ربما العكس. وأشار إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي كان يعمل في سوريا من دون عراقيل، ولكن الوضع الآن سيتغير، حيث عليه تنسيق نشاطاته، ما يعني أن «حرية العمل الإسرائيلية قيدت». وأشار إلى أن إسرائيل «مرة أخرى تتعلم حدود قوتها حين تقف قبالتها قوة عظمى عالمية لها مصالح واضحة في الشرق الأوسط».
أما المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل فكتب إن «الزيارة القصيرة والعاجلة لرئيس الحكومة إلى روسيا، مصحوباً بالنخبة العسكرية الأولى، رئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات، جاءت لتخفف قليلا من حدة الواقع الأمني الجديد الذي فرضته روسيا في المنطقة، بقرارها مرابطة طائرات قتالية في شمال سوريا. ولعل إسرائيل أكثر مما تعلق الآمال على الهواتف الحمراء، تسعى إلى الاعتماد على خطوط حمراء. تحديد مجالات نفوذ في سوريا وفي لبنان، تتمكن فيها مع ذلك من مواصلة العمل بحرية عند الحاجة، من دون المخاطرة باحتكاك غير مقصود بطائرات قتالية روسية».
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه