ما إن همّ حجاج بيت الله الحرام بالنزول عن عرفة, بعد تقربهم من الله عز وجل بأعلى مراتب دعائهم, حتى تقرّب المسلمون في سورية من ربهم بدموعهم لحرمانهم من الحج.
خليل موسى – موقع المنار – دمشق
ما إن همّ حجاج بيت الله الحرام بالنزول عن عرفة، بعد تقربهم من الله عز وجل بأعلى مراتب دعائهم، حتى تقرّب المسلمون في سورية من ربهم بدموعهم لحرمانهم من الحج، وانصرفوا لتأدية واجباتهم الدينية المعتادة في صباح كل عيد.
وكما المعتاد في صباح العيد، وما هو معلوم للجميع، تأتي صلاة عيد الأضحى بُعيد زيارة قبور الموتى، يصحون منذ باكر الفجر على صوت تكبيراتِ وتهليلاتِ مآذن ترتفع نحو السماء كلما كبّرت، وتعلو بغية الوصول إلى مراتب الرحمة بأصوات من يهتفون عليها، ويلبون لله ما يلبيه الحجيج من نداءات.
لكن في أعياد السوريين شيء مختلف في زيارة القبور، قبور عليها صور وأعلام الوطن، أو عليها ما يدل على شهداء خاضوا الحرب دفاعا عن بلدهم وحق أبنائهم بالسلام.
* العيد من المساجد إلى صِلاة الرحم..
أبو أحمد.. من المسنّين السوريين، أنهى صلاة العيد في مقام السيدة زينب (ع)، ثم خرج ليزور أقارب له اعتاد أن يكون معهم صباح كل عيد، يقول أبو أحمد لموقع المنار، بعد أن هنأ وبارك بالمناسبة "أنا ابن هذه المنطقة، ومنذ ستين عاماً كنت أخرج مع والدي لتأدية هذا الواجب, أزور أخوتي وأبناءهم ونجتمع لنقوم بجولة عائلية واسعة" مؤكداً أن كل سكان المنطقة ما زالوا يحافظون على هذه العادات والطقوس, كما ظهر من تجمعات في شوارع كثيرة من المناطق السورية.
وما زاد على طقوس صلة الرحم, ومن أولويات السوريين, هو زيارة عوائل الشهداء, لالتماس حاجاتهم, ومحاولة رسم الابتسامة في العيد على وجوههم.
* أطفال في العيد يعتلون مراكب الفرح..
في الحرب المستعرة على البلاد, وأزمات المعيشة, يحاول الأهالي أن يبعدوا أطفالهم عن كل أجواء الحرب, ويحاولون تغييب مشاهدها عن أذهانهم, فكل سبلهم لهذا الغرض, هي ساحات يتجمع فيها كل ما يمكن له أن يكون مُسليّا من ألعاب الأطفال كالأراجيح وما يشبهها.
وفي أعوام الحرب عمدت الدولة إلى تنظيم ساحات معينة لهذا الغرض من أجل حصرها في اماكن من خلالها تستطيع الأجهزة الأمنية توفير الحماية الكاملة لها, بعد أن كانت في أعوام السلم عشوائية التوزيع ولا تحتاج إلى حماية.
الأضاحي هذا العام في سورية..
باعتبارها من أهم مستحبات العيد لاقترانه باسمها, يحاول المسلمون جاهدين أن يؤدوها حسب استطاعة كل منهم.
ولكن في سورية, وَجد كثيرٌ من المواطنين صعوبة في تحقيق الشروط الاقتصادية لهذا الطقس العيدي المميز, فارتفاع أسعار المواشي جعلها سلعة صعبة المنال, حيث كان الطعام المعتاد في كل عيد لكل البيوت السورية مقترنا بالأضحية, حتى من لم تسعفه المادة أن يقوم بهذه المستحبة.
* درع السوريين على أهبة الاستعداد..
الجيش السوري والجهات الأمنية كما في كل مناسبة دينية أو وطنية, يبقون على أهبة الاستعداد, ذلك لجعل المواطن ينعم بالمناسبة دون أي منغصات دخيلة على أجواء الفرح, فتُقام الحواجز الأمنية, وينتشرون في الساحات, يبحثون عن أي عائق أمام سير الفرح فيزيلونه.
وتبرز الإجراءات المشددة مع ابتسامتهم في وجه المارّة, يهنئون المواطنين بالعيد, والمواطنون بدورهم يرددون عبارة أصبحت شهيرة في سورية "ينعاد عليكم بالنصر".
رغم محاولة السوريين الاحتفال بالعيد, إنما يبقى ما لا يمكن تغيبه عن ملامحهم, وهو حزن على غياب من استشهد وترك فراغا في حياتهم, أو حنين يعانون منه جراء سفر أحد أفراد العائلة, إلى جانب حرمانهم أو أفراد أسرتهم من فرصة الحج لبيت الله الحرام.