على الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي تحميل السعودية كامل المسؤولية عما جرى, وبحث إدارة موسم الحج, والمبادرة الى اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان أمن وسلامة الحجاج خلال تواجدهم في الأماكن المقدسة.
رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة : أننا نمر في مرحلة خطيرة وحساسة من تاريخنا, وأن محور الشر الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وإسرئيل يحاول الهيمنة على المنطقة, ويدفع بأدواته التكفيريين لإرتكاب المزيد من القتل والتدمير والتخريب, حتى تصبح دول المنطقة بلا أمن وبلا استقرار وبلا سياسة وبلا ثروات, وتكون مدمرة بالكامل حتى نمد أيدينا إلى المستعمر لينقذنا من واقعنا المرير.
وأضاف: امريكا تعمل على أن تكون إسرائيل هي الأقوى في المنطقة وتحاول أن تُقنع بعض الدول العربية الخليجية بأن الطريق الى مواجهة الخطر الإيراني والنفوذ الإيراني يمر عبر التعاون مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها, معتبراً: أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو أكبر وأعظم خيانة للأمة وللقضية الفلسطينية وللمسجد الأقصى.
وأشار: الى الحادثة المفجعة التي وقعت بالأمس في المشاعر المقدسة في منى والتي ذهب ضحيتها أكثر من 1500 حاج من حجاج بيت الله الحرام, ورأى: أن هذه الحادثة نتجت عن إهمال وتقصير وسوء إدارة من السلطات السعودية.
ولفت: الى أن محاولة السعودية إلقاء اللوم على الحجاج أنفسهم في هذه الحادثة- كما حاول أن يوحي وزير الصحة السعودي في بعض تصاريحه- هو هروب من المسؤولية وعمل لا أخلاقي, فالسعودية وحدها من يتحمل المسؤولية لأنها المعنية بضمان أمن وسلامة الحجيج وتسيير شؤونهم داخل المشاعر المقدسة .
وأكد: أن على الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي تحميل السعودية كامل المسؤولية عما جرى, وبحث إدارة موسم الحج, والمبادرة الى اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان أمن وسلامة الحجاج خلال تواجدهم في الأماكن المقدسة.
نص الخطبة
[يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون]. الأنفال/ 27.
هذه الآية تدعو المؤمنين إلى عدم خيانة الله, والرسول, وأمانات الناس.
فأولاً: لا تخونوا الله: وخيانة الله تعني معصيته ومخالفته والتمرد عليه والإنحراف عن خطه وموالاة أعدائه ومعاداة أوليائه، خيانة الله تعني أن لا يفي الإنسان بعهده مع الله وأن ينكث إيمانه والتزامه مع الله، لأن الإيمان هو عهد بين الله وبين عباده [وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً]. النحل/ 91.
فعندما تؤمن بالله يعني انك عاهدت الله على أن توحده ولا تشرك معه أحداً في الربوبية وفي العبادة وفي الطاعة، وعاهدته على أن تؤمن برسل الله وأنبياءه ورسالاتهم واليوم الآخر، فإذا وفيت بعهد الله, فان الله سيفي لك بعهده, فيرحمك في الدنيا والآخرة ويمنحك رضوانه وعفوه ومغفرته ورحمته ونعيمه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وثانياً: لا تخونوا الله والرسول: وخيانة الرسول تكون في مخالفة أوامره، ووصاياه، وتعاليمه، وتكون في خيانة أمانة الإسلام الذي تركه أمانة بين أيدينا، لأن وظيفتنا أن نحفظ الإسلام وأن نحميه وندافع عنه، عن عقيدته وشريعته ومبادئه ومفاهيمه وقيمه، أن نجاهد من أجله، وأن لا ندع أحداً يشوهه أويحرفه أو يضعفه من دون أن نحرك ساكناً ومن دون أن نتحمل مسؤولياتنا في الدفاع عنه.
وثالثاً: لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم: فإن للناس أمانات مع بعضهم البعض، فكل عقد من العقود في أي شأن من الشؤون المالية، أو التجارية، أوالزوجية، أو في الشؤون السياسية كالاتفاقات والمواثيق والمعاهدات السياسية أو الاقتصادية أو غيرها.
كل عقد تعقده بينك وبين إنسان آخر إذا كان مستجمعاً للشروط الشرعية فإنه أمانة الله عندك وأمانة الناس عندك. فالله يقول: [يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود].فإي إنسان التزم معك والتزمت معه باتفاق أو بعقد معين فهو عهد بينك وبينه فلا تنقض عهدك معه إذا أضاع وثيقة العقد، ولا تنكر دينه أو حقه إذا أضاع السند الذي كتبت الدين فيه.
العقود التزام والالتزام أمانة وعلى الإنسان أن لا يخون أمانات الناس.
العقود أمانة الناس عندك فإذا لم تفِ بالعقود التي عقدتها مع الناس فأنت خائن لأمانات الناس.والسر أيضاً أمانة فإذا وضع إنسان عندك سراً أو اطلعت على سر سواء كان سراً اجتماعياً أو سياسياً أو أمنياً ثم أفشيته كنت خائناً لأماناتك، وربما كانت أمانة السر أخطر من أمانة المال, لأن سر الإنسان قد يقتله إذا افتضح فيه، وبالتالي فإن خيانة السر أعظم من خيانة المال..وكذلك على الإنسان أن لا يخون حتى من خانه، فإذا أودع عندك إنسان مالاً فليس لك أن تخونه حتى لو خانك. ففي الحديث عن الإمام الصادق (ع): أن رجلاً قال له: كان لي دين على فلان فجحد دينه ثم استودعني مالاً وقبلت وديعته، فهل لي ان آخذ ماله في قبال مالي؟ قال: إذا خانك فلا تخنه.
وهناك أمانات الأمة، وأعظم الخيانة كما في الحديث عن علي (ع): أعظم الخيانة خيانة الأمة.وخيانة الأمة تكون بإثارة الفتنة بين أفراد الأمة، وبخلق العداوات والكراهية والبغضاء بين فئات الأمة، وبإشعال الحروب بين مكونات الأمة.خيانة الأمة تكون بإشغال الأمة في حروب وصراعات داخلية فيما العدو يستبيح أرضنا ومقدساتنا، ويستعد ويتجهز للحرب ضدنا والانقضاض علينا.
نحن نمر في مرحلة خطيرة وحساسة من تاريخنا.. فمحور الشر يحاول أن يهيمن على كل هذه المنطقة ويدفع بأدواته التكفيريين للمزيد من القتل والتدمير والتخريب حتى تصبح كل دول المنطقة بلا أمن وبلا سياسة وبلا ثروة وتكون مدمرة بالكامل حتى نمد أيدينا إليه لينقذنا من واقعنا المرير.العالم العربي والإسلامي اليوم في غفلة عن إسرائيل وممارسات إسرائيل في المسجد الأقصى، لأن الإسرائيلي استطاع أن يجعلنا أمة ممزقة يمزق بعضنا بعضاً، ويشتم بعضنا بعضاً ويتهم بعضنا بعضاً ويقتل بعضنا بعضاً، ونلهو بصراعاتنا عن القضايا المصيرية والكبرى، كقضية فلسطين.
إن أعظم الخيانة خيانة وحدة الأمة، قد نختلف كأمة فيما بيننا في التفاصيل، لكن هل أن الاستكبار وإسرائيل تفرق بين هذا المذهب وذاك؟ هي تستهدف الجميع.هل أمريكا وإسرائيل تفرق بين هذه الدول؟ بين إيران والعرب؟ هؤلاء يريدون ثرواتنا والسيطرة على هذه المنطقة ولا يهمهم من هو سني ومن هو شيعي, ومن هو عربي ومن هو فارسي.أمريكا تعمل على أن تكون إسرائيل هي الأقوى في المنطقة، وأن الطريق إلى مواجهة الخطر الإيراني والنفوذ الإيراني كما يقولون يمر عبر التعاون مع إسرائيل وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. هذا ما يعملون عليه تطبيع العلاقات مع إسرائيل أعظم خيانة للأمة ولفلسطين وللقدس وللمسجد الأقصى.
الحادثة التي حصلت بالأمس في المشاعر المقدسة في منى والتي ذهب ضحيتها أكثر من 1500حاج أصابت جميع المسلمين وشكلت فاجعة للعالمين العربي والإسلامي، وحولت عيدنا إلى يوم عزاء وحزن وألم. وهي حادثة ناتجة بالتأكيد عن إهمال وتقصير وسوء إدارة من السلطات السعودية, ويبدو أن الطبقة الحاكمة في السعودية وآل سعود لم يكتفوا بقتل المسلمين في كل من اليمن وسوريا والعراق من خلال عدوانهم الوحشي على اليمن ودعمهم للجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا والعراق, فعمدوا إلى قتل الحجاج المسلمين في مشاعر منى بإهمالهم وتقصيرهم وسوء تنظيمهم وإدارتهم.
ومحاولة السعودية إلقاء اللائمة على الحجاج أنفسهم في هذه الحادثة هو هروب من المسؤولية التي تتحملها السعودية وحدها، لأنها وحدها المعنية بضمان أمن الحجاج وتيسير شؤونهم داخل المشاعر المقدسة.
إلقاء اللائمة على الحجاج في هذه الحادثة من قبل السعودية هو عمل لاأخلاقي ولاإنساني بل هو جريمة أخرى تضاف إلى جريمة آل السعود في التسبب بمقتل وإصابة أكثر من 1500 حاجا..وعلى الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تُحمّل السعودية كامل المسؤولية عما جرى, وأن تبحث إدارة موسم الحج, وأن تبادر الى اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان أمن وسلامة الحجاج خلال تواجدهم في الأماكن المقدسة.