يترقب الشعب اللبناني بغالبيته ما ستؤول إليه الاوضاع السياسية العامة، سواء على صعيد الحوار الوطني الجاري في مجلس النواب او على صعيد الحراك المدني، وجل ما يهم الشعب اللبناني هو البحث عن الاستقرار والامن
ذوالفقار ضاهر
يترقب الشعب اللبناني بغالبيته ما ستؤول إليه الاوضاع السياسية العامة، سواء على صعيد الحوار الوطني الجاري في مجلس النواب او على صعيد الحراك المدني، وجل ما يهم الشعب اللبناني هو البحث عن الاستقرار والامن بالاضافة الى حلحلة العقد والمشاكل التي يعاني منها البلد.
لذلك يجب العمل لانجاح الحوار بين اللبنانيين ايا كان شكله سواء ثنائيا بين طرفين او من خلال طاولة الحوار، والعمل لتذليل العقبات واحدة تلو الاخرى وعدم الوقوف وتعطيل البلد عند تعثر حل اي عقدة من المشاكل العالقة، فكما يجب العمل لانجاز الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب، هناك ضرورة ملحة لايجاد المخارج لتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، والاهتمام قبل كل شيء بشؤون الناس وملفاتهم الحياتية واليومية والمعيشية الضاغطة، فالموضوع لا يتوقف عند النفايات والكهرباء والماء وازمة السير والنقل وترقب "الشتوة الاولى" كما كل عام مع ما يرافقها من فيضانات في الطرقات العامة والاوتسترادات، مقرونة هذه السنة بالتحذيرات من خطر النفايات المنتشرة في الطرقات، وغيرها الكثير من المشاكل التي تثقل كاهل المواطن اللبناني البسيط وهي مشاكل وملفات اكثر من ان تعد او تحصى...
ويجب للوصول الى كل ذلك، ان تتوافر النوايا للانفتاح على الحوار بإيجابية بين الاطراف السياسية من اجل مصالح الناس، فحقيقة الناس اليوم تحتاج الى حلحلة الملفات التي تهمها مباشرة لا الى تعقيدها اكثر فأكثر من خلال التشابك السياسي في كل مفاصل الحياة السياسية والدستورية وداخل المؤسسات، وما جرى داخل لجنة الاشغال مؤخرا يمثل دليلا حيا على ذلك، فالصراع او التشابك السياسي حقيقة في ظل التعطيل الذي تعاني منه الدولة ومؤسساتها سيؤدي الى مزيد من التأزيم والتعقيد لا الى حلحلة بأي شكل من الاشكال، ومن سيدفع الضريبة هو المواطن اللبناني.
فإن لم يكن من المستطاع الإتفاق على رئيس اليوم للجمهورية او على قانون للانتخاب، وبغض النظر عن الخلفيات السياسية لكل طرف وايا كان من يكايد ويراهن على الخارج في تعطيله لهذه الاستحقاقات المفصلية، يبقى السؤال لماذا تعطيل الحكومة؟ ولماذا تعطيل مجلس النواب؟ ولماذا تعطيل عمل حتى اللجان النيابية في لبنان؟ ومن المستفيد من كل ذلك؟ ولماذا هذا التعاطي الكيدي من قبل بعض الافرقاء في لبنان؟ وهل السبب هو محاولة كسر أحد الافرقاء والشركاء في الوطن؟ وأليس ذلك يمثل ضربا للشراكة ورهانا على الاطاحة باحد المكونات اللبنانية الاساسية؟
ومع كل ذلك يجب عدم التوقف عن المحاولة وعدم الاستسلام لمحاولات المعطلين ولرغباتهم وعدم اليأس أمام كل المعوقات، بل يجب على اللبنانيين الحرص على الوصول ببلدهم الى بر الامان والخروج من المراهنات والرهانات الخارجية التي تربطهم وتقيدهم، بل على الجميع السعي وبجد الى انجاح الحوار، ومن هنا تأتي اهمية طاولة الحوار المنعقدة في مجلس النواب بين الافرقاء اللبنانيين، خاصة ان لبنان كما تبين بشكل أكيد وللجميع دون استثناء، ليس كأولوية على جدول اعمال الدول الكبرى او الاقليمية على حد سواء، فلا الاستحقاق الرئاسي ولا قانون الانتخاب ولا حتى تفعيل عمل المؤسسسات سواء من حكومة الى مجلس نيابي، هو من هموم الدول على تنوعها، بل ربما يكون الاستقرار في لبنان هو جلّ هم الكثير من هذه الدول، كي لا يصبح لبنان محطة جديدة لاشعال الفتن كما يجري في المنطقة.
ولذلك تدعو مصادر مقربة من فريق "8 آذار" نظيرها في السياسة اي فريق "14 آذار" إلى "إعادة النظر بخياراته السياسية، لان سجل هذا الفريق دونت فيه الكثير من الأخطاء وما زال يرتكبها وفي طليعتها الرهان على الخارج"، وتطالب المصادر "الفريق الآذاري الذي يتغنى بشعارات السيادة والاستقلال للتوقف قليلا وان يمتلك الجرأة لاعادة النظر في حساباته ومسارات عمله التي أدت الى كل هذا الفشل في داخل لبنان وفي الخيارات السياسية وحتى في النظر إلى القضايا الإقليمية المختلفة"، وأملت المصادر ان "يتعظ هذا الفريق من كل ما تحقق ومن كل الخيبات التي اصيب بها"، واشارت الى ان "المأمور إقليميا ودوليا يصعب عليه أن يأخذ قرارا جريئا على الصعيد الداخلي والمحلي إلا إذا تحرر من هذا الإنتماء".
وبما ان لبنان ليس من أولويات المنطقة والعالم في هذه المرحلة، فعلى اللبنانيين العمل لتحقيق تفاهم داخلي لحل الازمة التي يمر بها وطنهم، وعليهم استغلال هذه الفرصة بانشغال العالم عنهم لانجاز حل لبناني باميتاز ولاثبات ان لبنان ليس بحاجة لاي راعٍ او وصي يسير له شؤونه، فالفرصة متاحة لاتمام كل الاستحقاق من رئاسة الجمهورية الى أبسط الملفات طالما ان النوايا جادة وصادقة في ذلك، وعلى الجميع التنبه ان التعنت ومحاولة كسب الوقت والتأخر في اتمام الاستحقاقات وانجازاتها سيفاقم الازمات الداخلية ولن يساعد على حلها بتاتا.
وفي هذا السياق، قدم نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث له الاربعاء 7-10-2015 جملة من الاقتراحات كنوع من "التحفيز" لاجتراح الحلول للازمة الراهنة، وكمقدمة لتقديم الفريق الآخر الاقتراحات التي يراها مناسبة للوصول بحل للازمة وعدم الوقوف مكتوفي الايدي امام هذا الجمود الحاصل في البلد، وشملت هذه الاقتراحات إزالة العقبات عن طريق عمل الحكومة من أجل أن تعود إلى الاجتماع وتصريف شؤون المواطنين، تفعيل عمل المجلس النيابي ولو بالحد الأدنى للقوانين كي تتحرك عجلة البلد، مناقشة برنامج عمل رئيس الجمهورية وأن يعقد معه اتفاقات حول المرحلة المقبلة، الدعوة لاقرار قانون انتخابات يعتمد النسبية.
وحول ذلك أكد رئيس "المجلس الماروني العام" وديع الخازن ان "الحوار اللبناني ضروري ومهم وهو حاجة ماسة للبنان ايا كان شكله او اطرافة وهو صمام امان لضمان حفظ الاستقرار والامن في البلد وإن لم يوصل الى نتائج في مختلف الملفات المطروحة"، واضاف انه "بمجرد تواصل الافرقاء حول نتيجة ايجابية بحد ذاتها في هذا الظرف الذي يمر به البلد وتمر به المنطقة بشكل عام".
وأشار الخازن في حديث لموقع "قناة المنار" الى انه "رغم كل ذلك هناك حاجة ماسة للوصول الى حلول للمشاكل اللبنانية العالقة بدءا من الاستحقاق الرئاسي الى تفعيل عمل المؤسسات وتحريك عجلة الدولة والاهتمام بمشاكل الناس والملفات الحياتية لا سيما فيما يتعلق بأزمة النفايات".
ولفت الخازن الى انه "امام لبنان اليوم فرصة يجب علينا الاستفادة منها ألا وهي عدم وضع لبنان على جدول اعمال الدول الكبرى او الدول الاقليمية"، وتابع "الجميع لديهم مشاغلهم واستحقاقاتهم ولا يهتمون كثيرا بحل المشاكل اللبنانية الداخلية لذلك على الافرقاء اللبنانية تحمل مسؤولياتهم والارتقاء الى مستوى هذه المسؤولية التاريخية لتأمين الاسياسي والامني والاجتماعي والصحي للمواطن اللبناني"، ودعا "مختلف الافرقاء الى التوقف عن الرهان على الخارج او انتظار اي مساعدة اقليمية او دولية والعمل للوصول الى قواسم مشتركة لبنان وبقرارات تصنع في لبنان".