تستريح طاولة الحوار اسبوعين، لتستأنف مجدداً من في 26 الشهر الجاري من باب مواصفات الرئيس الجديد للجمهورية.
نبيل هيثم
تستريح طاولة الحوار اسبوعين، لتستأنف مجدداً من في 26 الشهر الجاري من باب مواصفات الرئيس الجديد للجمهورية.
لعل ابرز نتائج الحوار انه قد يُنقل من مجلس النواب الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بما يخفف عبئاً على الوسط التجاري الذي تتعطل فيه الروح كلما انعقدت طاولة الحوار.. هناك فكرة مطروحة، وتلقى تفهماً من قبل رئيس المجلس وتأييداً من سائر اعضاء الحوار.
مواصفات رئيس الجمهورية كانت الوجبة الرئيسية على مائدة الحوار، وتلقى رئيس المجلس صيغاً خطية أسقط فيها كل طرف مواصفاته على مرشحه، وبعضهم على شخصه، لعل الدولاب يدور و «تنقش» معه في لحظة حظ تسقط اسمه في صندوقة الاقتراع الرئاسية وتربعه على عرش بعبدا.
تلك الصيغ اودعت في يد رئيس المجلس، لاستخلاص المشتركات فيها، الا ان هذا الإيداع لا يعني إلقاء الكرة في ملعب رئيس المجلس كي يأتي بخلاصة ما توجب النزول بعدها الى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية بناء عليها، خاصة ان مواصفات الفرقاء لا تعني ان كل المواصفات قد وضعت، فهناك مواصفات من الشرق، وكذلك من الغرب، ناهيك عن الأسماء، لا بد ان تناقش بكل دقة وتفصيل.
على ان هذا «التطور الخطّي»، خرق المراوحة في الجلسة الحوارية التي لم تخرج مداخلات المتحاورين فيها عما تضمنته من اولى الجلسات وحتى يوم امس، وبرز فيها المضمون الاشتباكي، على الجبهة العونية مع مسيحيي «14 آذار»، وغمزهم الدائم من باب التعطيل البرتقالي لعمل الحكومة، وكذلك المضمون الناري للرئيس فؤاد السنيورة في اتجاه «حزب الله»، والرد القاسي عليه من قبل النائب محمد رعد.
التطور الابرز، كان نعي «تسوية الترقيات»، وانكشاف ما يعترضها من عراقيل وعقبات، كان واضحا اصرار النائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية عليها، باعتبارها الوصفة التي لا بد منها لاعادة الحياة الى الحكومة وكذلك الى المجلس النيابي، وكذلك تجنب «تكتل الاصلاح والتغيير» مقاربتها، وآثر ممثل الجنرال عون في الجلسة النائب ابراهيم كنعان مغادرة القاعة لحظة الشروع في مناقشتها على اعتبار «اننا لسنا معنيين بها ولم نطرحها».
وأما الجواب الدقيق فأتى على لسان رئيس الحكومة تمام سلام ومفاده «كان هناك مشروع تسوية، وقد سعيت جهدي لإنضاجها، ولكنني لم انجح في ذلك». وبطريقة غير مباشرة أشار سلام الى مكمن العقدة بقوله إن هذه التسوية (اي الترقيات) تتطلب توقيع وزير الدفاع سمير مقبل. والمعلوم ان مقبل في هذا الجانب محكوم بما يقرره الرئيس ميشال سليمان الذي يقع على مسافة ابعد من كل الآخرين في الخصومة مع عون. وعلى ما يقول احد المشاركين في الحوار «اعتقد ان التسوية قد انتهت، الا اذا نزلت ليلة القدر على احدهم وأقنع سليمان ليقنع بدوره مقبل بتوقيع ترقية العميد شامل روكز».
هذا التطور السلبي، يفتح الباب على وضع حكومي خاضع لشتى الاحتمالات. لعل اولها فرصة حكومية طويلة الامد، بعدما صارت الدعوة الى مجلس الوزراء بلا اي معنى.
خصصت الجلسة الصباحية من الحوار في ساحة النجمة، أمس، للبحث في مواصفات الرئيس العتيد.
في بداية الجلسة تحدث النائب محمد رعد، وقال: تناول البعض موضوع المقاومة، ولا بد من التعليق على هذا الأمر، المقاومة ليست هواية وإنما حق وواجب وطني، ولقد حققت تحريراً لمعظم الأرض اللبنانية ورسمت معادلة ردع وتوازن مع العدو. وطالما أن التهديدات الوجودية مستمرة، فإن العقل الوطني والسياسي يملي التمسك بالمقاومة واستمرارها. وبما أن المقاومة هي دفاع ضد أي تهديد وجودي، فإن استهداف سلاحها هو تهديد أيضاً. نحن دافعنا عن كل لبنان واللبنانيين ولم نستخدم المقاومة للتوظيف السياسي في الشأن الداخلي والكل يشهد بذلك، لم نطلب شيئاً، وحريصون في الداخل أن يكون وجودنا مدنياً، لنا ما للمواطنين من حقوق وعلينا ما على المواطنين من واجبات. المرتكب يعاقب، والأجهزة الأمنية والقضائية تمارس دورها بكل طلاقة. آمل ألا يستمر البعض في التحريض ضد المقاومة استناداً إلى خلفيات لا تمت إلى الوطنية بصلة. حصل تعاون إبان عهد المرحوم الرئيس رفيق الحريري، ولم تكن المقاومة تشكل أي عائق أمام مشروع بناء الدولة. لكن المشكلات بدأت بعد الرئيس الحريري بسبب التيه والضياع الاستراتيجي الذي أصاب البعض.
الرئيس فؤاد السنيورة: إننا نقدر تضحيات المقاومة والدور الذي قامت به حتى العام 2000، لكن ما تقوم به الآن يقلل من هيبة الدولة. والدور الإقليمي تؤديه من دون مشاركة مع أحد في هذا الوطن، يقلل من الالتفاف حولها.
رعد: لقد كان في هذا البلد رجل، كنا حريصين على المشورة معه، وكان يعرف أهمية دور المقاومة، ولا يزال الآن رجال يعرفون أهمية هذا الدور ونواصل مشورتنا معهم في الدولة وفي الأجهزة، لكن المشورة تتطلب أيضاً من الطرف الآخر، قناعة بدور المقاومة.
فريد مكاري تحدث عن ثوابت ينبغي أن يتمسك بها رئيس الجمهورية، منها أن يكون جامعاً ومقبولاً، وقادراً على عزل لبنان عن حريق المنطقة والقيام بورشة إصلاح وتحديث.
نجيب ميقاتي: الأساس في رأيي ان يعود للجمهورية رأسها، وألا نكابر كثيراً ونتفنن في المطالب والمواصفات، لأن المرحلة الصعبة التي نعيشها لا تسمح بالكثير من الرفاهية في وضع الشروط والشروط المضادة. فالناس في الشارع تصرخ بأعلى صوت تعبيراً عن رفضها كل شيء وعن عدم ثقتها بمجمل الطبقة السياسية. الأساس برأيي هو رئيس يعطي إنتخابه أملاً للناس بإمكان التغيير الإيجابي، وألا يكون انتخابه امتداداً للاصطفافات السياسية الحادة التي كفرت بها الناس. نريد رئيساً يحفظ ميثاق العيش المشترك في لبنان، رئيساً مارونياً بالهوية، لبنانياً في الصميم، يعطي الاطمئنان أولاً للمسيحي بأن حقوقه في هذا البلد مصونة، ويطمئن المسلم انه يؤمن بالشراكة الحقيقية معه، يعمل على تعزيز التوازنات وترميمها ومعالجة الخلل حيث وجد بالتفاهم والشراكة الوطنية الحقيقية. نريد رئيساً يعيد ثقة الشباب بوطنهم، وبالمسؤولية السياسية بعدما كفروا بالواقع السياسي، وفقدوا ثقتهم بالمسؤولين. نريد رئيساً يلتزم باتفاق الطائف نصاً وروحاً، ويحترم التوازن بين المؤسسات وتعاونها، فلا يقفز فوق هذا التوازن.
سليمان فرنجية اعتبر أن الرئيس ينبغي أن ينبثق من بيئته ويكون منفتحاً على البيئات الأخرى، وأن يكون مؤمناً بالشراكة وقادراً على تحقيقها.
طلال أرسلان اعتبر أن الرئيس ينبغي أن يكون صاحب حيثية محترمة وكبيرة في وسطه الشعبي، وأن يكون منفتحاً على باقي الطوائف، وواضحاً في تبنيه الخط الوطني والقومي وحريصاً على حماية الدستور وتنفيذ كل بند فيه.
أسعد حردان أكد على أن يكون الرئيس قادراً على تنفيذ كل مندرجات الدستور ويشكل عامل جمع بين اللبنانيين، يدعم الجيش والمقاومة، ويحمي السيادة اللبنانية، ويحقق الإصلاحات الدستورية.
الوزير ميشال فرعون شدد على اولوية انتخاب رئيس للجمهورية لأنه اذا تصاعد الخلاف فالجميع سيخسر وسيحصل الانهيار الذي حذر منه رئيس الحكومة، داعياً الى تسوية بين الجميع لانتخاب رئيس إما له شرعية وإما يكون مقبولاً من الجميع ومن بيئته وله صفة تمثيلية.
واسستغرب فرعون الكلام بأن تجربة الدوحة كانت فاشلة، معتبراً ان الخروج على اتفاق الدوحة خلق تدهوراً في البلد، وطالب بعقد دوحة لبنانية لأن نموذج الدوحة كان من افضل النماذج للخروج من الأزمة.
آغوب بقرادونيان ركز على تمثيل الرئيس للبيئة التي ينتمي إليها ويقبل الآخر، وتكون عنده روحية حوار وأن لا يطلب شيئاً لنفسه.
السنيورة أشار إلى قيمة المداخلات التي طرحت وإمكانية استخلاص المشترك في ما بينها، وطرح أن يكون الرئيس مقبولاً من بيئته ومن البيئات الأخرى.
سامي الجميل اعتبر أن الرئيس يجب أن يكون قادراً على التوليف بين الفرقاء اللبنانيين بحيث لا ينكسر فريق ولا يربح فريق آخر. كما ينبغي أن تتوفر لديه الكفاءة، ولا مانع أن يكون من «8 أو 14 آذار»، لكن لا بد من نيله دعم مسيحيي الطرفين.
إبراهيم كنعان رأى أن الصفة التمثيلية الحقيقية للرئيس هي شرط دستوري، لأنه ليس وسيطاً ولا ملغى من المعادلة.
بطرس حرب تحدث عن العقل الديموقراطي للرئيس الذي يتيح له التفاهم مع الآخرين.
وليد جنبلاط اعتبر أن الرئيس القوي ليس قوياً في بيئته وإنما ينبغي أن يكون قوياً على مستوى الوطن. وأشار إلى تأييده قانون انتخاب يقوم على النسبية من حيث المبدأ، معتبراً أن النسبية قد تكسر حدة الاستقطاب المذهبي، وقد تكبح الزعامات القوية.
رعد حدد المواصفات التالية: أن يمثل أكثرية المكون الذي ينتمي إليه. أن يلقى قبولاً من المكونات الأخرى. أن يكون مقتنعاً بالشراكة الحقيقية في تكوين السلطة. أن تسمح له حيثيته الشعبية بالتعاون مع رؤساء السلطات في البلاد، لتطبيق إصلاحات في مختلف المجالات. أن يكون متبنياً للمقاومة بوجه التهديدات المعادية. أن لا ترعى وصوله إلى الرئاسة دول أجنبية. أن تشكل شخصيته رسالة طمأنة للمسيحيين في الشرق المهدَدين بالإضعاف والتهجير.
بعد ذلك رفع بري الجلسة الى السادسة مساءً.
الجلسة المسائية
جرى نقاش سريع حول صيغ قانون الانتخابات النيابية وأكد بري أن المرحلة باتت لا تحتمل ألا نعتمد النظام النسبي في أي قانون انتخابي. ثم جرى البحث في إمكانية الانتقال إلى مناقشة بنود أخرى على جدول الأعمال، فجرى التأكيد أن كل بنود جدول الأعمال هي سلة واحدة وستناقش جميعها. عندما يتم الانتهاء من مناقشتها، يبدأ تنفيذها بنداً بنداً.
سليمان فرنجية طرح ضرورة إعادة البحث في موضوع تسوية الترقيات للعمداء، لأن ذلك سيسهل عمل الحكومة واستمرارها، وليس من مبرر لعدم التوصل لهذه التسوية، ويجب أن يبذل الجميع جهودهم من أجل أن ننتهي من هذا الموضوع لأن مشكلة البلد أكبر من أن تقف عند مسألة صغيرة يمكن معالجتها.
إبراهيم كنعان: نحن لم نطلب طرح هذا الموضوع، ولا نتعاطى مع الأمر كمسألة شخصية وإنما من ضمن رؤية تتصل بتحقيق الشراكة. وإذا أصررتم على طلب بحث هذا الموضوع، فاسمحوا لي بأن أخرج إلى حين انتهائكم من هذا البحث.
سليمان فرنجية: أنا أطرح ذلك.
كنعان: نحن لم نطلب.
وليد جنبلاط: أنا أطلب أيضاً البحث بالموضوع.
سليمان فرنجية طلب رأي الرئيس سلام.
سلام: هذا الأمر سعيت جاهداً لتحقيقه، لكني لم أنجح، هذا الأمر يتطلب توقيع وزير الدفاع.
بري أكد أهمية الحوار وأهمية عمل الحكومة، وأن هذا الحوار يحقق تقدماً ولو كان بطيئاً لكنه يسير بالاتجاه الصحيح، ونظراً لاضطراره إلى السفر من أجل المشاركة في اجتماعات برلمانات عربية وإسلامية ودولية وسفر بعض أعضاء الحوار، تقرر رفع الجلسة إلى 26/10/2011.
assafir.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه