أطلقت وزارة الداخلية الفرنسية موقع (www.stop-dihadisme.gouv.fr) يركّز على إيصال مجموعة من الرسائل، معتمداً على الصورة والكلمة والطريقة الحوارية من أجل دحض ادعاءات هذه التنظيمات، ويبث أيضاً مقاطع فيديو قصيرة تبين أكاذيب هذه الجماعات.
نشرت جريدة "الحياة"، في عددها الصادر صبيحة اليوم، تقريرا مفصّلاً يتحدث عن أساليب داعش الدعائية التي نجحت فيها لمدة طويلة، إلى جانب ما تقوم به حاليا مجموعات أوروبية بحثية لمواجهة هذه الدعائية للتنظيم الإرهابي.
وجا في التقرير، الذي هو من إعداد محمد خلف، مجموعة بحثية أطلقت مشروع «مواجهة التطرف في أوروبا» عبر مكاتب لها في عدد من العواصم الأوروبية، وذلك بهدف وقف تمدد تنظيم الدولة الإسلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، والقيام بحملات إعلامية وإعلانية لتقويض التنظيم رقمياً وتحديداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال مديره أوغست هاننيغ رئيس الاستخبارات الألمانية سابقاً: «ينبغي أولاً أن نعرف جذور هذه التهديدات ومن يمول هذه الجماعات ويساعدها على التنامي والانتشار».
شكل الاتحاد الأوروبي وحدة متخصصة في جهاز الشرطة الأوروبية « يوروبول» تقوم بتعقب حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي لها علاقة بتنظيم «داعش» وحجبها، وذلك بعد ساعة واحدة فقط على ظهورها. وسيعمل هذا الفريق مع شركات التواصل الاجتماعي لتحديد هويات زعماء التنظيم على الإنترنت». وتشير دراسات أوروبية وأميركية إلى أن لدى التنظيم أكثر من 46 ألف حساب على تويتر ينجح في استقطاب الأنصار والداعمين في كل العالم.
الوحدة التي عدد أفرادها 15 إلى 20 شخصاً ستتابع مستخدمين رئيسيين لشبكات التواصل الاجتماعي يقومون بنشر آلاف التغريدات ويديرون حسابات تستخدم لاستقطاب المتطوعين والمقاتلين. وأكدت إدارة «اليوروبول» أنها ستستند في عملها إلى عقد من الخبرة في مراقبة المواقع المتطرفة على الإنترنت، إضافة الى «المعرفة الواسعة بالمحتوى المتطرف والقدرات اللغوية الجيدة ومن بينها إتقان اللغة العربية».
وعلى المستوى الوطني وبشكل منفصل عن الاستراتجية الأوروبية العامة، سارعت الحكومات على المستوى هي الأخرى إلى وضع خطط لمواجهة «داعش» في إطار السياسة الأوروبية الشاملة، وفي هذا السياق أنشأ الجيش الفرنسي خلية على شبكة الإنترنت تضم 50 خبيراً عسكرياً للحد من تأثير «داعش» في الفضاء الإلكتروني.
وقالت صحيفة « لوموند» إن الجيش سيستعيد أساليب فائقة الحساسية من تجربته في حرب الجزائر، إذ بالإضافة إلى العمليات النفسية التقليدية، ستُنشَأ مواقع وتُفتح حسابات على مواقع التوصل الاجتماعي لمواجهة دعاية التنظيم، على غرار ما قام به الجيش الأميركي من خلال موقع « مغاربية دوت كوم» إضافة إلى كل الأساليب التي يمكن تصورها في عالم الإنترنت.
ومن مهمات الخلية أيضاً توقع حملات الجماعات الجهادية لاستهداف المجندين، والرد السريع على الدعاية التحريضية والعنفية بنشر الرسائل والصور، وهذا سيحصل بالتشاور مع علماء النفس للتأثير على الجمهور المستهدف من «داعش».
وأطلقت وزارة الداخلية الفرنسية أيضاً موقعاً جديداً على الإنترنت لمكافحة الدعاية الإرهابية في وسائل الاتصال الاجتماعي انطلاقاً من كونها البيئة الخصبة لاجتذاب الشباب والتغرير بهم، ويركز موقع (www.stop-dihadisme.gouv.fr) على إيصال مجموعة من الرسائل، معتمداً على الصورة والكلمة والطريقة الحوارية من أجل دحض ادعاءات هذه التنظيمات، ويبث أيضاً مقاطع فيديو قصيرة تبين أكاذيب هذه الجماعات.
وعلى هامش منتدى الإعلام العالمي الذي نظمته مؤسسة DW في بون في حزيران (يونيو) الماضي، بحث عدد من الخبراء في وضع طرق لمواجهة التطرف الديني على الإنترنت، وشدد نائب مدير معهد مونتريال لدراسات حقوق الإنسان والإبادات الجماعية كايل ماثيوس، على ضرورة تطوير أفكار مضادة لتلك التي يطرحها المتطرفون عبر الإنترنت.
بريطانيا هي الأخرى وضعت سياسة وطنية لمواجهة «داعش»، وطالب رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (أم آي5) أندرو باركر بمنح أجهزة الأمن المزيد من الصلاحيات لمجاراة التكنولوجيا التي يستخدمها المتشددون. وأقر بأن أجهزة الأمن الأوروبية تواجه صعوبة أكبر في منع وقوع هجمات المتشددين الذين يستفيدون من التطورات التكنولوجية لإخفاء خططهم عن السلطات المعنية.
ويعترف المحلل أنتوني دووركين من المجلس الأوروبي للسياسة الخارجية بأن «الميزان يميل لصالح ضمان الأمن بعيداً جداً من التقيد باحترام الحريات المدنية». وقال مسؤول في مكافحة الإرهاب في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي»: «قد لا تكون النتائج مضمونة تماماً». وعلى الرغم من أن 15 دولة من أصل 28 في الاتحاد الأوروبي اعتمدت على أنظمة تبادل معلومات خاصة بها ومصممة على شكل اتفاقات قائمة حالياً مع الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، فإن البرلمان الأوروبي يصر على ضرورة تبني قوانين لحماية البيانات قبل أن تعتمدها الدول الأوروبية.
وترى كامينو مرتيرا مارتينيز من «معهد الإصلاح الأوروبي»، أن أنظمة تبادل المعلومات موجودة، ولكن لا يمكن استخدامها دائماً. إذا كان الإرهابيون أذكياء قليلاً فإنهم يستطيعون إيجاد ثغرات».