حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من خطر حصول دوامة جراء انعدام الإستقرار المالي في العالم إن لم تتحرك الاقتصادات العالمية مجتمعة للتصدي لأزمة الديون في أوروبا ومخاطر حصول انكماش
حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من خطر حصول دوامة جراء انعدام الإستقرار المالي في العالم إن لم تتحرك الاقتصادات العالمية مجتمعة للتصدي لأزمة الديون في أوروبا ومخاطر حصول انكماش في الاقتصاد. وخلال زيارة إلى الصين قالت لاغارد إن الإقتصاد العالمي دخل في مرحلة خطيرة لا يمكن التكهن بتطوراتها وأن آسيا ليست في مأمن. ورأت لاغارد أن الصين تسلك الطريق الصحيح لإعادة توجيه اقتصادها لتركيزه على الطلب الداخلي كما دعت بيكين إلى السماح بارتفاع سعر الياوان.
وتؤدي ازمة الديون الى اسقاط رؤساء الحكومات الواحد تلو الاخر تحت ضغوط الاسواق التي ترغمهم على تبني اجراءات تقشف او تفرض عليهم عقوبات لتأخرهم عن التحرك. واصبح سيلفيو برلوسكوني الذي اعلن مساء الثلاثاء استقالته المقبلة ابرز ضحايا الازمة التي تعصف بمنطقة اليورو منذ عامين. واعلن جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة شومان "مع حكومته. سقطت عشر من حكومات الاتحاد الاوروبي منذ 2010. الازمة ليست العامل الوحيد. لكنها ادت في غالب الاحيان الى الاستقالة او الى تنظيم انتخابات مبكرة". وليست فضائح الفساد المدوية او التقاليد هي التي تسببت في السقوط المعلن لرئيس الوزراء الايطالي اليميني. لكنها الضغوط التي باتت لا تطاق للاسواق والدول الاوروبية الاخرى.
وقبل يومين. اختار نظيره اليوناني. الاشتراكي جورج باباندريو الذي اضعف كثيرا على الصعيد السياسي. اعتماد الحل نفسه. وقبله. كانت الازمة التي تعصف بالحكومات اليمينية واليسارية على السواء ساهمت في زعزعة اوضاع رؤساء الحكومات في كل من البرتغال وايرلندا وبريطانيا والمجر والدنمارك وسلوفاكيا او سلوفينيا. وسيتنحى الاسباني خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو عن السلطة قريبا بعدما اضطر الى تقديم موعد الانتخابات النيابية التي تجرى من دونه في 02 تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي البلدان الاخرى لمنطقة اليورو. كفرنسا وهولندا. تواجه الحكومات ارتياب الرأي العام الذي ينبىء بانتخابات مقبلة صعبة. وفي المانيا. تبقى انغيلا ميركل التي لا تعتبر شعبيتها اقل من شعبية نظرائها. عرضة لتصويت سلبي في البرلمان حيث يتعين عليها طرح القرارات المهمة حول ازمة الديون. واعتبر المحلل سوني كابور من مؤسسة ري-ديفين ان "منطقة اليورو تواجه الان ازمات سياسية واقتصادية ومالية ومؤسسية في آن واحد".
من جهته. حذر جان تاشو مدير مركز كارنيجي اوروبا للدراسات من ان الازمة "يمكن ان تستمر سنتين ايضا لكن تداعياتها الاقتصادية ستلازمنا في السنوات العشر الى الخمس عشرة المقبلة". ويعرب هذا الخبير عن قلقه من تنامي الشعبوية المتفشية في بضع دول مثل المجر والدنمارك وهولندا او فرنسا. لكن "المواطنين يطالبون في الوقت نفسه قادتهم ببرامج تتسم بالجدية والصدقية" التي لا تؤمنها الحركات الشعبوية. كما يقول جولياني.
فقد اعلنت الرئاسة الايطالية ان رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني سيقدم استقالته فور اقرار اجراءات التقشف والاصلاحات الاقتصادية التي تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الاوروبي لتجنب تفشي ازمة اليورو. وقالت الرئاسة في بيان انه فور اقرار هذه الاجراءات "سيقدم رئيس مجلس الوزراء استقالته الى رئيس الدولة الذي سيجري المشاورات" المعتادة مع احزاب الاكثرية والمعارضة للاتفاق على الحكومة الجديدة. واوضح البيان ان برلوسكوني ابلغ رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو انه "مدرك لنتائج التصويت" الذي جرى الثلاثاء في مجلس النواب واظهر ان رئيس الوزراء فقد الاغلبية المطلقة في المجلس.
غير ان برلوسكوني "اعرب عن قلقه العميق حيال ضرورة تقديم ردود ملموسة على تطلعات الشركاء الاوروبيين عبر اقرار قانون المالية (2012) الذي عدل على ضوء ملاحظات ومقترحات المفوضية الاوروبية". ويقضي الجدول الزمني الحالي باقرار هذه الاجراءات مع حلول 18 تشرين الثاني/نوفمبر في مجلس الشيوخ. ومع نهاية الشهر في مجلس النواب. لكنه قد يعدل. وبعد اقرار هذه الاجراءات سيستقيل برلوسكوني وسيبدأ الرئيس الاستشارات مع جميع الاحزاب لبحث امكانية تشكيل حكومة باكثرية جديدة.
واكد برلوسكوني عزمه الاستقالة فور اقرار الاصلاحات فور اقرار الاجراءات الاقتصادية لان "المهم هو مصلحة البلد". وقال "يحب الاهتمام بالوضع الايطالي. ماذا يحصل في الاسواق. كون الاسواق لا تؤمن بان ايطاليا لديها القدرة او النية لاقرار هذه الاجراءات التي طلبتها اوروبا". واعتبر انه من الضروري "ان نظهر العكس باننا جديون وهو الشيء الاساسي الذي يجب ان نهتم به". واضاف "بعد ذلك. هناك الاشياء الاخرى مثل معرفة من يرأس او لا يرأس الحكومة". واوضح "نحن نجتاز مرحلة صعبة في ما يتعلق بالاسواق. طلبت منها اوروبا اجراءات لدعم اقتصادنا وطلبتها منا مع كثير من الالحاح".
ونجحت الحكومة في تمرير قطع حساب الميزانية العامة لعام 2010 في مجلس النواب بعد امتناع المعارضة عن التصويت. لكنها حصلت على 308 اصوات فيما تحتاج الى 316 صوتا لاحراز الاكثرية المطلقة. واثر هذا التصويت اعلن برلويجي برساني رئيس الحزب الديموقراطي اهم احزاب المعارضة "لدينا مشكلة مصداقية مع هذه الحكومة. هذه الحكومة عاجزة عن ادارة الوضع ومواجهته. وهذا العجز في المصداقية يستند الى ارقام". وتابع زعيم المعارضة "اطالبكم. دولة رئيس (مجلس الوزراء) بكل ما لدي من قوة باخذ هذا الوضع في الاعتبار. لا يمكننا مواصلة السير بهذا الشكل. عليكم الاستقالة".
من جهة أخرى اعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو استقالته رسميا الاربعاء متمنيا "لرئيس الوزراء الجديد النجاح" وذلك في رسالة تلفزيونية الى الامة تم بثها قبل لقاء متوقع مع رئيس الدولة كارولوس بابولياس. وكان اتفق باباندريو وخصمه المحافظ انطونيس ساماراس على تشكيل واعلان الحكومة الائتلافية الجديدة التي يتفاوضان في شأنها منذ ثلاثة ايام "نهار اليوم". وقال مصدر حكومي "ثمة اتفاق على سير العملية ينص على ان يتوجه باباندريو بعد الظهر الى مقر الرئيس الذي يدعو بعدها رؤساء الاحزاب السياسية الى عقد اجتماع يتم خلاله التوصل الى اتفاق واعلان تشكيلة الحكومة الجديدة". بدون ان يورد اي اشارة الى اسم رئيس الوزراء المقبل الذي لن يكون بالتاكيد باباندريو.
واذا ما تأكد هذا الاتفاق. فسينهي مشاورات سياسية مستمرة منذ ثلاثة ايام وسط سرية تامة في اعقاب الاتفاق الذي توصل اليه مساء الاحد باباندريو وساماراس لتشكيل ائتلاف حكومي يخرج البلاد من ازمتها الاقتصادية والسياسية. وفيما بدا مستبعدا اختيار النائب السابق لحاكم البنك المركزي الاوروبي لوكاس باباديموس. المرشح المفضل لدى اوساط الاعمال والمصرفيين والشركاء الدوليين. تدور المنافسة بين شخصيات اخرى يمكن ان توحي بالثقة في الخارج نظرا الى مسارها الناجح خارج اليونان. ومن ابرز هذه الشخصيات بحسب وسائل الاعلام رئيس محكمة العدل الاوروبية فاسيليس سكوريس والمندوب اليوناني في صندوق النقد الدولي بانايوتيس روميليوتيس والوسيط الاوروبي نيكيفوروس ديامانتوروس.
وفي العاصمة البريطانية لندن اعتقلت قوات الشرطة عدداً من الطلاب البريطانيين أثناء مشاركتهم في تظاهرة للتنديد بالسياسة الإقتصادية والاجتماعية للحكومة. وشارك آلاف الطلاب البريطانيين في التظاهرة التي طالبت بعودة الحكومة عن قرارها إيقاف تقديماتها الدراسية. وردد المتظاهرون الشعارات المنددة بسياسة بريطانيا المالية وسط حضور كثيف لرجال الشرطة.