23-11-2024 08:44 PM بتوقيت القدس المحتلة

لبنان انتزع إقراراً دولياً بمساعدته في تحمّل أعباء اللاجئين السوريين

لبنان انتزع إقراراً دولياً بمساعدته في تحمّل أعباء اللاجئين السوريين

أقرّ المجتمع الدولي أخيراً بحق لبنان في الحصول على دعم مالي لمساعدته على الاستمرار في تحمّل أعباء استضافة اللاجئين السوريين.

لبنان انتزع إقراراً دولياً بمساعدته في تحمّل أعباء اللاجئين السوريينأقرّ المجتمع الدولي أخيراً بحق لبنان في الحصول على دعم مالي لمساعدته على الاستمرار في تحمّل أعباء استضافة اللاجئين السوريين. واعترف بأن عدد اللاجئين الذين استقبلهم لبنان ويزيد على 1.5 مليون لاجئ، يفوق طاقته الاستيعابية قياساً إلى عدد السكان (أكثر من ثلث عدد اللبنانيين البالغ نحو 4 ملايين).

كما يتخطّى قدرات المالية العامة العاجزة أصلاً وبنيته التحتية الخدمية غير الكافية أصلاً للبنانيين من طاقة ومياه وصحة وتعليم، فضلاً عن إمكانات النشاط الاقتصادي الخاص المتباطئ، ليسدد بذلك فاتورة إقامة اللاجئين على مدى السنوات الأربع الماضية من دون أي مساعدة مالية من المجتمع الدولي الذي يُعتبر مسؤولاً أيضاً عن هذه الأزمة، باستثناء منح قيمتها 70 مليون دولار. في وقت قدّر البنك الدولي كلفة استقبال اللاجئين بـ 2.5 بليون دولار فضلاً عن بليوني دولار لإعادة تأهيل الخدمات العامة.

وانتزع لبنان هذا الإقرار في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في ليما، بعد لقاءات عقدها الوفد اللبناني الرسمي برئاسة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني ممثلاً وزير المال علي حسن خليل، وحاز على شكر المسؤولين في هاتين المؤسستين وتقديرهم لدوره الإنساني في استقبال اللاجئين وكرم ضيافته لهم، خلال مؤتمرات صحافية عقدوها على هامش الاجتماعات وفي اللقاءات مع الوفد اللبناني، والتي خرجت بقرار قضى بـ «تشكيل مجموعة لمتابعة الآليات الممكن اعتمادها لتمويل الحاجات الناتجة عن اللاجئين بأشكال متنوعة».

وكشف بيفاني في حديث إلى «الحياة» على هامش الاجتماعات في ليما، عن «عرض آليات خلال كلمتي والفكرة لوزير المال اللبناني، تقضي بأن يحصل لبنان على دعم واضح للفوائد على القروض المخصصة للمساعدة في تمويل حاجات اللاجئين، بحيث تكون مثابة منح»، مشدداً على أن «موقف لبنان واضح في هذا المجال». ولفت إلى أن «ما حصل عليه من منح لا يتعدى 70 مليون دولار».

وعن حجم الدعم الذي يحتاج إليه لبنان والكلفة التي تكبّدها حتى الآن، أوضح بيفاني أن «الخسائر الأولية تزيد قليلاً على ثلث ناتجه القومي»، موضحاً بذلك أمام المديرة التنفيذية للصندوق كريستين لاغارد أن «الأرقام التي كانت بعثة الصندوق قدرتها هي أدنى كثيراً من الواقع». وقال: «سعينا خلال لقاءاتنا إلى تأكيد استمرار حالة اللجوء لمدى زمني متوسط يصل إلى 17 سنة، ما يعني أن الاستجابة لمسألة اللاجئ لا يمكن أن تكون آنية فقط، بل تصل إلى مدى طويل، من هنا تبرز الحاجة إلى وضع آليات خاصة».

وأعلن بيفاني أن «أولى الاجتماعات التي عقدناها كانت لمجموعة «جي 24» التي يرأسها لبنان، وتضم 24 دولة من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لإسماع صوت الدول النامية التي تطوّرت أوضاعها كثيراً، مثل الهند والصين والبرازيل وأفريقيا الجنوبية والمكسيك، وباتت من الدول الكبيرة في الاقتصاد العالمي».

وقال: «كان للبنان الحظ برئاسة هذه الاجتماعات، وكذلك لقاءات المناوبين في المجموعة واجتماع الوزراء فيها نيابة عن وزير المال اللبناني، وسلّمنا في نهايته الرئاسة لكولومبيا». لكن شدّد على أن «المهم في كل ذلك مضمون الرسائل التي حملناها».

ولفت إلى أن «بيان مجموعة الـ24 تضمّن بناء على طلبنا، مطالبة المجموعة بدعم الدول التي تتحمّل أعباء اللاجئين في العالم لا سيما منهم السوريين». وكشف أنه أبلغ في الكلمة التي ألقاها أمام الوزراء والمديرة التنفيذية لصندوق النقد كريستين لاغارد ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، أن «لبنان يقدّم للعالم خدمة عالمية تُترجم بـ GLOBAL PUBLIC GOOD، وعلى هذا الأساس لا يتمنى لبنان على العالم مساعدته بل هو يقدّم فاتورة للعالم دفعها أصلاً لمساعدته، لأنه لم يتلكأ لحظة في تحمّل المسؤولية في هذا المجال، مع العلم أننا نساهم في مكان لا نتحمّل فيه أي مسؤولية لأنها عالمية وتقع على عاتق الجميع». وأشار إلى أن لبنان «تلقى تهنئة المجموعة على إدارته على مدى فترة ترؤسه لها».

وشملت اللقاءات في إطار اجتماعات صندوق النقد الدولي العادية الدورية في ليما، وفقاً لبيفاني «مع نائب مديرة صندوق النقد ميتسو هيرو ميتوساوا، ومدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسعود أحمد، فضلاً عن المداولات العادية. كما حضرت بصفتي رئيساً لمجموعة الـ24، اجتماع مجلس إدارة اللجنة المالية الدولية واغتنمت المناسبة طارحاً في كلمتي قضية شبكات الأمان الاجتماعية العالمية واللاجئين، وكررت فيها ضرورة أن يلقى لبنان والدول التي تقدم الخدمة للعالم في هذه القضية اهتماماً ودعماً كبيرين، لأن المسؤولية لا تقع علينا فقط في هذا المجال».

وفي اليوم الأخير لاجتماعات ليما، عقد بيفاني نيابة عن وزير المال اللبناني لقاءات مع لاغارد وكيم في إطار مجموعة الـ24 للبحث في قضايا المنطقة، فضلاً عن اجتماع لجنة التنمية في البنك الدولي في حضورهما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وركّز خلاله في كلمته «على ما يمكن أن يستفيد منه لبنان في مقابل ما يقدمه للعالم».

وكان لبنان حاضراً أيضاً في اجتماع مع المسؤول عن المنطقة في البنك الدولي حافظ غانم بدعوة من رئيسه وبان كي مون، ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي وحضورهم، وأعلن بيفاني أن لبنان «كان البلد الأول الذي عرض أوضاعه تفصيلاً نيابة عن وزير المال اللبناني، والمتصلة بقضية اللاجئين».

وكشف عن أن الاجتماع «خلُص إلى تشكيل مجموعة لمتابعة الآليات الممكن اعتمادها لتمويل الحاجات الناتجة عن اللاجئين بأشكال متنوعة». فيما اقترح البنك الدولي «بعض الآليات وطرح البنك الإسلامي إصدار صكوك. واقترح لبنان بناء على طلب وزير المال أيضاً وضع آلية خاصة بلبنان نظراً إلى حجم الدَين العام، فضلاً عن الإنفاق المترتب على لبنان نيابة عن الآخرين».

وأكد أن في نتيجة هذه اللقاءات «بدأنا نشعر أن وضع لبنان بات مفهوماً ومعلوماً من المجتمع الدولي، ونال خلال اجتماعات ثنائية عقدناها مع ممثليهم، تأكيد تعاطف مؤسسات أخرى، مثل البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وتفهّمهم الوضع اللبناني، ورغبتهم بقوة في المساهمة في العمل الذي نقوم به».

وعن النتائج التي حققها لبنان، شدد بيفاني على «بدء بروز تحرّك من جانب الدول وتحديداً البلدان الشمالية مثل الدنمارك والنروج والسويد، والتي أكدت أن هذه القضية لا تحتمل الانتظار أبداً». وقال: «شددت خلال ما طرحته أن نقاش الآليات ليس كافياً بل توجد ضرورة للحصول على إجابة تتعلّق بحجم المساعدة وتوقيتها، لأنّ عدم التحرك بسرعة للمساعدة في التكاليف التي تكبّدها لبنان والتي سيساهم فيها المجتمع الدولي في كل الأحوال لاحقاً، سيفضي إلى سير هذا المجتمع خلال هذا الوقت على جثث بلدان تقدم له هذه الخدمة، فضلاً عن عدم معرفة الأخطار الإضافية التي تكوّنت نتيجة ذلك». ولفت إلى أن لبنان بعد هذه الاجتماعات «سيتابع ما أُقرّ للحصول على الدعم الدولي».