وأشار سماحته إلى أنَّ ما يثير الأسى والحزن، هو أنَّ هذا التاريخ غائب في وجداننا في خطوطه العامَّة، وفي مناسباته الأساسيَّة، وفي أبطاله الكبار، وبات الكثيرون منّا يجهلون في أية سنة هجرية كنا أو سنكون
شدَّد العلامة السيّد علي فضل الله على الجميع أن يعيدوا تصويب مسارهم باتّجاه فلسطين، وأن يدعموا الشّعب الفلسطينيّ الَّذي سطَّر أروع معاني التَّضحية والصَّبر والوفاء، داعياً إلى الأخذ بأبعاد عاشوراء الفكريَّة والأخلاقيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة ، وألا نجعلها سجينة الزمن وأسيرة لواقع يضجّ بالحروب والفتن.
ألقى سماحته من على منبر مسجد الحسنين(ع) في حارة حريك، المحاضرة الأولى في مجلس العزاء المركزيّ، وتطرَّق في بدايتها إلى معاني هجرة الرَّسول(ص)، ورأى أننا في هذه المناسبة أحوج ما نكون إلى تركيز التاريخ الهجريّ في وعينا ولدى أجيالنا، لما يحمله هذا التاريخ من المحطّات الغنيَّة والمفصليَّة لهذه الهوية العربيَّة والإسلاميَّة التي تأسَّست عند منعطف الهجرة، وتبلورت فكراً وعلماً وحضارةً وازدهاراً وعطاءً وتضحيات لا بدّ من أن نستلهمها للإبداع من جديد، وذلك بالقدر الَّذي يجب أن نأخذ العبر والدّروس مما تعرَّضنا له في تاريخنا الإسلاميّ من الانتكاسات والتراجعات والإخفاقات...
وأشار سماحته إلى أنَّ ما يثير الأسى والحزن، هو أنَّ هذا التاريخ غائب في وجداننا في خطوطه العامَّة، وفي مناسباته الأساسيَّة، وفي أبطاله الكبار، وبات الكثيرون منّا يجهلون في أية سنة هجرية كنا أو سنكون، أو في أي شهر هجري نحن، فضلاً عن أسماء الأشهر الهجريَّة.. فنحن نعرف الأشهر التي ترتبط بمحطات عبادية بارزة أو مناسبات إسلامية كبرى.. لكننا لا نعرف غير ذلك..
وقال: "إنّنا حين نؤكّد التّاريخ الهجريّ، فهذا لا يعني أنَّنا نريد أن نطيّف التّاريخ الإنسانيّ، فنحن أيضاً ننتمي إلى التاريخ الميلاديّ، ونعيش محطاته الإنسانيَّة، وخصوصاً مولد السيّد المسيح(ع).. لكننا نشدّد على أهميَّة استحضار بداية التاريخ الهجريّ، لأنه كان منعطفاً لبناء حضارة إنسانيَّة هي من أبرز الحضارات الإنسانيَّة في التاريخ".
واعتبر سماحته أنَّ الهجرة تمثّل مرحلة بداية انتقال رسول الله من مرحلة الصَّبر على التَّحديات.. إلى مرحلة المواجهة، والَّتي كانت بدايتها بهجرة النبيّ(ص). وبمعنى آخر، فإنَّ المسلمين أرادوا أن يؤرخوا لتاريخهم من الهجرة الّتي تمثّل بداية مرحلة الظّهور الفعليّ للإسلام، ومحطّة انطلاقه في دروب القوّة والفعل والتأثير..
وأكَّد أنَّ علينا أن نعيد الاعتبار إلى الحوار كسبيل وحيد لحلّ قضايانا، حيث لا بديل عن الحوار.. وأن نعيد تصويب المسار باتجاه فلسطين التي يعاني أهلها وشعبها آلاماً كبيرة.. ويدافعون بالحجر والسكين والجسد الأعزل عن حرمة المسجد الأقصى، رغم كلّ بطش هذا العدوّ وجنونه..
وتابع: "إنَّنا هنا نحيّي الشَّعب الفلسطينيّ الّذي سطّر كلّ معاني التّضحية والصَّبر والفداء؛ هذا الشَّعب الذي نرى أنه من الواجب علينا أن ندعمه، وأن نشدّ من أزره، وأن نردّ السّهام عنه في الداخل والخارج.. إنَّ علينا أن نأخذ عاشوراء بكلّ أبعادها الفكريَّة والأخلاقيَّة والروحيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة، وأن نتزوَّد منها حتى لا تبقى سجينة في دائرة الزّمن، بل تمتدّ إلى كلّ الأفاق والمراحل".
وختم سماحته قائلاً: "نأمل أن نهجر كلّ هذا الواقع الَّذي يضجّ بالحروب والمآسي، والذي نعيش فيه الانقسامات والأحقاد، وأن ننتقل إلى واقع الوحدة والتَّضامن والمحبَّة، وأن نغلق كلّ الأبواب والنوافذ التي شرَّعناها لرياح الفتن الَّتي تعصف بأوطاننا قتلاً ودماراً وفوضى".