ورقة بيضاء مطبوعٌ عليها صورة مسلّح يرتدي زيّاً عسكرياً، يرفع سبّابته اليُمنى ويحمل بيده اليسرى رشّاش «ڤال» وبالقرب منه صاروخ «لاو»، أبرزها رئيس المحكمة العسكرية خليل ابراهيم لأحد الموقوفين سائلاً عن هوية صاحب الصورة
رضوان مرتضى
ورقة بيضاء مطبوعٌ عليها صورة مسلّح يرتدي زيّاً عسكرياً، يرفع سبّابته اليُمنى ويحمل بيده اليسرى رشّاش «ڤال» وبالقرب منه صاروخ «لاو»، أبرزها رئيس المحكمة العسكرية خليل ابراهيم لأحد الموقوفين سائلاً عن هوية صاحب الصورة فأجابه: «هيدا أنا». يُكمل رئيس «العسكرية»: «الصورة مأخوذة في عسال الورد بينما كُنت تقاتل مع جبهة النصرة؟».
لكن الموقوف الذي يُدعى أحمد العوض، ويُحاكم مع خمسة آخرين بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي ونقل متفجرات وإطلاق نار على دورية للجيش، ينفي هذه المرّة، قائلاً إنّه ينتمي إلى «الجيش الحر». العوض هو أحد أفراد «خلية غزّة» التي ضُبطت متلبّسة بنقل متفجرات من سوريا إلى إحدى الشقق في بلدة غزّة البقاعية بواسطة باص آتٍ من عرسال. معظم أفراد الخلية الموقوفة، وهم من بلدة مجدل عنجر، تحدّثوا عن رحلتهم من لبنان إلى مقرّ «حركة أحرار الشام» في يبرود. سأل العميد ابراهيم المُستجوب عن مضمون الرسالة التي كان يحملها إلى القيادي في «جبهة النصرة» أبو عزام الكويتي، الذي قُتل لاحقاً. لم يعترف العوض بها، إلا أن رئيس المحكمة أبلغه أنها كانت تتضمن طلبية أموال وبطاقات تشريج خطوط خلوية وسيارات للتفخيخ، إضافة إلى «شرعي» لمساعدتهم في إصدار الفتاوى بشأن العمليات التي هم بصدد تنفيذها.
كذلك مَثُل الموقوفان محمد مراد وعلاء جلول المعروف بـ «أبو عائشة»، الذي أقرّ بأنّه ينتمي إلى «أحرار الشام»، كاشفاً أن معظم أفراد المجموعة خضعوا لدورة تدريبية لدى هذا التنظيم في رنكوس، إلا أن معظمهم نفوا أن يكونوا ملتزمين دينياً. وقد حمّل الثلاثة مسؤولية المتفجرات التي كان يجري نقلها لـ«أمير المجموعة أبو النور» الذي قُتل خلال الاشتباك حيث كان يرتدي حزاماً ناسفاً، علماً بأن القتيل هو من تولى التنسيق لنقل الشبّان من وإلى سوريا، فضلاً عن أنّه طلب من المتهمين المكوث في الشقّة المذكورة ريثما يتأكّد من أنّهم غير مطلوبين، قبل أن تكتشفهم دورية من استخبارات الجيش خلال انتقالهم على متن سيارة من نوع رابيد. وقد أُرجئت الجلسة إلى الرابع من كانون الثاني للمرافعة.
في موازاة ذلك، أصدرت المحكمة العسكرية حُكمها، لكنّ سرّ «خلية الناعمة» لم يتكشّف بعد. العقول المدبّرة ثلاثة يدورون في فلك السلفية الجهادية، هم: محمد الأحمد وسعيد البحري وحسين الزهران، الذين ثبت ضلوعهم في إعداد «سيارة الناعمة» (المفخخة والمحملة بكمية كبيرة من الأسلحة والمفجرات والقذائف) وتجهيز «سيارة الرويس المفخّخة» ثمّ ركنها قبل تفجيرها في آب 2013، تمكّنوا من الفرار. والمعلومات الخاصة لـ «الأخبار» تكشف أنّ الثلاثة الذين استغلوا «الشحن الطائفي» لتوريط الموقوفين، موجودون في جرود عرسال. أما بشأن الموقوفين في هذه القضية، فيتبين للوهلة الأولى، من خلال حيثيات الدعوى، أنّهم استُدرِجوا لـ «فخّ الإرهاب». تتوحّد رواية وكلاء الدفاع عن المتّهمين حول رواية أنّ المتّهم الرئيسي الأحمد أقنعهم بالخضوع لـ«دورات تدريب على السلاح لحماية منطقتنا من الشيعة في حال هاجمونا». غير أن ذلك لا يُلغي تلقيهم دروساً عسكرية وأداء بعضهم أدواراً لوجستية. بالأمس، اصطفّ الموقوفون في القضية أمام هيئة المحكمة إيذاناً ببدء جلسة المرافعة قبل صدور الحُكم. كان بينهم مدّعىً عليهم لا علاقة لهم بالقضية، منهم «شيخ روحاني يُعالج بالرقية الشرعية». ذنبه تلقيه اتصالات من زوجة الأحمد على هاتفه. تناوب المحامون على الترافع واحداً تلو الآخر. من وكيل عبد الرحمن سعد الدين الذي جزم موكله بأن لا علاقة تربط سعد الدين بـ«الرأس المدبّر» للخلية سوى أنّه استأجر منه سيارة.
وكيل الموقوف عيسى عثمان نقل عن موكّله جوابه للمتّهم الفار الأحمد عندما طلب إليه مقابلة أحد الأشخاص: «أنت قلت أنّ هناك أشخاصاً يُريدون أن يقتحموا منطقتنا». كذلك فعل وكيل الموقوف وسام عسكر الذي رافق الأحمد في جولة استطلاع إلى منطقة بشامون، والذي أجاب «أميره» لمّا أخبره أنّه يستطلع المنطقة التي سيضرب صواريخ منها باتجاه الضاحية بالقول: «ما اتفقنا هيك.. قلتلنا إنو بدك تدرّبنا على السلاح لنحمي أنفسنا». وعلى خطى سابقيه من المحامين، سار وكيل خالد المقوسي الذي كان شريك الأحمد في باص لنقل الركاب. وليل أمس، أصدرت المحكمة العسكرية حُكمها في هذه القضية لتقضي بالسجن المؤبد غيابياً لزهران والأحمد وسعد الدين والبحري. وقضت بسجن أربعة متّهمين (عبدالرحمن سعد الدين وعيسى العثمان ووسام عسكر وخالد المقوسي) ثلاث سنوات. فيما قضت بتبرئة الباقين.
www.al-akhbar.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه