01-11-2024 03:28 AM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 26-10-2015: قمامة عائمة ودولة غارقة..

الصحافة اليوم 26-10-2015: قمامة عائمة ودولة غارقة..

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 26-10-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها مشهد القمامة العائمة التي العديد من شوارع العاصمة والضواحي، مع أول زخة مطر...


تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 26-10-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها مشهد القمامة العائمة التي العديد من شوارع العاصمة والضواحي، مع أول زخة مطر...

السفير
تحذير من تكاثر الجراثيم.. وشهيب لـ«كشف المستور»
«الطوفان».. هل يجرف الطبقة السياسية؟

وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول "كل عبارات القدح والذم التي يعاقب عليها القانون أو يجيزها لم تعد تليق بهذه الطبقة السياسية.

لم تكن شتوة الأمس مفاجئة او مباغتة، لا في توقيتها ولا في غزارتها، بل سبقتها مؤشرات وافية كان يفترض ان تكون كافية لاتخاذ تدابير «الحيطة والحذر» على كل المستويات.

لكن، وكالعادة، غرقت بقايا الدولة في برك المياه والعجز، مع فارق جوهري هو ان الفضيحة المبللة امتزجت هذه السنة بأكياس «النفايات البرمائية» التي جرفتها الامطار في كل الاتجاهات، بحيث غمرت القمامة العائمة العديد من شوارع العاصمة والضواحي، في مشهد معيب وصادم لم يسبق له مثيل، وينطوي على الكثير من المخاطر الصحية والبيئية.

والحقيقة ان الامطار الغزيرة لم تجرف فقط أكوام القمامة، بل أخذت معها أشلاء الدولة المفككة والمتحللة التي مضى عليها أشهر وهي تتخبط في ازمة النفايات التي سرت عليها المعايير الطائفية والمذهبية المعتمدة من قبل الطبقة السياسية تقليدياً في التعامل مع كل شاردة وواردة في هذا النظام، حتى باتت المطامر تخضع لقاعدة 6 و6 مكرر، فيما تبدو النفايات أكثر «علمانية» مع اجتياحها كل المناطق من دون تمييز بين انتماءاتها.

واذا كانت فضيحة الامس كفيلة بإسقاط سلطة بأمها وأبيها في أية دولة تحترم نفسها وشعبها، فانها في لبنان تمر بلا مساءلة ولا محاسبة، لتكتمل بذلك المأساة الوطنية التي صار اللبنانيون ضحاياها ووقودها.

ولعل «الغزوة البرمائية» للنفايات يجب ان تعيد تحفيز الناس على الانخراط في الحراك المدني الذي يبقى، برغم كل الملاحظات عليه، الفرصة الوحيدة وربما الاخيرة للضغط والإنقاذ أو القول لأهل الفساد «كفى» كبيرة جدا.

وكان لافتا للانتباه أمس ان بعض الناشطين في الحراك كانوا اسرع من الاجهزة الرسمية في محاولة الحد من خطر تمدد أكوام النفايات الى نهر بيروت (منطقة الكرنتينا) الذي يشهد أكبر عملية تكديس عشوائي لأكياس القمامة على ضفافه!

ولعل الاجدر بطاولة الحوار التي ستلتئم اليوم في مجلس النواب ان تدرس مواصفات المعالجة المطلوبة لملف النفايات قبل ان تناقش مواصفات الرئيس المطلوب للجمهورية، بل يُفترض بالمتحاورين ألا يغادروا الجلسة قبل ان يتخذوا قراراً واضحاً وحاسماً بطي هذا الملف النتن، وإلا فان من يخفق في مواجهة النفايات، لا أهلية له للبحث في رئاسة الجمهورية ولا مواصفات الرئاسة ولا الاستمرار في «حكومة العجز».

خيارات سلام.. تضيق
ومن مفارقات هذه المهزلة المتجددة، أن علامات الاستياء كانت تطفو على وجه الرئيس تمام سلام وهو يتابع عبر هاتفه الخلوي مشاهد اجتياح النفايات لبعض شوارع العاصمة والضواحي بعدما جرفتها سيول الامطار الكثيفة قبل ظهر أمس.

وفيما اكتفى سلام بهز رأسه لهول المنظر، قالت أوساطه لـ «السفير» انه منزعج جداً مما بلغته الامور، وهو بالتأكيد لن يبقى متفرجاً على هذا الوضع البائس والمزري الذي لا يُحتمل، وبالتالي سيتخذ الموقف المناسب في التوقيت المناسب، من دون ان يأسر نفسه بموعد زمني محدد منذ الآن، لافتة الانتباه الى انه يدرس خياراته بجدية.

وأشارت أوساط سلام الى ان جرف مياه الامطار للنفايات في الشوارع هو مشهد مخز ومعيب، ينطوي على إهانة للبنانيين، ويشكل دليلاً فاضحاً على العجز الكامل لمكونات السلطة عن إدارة الشأن العام، مشيرة الى ان التجربة أثبتت ان لا أحد يريد ان يحل مشكلة النفايات.

واستبعدت أوساط سلام عدم مشاركته في جلسة الحوار الوطني المقررة اليوم، في ساحة النجمة، لمعرفته بحساسية الموقف وحراجته، «لا بل ان طوفان النفايات يفرض حضور رئيس الحكومة جلسة الحوار، أكثر من أي وقت مضى، حتى يرفع الصوت مجدداً ويضع الجميع امام مسؤولياتهم».

شهيب.. والمهلة الاخيرة
أما وزير الزراعة أكرم شهيب فقال لـ «السفير» انه سيعطي الاتصالات فرصة لغاية الاربعاء المقبل للبدء في تنفيذ خطة الطوارئ لمعالجة أزمة النفايات، مؤكداً انه إذا استمرت المراوحة حتى ذلك الحين سينسحب من هذا الملف، مشدداً على ان مهلة السماح تنتهي الاربعاء، وبعد ذلك على الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم، متسائلا: لماذا أتحمل وحدي تبعات هذا الملف، في حين يتهرب الآخرون من واجباتهم، ويتصرفون بترف سياسي، متجاهلين او جاهلين فداحة الازمة التي نواجهها!

واشار الى انه إذا حصل توافق عام في الايام القليلة المقبلة، يمكن ان نتصرف بسرعة ونستدرك مفاعيل المطر، أما إذا تواصلت المزايدات وبقيت مسألة النفايات رهينة التجاذبات السياسية العبثية، فسيتفاقم المـأزق وتستفحل مضاعفاته، مؤكداً انه يرفض أن يكون شريكاً في هذه المهزلة، خصوصا بعد الشتوة الاولى التي كانت بمثابة إنذار شديد اللهجة. وتوقعت أوساط شهيب أن يبادر الى عقد مؤتمر صحافي الخميس المقبل «لكشف المستور.. وتسمية الأشياء بأسمائها».

واللافت للانتباه أن وزير الاشغال استبق الكارثة بالتحذير من انه لا يتحمل اية مسؤولية عما يمكن ان يحصل، وحذت معظم البلديات حذوه برفع المسؤولية عن نفسها. في المقابل، شدد خبراء بيئيون «محايدون» على أهمية تبني خطة الطوارئ التي وضعتها اللجنة الفنية برئاسة الوزير شهيب والتي يفترض ان يبدأ تطبيقها فوراً مع تحسينها وتطويرها، ان لناحية البدء فوراً باعتماد إجراءات التجفيف والفرز واشراك الجميع في تحمل المسؤوليات، او لناحية تعديل الروزنامة الزمنية لتطبيق هذه الخطة مع التطورات التي حصلت في الفترة الأخيرة وتضاعف حجم النفايات أكثر من مرة منذ الإعلان عنها.

خطر التيفوئيد.. والكوليرا
وتخوفت المتخصصة في الأمراض الجرثومية في «الجامعة الأميركية في بيروت» الدكتورة زينة كنفاني من إمكان تلوث المياه الجوفية بمياه الأمطار التي تحمل معها رواسب النفايات. وحذرت من انتشار بعض الجراثيم مثل التيفوئيد، والتهاب الكبد الوبائي «أ»، والفيروسات المعوية التي تسبب التقيؤ والإسهال. وقالت لـ «السفير» ان بعض الجراثيم يمكن أن تنتقل إلى الأفراد في حال تلوث مياه الاستخدام أو مياه الشفة، أو عبر لمس النفايات، أو بواسطة الحشرات من دون وجود خطر انتقال الجراثيم عبر الهواء. ونصحت بأن تغلى مياه الطبخ، والتأكد من نظافة المياه المستخدمة، وتفادي انتقال الحشرات الى المنازل.

وحذر الأستاذ في العلوم الجرثومية في كلية الصحة العامة في «الجامعة اللبنانية» الدكتور نبيل حداد من خطر ظهور داء «الكوليرا» في حال دخول أحد المصابين به إلى لبنان. وقال لـ «السفير» ان ارتفاع حرارة الطقس بعد انحسار الأمطار يساهم في تكاثر الجراثيم لا سيما البكتيريا المسببة للتيفوئيد.


النهار
فاضت بالنفايات والحكومة على مشارف "الإنذار"
"التشريع بمن حضر" مشروع أزمة كبرى؟

وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول "بعد ثلاثة أشهر وثمانية أيام من اقفال مطمر الناعمة ونشوء أسوأ ازمة نفايات لم يعرف لبنان مثيلاً لها حتى في زمن الحرب و"ادارة " الميليشيات، انفجرت هذه الكارثة بأبشع مظاهرها اطلاقاً أمس محولة مع سيول الامطار المنهمرة الكثير من مناطق بيروت والضواحي في جبل لبنان الى أنهر نفايات فاضت على الطرق والاحياء ومجاري الانهر ومسارب تصريف مياه الامطار. ولم تقف الكارثة عند هذا الحد بل تعدته الى تظهير فضيحة الانكشاف السياسي الذي يترجمه عجز خيالي عن اجتراح أي اجراءات عاجلة لوقف مزيد من التداعيات الخطيرة لعاصفة السيول والامطار وما يمكن ان ينجم عنها مع تكدس عشرات الالوف من الاطنان في جبال النفايات المنتشرة في كل مكان وخصوصا في العاصمة وجبل لبنان. وتمثلت انعكاسات هذه الكارثة في انها باتت تهدد جديا ، وأكثر من أي وقت سابق، مصير الحكومة الذي يبدو انه متجه فعلا الى الحسم هذا الاسبوع بدءا من مجريات جلسة الحوار اليوم في مجلس النواب التي قيل فيها انها ستكون جولة انقاذ الحكومة انطلاقاً من كارثة النفايات التي انقلبت الى البند الطارئ العاجل الذي سيتقدم بنود الحوار، والا فان تلويح رئيس الوزراء تمام سلام ووزير الزراعة اكرم شهيب بمهلة الخميس موعداً نهائياً "لرمي القفازات" في وجوه الجميع سيغدو أكثر من مجرد تلويح بل اجراء بقلب الطاولة الحكومية.

ولعل ما زاد احراج القوى السياسية التي لا تزال تعطل الفصل الختامي المفترض لاستكمال تنفيذ خطة شهيب ان ناشطي الحراك الشعبي عاودوا أمس تحركهم تحت الامطار ووسط سيول النفايات بدءا بقيام مجموعات من حملة " طلعت ريحتكم " بحملة لتنظيف مجرى نهر بيروت ومن ثم تجمع مجموعات أخرى من الحراك في ساحة رياض الصلح وبعدها أمام دارة الرئيس سلام في المصيطبة ، وهدد الناشطون بتصعيد تحركهم محددين الخميس المقبل ايضا مهلة نهائية لحل ازمة النفايات.

الحوار
وعلمت "النهار" ان ملف النفايات سيحتل الحيز الاوسع من النقاش على طاولة الحوار اليوم في مجلس النواب في ظل المهلة التي حددها الوزير شهيب والتي اقترنت بمهلة مماثلة حددها الرئيس سلام وتنتهي الخميس لاتخاذ موقف حاسم من معرقلي خطة الوزير إذا لم تحسم مسألة المطمرين في عكار والبقاع الشمالي. ونقلت مصادر سياسية عن سلام انزعاجه الشديد مما آلت اليه الامور عاكسة نيته الجدية التنحي اذا ظلت الامور على حالها من تعطيل وشل للحكومة. كما ان شهيب أعرب لـ"النهار" عن استيائه الشديد من مشهد النفايات في الشوارع معتبرا انه "نتيجة للتعامل بخفة وعدم مسؤولية من بعض السياسيين فضلا عن التحريض الذي واجهته الخطة لابقاء النفايات في الطرق".

وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن سلام في صدد إطلاق صرخة في إجتماع الحوار اليوم يدعو فيها القادة الى تحمل مسؤولياتهم حيال الكارثة البيئية والصحية والاقتصادية التي واجهها لبنان أمس، وسيطالبهم بدعم الحكومة كي تتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد وإلا فإنه في صدد إتخاذ القرار الذي يطالبونه بعدم إتخاذه. وسيعتبر أن المحك سيكون في صدور بيان عن المتحاورين يدعم إنعقاد مجلس الوزراء فوراً لاتخاذ القرارات المطلوبة.

واوضح النائب عاطف مجدلاني الذي يمثل اليوم كتلة "المستقبل" في الحوار النيابي بسبب وجود الرئيس فؤاد السنيورة خارج البلاد لـ"النهار" أن الاهتمام سيتركز على ما سيدلي به الرئيس نبيه بري الذي تسلم سابقا مواصفات الكتل في شأن شخصية الرئيس الجديد للجمهورية تمهيدا لجوجلتها على أن يبلغ المتحاورين ما هي القواسم المشتركة بين الكتل وما هي نقاط الاختلاف بينها كي يجري الحوار على أساس ما هو مختلف عليه. وشدد على ان الاولوية هي لإنتخاب رئيس للبلاد.

الجلسة التشريعية
الى ذلك، علمت "النهار" أن إجتماع هيئة مكتب مجلس النواب غداً سيتأثر بمناقشات إجتماع الحوار اليوم ومناخاته، لكن ذلك لا يمنع أن أكثرية أعضاء الهيئة مع عقد جلسة نيابية عادية مخصصة لمشاريع القوانين المالية العاجلة من دون إهمال مقاربة بقية المواضيع. ولفتت مصادر الهيئة الى انه لم يرد حتى الساعة أي إقتراح قانون يتعلّق بتجنيس المغتربين كما يطالب "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية". ولكن إذا ما أتى مثل هذا الاقتراح، فسيصار الى التصويت في الجلسة إذا ما إنعقدت على صفة الاستعجال للاقتراح كي يمضي البحث في بنوده وإلا فإن الامر سيحال على اللجان المختصة. أما في ما يتعلّق بقانون الانتخاب الذي يطالب به "التيار" "والقوات" أيضا، فهناك صيغ عدة مطروحة لم يقترن أي منها بموافقة اللجان المشتركة. وما هو مطروح من إقتراحات عابر للاصطفافات السياسية والطائفية لكن هناك إنقساماً حيالها. ورأت أنه نظراً الى ضيق الوقت الذي يفصلنا عن آخر السنة، فهناك أولوية للموافقة على مشاريع القوانين التي تضمن إستمرار دفع الرواتب والتعويضات وتلك التي تخص الجيش والبنى التحتية وصدقية لبنان المالية والاقتصادية مع البنك الدولي والصناديق المالية. وشددت على أن إنعقاد جلسة لهذه القوانين يتوافر لها النصاب المطلوب لن تكون إستفزازية لمن سيقرر مقاطعتها نظراً الى أهمية القوانين الواجب إقرارها، مع العلم أن الموقف المبدئي للكتائب من اولوية إنتخاب رئيس للجمهورية لا غبار عليه دستورياً.

ويبدو أن الكلام عن الجلسة الإشتراعية في مجلس النواب سيعيد إلى الضوء تباينات في الرأي داخل قوى 14 آذار، إذ أكد لـ"النهار" مصدر في حزب "القوات اللبنانية" أن نواب الحزب لن يشاركوا في أي جلسة تنعقد تحت عنوان "الضرورة الملحة" ولا يكون في أول بنود جدول أعمالها قانون الإنتخابات النيابية، وأيضاً قانون استعادة الجنسية الذي يتحمّل تأخيراً في ترتيب البنود، على أن يُقرّ القانونان معاً في الجلسة. وذكّر المصدر بأن هذا الموقف اتفقت عليه "القوات" مع "التيار الوطني الحر".

وعن احتمال عقد جلسة اشتراعية بمن حضر إذا تأمّن لها حضور 65 نائباً، قال المصدر "القواتي": "أنصح المعنيين بالتفكير ملياً قبل الإقدام على ذلك"، واصفاً قانون الإنتخاب بأنه "قضية القضايا، وإذا لم يُقرّ في أول جلسة فلن تكون فرصة أخرى لإقراره". واقترح المصدر التصويت في الجلسة المقترحة على مشاريع القوانين الأربعة المطروحة للإنتخابات، وأضاف: "هناك أكثر من 70 نائباً تقريباً مع القانون المختلط، النسبي والأكثري، الذي اتفقنا عليه مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي".

وبعدما أكد أن "القوات" أطلعت حلفاءها على موقفها خلال اجتماعات قيادية، حذر المصدر من أن "كل الإحتمالات ستكون مفتوحة وفي شكل غير مسبوق إذا انعقدت جلسة اشتراعية بمن حضر". واقترح التمهل في عقدها أسبوعين أو ثلاثة لإجراء اتصالات ومناقشات "وفي حال عدم التوصل بنتيجتها إلى اتفاق على قانون للإنتخاب، نذهب إلى التصويت في الهيئة العامة، ونصوّت وفقاً لما اتفقنا عليه مع المستقبل والتقدمي الإشتراكي، كما نشرّع في الأمور المالية الملحة".


الأخبار
طوفان النفايات المنتظر... الآتي أعظم

كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول "لم يكن الناس في حاجة إلى دليل إضافي على عجز السلطة التام وفشلها في التصدي لأي مشكلة بنيوية أو طارئة. أمس، بدأ موسم الأمطار، وبدأت معه مخاوف لا تحصى. طافت الطرقات كما في كل عام، ولكن هذه المرّة طافت معها أطنان من النفايات المكدّسة في المكبات العشوائية، "جالت" في الشوارع واقتحمت المساكن والمحال التجارية.

سدّت قنوات صرف المياه والمجارير المسدودة أصلاً بسبب انعدام الصيانة. كل ذلك كان متوقعاً، والتحذيرات تشي بأن الآتي أعظم، إن لم تتغيّر طريقة التعامل مع الشأن العام والمصالح العليا. تفشّي الأوبئة يشكّل تهديداً جدّياً، وكذلك تلوّث المياه، فضلاً عن انتشار القوارض والحشرات الضارة. مصادر معنية حذّرت من أن جبل النفايات على ضفاف مجرى نهر بيروت يشكّل كارثة حقيقية، إذ إن الأمطار ستؤدي إلى انهياره مع الوقت، وبالتالي سدّ المجرى والتسبب بفيضان مياه المجارير في كل مكان في المدينة... ما العمل؟ حتى الآن لا يبدو أن هناك أي أمل. خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة النفايات لم تكن قابلة للتنفيذ أصلاً، في ظل استمرار تعطيل المؤسسات وعدم مراعاة الحد الأدنى من الشروط الموضوعية لقبولها من المجتمعات المحلية. في الناعمة ـ عين درافيل وسرار (عكار) ومجدل عنجر (السلسلة الشرقية) وبرج حمود، يرفض الأهالي المطامر ويعبّرون بوضوح عن عدم ثقتهم بمن يتحمل المسؤولية في الدولة والبلديات. في المقابل، يهدد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بالاستقالة في حال عدم تأمين تغطية كاملة من القوى السياسية لتطبيق الخطة الفاشلة، وكذلك يهدد وزير الزراعة بالانسحاب من مهمّته وتسمية الأشياء بأسمائها. في هذا الوقت، كان وزير البيئة محمد المشنوق ينشر صوراً التقطها في فلورنسا، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يفتتح مجمّع "آيشتي" في أنطلياس، وقوى الأمن الداخلي تتفرغ لتسهيل وصول المدعوين إلى المجمع وتفرض حصاراً إضافياً على الناس العالقين في الطرقات. أمّا مجموعات الحراك الشعبي، فتتخبط في خلافاتها واختلافاتها، ولم تنجح في تحويل غضب الناس إلى حركة ضاغطة مستمرة في الشارع. أمس، اعتصم عدد من الناشطين والناشطات من حملات "جايي التغيير" و"طلعت ريحتكم" و"حلوا عنا" في ساحة رياض الصلح وتوجهوا في مسيرة إلى منزل سلام، فيما قام آخرون من "طلعت ريحتكم" بتوضيب النفايات على ضفاف نهر بيروت لتأجيل وقوع الكارثة هناك.


اللواء
طاولة الحوار اليوم فوق «بحيرة النفايات»: إنقاذ أم غرق؟
سلام وشهيب أمام الخيار المرّ الخميس .. وتزاحم الأولويات يُحرِج مكتب المجلس غداً

بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول "تنعقد جلسة الحوار الوطني السادسة اليوم، على ضفاف السيول ومجاري المياه التي حملت أطنان النفايات إلى الشوارع والأحياء، مع الأمطار الأولى التي هطلت أمس، مشفوعة بمشهد تتقزّز منه المشاعر والأبدان، تمثّل بالصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، عن طوفان النفايات في شارع مار تقلا في سد البوشرية، مع صور أخرى من نهر بيروت إلى نهر أبو علي في طرابلس، ونهر الغدير في الضاحية الجنوبية، ومع الأضرار التي خلّفتها السيول الجارفة في صيدا وفي الطرقات الرئيسية في العاصمة والضواحي، كما تنعقد الجلسة، على مشهد تجمّع حملات الحراك المدني في المصيطبة التي طالبت بقرارات حاسمة قبل يوم الجمعة المقبل، وفي ظل معطيات بالغة التعقيد، سواء في ما خصّ ملف النفايات أو ملف الجلسة التشريعية التي ينوي الرئيس نبيه برّي الدعوة إليها قريباً، بحسب ما أعلن وزير المال علي حسن خليل، أو حتى الإضراب الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية المنقسمة على نفسها اليوم.

كل ذلك جرى، غداة احتفالات عاشوراء هذا العام التي شهدت إرتفاعاً في حرارة الخطاب السياسي لقيادة حزب الله، ومشاركة شعبية غير مسبوقة في غير منطقة، في إشارة إلى أن مرحلة جديدة من التخبّط الداخلي قد تكون البلاد مقبلة عليها، في ضوء الصعوبات التي تواجه التسوية السياسية في سوريا، واستبعاد حدوث أي حلحلة في ما خصّ العلاقات السعودية - الإيرانية، مع خسائر غير مسبوقة لحزب الله في الحرب السورية، كان آخرها سقوط ما لا يقلّ عن 12 مقاتلاً للحزب وعدد من الجرحى في إدلب، وسط غموض عمّا إذا كان هؤلاء سقطوا في معارك وصفتها مصادر ميدانية بأنها كانت قاسية جداً، وتحدثت مصادر أخرى عن احتمال أن يكون هؤلاء المقاتلين تعرّضوا لغارة أميركية.

وزادت مشاهد طوفان النفايات في شوارع العاصمة والمناطق من استياء وقرف الرئيس سلام، لدى إطلاعه عليها من هواتف زواره الذين التقوه كعادتهم كل يوم أحد، لكنه لم يشأ التعليق على ما شاهده بأي كلمة، لكن الإستياء بدا واضحاً جداً على وجهه، ولم يكن بحاجة للتعبير لفظياً عن اشمئزازه لما وصل إليه الوضع، مكتفياً بالإستماع إلى ما يشكو منه زواره من يأس لما آلت إليه الأمور، لا سيّما الحياتية والصحية والبيئية، ذلك أن الرئيس سلام ما يزال ينتظر أجوبة من القوى السياسية في شأن ملف النفايات، ولكن من دون نتيجة.

ملف النفايات
وعلى صعيد هذا الملف، كشفت مصادر نيابية مطّلعة عن تراجع موجة التفاؤل في ما خصّ إيجاد مطمر آخر في البقاع الشمالي، إلى جانب المطامر الثلاثة المقترحة مع إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام.

ومردّ إنحسار التفاؤل إلى أن الجواب المنتظر من حزب الله بات بحكم المستبعد كلياً، ومع ذلك، تضيف المصادر، فإن مهلة جديدة أُعطيت إلى يوم الخميس، بوصفها «فرصة أخيرة»، على أن يجري الرئيس سلام ووزير الزراعة المكلّف ملف النفايات أكرم شهيّب مشاورات في ما بينهما في ما خصّ الموقف الذي يتعيّن إتخاذه، والذي يقضي بانسحاب الوزير شهيّب من هذا الملف، بعد أن يعرض لمراحل ولادة الخطة التي اقترحها والصعوبات التي واجهتها، بعد أن تبيّن أن الطرفين الشيعي والمسيحي سيّسا الملف ورفضا التشارك في تحمّل المسؤولية، تاركين للرئيس سلام والوزير شهيّب تحمّل العبء وحدهما، سواء في ما خصّ مطمر سرار كمطمر دائم ومطمر الناعمة كمطمر محكوم وفقاً للخطة بأسبوع واحد فقط.

وفيما بدا الإستياء حاضراً في دارة الرئيس سلام في المصيطبة مما وصلت إليه الأمور، نقل زوّار عين التينة عن الرئيس نبيه برّي إنشغاله بالمسيرات العاشورائية والقطوع الأمني الذي تجاوزته، في غمرة استعداده لمواجهة: مطالب طاولة الحوار اليوم التي يغيب عنها الرئيس فؤاد السنيورة والنواب: ميشال عون، سامي الجميّل وبطرس حرب الذي سيمثّله النائب السابق جواد بولس. كما سيواجه الرئيس برّي في اليوم التالي مطلباً مسيحياً يبدو أن «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» إتفقا عليه، ويقضي بوضع قانون الإنتخاب بند أول على جدول أعمال الجلسة التشريعية، إضافة إلى سلسلة الرتب والرواتب، في ظل تحفّظ كتلتي الرئيس برّي و«المستقبل» على ترتيب هذين البندين، لأسباب أبرزها، كما قال مصدر نيابي في «المستقبل» لـ«اللواء»، أن مشروع قانون الإنتخاب ليس جاهزاً بعد وإن سلسلة الرتب والرواتب لم تبتّ فيها سلسلة العسكريين. ووصف المصدر اجتماع هيئة مكتب المجلس غداً بالفصلي بالنسبة للجلسة التشريعية.

وقال مصدر وزاري مطلع لـ«اللــواء» انه في ضوء مجريات جلسة الحوار اليوم، والتفاهم على جدول أعمال الجلسة التشريعية من عدمه غداً، يتوضح المسار الذي يمكن أن يسير عليه الوضع الحكومي، مع تأكيد مصادر السراي الكبير أن لا يوم محدداً لإعلان استقالة الحكومة فيما لو ارتأى رئيسها اللجوء إلى مثل هذا الخيار، على الرغم من المطالبة المتزايدة بعدم الاقدام على هذه الخطوة، في ضوء صعوبة التفاهم على خطوات بديلة، وعلى الأخص في الشأن الرئاسي، حيث يتمسك حزب الله من أن الأمور في المنطقة ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، وإن المخرج الممكن يكون بانتخاب النائب عون رئيساً للجمهورية أو البقاء في دائرة الانتظار.

وتوقعت مصادر السراي أن يجدد الرئيس سلام أمام طاولة الحوار ما قاله في الجلسات السابقة حول ضرورة تحمل القوى السياسية كافة ما وصل إليه ملف النفايات، وما حمل من انعكاسات سلبية على عمل الحكومة التي أضحت مشلولة بالكامل، خصوصاً بعدما وصلنا إلى ما كان حذر منه من وصول لبنان إلى كارثة بيئية مع بداية هطول الأمطار. ونفت مصادر سلام أن يكون الرئيس برّي أو غيره طلبوا منه التريث بإعلان استقالته، وكررت دعوتها إلى عدم تحديد يوم معين لإعلانه استقالته.

ويستقبل الرئيس سلام بعد ظهر اليوم في السرايا الحكومية وزير الداخلية الفرنسية برنارد كازناف ويبحث معه في مجمل المستجدات والتطورات الراهنة، واستضافة لبنان للاعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين.

من جهة ثانية، نفى مصدر في كتلة «المستقبل» النيابية ان تكون جلسة الحوار الثنائي في عين التينة بين «المستقبل» و«حزب الله» ستعقد غداً الثلاثاء، مشيراً إلى ان الجلسة مقررة اصلاً الثلاثاء في 3 تشرين الثاني وليس غداً.

وفيما رأى المصدر ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لم يقل شيئاً جديداً في مواقفه الأخيرة بذكرى عاشوراء، لاحظت ان ظهوره المتكرر الجمعة والسبت هدفه استنهاض جمهوره لرفع معنوياته نتيجة الخسائر التي يتكبدها الحزب في المعارك في سوريا، وهو ما ظهر في الإعلان عن تشييع عدد من الضحايا بشكل شبه يومي، إلى جانب ان النظام السوري نفسه يواجه مأزقاً كبيراً في العمليات العسكرية، مما دفعه مع إيران إلى الاستنجاد بموسكو، بحسب ما اوردته بعض الصحف الناطقة بلسان النظام.

تجدر الإشارة إلى ان نصر الله تجنّب في كلمته امام الحشود الشعبية التي تجمعت في ملعب الراية في الضاحية، ظهر السبت، الإشارة إلى الوضع الحكومي وركز في الشق اللبناني من خطابه على الحوار على اعتبار ان لا بديل آخر عنه في المدى المنظور، من دون الإشارة إلى الحوار الثنائي بين الحزب و«المستقبل»، داعياً إلى عدم انتظار الحوار الإيراني - السعودي، أو انتظار مبادرة أميركية أو عربية في شأن انتخابات الرئاسية أو غيرها، لأن لبنان خارج اهتمامات الدول، مؤكداً ان لبنان متروك لزعمائه واحزابه الذين يجب ان يتحملوا المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة.


البناء
مشروع كيري ـ نتنياهو ـ عبدالله لإجهاض الانتفاضة بـ«اتفاق الأقصى»
الجبير يفشل في تطويق روسيا مصرياً حول مبادرة «انتخابات مبكرة»
نصرالله: ستمتلك المقاومة كلّ سلاح... والحوار ضرورة... وعون مرشحُنا

صحيفة البناء كتبت تقول "جاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة مستعجلاً بطلب نجدة «إسرائيلي» ورد على لسان بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، الذي قال مع بدء الانتفاضة إن ّاتفاقاً أردنياً «إسرائيلياً» وحده يبرّئ ساحة «إسرائيل»، فحطّ كيري رحاله في عمّان وهندس النصوص التي تتناسب مع المصالح «الإسرائيلية»، بإجهاض الانتفاضة والحصول على عون عربي لـ«إسرائيل» بتغطية جرائمها بحق الفلسطينيين والقدس والمقدسات.

كشف نتنياهو الاتفاق المُهين والمذلّ للأردن، بمقدّمة تربط تنظيم وضع المسجد الأقصى باتفاقية وادي عربة الموقعة العام 1994 بين عمّان وتل أبيب، لكن نتنياهو أصرّ على عدم لفظ اسم المسجد الأقصى فبقي يتحدث عن جبل الهيكل، وقال إنّ حكومته ملتزمة بمواصلة السماح للمصلين المسلمين «المسالمين»، تاركاً لشرطته تحديد معايير المصلي المسالم من غير المسالم، مضيفاً «وتمكين غير المسلمين من الزوار من القيام بزيارة جبل الهيكل»، أيّ تمكين المستوطنين والمتطرفين الصهاينة من تدنيس المسجد الأقصى.

ما فعله كيري بعدما نجحت قوات الاحتلال في إخراج المرابطين من المسجد الأقصى ولم يبقَ فيه إلا حراسه، هو بيع الفلسطينيين نظرية المراقبة بالكاميرات على مدار الساعة كأنها إنجاز وطني فلسطيني يستحق وقف الانتفاضة من دون أيّ كلمة عن تهويد القدس ونهش الاستيطان جسدَها شبراً شبراً.

وقْعُ الاتفاق كان صفراً على نشطاء الانتفاضة، الذين واصلوا نشاطهم الكفاحي في وجه الاحتلال بالتظاهرات وعمليات الطعن، ووصفوا على صفحات انتفاضتهم «الخيانة الملكية الأردنية بصفحة سوداء جديدة لنظام حكم وقف دائماً لنجدة الاحتلال من كلّ مأزق».

كيري الذي يريد طمأنة «إسرائيل» إلى أنّ الاهتمام بالحلّ السياسي في سورية لا يصرفه عن الاهتمام بالمصالح «الإسرائيلية» العليا، خصوصاً مع تنامي الانتفاضة وبدء نجاحها في جعل شعار الحماية الدولية للقدس يدق أبواب مجلس الأمن بعد المشروع الفرنسي الذي وقفت واشنطن ضدّه بقوة، يريد من حكومة نتنياهو تذكر حاجتها للمعونة الأميركية في أمنها والتزامها وعدم التهوّر في الخيارات غير المدروسة في زمن ليست أميركا بوضع يتيح لها التورّط في الحروب.

على المسار السياسي السوري أرهقت موسكو خصومها بتسارع عسكري سياسي متزامن فتركتهم يلهثون وراءها ووراء حليفها الرئيس السوري بشار الأسد والجيش السوري في ميادين القتال. ففي الوقت الذي تتسارع فيه الخطوات العسكرية قبل أن يمضي الشهر الأول من عمر الصيغة التشاركية للحرب التي يخوضها حلف الأربعة زائداً واحداً، أي روسيا وإيران وسورية والعراق ومعها حزب الله، تبدو ساحات المواجهة في سورية والعراق على موعد مع انقلاب حاسم في كفة الميزان، في سورية بوجه «جبهة النصرة» وحلفائها شمالاً وجنوباً وصولاً إلى الحدود السورية مع تركيا والأردن والجولان المحتلّ، وفي العراق بتحرير الرمادي عاصمة الأنبار بعد ما تمّ تحرير كامل قضاء بيجي وتوجيه ضربات قاسية لتنظيم «داعش».

سياسياً طرحت روسيا في التداول استعدادها للتنسيق مع «الجيش السوري الحرّ» في حال وجود عنوان لوجوده في الحرب ضدّ «داعش»، وأتبعتها بلسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف عن أن لا صفقات سياسية، بل حلّ سياسي يقوم على الانتخابات، ليعرض الرئيس السوري على وفد برلماني روسي، صرّح بعد اللقاء، أنّ الرئيس الأسد جاهز لعرض انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة، ومستعدّ لخوضها والترشح لها والاحتكام لإرادة الشعب السوري، لكن الأولوية هي للحرب على الإرهاب والفوز فيها وبعدها يمكن البدء بإجراءات الحلّ السياسي.

مثلما سارع كيري مهرولاً إلى عمّان لشراء بوليصة تأمين لنتنياهو، هرع وزير الخارجية السعودية عادل الجبير إلى القاهرة، لاستباق اللقاء الدولي الإقليمي الذي ترعاه روسيا وأميركا حول سورية، بعد لقاء فيينا والذي صارت دعوة مصر وإيران لحضوره مؤكدة، وجهد الجبير لإزالة أجواء التوتر التي تشوب علاقات الرياض والقاهرة سواء بسبب التفاهمات السعودية التركية التي لا تعير اهتماماً للمصالح المصرية الحيوية، أو بسبب اعتماد السعودية على تنظيم «الإخوان المسلمين» في اليمن، محاولاً ضمان موقف مصري مساند للموقف السعودي من الرئيس السوري، ليكشف المؤتمر الصحافي المشترك لوزيري الخارجية المصري سامح شكري والسعودي عادل الجبير، عن سعي متقن من الوزير المصري لتفادي التلفظ بكلمة واحدة عن الرئيس السوري، والاكتفاء بإعلان السعي المشترك لكلّ ما من شأنه أن يضمن حلاً سياسياً يحفظ وحدة سورية وحماية مؤسساتها بينما قالت مصادر إعلامية مصرية قريبة من وزارة الخارجية في القاهرة إنّ الوزير شكري قال للجبير هل لديكم وصفة يمكن عبرها ضمان وحدة سورية وإنهاء الإرهاب وضمان بقاء مؤسسات الدولة، عن غير طريق الحوار مع الرئيس السوري؟ وما هي هذه الوصفة؟ وعن الإصرار على رحيل الرئيس السوري، قالت المصادر إنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شرح للجبير ما قاله له الأميركيون من أنه ليست لديهم خارطة طريق للتغيير في سورية، منهياً بسؤال عما إذا كانت لدى السعودية هذه الخارطة. وقالت المصادر إنّ الجبير فشل في الحصول على أيّ تعهّد مصري بتبنّي موقف سلبي من الرئيس السوري في أيّ مباحثات دولية أو إقليمية تشارك فيها مصر حول سورية.

لبنانياً، بينما كانت السيول المحمّلة بالنفايات تجوب شوارع العاصمة بيروت، وتكاد تهدّد بجرف الحكومة التي ترنّحت بلا حول ولا طول للتقدّم خطوة نحو حلّ أزمة النفايات، بقي الحوار بجناحَيْه البرلماني والسياسي الذي يضمّ تيار المستقبل وحزب الله، علامة الحياة السياسية، بينما طغت خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على المشهد السياسي.

نصرالله: لا بديل من طاولة الحوار
أسبوع جديد من الانتظار في الشأن الحكومي ومعالجة الملفات الداخلية العالقة من خلال الاتصالات الجارية لحل أزمة النفايات التي ربط رئيس الحكومة تمّام سلام بقاء حكومته بها، فيما يعاود المتحاورون اليوم البحث في بقية جدول أعمال طاولة الحوار الوطني بعد أن عرضت في الجلسات السابقة مواصفات رئيس الجمهورية من دون التقدم على هذا الصعيد، كما يستأنف غداً الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة.

ومرة جديدة خرقت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجمود السياسي، لترسم صورة للمشهد السياسي على الساحتين الإقليمية والمحلية، وبعد إطلالته في ليلة العاشر من محرم في مجمع سيد الشهداء، خرق السيد نصرالله مجدداً المخاطر الأمنية المحدقة وتحدّى كل التهديدات «الإسرائيلية» والإرهابية في كلمة له خلال إطلالة شخصية بين الحشود الغفيرة في ملعب الراية بالضاحية الجنوبية لبيروت إحياءً ليوم العاشر من محرّم. ودعا السيد نصرالله الفريق الآخر في لبنان لعدم المراهنة على التطورات الإقليمية، مشدداً على أن لا بديل آخر عن طاولة الحوار الوطني القائمة الآن في مجلس النواب، وأوضح أن لبنان خارج اهتمامات الدول وهو متروك لزعمائه ولا أحد في العالم يفرض علينا أي قرار.

وتوجّه السيد نصرالله إلى الفريق الآخر بالقول: «أنتم تمنعون انتخابات الرئاسة، لأنكم تمنعون الممثل الحقيقي للشعب، داعياً إياهم إلى الذهاب للحوار الجدي من دون انتظار أي حوار سعودي – إيراني».

وأعلن الاستمرار في الجهاد ضدّ الحرب الأميركية، وقال: «لا نتنياهو ولا جدّ جدّه سيمنع المقاومة من امتلاك السلاح لمواجهة أي حماقة من اسرائيل». وأضاف «نقول للتكفيريين ولإسرائيل وآل سعود وأميركا: لا نعطيكم بيدنا إعطاء الذليل فنحن أهل الجهاد والمقاومة ولن تهزّنا لا تهديدات إسرائيل ولا التكفيريين». وتوجه إلى البعض بالقول: «نحن حزب ولاية الفقيه سادة عند الوليّ الفقيه».

المعركة الوجودية
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «خطابَيْ السيد نصرالله في ليلة العاشر ويوم العاشر من محرم، يحملان رسائل وأبعاداً متعددة، أولاً الحجم الكبير للعنفوان والتفاعل بين جمهور المقاومة والسيد الذي أثبت أنه قائد من طراز كاريزمي نادر في العصر الحديث، نظراً لقدرته العالية على التفاعل مع جمهوره لا سيما في الخطابين الأخيرين، كما أن العلاقة بين السيد وجمهور المقاومة تحاكي مشهدية من التاريخ للزعماء الكبار مثل تشي غيفارا والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فضلاً عن أن الإطلالة المباشرة أضفت نوعاً من حيوية استثنائية».

وأضافت المصادر: «ثانياً، لحظة العاشر من محرم جاءت هذا العام مثقلة بالدفء والدماء والتضحية وبذل الشهداء في المعركة ضد الإرهاب والمشروع الاميركي وتكاملت كل الأبعاد لتجعل منها معركة وجودية وحاسمة يقودها حلف المقاومة مدعوماً من روسيا. والأهم أن السيد طمأن جماهير المقاومة على مستوى لبنان والمنطقة بأن الأفق المحتم في هذه المعركة هو الانتصار، وأنه كما هزمنا إسرائيل سنهزم المشروع التكفيري».

وأوضح المصدر أن «العنوان الأهم الذي ميّز الإطلالة، هو شعار الموت لآل سعود، ما يعني أن العلاقة بين حزب الله والسعودية أصبحت في مصاف العلاقة بين حزب الله وأميركا وإسرائيل والإرهاب على المستوى الإيديولوجي كما السياسي، وبالتالي إن نهاية المعركة مع السعودية ستكون إما الهزيمة أو النصر».

أما على المستوى المحلي، فأضافت المصادر: «نصح السيد نصرالله الطرف الآخر بعدم الرهان على أوهام ورهانات، لا على اتفاق سعودي – إيراني ولا مبادرة أميركية أو غربية ولا على إسقاط سورية أو انتصار للسعودية في حرب اليمن، بل إن الاعتبار المحلي هو الحاكم وبالحسابات الداخلية يصنع الحلّ وليس بحسابات الأوهام والرهانات الخاطئة، فالسيد لا يزال يعتبر الطرف الآخر شريكاً في الوطن حتى الآن، وحسم السيد بأن لا تراجع عن العماد ميشال عون كمرشح أقوى لرئاسة الجمهورية وبالتالي أسقط أي رهانات خارجية على فرض حلول على لبنان، بل إن الحوار هو قناة التواصل الأخيرة لصناعة الحلول».

لا مبادرة مصرية
ونفت مصادر عليمة لـ«البناء» ما تردّد في الأوساط السياسية والإعلامية عن مبادرة مصرية لحل الأزمة في لبنان، لكنها أشارت إلى أن هناك متابعة مصرية دائمة للوضع في لبنان، كما استبعدت المصادر أي حل للأزمة في لبنان في الوقت الحالي، بل إن الحل مؤجل، في ظل وصول الحوار الداخلي إلى طريق مسدود وانسداد أفق الحوار الإيراني السعودي».

وأضافت المصادر: «أن روسيا نصحت إيران والسعودية بالحوار والتفاهم، لكن لا مبادرة روسية على هذا الصعيد، لأن الأولوية لدى روسيا اليوم ليست الوضع في اليمن ولا أي مكان آخر بل الأولوية هي الأزمة السورية».

الحكومة تنتظر النفايات وإلا…
حكومياً، لا جديد بانتظار الانتهاء من خطة النفايات التي تتأرجح بين النجاح والفشل بعد ظهور عقبات جديدة أمام اعتماد مطمر في البقاع، بينما الذي حصل كان متوقعاً، فقد عامت بيروت أمس على أنهار من النفايات نتيجة الهطول الكثيف للأمطار التي اختلطت بأشلاء النفايات المكدسة على الطرقات، ما يهدد بكوارث بيئية وصحية.

وإثر ذلك، توجّه ناشطو الحراك المدني نحو منزل الرئيس سلام في وطى المصيطبة بعدما نفذوا وقفة احتجاجية في رياض الصلح احتجاجاً على ما آل إليه ملف النفايات. وأعلن المعتصمون أن أمام الحكومة مهلة حتى نهار الخميس، لحل مشكلة النفايات، تحت طائلة التصعيد.

وعبر وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» عن تفهمه موقف الرئيس سلام ودعا القوى السياسية للمساعدة في حل أزمة النفايات وأبدى تخوفه من سقوط الحكومة، محذراً من أن استقالة الحكومة تطرح إشكالية دستورية جديدة تتعلق بدستورية تشريع الضرورة في ظل حكومة تصريف أعمال!».

وإذ أشار جريج إلى أن الحكومة حاجة ماسة في هذه المرحلة بالذات، اعتبر أن القوى السياسية لم تعُد تتحسس هذه الحاجة، لأنها فقدت المسؤولية الوطنية مجدداً التأكيد أن سلام لا يستطيع أن يقف متفرجاً على استفحال أزمة النفايات بل يجب إيجاد حل سريع لها وإلا سيتخذ سلام القرار الذي يراه مناسباً وفي الوقت المناسب».

ولفتت مصادر بقاعية لـ«البناء» إلى وجود عراقيل أمام اختيار موقع لمطمر في البقاع بسبب اعتراض الأهالي بعد اكتشافهم عدم مراعاة هذه المواقع الشروط الصحية والبيئية، وأشارت إلى أن هذا الامر من مسؤولية الدولة وليس مسؤولية القوى السياسية الموجودة في البقاع. ونصحت المصادر الحكومة باعتماد معامل فرز النفايات عوضاً عن المطامر، لأنها لا تؤثر سلباً على البيئة والمياه، فضلاً عن أنها أقل كلفة وتخلق فرص عمل للعشرات من أبناء المنطقة».

الحوار
وفي سياق آخر، تنعقد اليوم جلسة جديدة من الحوار الوطني في المجلس النيابي. وأكدت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«البناء» أن «التكتل سيتمثل في طاولة الحوار بأحد من أعضاء التكتل مع احتمال حضور العماد عون شخصياً».

وأشارت إلى أن «الحوار بات للحوار وللحفاظ على الأجواء الإيجابية في البلد، ولكن لا نتائج ايجابية متوقعة منه»، ولفتت إلى أن «التكتل سيرى في جلسة اليوم المواضيع التي ستطرح وسيُبدي رأيه فيها».

وأضافت المصادر أن «التواصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يأتي في سياق استمرار الحوار والحفاظ على التفاهمات القائمة وتنسيق المواقف حيال الجلسة التشريعية، ورجّحت أن يكون قانونا الانتخاب والجنسية ممراً إلزامياً لحضور التكتل الجلسة التشريعية المرتقبة، لكنها أشارت إلى أن التيار سيناقش جدول الأعمال في اجتماع التكتل غداً».