موقع المنار يُعيد نشر مقال كان اعد في (26-10-2015) حول الاسباب السياسية لحكم الاعدام السعودي على آية الله الشيخ نمر باقر النمر بعد اعلان السلطات السعودية تنفيذ الحكم اليوم (السبت).
موقع المنار يُعيد نشر مقال كان اعد في (26-10-2015) حول الاسباب السياسية لحكم الاعدام السعودي على آية الله الشيخ نمر باقر النمر بعد اعلان السلطات السعودية تنفيذ الحكم اليوم (السبت).
اسراء الفاس
نفذ حكم الاعدام بالشيخ نمر باقر النمر عقاباً على جرأته. في مواقفه، كسر الشيخ النمر حاجز الخوف في انتقاده لسياسة آل سعود فأرادت إخماد صوته.
في يوم 25 - 10 - 2015 أعلن محمد النمر، شقيق الشيخ النمر أن محكمة الاستئناف والمحكمة العليا صادقت على حكم الإعدام الصادر بحق الشيخ.
الشيخ نمر باقر النمر شخصية دينية وسياسية معارضة في المملكة العربية السعودية، وقد عرف بخطبه التي ينتقد فيها النظام السعودي ومطالبه الاصلاحية المستمرة، لاسيما التي ينتقد فيها سياسات التهميش التي تطال مناطق وشرائح واسعة في السعودية، والتي اعتقل على اثرها أكثر من مرة.
الشيخ النمر من مواليد عام 1959 في منطقة العوامية، إحدى مدن محافظة القطيف في المنطقة الشرقية في السعودية، وله ثلاث بنات وابن واحد. ورغم بلوغه مرتبة الاجتهاد علمياً، إلا أن ذلك لم يحل دون اهتمامه بالنشاط السياسي السلمي داخل السعودية.
وقد أكدت أحداث العوامية في تشرين الأول/ اكتوبر ٢٠١١ على مكانته، ليظهر بأنه صمام الأمان الذي يحفظ المنطقة من الانزلاق في أتون العنف. إلا أن سقوط أربعة شهداء لدى مشاركتهم في احتجاجات سلمية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، دفعت بالشيخ إلى تصعيد مطالبه من إلغاء التمييز والإفراج عن السجناء المنسيين إلى المطالبة بالحرية السياسية الكاملة غير المنقوصة.
وقد عهدت المملكة العربية السعودية خروج أصوات معارضة للحكم سابقاً، كان مصيرها سجن أو نفي أو قتل. سياسات كم الأفواه، لا تميز بين دين أو مذهب، مع الاشارة الى أن التمييز الديني وفتاوى التكفير تدرس وتُعلن على المنابر، وتخرّج تكفيريين يعدون البنية الأبرز لمعظم التنظيمات التكفيرية وعلى رأسها داعش.
على خلفية المواقف المعارضة لسياسات الحكم اعتقل اسلاميون بارزون في المملكة في التسعينيات منهم سعد الفقيه الذي استقر في لندن بعد خروجه من السجن، كما جرى اعتقال وتعذيب الاسلامي محمد المسعري وقتل عبد الله الحضيف وهم من الطائفة السنية. كان جُرم هؤلاء، المطالب الاصلاحية التي نادوا بها ومنها رفضهم دخول القوات الأميركية أراضي المملكة للمشاركة في حرب الخليج الثانية.
وعلى خلفية المناداة بالإصلاح، كان مصير الشيخ نمر باقر النمر، السجن وصدور حكم بالإعدام.
في تغريدة على "تويتر" يقول محمد النمر: "الشيخ النمر عبر عن رأيه في شؤون الوطن السياسية وغيرها بغية الإصلاح والتهم التي وُجهت اليه لا ترقى للإعدام".
بعد وفاة نايف بن عبدالعزيز في26 حزيران/ يونيو 2012، وتعيين سلمان بن عبدالعزيز ولي عهد وقف الشيخ النمر منتقداً سياسات الحكم: "مات ولي عهد، عيّنوا ولي عهد، هل نحن في مزرعة؟ هل نحن دواجن لهم أم زريبة ماشية تابعة لهم عندما يموت أحدهم يورثها للثاني.. مات نايف فعينوا سلمان؟ من أين؟ بأي دين هذا وبأي مذهب؟ يتوارثونا ويحكمونا".
جرأة الشيخ نمر باقر النمر، كسرت خطوط حمر في المملكة التي حكمها أبناء عبد العزيز بالتوارث. لم يكتف الشيخ النمر بالاشارة إلى عناوين عريضة بما رفعه من مطالب اصلاحية، كما فعل معارضون تم ذكر اسمائهم سابقاً، بل تناول آل سعود بشكل مباشر، منتقداً سياسات القتل والرعب التي مارسها نايف بن عبد العزيز تحديداً.
بعد أقل من شهر على إلقاء خطابه المشهور، وتحديداً في 8 تموز/ يوليو 2012 اعتقل سماحته من بلدة العوامية بعد إطلاق الرصاص عليه، فأصيب على إثرها بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، وقامت باختطافه من موقع الجريمة فاقداً لوعيه لتنقله إلى المستشفى العسكري في الظهران وبعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض ثم إلى سجن الحائر.
في شهر آذار/ مارس 2013، بدأت محاكمة الشيخ النمر بدون إعلام ذويه، طالب فيها المدعي العام بإقامة حد الحرابة* بحق الشيخ. اتهمه النظام السعودي بـ "التحريض" و"إثارة الفتن" و"الدعوة للتدخل الخارجي "، تقول "بي بي سي" إن السلطات السعودية تعتبر الشيخ النمر من "أبرز المحرضين" على المظاهرات في القطيف، فيما يؤكد نشطاء بالمنطقة الشرقية أنه يدعو فقط لـ "الاحتجاج السلمي".
في 15 تشرين الأول/اكتوبر 2014 قضت المحكمة الجزائية في الرياض إعدام الشيخ النمر بالقتل تعزيراً، وهو حكم يستخدمه القضاء السعودي عندما يفتقد لأي نص شرعي يتعاطى مع الحالة الخاضعة للمحاكمة، بما معنى أنه يبقى باب الإجتهاد متروك لقاضٍ يُعيّن من قبل السلطة، و يعزل إن خالف توجهاتها.
على مواقع التواصل الاجتماعي يُعبر سعوديون أن حكم قتل الشيخ نمر النمر – إن تم تنفيذه – فسيكون "رسالة لكل من طالب بحقه بأن جزاءه القتل!"... إلا أن صدى كلمات الشيخ النمر تبقى تتردد: "لن نتراجع عن مقارعتهم ومقاومتهم إلى اسقاطهم".
*حد الحرابة: العقوبة التي يقضيها الحكم الشرعي تجاه قيام طائفة مسلحة بإحداث الفوضى، أو القتل، أو النهب والسلب، أو الإرهاب، أو هتك الأعراض، اعتمادًا على القوة، وتُعْرف الحرابة أيضًا بـ (قطع الطريق).
*ملاحظة: هذا المقال نشر 26-10-2015