طلاب اليمن في مدارسهم مجددا، يبدأون عامهم الدراسي متأخرين شهرا ونصف عن أقرانهم في دول أخرى، وذلك بفعل العدوان السعودي الأمريكي الاسرائيلي
هاشم أحمد شرف الدين - مراسل قناة المنار في اليمن
طلاب اليمن في مدارسهم مجددا، يبدأون عامهم الدراسي متأخرين شهرا ونصف عن أقرانهم في دول أخرى، وذلك بفعل العدوان السعودي الأمريكي الاسرائيلي، إذ توقفت الدراسة في عدد من المحافظات منذ منتصف العام الدراسي الماضي خوفاً على سلامة الطلاب.
يمثل بدء الدراسة ملمحا من ملامح صمود الشعب اليمني، إذ أنه وبرغم بقاء كثير من الظروف التي كانت اضطرت وزارة التربية والتعليم لتأجيل الدراسة، إلا أن الأطفال الطلاب فضلوا الذهاب إلى مدارسهم، حريصين على تعويض ما فاتهم العام الماضي، وغير قابلين بوقف تعلمهم فترة أخرى.
وكانت الوزارة قد أملت من التأجيل أن يبدأ العام الدراسي مع وقف الغارات على العاصمة والمحافظات التي تتعرض للقصف، حيث كانت الغارات قد طالت أكثر من مائة وخمسين منشأة تعليمية، وعددا من التربويين والمدرسين في احدى عشرة محافظة.
كما أملت الوزارة أن يبدأ العام الدراسي مع فك الحصار الجائر عن اليمن، بما يمكن من دخول المشتقات النفطية لتسهيل حركة الطلاب والمدرسين من المنازل إلى المدارس والعكس.
انعدام الكتاب المدرسي كان المشكلة الأبرز التي واجهت بدء العملية التعليمية، إذ لم تتسن طباعة الكتاب بفعل عدم دخول الأوراق الخاصة بالطباعة بفعل الحصار، كما لم يسهل توزيع الكميات المحدودة المخزنة بفعل انعدام البنزين، لذا فقد لجأ الطلاب إلى استخدام كتب قديمة يتحصل عليها كل منهم من زملائه في المراحل التي سبق لهم دراستها.
وكان الطلاب في صنعاء وفي المحافظات التي استهدفها العدوان قد حرموا من الدراسة طوال الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، ما اضطر الوزارة لنقلهم تلقائيا للصفوف التالية اعتمادا على نتيجة نهاية الفصل الأول، باستثناء طلبة الشهادتين المتوسطة والثانوية، إذ تم إجراء إختبارات لهم.
خلال اليومين الأولين لوحظ إقبال الطلاب على المدارس العامة، فيما قلت أعداد الطلاب في مدارس التعليم الأهلي الخاص، وذلك بفعل عدة عوامل أهمها العامل المالي الذي تسبب في انتقال الكثير من طلاب التعليم الأهلي إلى التعليم الحكومي، جراء التقلص الحاد في الأجور، وانهيار كثير من فرص العمل والاتجار، ما فاق قدرة أولياء الأمور على سداد تكاليف دراسة أبنائهم في المدارس الخاصة، وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على حيوية الاستثمار في هذا الجانب التعليمي، إذ باتت العديد من المدارس الخاصة مهددة بالإغلاق، ما سيضاعف الأعباء على التعليم الحكومي، وسيضاعف من مشكلة البطالة نظرا لاستغناء المدارس عن كثير من موظفيها..
ثمة عامل آخر ذو بعد أمني، حيث فضل أولياء الأمور إلحاق أبنائهم بالمدارس القريبة من مناطق سكنهم، ليسهل عليهم الوصول إليهم في حال حدوث إخلاء للطلاب عند حدوث غارات على العاصمة، بالإضافة لإمكانية توفير أجور المواصلات التي تدفع عن كل طالب، والتي ارتفعت إلى أكثر من الضعف، بفعل عدم توفر البنزين واللجوء لشرائه بأكثر من ثلاثة أضعاف سعره.
ثمة مشكلات أخرى رافقت بدء العام الدراسي حيث أن عشرات المعلمين نازحون عن مناطقهم ولم يتمكنوا من الوصول إلى المدارس، مما سبب عدم تلقي الطلاب تعليما في بعض المواد،كما لم تبدء الدراسة بعد في المدارس التي لا زالت تستخدم كمراكز إيواء للنازحين، وكذلك في المدارس الواقعة جغرافيا ضمن مناطق المواجهات المسلحة في بعض المحافظات.
وبرغم كل ذلك ثمة من يرون في بدء الدراسة أمراً ضرورياً كان لا بد منه كي لا يحرم الأطفال من حقهم في التعليم، فيما يرى آخرون أن بدء التعليم في ظل العدوان - الذي لا يتورع عن قصف المدارس - قد يسلب الأطفال حقهم في الحياة، لا سيما والغارات على صنعاء وغيرها من المحافظات ما زالت مستمرة..
وبين الجانبين ثمة صوت ينبعث من تحت ركام صعدة التي كان أطفالها ومدارسها أكثر من تعرض لاستهداف غارات العدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي، صوت زئير أطفالها الممزوج بأنينهم يقول: "لقد سلبنا العدوان حقنا في التعليم كما سلب حقنا في الحياة".
ختاماً، مهم جدا أن يبدأ العام الدراسي، ومن المهم أيضا أن لا تلقي حالة الاستقطاب السياسي السائدة بظلالها الحادة على العملية التعليمية، فمن الخطورة بمكان تحويل المدارس إلى مراكز صراع بين الطلاب، من خلال ما يؤديه بعض المدرسين من دور فتنوي داخل المدارس، عبر فرز الطلاب إلى فئات ومجموعات على أسس سياسية ومذهبية ومناطقية.
يجب أن تبقى المدرسة وطنا لكافة الطلاب، ويبقى الوطن هو الوجود الوحيد داخلها، لا مكان لحزب، لا مكان لطائفة، لا مكان لمذهب.
لذا فإني أناشد القائمين على العملية التعليمية بإصدار تعميم على المدارس يمنع المعلمين والطلاب من الخوض في الشأن السياسي حتى إشعار آخر