إلى أي مدى ستتمكّن «النهار» من الصمود في ظل تفاقم أزمتها الاقتصادية التي يعاني منها الإعلام المحلي عموماً، بأشكاله كافة؟
«النهار» متمسّكة بنسختها الورقية ولن تستغني عنها على المدى المنظور لصالح الورق (الأخبار 28/10/2015). هذا ما أكّده لنا قبل أيّام قليلة غسّان حجّار، مدير تحرير الصحيفة اللبنانية العريقة.
لكن إلى أي مدى ستتمكّن «النهار» من الصمود في ظل تفاقم أزمتها الاقتصادية التي يعاني منها الإعلام المحلي عموماً، بأشكاله كافة؟
العام الماضي، خرجت علينا الجريدة الثمانينية بحلّة أكثر «رشاقة»، بعدما قلّصت من حجم الورق. وفي آب (أغسطس) الماضي، تبلّغ قرابة ثلاثين موظفاً في المؤسسة، بين إداريين وصحافيين، من ضمنهم مجموعة كبيرة من المراسلين في المناطق اللبنانية، قرار الاستغناء عنهم بسبب «الصعوبات المالية».
المسألة لم تتوقّف هنا، بل جرت بعض عمليات الصرف المتفرقة في الفترة الماضية في أقسام بينها التدقيق اللغوي.
أزمة «النهار» المالية عادت إلى الواجهة أخيراً، بعدما اجتمعت لجنة مصغرة مؤلفة من عدد من الموظفين أوّل من أمس بالمدير المالي والإداري خليل شمّاس، استنكاراً لتأخّر دفع الرواتب للشهر الخامس على التوالي. الأمر الذي وضع الموظفين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود، أمام وضع معيشي صعب جداً.
نتيجة اللقاء كانت مخيّبة للآمال، لا سيّما أنّ الحاضرين سمعوا ذرائع على شاكلة انتظار مبالغ إعلانات تقدّر بـ 800 ألف دولار أميركي، إضافة إلى أخرى تتعلّق باشتراكات من السعودية تصل إلى حدّ الأربعة ملايين دولار.
كما أكّد شمّاس أنّ موعد دفع المستحقات غير معروف، كما أنّ التعويضات غير واردة للراغبين في المغادرة. وهو ما كان قد أشار إليه موقع «مختار» الإلكتروني في مقال نشره أمس، وأكدته مصادر مطلعة على الملف لـ «الأخبار».
وقد ضمّت اللجنة أسماء معروفة في «النهار»، بينها مي أبي عقل، وعبد الله حيدر، ورندة حيدر، وسميح صعب، وحبيب شلوق، وغيرهم.
ويجري الحديث في الكواليس عن إشكال كلامي محدود جرى خلال الاجتماع بين أبي عقل ونائب رئيسة التحرير نبيل بو منصف الذي رفض عقد اجتماعات مقبلة في مبنى المؤسسة الكائن في وسط بيروت، فضلاً عن الأجواء المتشائمة التي سيطرت على اللقاء.
انطباع مي أبي عقل لم يكن منسجماً مع هذا الكلام، بل بدت أكثر «تفاؤلاً». وحول إذا ما كانت «نقابة المحرّرين» ستتحرّك في سبيل حلّ هذا الملف، تؤكد ممثلة الصحيفة في النقابة في اتصال مع «الأخبار» أنّها «لا تتحرّك بمفردها»، مشدّدة على أنّه خلال الاجتماع المذكور «أطلعنا المدير المالي والإداري على حقيقة الوضع». وتابعت بالقول: «هناك صعوبات مالية لا يمكن إنكارها.
صعوبات تُعاني منها مختلف القطاعات في البلد وليس الإعلام فقط. نحن تفهّمنا الواقع، والأكيد أنّ حقّ أيّ من الموظّفين لن يُهدر رغم التأخير في دفع الرواتب»، مشيرةً إلى أنّ الملف يجب أن يُعالج، خصوصاً مع عودة رئيسة مجلس الإدارة نايلة تويني من إجازة الأمومة قريباً.
مصادر أخرى مواكبة للملف، تُحدّثنا عن احتمال أن تكون «النهار» تسعى إلى «المماطلة في صرف الأموال، بهدف دفع جزء من الموظفين إلى الاستقالة». هكذا، لا يبقى على الإدارة إلا دفع متأخرّاتهم المالية.
وهناك من يلفت إلى مشكلة أخرى لا تنفصل عن هذا الجانب، تتعلّق باعتماد «النهار» مع نهاية العام الحالي على نظام الـ Rapid Browser في العمل، والاستغناء عن الأسلوب التقليدي في تنفيذ الأعداد.
وإن كان هذا الأمر يعني توفيراً في الوقت وسرعة وتحسيناً في الإنتاجية، غير أنّه يؤشّر في الوقت نفسه إلى أنّ الجريدة المملوكة من آل تويني ستعمد بذلك إلى الاستغناء عن ما لا يقلّ عن ستين موظفاً بين العاملين في مؤسسة «النهار» و«المطابع التعاونية الصحافية» (تابعة لزياد تويني)، وفق التقديرات. ما يؤدي في المحصلة إلى توفير أكبر في النفقات.
في ظلّ هذه الأجواء، يبقى أفق حلّ المشكلة مجهولاً، فيما يرزح الموظّفون بين البقاء والرحيل، وكلاهما مرّ!