المُلفت في كلمة سماحة السيِّد، أن الصحف العالمية تداولتها باهتمام مميَّز، وذهبت بعض هذه الصحف الى حدّ اعتبار هذه الإطلالة وكأنها جاءت لتعطي للمنتفضين لفلسطينيين دفعاً معنويا
أمين أبوراشد
عندما كان إيهودا باراك رئيساً لوزراء العدو ما بين عامي 1999 و 2001، قال في سياق التهرُّب من إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين: "ليتوحَّدوا أولاً لنعرف مع من نتفاوض، لأنه ليس بالإمكان أن نتواصل مع سبعة عشر فصيلاً".
والتقط اليمين الإسرائيلي المتطرِّف ومعه كبار الحاخامات هذا التصريح سلاحاً للهجوم على باراك، لأنه يُشجِّع الفصائل الفلسطينية على الوحدة وهذا ما ليس في مصلحة إسرائيل، ولم يلتقط بعض القادة الفلسطينيين للأسف هذه الإشارة حتى يومنا هذا.
ورغم استمرار التجاذب بين بعض القوى والفصائل الفلسطينية، إنتفض الشباب الفلسطيني على الإحتلال وعلى واقعه منذ عدَّة أشهر دفاعاً عن حرمة الأقصى والمقدَّسات، في أصدق إنتفاضة عرفها الشعب الفلسطيني عبر تاريخه، وأسلحة هذه الإنتفاضة على بساطتها، كالحجر والسكِّين والمقلاع و"النقَّيفة" إضافة الى الدَّهس قد تكون ربما، الفرصة التاريخية والأخيرة لإستعادة الحقوق وجرّ الإسرائيلي قسراً الى المفاوضات، وستكون مفاوضات جدِّية لأن سكِّين الإنتفاضة بات يقضُّ مضاجع الإسرائيليين وزرع فيهم الخوف من مغادرة البيوت الى أعمالهم، وشلَّ حركة المستوطنين خاصة ضمن المناطق التي تتداخل فيها المستوطنات مع المناطق الفلسطينية المحتلة، الى أن دخل منذ يومين سلاحٌ من نوع آخر عبر بندقية القنص، وهو ما يُعتبر الأكثر أمناً على من يحمله، لأنه يوفِّر عليه المواجهة القاتلة التي تحصل عادة لحملة السكاكين أو سائقي سيارات الدَّهس.
وضمن أجواء الدعم للعمل الفلسطيني المقاومِ، وخلال كلمة له في "ملتقى الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة نصرةً لفلسطين" الذي انعقد منذ أيام في بيروت، أكَّد سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على أهمية "أسلحة فعَّالة وغير قابلة للمصادرة" كالسكِّين وسواها من أدوات إيذاء المحتلّ، لأن المقاومة عبر تجربتها الطويلة تُدرك أن نقطة ضعف الكيان الإسرائيلي هي إخلال الأمن في مجتمعه الآمن، خاصة أنه اعتاد قبل هزيمته في لبنان عام 2000 أن يُحارب على أرض الآخرين وشعبه آمنٌ في شوارعه ومراكز عمله وفي الأسواق.
المُلفت في كلمة سماحة السيِّد، أن الصحف العالمية تداولتها باهتمام مميَّز، وذهبت بعض هذه الصحف الى حدّ اعتبار هذه الإطلالة التي تُبارك عادة كل عملٍ مقاوم ضد العدوان، وكأنها جاءت لتعطي للمنتفضين الفلسطينيين دفعاً معنوياً لا بل أملاً كبيراً بأن السكِّين على تواضعه قادرٌ أن يقلب المعادلات في الداخل المحتلّ، وأن يكون بداية جدِّية للمواجهة الكبرى في "عقر الدار الإسرائيلية".
وَرَدَ في خطاب سماحة السيِّد، الذي توجَّه به الى العلماء المجتمعين والى الشعب الفلسطيني: "إننا امام مرحلة تاريخية من مصير الشعب الفلسطيني، وما يجري اليوم يعبِّر عن روح جهادية عالية وراقية، ونحن أمام عمليات استشهادية يومية او شبه يومية، وعمليات الطعن او الدهس غالبا ما تنتهي بالشهادة، وهذا العدد الكبير من العمليات إنما يعبِّر عن اليقين والايمان الذي يمكن ان يُدهش العالم، مشيراً الى أن السلاح المستخدم كالسكين أو السيارة، لا يحتاج الى دعم لوجستي وتعقيدات أو تمويل كبير، ولا يمكن مصادرة هذا السلاح من أيدي الناس ولا يمكن منع الناس من الحصول عليه، وهذا يدلّ على أنه عندما تتوفر الاداة يحضُر الابداع، ولا شك أن الانتفاضة الجديدة فاجأت الصهاينة والعالم أيضاً، ونجد الصهاينة يتلاومون، لأن هذا الامر لم يكن في صلب توقعاتهم، وهذه الانتفاضة أدخلت الرعب والخوف الى كيان الصهاينة، وعلى أوضاعهم الاقتصادية المهمة جداً جداً لهم، وانتم تتابعون انعكاسات هذه العمليات على كيان العدو وعلى الشعب المستوطن والمحتل لفلسطين"، مؤكداً انه "بالنسبة للفلسطينيين، لا شيء يتغير وهم لا يحمِّلون انفسهم اعباء إضافية فوق ما يتحملونه منذ سنين".
إن الشعب الفلسطيني الذي استفاد ولو بإمكانات متواضعة من خبرة المقاومة في الردع الصاروخي، واستخدام الصواريخ التي كانت أحياناً بدائية الصنع داخل ورش للحدادة في قطاع غزَّة، بات هذا الشعب يُدرك نقطة الضعف لدى الإسرائيلي، والكامنة في إيذائه كما يؤذي أبناء فلسطين عبر الأسر والتهجير والتنكيل والقتل والسحل، بأن يكون هذا السكِّين أداة تعطيلٍ قاطعة للحياة اليومية للشعب الإسرائيلي خاصة ضمن نطاق المستوطنات المتداخلة، وإن استمرار هذا النوع من المقاومة يقضي على فكرة زحف الإستيطان، وينغِّص على الشعب الإسرائيلي عيشه حيثما توفَّر إيذاؤه، ويسحب إسرائيل وبصورة عاجلة الى طاولة التفاوض العادل، ويحقِّق الشعب الفلسطيني بشبابه ما لم يحقِّقه العرب غبر تاريخ صراعهم الكلامي مع إسرائيل، وينتصر نهج المقاومة الذي كان لبنان أول واضعي بنوده بأحرفٍ من أحمر الشهادة، ويتغلَّب سكِّين الحق على ترسانة أعتى جيش عنصري في العالم وينتصر الشعب الفلسطيني ويرسم مستقبله على حدِّ السكِّين ...