تّفقت دول العالم منذ العام 2009 على الحدّ من ارتفاع حرارة الأرض عند درجتين مئويتين على مستوى العالم لتفادي الانعكاسات المدمّرة، وإنْ كانت درجتان مئويتان تسبّبان الكثير من الضرر للعديد من البلدان.
اتّفقت دول العالم منذ العام 2009 على الحدّ من ارتفاع حرارة الأرض عند درجتين مئويتين على مستوى العالم لتفادي الانعكاسات المدمّرة، وإنْ كانت درجتان مئويتان تسبّبان الكثير من الضرر للعديد من البلدان.
ودعت 43 من الدول المعرّضة للضرر، في منتصف تشرين الثاني الحالي، مؤتمر المناخ الذي تعقده الأمم المتحدة في باريس نهاية الشهر، إلى الاتّفاق على سقف 1.5 درجة مئوية، مقارنةً بما كانت عليه الحال قبل الثورة الصناعية، ما يطرح موضوعاً إضافياً للنقاش خلال المؤتمر الحادي والعشرين للمناخ.
درجتان مئويتان
تمّ تحديد سقف درجتين مئويتين نتيجةً لتسوية سياسية تمّ التوصل إليها في العام 2009 في كوبنهاغن. وكان الاتحاد الأوروبي الأوّل في 2007 في تحديد أهدافه المتعلّقة بانبعاثات الغازات السامة على أساس سقف درجتين مئويتين، استناداً إلى توصيات تقرير مجموعة الخبراء الدوليين للمناخ.
فالعلماء يخشون - في حال تجاوز سقف الدرجتين - أن يشهد العالم تغيّرات لا يمكن إصلاحها، تتمثّل في تكرار ظواهر طبيعية قصوى مثل الأعاصير والجفاف، ما يؤدّي إلى تراجع المحاصيل الزراعية واختفاء أنواع حية. كما أنَّ ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين، سيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحار 40 سنتمتراً بحلول سنة 2100، ولكن في حال ارتفاع الحرارة 4-5 درجات، سيؤدّي ذلك إلى ارتفاع مستوى البحار 80 سنتمتراً وربّما أكثر.
وكان تقرير لخبراء الأمم المتحدة في حزيران الماضي، قد ذكر بأنَّ على العالم أن يدرك أنَّه لن يكون بمنأى من المشكلات في حال تمكن من الحدّ من ارتفاع الحرارة عند درجتين. وأكَّد التقرير أنَّ سقف 1.5 درجة مئوية، هو الذي يوفّر «حزام الامان»، موضحاً أنَّه يجب النظر إلى سقف الدرجتين باعتباره «خط الدفاع» أو الحد الأقصى الذي ينبغي عدم تجاوزه بأي شكل.
ومع ارتفاع الحرارة إلى أكثر من درجتين، تبدأ الآثار بالظهور على مستوى المحيطات ودرجة حموضتها. ويصبح الأمر مسألة بقاء بالنسبة إلى جزر مثل توفالو وكيريباتي، ولكنها ليست الوحيدة التي قد تختفي.
فعلى المدى البعيد، ستغمر المياه أجزاءً كبيرة من شنغهاي وبومباي ونيويورك في حال بلغ الارتفاع 4 درجات، وهذا يشمل مناطق يعيش فيها 600 مليون شخص اليوم، ومساحات أقل مع 280 مليون نسمة في حال كان الارتفاع درجتين، و137 مليون نسمة في حال تم ضبطه عند 1.5 درجة مئوية، وفق دراسة أميركية.
ولتفادي ذوبان جليد غرينلاند الذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مياه البحر سبعة أمتار، ينبغي البقاء ضمن حدود 1.5 – 1.9 درجة مئوية، وفق عالم المناخ جان جوزيل.
تأخّر الوقت
يتجه العالم في الوقت الراهن نحو ارتفاع لا يقلّ عن 1.5 درجة مئوية، بعدما تمّ تسجيل ارتفاع قريب من درجة واحدة مئوية، بالإضافة إلى 0.6 درجة متصلة بانبعاثات الغاز السابقة التي يصعب التخلّص منها، وفق اللجنة الدولية لخبراء المناخ.
ويُتوقّع في حال نفّذت الدول التزاماتها المعلنة في الوقت الحالي، أن ترتفع الحرارة 3 درجات مئوية، ومن هنا فكرة إدراج بند في اتفاق باريس لمراجعة الطموحات لضمان البقاء ضمن سقف الدرجتين.
ولا يزال احتواء الاحترار تحت الدرجتين ممكناً «ولكنه يطرح تحدّيات تكنولوجية واقتصادية ومؤسساتية كبيرة «، وفق الأمم المتحدة، و «يفترض تحولاً جذرياً» إلى الطاقة المتجددة وزراعة المحاصيل التي تصدر كميات أقلّ من الغازات السامة، وبناء المباني التي تستهلك كميات أقلّ من الطاقة، على سبيل المثال.
مواجهة في مؤتمر المناخ!
يطالب مؤيدو الالتزام بسقف 1.5 درجة بإدراج هذا الحد ضمن اتّفاق المناخ، مؤكّدين أنّهم يمثلون 108 دول.
ويقول الوزير في جزر مارشال توني بروم «ينبغي أن نضع هدف 1.5 درجة مئوية في ذهننا حتى تشعر الدول الصغيرة بالثقة» في العملية، وهو ما يتوقع أن يعارضه كبار الملوثين.
وقبل أسبوعين من مؤتمر المناخ خلال قمة العشرين، اعترضت دول مثل الهند حتى على سقف الدرجتين الذي أدرج في الإعلان الختامي بعد مفاوضات طويلة.
ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية ميشال كولومبيه، إنَّ «العودة إلى 1.5 درجة، تشكّل خطراً كبيراً لأنّها تعني وضع الدول أمام حائط عالٍ جداً؛ لأنّنا اليوم ولكي نبقى تحت 1.5 درجة، علينا أن نتوقّف عملياً عن التنفس!».
ويضيف، من جهة ثانية، أنَّ «سقف الدرجتين مفيد لأنَّه أصبح رمزاً سياسياً يُرغم الدول على اعتماد سيناريوهات لانبعاثات الغازات، وهو يشكل أصلاً تقدماً كبيراً».