تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 26-11-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تداعيات اسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية عن الحدود السورية..
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 26-11-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تداعيات اسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية عن الحدود السورية..
السفير
إنقاذ طيار الـ«سوخوي» .. ونشر منظومة «اس 400» لتأمين مظلّة جويّة
روسيا تحتوي «الطعنة» التركية: رد مدروس.. و«لا حرب»
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول "«لن نعلن الحرب على تركيا»... و«ليست لدينا أية نية على الإطلاق في التصعيد».
عبارتان، الأولى لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والثانية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خففتا من الهلع الدولي إزاء التداعيات الصِدامية المحتملة لحادثة إسقاط طائرة «السوخوي» عند الحدود السورية ـ التركية.
ولكن ما قاله لافروف وأردوغان لم يؤشر الى إمكانية احتواء «الطعنة في الظهر» التي وجهها «السلطان» رجب طيب أردوغان لـ«القيصر» فلاديمير بوتين، في ظل الإجراءات العسكرية التي بادرت روسيا الى اتخاذها برّاً وبحراً وجوّاً في سوريا، والحديث عن مروحة واسعة من الخيارات السياسية والاقتصادية التي بإمكان الكرملين اللجوء اليها رداً على الاستفزاز التركي.
وفي اليوم الثاني لإسقاط طائرة «السوخوي»، بدا ان الرد الروسي على الحادثة الجوية قد أخذ في الحسبان ضرورة التركيز، في مرحلة أولى، على إفشال الأهداف التي ابتغتها تركيا من مغامرتها، التي تعد الأكثر تهوّراً منذ بدء الحملة العسكرية الروسية في سوريا، أو حتى منذ أيام الحرب الباردة، خصوصاً ان تلك هي الحادثة الجوية الاولى بين روسيا / الاتحاد السوفياتي، ودولة عضو في حلف شمال الاطلسي، منذ خمسينيات القرن الماضي.
وكان واضحاً، منذ اللحظة الاولى لإسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، ان تركيا أرادت تحقيق أهداف عدّة بضربة واحدة. ومن أبرز تلك الأهداف توجيه ضربة معنوية كبرى للرئيس بوتين عبر إسقاط طائرة حربية باتت تمثل رمزاً لعاصفته العسكرية المتواصلة في سوريا، واستنزاف الجهود الديبلوماسية والعسكرية الروسية الهادفة الى دحر الإرهاب وتحقيق الحل السياسي للأزمة السورية، وذلك من خلال استدراج موسكو الى مواجهة تتجاوز جبهتها الميدان السوري، والأهم وضع حلف شمال الاطلسي أمام أمر واقع جديد يدفعه الى القبول بخطة رجب طيب أردوغان الهادفة الى إقامة منطقة آمنة/عازلة من جرابلس الى البحر الابيض المتوسط.
ولكن تطورات الرد الروسي قلبت السحر على سحرة السلطان العثماني، فالإجراءات الأولية التي اتخذها الكرملين كانت كافية لإفشال مثلث الأهداف التركية، أو على الأقل احتوائها، فمفاعيل الضربة المعنوية تلاشت أمس، من خلال عملية كوماندوس روسية - سورية مشتركة، أفضت الى إعادة الطيار الروسي الثاني الى قاعدته الجوية سالماً. أما محاولات الاستنزاف فبدا انها اصطدمت برد الفعل المدروس من قبل القيادة الروسية التي أحبطت آمال أنقرة بمنازلة روسية - أطلسية. وأمّا مخطط المنطقة العازلة، فبدا أنه تحقق بالفعل، ولكن هذه المرّة معكوساً، بعد قرار روسيا نشر وتفعيل منظومات «اس 300» و «اس 400» للدفاع الجوي، وتسيير طائرات مقاتلة لمواكبة العمليات الجوية لطائرات القتال الارضي، وهو ما يدفع بالاتراك الى التفكير ألف مرّة قبل ان يتخذوا قراراً بمهاجمة الطائرات الروسية، أو الاقتراب منها، حتى في الأجواء التركية المحاذية للحدود مع سوريا.
وبعد يوم على إسقاط الطائرة الروسية عند الحدود التركية - السورية، سعت أنقرة الى تهدئة التوتر. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «ليس لدينا على الإطلاق أية نية في التسبب بتصعيد بعد هذه القضية». وأضاف أردوغان، في كلمة أمام منتدى دول إسلامية في اسطنبول، أن «تركيا لم تؤيد أبدا التوتر والأزمات وإنما تؤيد على الدوام السلام والحوار»، لكنه أضاف «نحن نقوم فقط بالدفاع عن أمننا وحق شعبنا... ويجب ألا يتوقع أحد منا أن نلزم الصمت حين ينتهك أمن حدودنا وسيادتنا».
وكرر أردوغان انتقاده للتدخل العسكري الروسي في سوريا، قائلاً «لسنا أغبياء. يؤكد (الروس) أنهم يستهدفون داعش، لكن لا داعش في هذه المنطقة. إنهم يقصفون تركمان بايربوجاك».
بدوره، أكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، أمام نواب «حزب العدالة والتنمية»، أن بلاده «صديقة وجارة» لروسيا، موضحا «ليست لدينا أي نية في تهديد علاقاتنا مع الاتحاد الروسي»، مشددا على بقاء «قنوات الحوار» مع روسيا مفتوحة.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي، «لدينا شكوك جدية حول ما إذا كان ما حدث عملاً عفوياً، انه أقرب ما يكون إلى استفزاز متعمد». وأضاف «لن نعلن الحرب على تركيا، وعلاقاتنا مع الشعب التركي لم تتغير».
وأشار لافروف الى انه أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو استمرت قرابة الساعة، موضحاً أن الوزير التركي حاول «تبرير قرارات سلاح الجو التركي» عبر تأكيده أن الطائرة «حلقت لمدة 17 ثانية في المجال الجوي التركي، وأن سلاح الجو التركي لم يعرف لمن تتبع». لكن لافروف أكد أن «هذا الهجوم غير مقبول على الإطلاق»، مشيرا إلى أن موسكو «ستجري إعادة تقييم جدية» للعلاقات الروسية - التركية.
وذكّر لافروف بكلام أردوغان، في معرض تعليقه على حادث إسقاط مقاتلة تركية من قبل سلاح الجو السوري فوق ريف اللاذقية في العام 2012، حين قال إن اختراقاً قصيراً للأجواء لا يجوز أن يعتبر ذريعة لاستخدام القوة. وأضاف لافروف «ذكّرت نظيري التركي بهذا التصريح، لكنه لم يتمكن من الرد علي، بل أصر على أنهم (الأتراك) لم يعرفوا تبعية هذه الطائرة» الروسية.
وأشار إلى استحداث خط ساخن بين مركز تنسيق العمليات لوزارة الدفاع الروسية ووزارة الدفاع التركية منذ بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا، لكنه أكد «أنقرة لم تلجأ إلى استخدام هذا الخط أبدا. إن ذلك يثير تساؤلات كثيرة». وأشار إلى أن سلاح الجو التركي نفسه يخرق أجواء جيران تركيا باستمرار، لكن ذلك لا يؤدي إلى أي حوادث من هذا القبيل.
وفي سياق محاولات احتواء التوتر، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالاً مع لافروف، وطالبه بالهدوء وبالحوار مع تركيا. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن «الوزيرين أكدا في اتصال هاتفي حاجة الجانبين لعدم السماح لهذا الحادث بتصعيد التوتر بين بلديهما أو في سوريا»، فيما ذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أشار في اتصاله مع كيري إلى أن إسقاط الطائرة «يعتبر انتهاكاً سافراً للمذكرة الروسية - الأميركية المشتركة حول ضمان سلامة طلعات الطائرات العسكرية في سوريا، والتي أخذت الولايات المتحدة فيها على عاتقها المسؤولية عن التزام جميع دول التحالف الدولي الذي ترأسه واشنطن، بالقواعد المنصوص عليها في هذه الوثيقة».
الى ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الطيار الثاني لمقاتلة الـ «سوخوي-24» تم إنقاذه من خلال عملية خاصة مشتركة بين القوات السورية والروسية. وقال شويغو «العملية كانت ناجحة. وأعيد الطيار إلى قاعدتنا» في حميميم، شاكراً «كل عناصرنا الذين قاموا بمجازفات كبرى طوال الليل» لإنقاذ الطيار قسطنطين موراختين.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومعارضون أن الطائرات الروسية شنت غارات عنيفة على مواقع المسلحين في ريف اللاذقية قرب موقع إسقاط تركيا للطائرة الروسية. وأوضح «المرصد» أن «12 ضربة جوية على الأقل أصابت ريف اللاذقية الشمالي، فيما اشتبكت قوات سورية مع مقاتلين من جبهة النصرة ومقاتلين تركمان في منطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان». وقال مصدر في الجيش التركي إن القوات التركية المنتشرة على الحدود في حالة تأهب بعد بدء القصف.
وعززت شهادة الطيار الروسي حول الحادث الجوي وجهة النظر القائلة بأن تركيا تعمّدت نصب كمين جوي لـ «السوخوي» الروسية. وخلافاً للرواية التركية، قال قسطنطين موراختين «لم يكن هناك أي تحذير، لا عبر اللاسلكي ولا بصرياً. لم يكن هناك أي اتصال على الإطلاق»، مضيفاً «لو أراد (الجيش التركي) أن يحذرنا، لكان قادرا على إرسال طائرة في محاذاتنا. لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق».
ولعل الرواية التركية بشأن الحادث تتضمن ما يؤكد وجهة النظر الروسية بشأن الحادث، فقد نُشرت يوم امس نسخة من الرسالة التي وجهتها أنقرة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حول ملابسات إسقاط «السوخوي»، وقد كان لافتاً فيها التأكيد أن المقاتلة الروسية استهدفت بعد 17 ثانية من اخترقها المجال الجوي التركي، بخلاف ما كانت أنقرة أكدته مرارا امس الاول بأن الانتهاك استمر خمس دقائق.
وفي موازاة عملية إنقاذ الطيار الروسي، اتخذت موسكو إجراءات جديدة، لحماية طائراتها العاملة في سوريا، فبعد قرار هيئة الأركان العامة تأمين مواكبة جوية بطائرات قتالية للعمليات الجوية، وتفعيل منظومة «اس 300» على متن الطراد «موسكفا» قبالة السواحل السورية، تقرر يوم امس نشر منظومة الدفاع الجوي «اس 400» في قاعدة حميميم العسكرية.
وفي هذا الإطار، قال بوتين: «في ما يتعلق بأمن طيراننا خلال عمليتنا الجوية في سوريا، أرى أن الإجراءات التي أعلناها غير كافية، وبحثت الأمر مع القادة المعنيين في وزارة الدفاع. قررنا نصب منظومة اس 300 للدفاع الجوي في قاعدتنا الجوية في سوريا، وآمل ألا تقتصر إجراءاتنا على هذه الخطوة فحسب، بما يخدم ضمان سلامة تحليق طائراتنا». وأضاف «أريد التأكيد في هذه المناسبة أننا سنتعامل بجدية مطلقة مع الحادث، وسنسخّر جميع طاقاتنا لضمان أمننا».
وفي البداية حدث لبس في نوع النظام الذي يشير إليه بوتين، فقد تحدث عن نظام «إس 300»، لكنّ وزير الدفاع سيرغي شويغو ومتحدثاً باسم الكرملين أكدا إرسال نظام «إس 400» المتقدم للدفاع الجوي إلى قاعدة حميميم.
وفي إطار الرد الروسي على حادثة «السوخوي»، صعّد بوتين، يوم امس، من انتقاده للقيادة التركية، محذراً من أن قادة تركيا يشجعون على أسلمة المجتمع التركي، وهو أمر يمثل مشكلة.
وقال بوتين ان «المشكلة ليست المأساة التي شهدناها أمس (الاول). المشكلة أعمق بكثير. نحن نلاحظ أن القيادة التركية الحالية على مدار عدد كبير من السنوات تتبع سياسة متعمدة لدعم أسلمة بلادها، ودعم التيار الإسلامي» المتطرف.
وحذر بوتين السياح الروس الموجودين في تركيا من خطر جسيم قد يتهددهم على خلفية التطورات الأخيرة. وقال «بعد الحادث الذي وقع أمس (الأول)، لم يعد بوسعنا استثناء تكرار أي حادث آخر، إلا أننا لن نتوانى عن الرد في مثل هذه الحالة. مواطنونا الموجودون في تركيا قد يتعرضون لخطر كبير، ووزارة خارجيتنا ملزمة بالتنبيه إلى ذلك».
بدوره، قال رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف إنّ المشاريع المشتركة المهمة بين روسيا وتركيا قد تُلغى، وإن الشركات التركية يمكن أن تخسر نصيبها في السوق الروسية. وأكد ميدفيديف أنه نتيجة للسياسات التركية فإنّ «علاقات الجوار الطويلة بين روسيا وتركيا تصدعت».
النهار
إسقاط السوخوي: أكبر من اشتباك، وأصغر من حرب
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول "إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية، ليس قرارًا ابن ساعته، ولا امًرا معزولاً عما يجري في شمال #سوريا. فالإعلام التركي يعكس منذ اسابيع غليانًا سياسيًّا في شأن تركمان سوريا. وصارت المعارك الدائرة في #جبل_التركمان الذي ربما تركه الفرنسيون لسوريا في مقابل سلخ اسكندرون عنها، مسألة داخلية تركية.
منذ عسكرة التدخل الروسي في سوريا، وطائرات السوخوي تقصف هذا الجبل بينما تتقدّم القوات السورية في اتجاهه للسيطرة على قمة الزاهية في منطقة بايربوجاق في الريف الشمالي للاذقية. تقدّم يقابله هروب الآلاف من العائلات التركمانية الى السورية الداخل التركي. وهؤلاء تربطهم صلات قربى وصلات تاريخية مع تركيا التي توليهم اهتمامًا خاصًّا. وفي المقابل صار التركمان جزءًا من الحملة المضادة للسيطرة على حلب، كما للسيطرة على جرابلس للحفاظ على المعبر الاخير بين الدولتين الباقي تحت إشراف أصدقاء تركيا، ومنع التواصل بين القطاعات التي يسيطر عليها اكراد سوريا.
الروس يقصفون ريف اللاذقية بذريعة ان خصومهم المقاتلين الشيشان والاوزبك موجودون في ريف دمشق، فيما أصدقاؤهم في دمشق يريدون استرجاع السيطرة على هذه المنطقة الحساسة لتوفير الحماية للاذقية وطرطوس وجبال العلويين وفتح الطريق الى حلب. في المقابل تعتبر انقرة ان سيطرة أبناء لدنتها التركمان وحلفاءها في "الجيش السوري الحر" على هذه المنطقة يمهد لإقامة المنطقة الآمنة التي تتطلع اليها في شمال سوريا، بعدما نالت اخيرًا رضًى أميركيًّا للشروع فيها، بعدما عارضت واشنطن طويلاً هذا الطرح. اذن نحن أمام إعادة إحياء مشروع منطقة عازلة تصير معسكرات للنازحين، يليها اعلان منطقة حظر جوي، وهكذا يعود التوازن العسكري المفقود في شمال سوريا بين النظام في دمشق وأصدقائه الروس من جهة، والمعارضة السورية وحلفائها الاتراك من جهة اخرى. وهنا نصير امام تركيبة سياسية جديدة تهدد بتغيير التوازن السياسي والعسكري، وربما بتقسيم سوريا . فاذا استمرت انقرة في دعم تركمان سوريا، فإنهم على الأقل مثل الاكراد سيطالبون بتثبيت حقوقهم، وهذا لن يساعد على ضمان وحدة سوريا.
قبل إسقاط السوخوي، تجددت محاولات عزل روسيا ليس فقط على الجبهة السورية، بل في المحافل الدولية ايضا. مجلس الامن تجاهل مشروع قرار روسي في شأن تكثيف الجهود في مجال محاربة "داعش" بعد العمليات الارهابية في باريس يتضمن إشراك القوى الفاعلة على الارض في هذه الحرب ومن بينها الجيش السوري، وتبنّى في المقابل مسودة فرنسية تخلو من هذه الاشارة. كما وجهت الرياض ضربة ديبلوماسية في الأمم المتحدة، حيث أقرّت لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة مشروع قرار سعودي لا يشير مباشرة الى روسيا وإيران، ولكنه يدين التدخل في سوريا من "المسلحين الأجانب والقوات الأجنبية كافة الذين يقاتلون الى جانب النظام السوري" وبالذات الحرس الثوري و"حزب الله" ويدعو الى وقف الغارات الجوية.
وإزاء هذا التنوع في الضغط على روسيا يحضر تلقائيًّا الجواب على التساؤل: هل كان "الناتو" بعيدًا من سلوك تركيا صاحبة ثاني أكبر جيش في الحلف؟ وهل ستجرّ اي مواجهة بين الاتراك والروس الحلف الاطلسي اليها؟ وهل نحن امام حرب قرم جديدة كتلك التي حدثت بين الامبراطوريتين العثمانية والروسية في القرن التاسع عشر، وشكلت بوابة لتغيرات سياسية في العالم آنذاك؟
حتما لا، فالاطلسي اراد من خلال تركيا توجيه رسالة واضحة بأن سوريا وشرق المتوسط لن يكونا أبدًا ساحة يحتكرها اللاعب الروسي وحيدًا، وتاليًا رسم حدودًا لدوره وخطًّا أحمر لما هو مسموح وغير مسموح. لكن اغلب الظن ان لا روسيا ولا "الناتو" في وارد الدخول في مواجهة مباشرة تقود الى حرب عالمية ثالثة صارت بحكم المنبوذة دوليا، وهذا بدوره يندرج على اي مواجهة تركية روسية مباشرة، وتاليا سيتجاوز الصراع بين الطرفين الحرب بالوكالة في سوريا الى مواجهات محدودة بينهما ميدانها الوحيد الارض السورية، لا سيما في الشمال حيث ستسعى #تركيا الى إبقاء سيطرتها على المعابر وتأمين منطقة آمنة لاصدقائها، ومن ثم تغذية انقرة للنزعة التركمانية من تراقيا الى تركستان الشرقية في شينجيانغ. فيما تريد روسيا تعزيز مناطق سيطرة النظام و"الاصدقاء" الاكراد، والتعامل مع كل المعارضات السورية المسلحة على انها مجموعات ارهابية، حتى تثبت العكس بقبولها بمبادىء التسوية التي جرى الاتفاق عليها في #جنيف، وربما تذهب الى ما هو اخطر بتقديم الدعم السخي للثوار الاكراد، ليس فقط في سوريا بل في تركيا نفسها. لكن هذا مثله مثل اعلان الحرب ودونه حسابات معقدة. وفي انتظار ان تترسخ اي من وجهتي النظر الروسية او التركية على الارض، يمكن انتظار سقوط طائرات عدة من هذا الجانب او من ذاك، بينما المسكينة سوريا وشعبها يواصلان دفع أثمان لعب الكبار على أرضهم وتزداد أزمتهم تعقيدًا بدل ان تحلّ.
الأخبار
سوريا مسرحاً لصراع عالمي: صدام أم حرب متدحرجة؟
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول "مسمار أخير دقّته تركيا في نعش التسوية السياسية في سوريا، فاتحة الطريق أمام تصعيد ميداني يأتي في ظل إعادة ترتيب للاصطفاف الإقليمي، أبرز ما فيه تكريس التحالف العضوي بين روسيا وإيران، في مواجهة الإرهاب التكفيري في المنطقة.
عملية خلط للأوراق في المنطقة تتسارع وتيرتها يوماً بعد يومٍ، ليس الاشتباك الجوي التركي الروسي الأخير سوى أحد عوارضها. الخارطة المحدّثة لاصطفاف القوى، تظهر بوضوح خروج روسيا من المنطقة الرمادية، باتجاه توثيق التحالف مع إيران، على ما ظهر من خلال الزيارة الأخيرة للرئيس فلاديمير بوتين إلى طهران.
في التوصيف يمكن الاشارة الى الآتي:
* سعار تركي مزدوج الأسباب أقفل باب التسوية في سوريا: الأول داخلي نبع من نجاح رجب طيب أردوغان في استعادة سيطرته على الحكم من خلال الانتخابات الأخيرة، فترجم الأمر إدارة حازمة لسياسة خارجية تطابق تطلعات حزبه. والثاني خارجي تحركه نزعة انتقامية من سلسلة الانتكاسات التي منيت بها تركيا على الساحة الإقليمية، ومنها تراجع حلفائه على الساحة السورية.
* تصعيد أميركي، في أكثر من اتجاه، ظهر جلياً في التغطية الكاملة لعملية إسقاط تركيا الطائرة الروسية، وسط عملية تسليح تجري على قدم وساق لحلفاء واشنطن من المعارضة المسلحة في سوريا. كذلك ظهر التصعيد الاميركي في دفع أوكرانيا الى قطع الكهرباء عن منطقة القرم، بعد أقل من أسبوعين على تفجير مشبوه لطائرة روسية مدنية في شرم الشيخ، تبنّاه «داعش» كجهة منفذة، وسط تساؤلات عن الرسالة التي حملها والطرف المخطط.
* ارتباك أوروبي، تولد في أعقاب اعتداءات باريس والتهديد التكفيري الذي يخيّم على دول القارة القديمة كلها. فجأة وجدت أوروبا نفسها في حالة استنفار غير مسبوقة، مترافقة مع برامج وإجراءات ما وراء البحار، تهدف الى منع وصول الإرهابيين الى حدود القارة العجوز. وهي إجراءات إذا ما سارت في سياق صحيح لضمان أمن أوروبا، فسوف يكون ممرها الاجباري التعاون مع دمشق وحلفائها.
* تعنّت سعودي يزداد شراسة ورفضاً لأي حلحلة، من سوريا الى العراق الى اليمن وصولاً الى لبنان. وهو تعنّت يتمظهر في رفع مستوى دعم كل الشبكات والمجموعات الارهابية في كل هذه الدول وفي مناطق أخرى من العالم، من دون ضمان أمن السعودية الداخلي أيضاً.
وفي الوقائع، تعيش بلادنا على وقع سياق فيه حرب قاسية، بين مسار ميداني أخذ شكلاً مختلفاً مع التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية، ومسار سياسي ولد ميتاً في فيينا. لكن ما أضيف الى هذا السياق هو مسار الارتباك الذي أطلقته اعتداءات باريس.
كثيرة هي التحليلات التي أصّلت لقرار بوتين إرسال قواته إلى سوريا، وتبدأ من اقتناعه بوجوب محاربة التهديد التكفيري في سوريا كي لا يضطر إلى القيام بذلك في موسكو، في ظل معلومات تزداد وضوحاً يوماً بعد يوم عن أن المعركة المقبلة مع «داعش» ستكون في آسيا الوسطى حيث أقامت أكثر من إمارة في المنطقة بين الصين وروسيا وإيران، ولا تنتهي طبعاً بمحاولة روسيا جمع أوراق تفاوضية يمكن أن تصرفها على طاولة محادثات تجمعها مع الولايات المتحدة في يوم قريب، على ما درجت عليه في أكثر من محطة، من بوشهر مروراً بالقرار الدولي حول ليبيا ولا تنتهي بمثيله المتعلق باليمن.
وكثيرة هي أيضاً المعطيات التي تفيد بأن التدخل الروسي العسكري في سوريا لم يرفع من ثمن التسوية معها، حيث بقيت العروض على حالها، وتتراوح بين استثمارات خليجية ببضعة مليارات وصفقات تسلح بأرقام متقاربة، بل لم يؤمن لروسيا اعترافاً بها قوة عظمى على الساحة الدولية، ولم يخفف من حدة قواعد الاشتباك في أوكرانيا، ولا أقنع أيّاً من الأطراف بضرورة رفع ولو جزء من العقوبات المفروضة عليها.
التدخل العسكري الروسي في سوريا، وما تضمنه من مظلة جوية للسماء السورية، فرض مجموعة ضوابط وقيود على حركة الفاعلين الإقليميين والدوليين في الساحة السورية من الطرف الآخر، والحديث هنا عن واشنطن وأنقرة والرياض، مع توجيه ضربات جدية لأدوات هذه الدول على الساحة السورية، كان آخرها على سبيل المثال لا الحصر قافلة صهاريج النفط الخاصة بداعش، والتي أبيدت عن بكرة أبيها، فضلاً عن عملية القضم المستمرة للأراضي، والتي تهدد، في حال اكتمالها، بوضع سدّ أمام الحركة التركية في الشمال السوري.
أما مسار الحل السياسي، الذي جرى إعادة تفعيله على قاعدة العلاقة التفاعلية مع حركة الميدان، فقد قام على معادلتين متناقضتين: الأولى، غربية المصدر، تفيد بأن لا ضرب لـ»داعش» من دون حل سياسي، ولا حل سياسياً بوجود الرئيس بشار الأسد، ما يعني عملياً رفضاً غربياً مطلقاً لتوجيه أي ضربة لـ»داعش». أما الثانية، فإيرانية الطرح، تقوم على معادلة أن لا حل سياسياً من دون تيئيس الطرف الآخر من إمكانية تحقيق إنجاز، وهو هدف لا يتحقق من دون القضاء على الطرف الأقوى في المجموعات المسلحة السورية، أي «داعش» و»النصرة».
هذا طبعاً من دون الحديث عن الاتفاق على الاختلاف حول مصير الأسد، الذي يكتنز بحدّ ذاته تناقضاً بنيوياً في الرؤية لمآلات الصراع في سوريا، حيث الهدف الاستراتيجي من كل ما يجري، من وجهة نظر الطرفين، ضمان أمن إسرائيل، عبر تمهيد الأرضية لوضع يمكن من خلاله شن حرب جديدة للقضاء على المقاومة التي يمثلها حزب الله، عن طريق حرمانه من عمقه الاستراتيجي بقطع طرق الإمداد اللوجستي عنه. تناقض يتجسّد في اعتبار كل من الطرفين الأسد ضامناً لتحقيق مآربه، الأول بغيابه والثاني بحضوره.
حدث باريس الأخير، له نقاش خاص. يبدأ بأسئلة حول تنظيم «داعش» نفسه، وحول أدائه الذي أظهر في أكثر من محطة أنه عبارة عن تنظيم متماسك، فيه مستوى عال من السيطرة والتحكم، وتديره غرفة عمليات تجيد قراءة المتغيرات الإقليمية والدولية والتعامل معها. تنظيم من هذا النوع سيكون له تفسيره الخاص لقرار تنفيذ تفجيرات باريس. وهو العارف مسبقاً بأنها ستقلب الرأي العام الأوروبي لمصلحة منطق خصوم «داعش»، أي الرئيس الأسد وحلفاءه، وستجبر دول الغرب على اتخاذ إجراءات فعالة تضرّ بالتنظيم وتخدم تحالف دمشق تحت عنوان مكافحة الإرهاب، إلا في حال كان للتفجيرات مآرب أخرى، بغض النظر عن الجهة المنفذة لها، تدفع باتجاه تورط عسكري أطلسي في سوريا، يحاكي الغزو الأميركي للعراق في أعقاب اعتداءات 11 أيلول.
كل ما سبق، يقود الى خلاصة واحدة:
ــ نحن أمام وضع متأزم، فيه اصطفاف جديد لروسيا، نقلها من موقع الوسيط إلى موقع الحليف لإيران، ودفع بها إلى اتهام النظام التركي بتعزيز «التيار المتطرف داخل تركيا»، والى الإعلان عن نصب منظومة «اس 400» في سوريا.
ــ اشتباك إقليمي، قد تكون حادثة الطائرة الروسية أحد مقدماته.
ــ حرب مستمرة وبعنف أكبر، واحتمالات الحسم الميداني لأي من الطرفين غير واقعية الآن.
كل ذلك، يعيد المخاوف من سعي الغرب الى خيار تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ، تتحول مع الوقت الى دويلات ينهش بعضها بعضاً.
اللواء
أردوغان لن يصعِّد ولافروف لن يُعلن الحرب
موسكو تدعو واشنطن للكفّ عن التلاعب وفرض العقوبات
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول "وسط جدال بتسجيلات وتصريحات متناقضة عن التحذيرات التركية المتكررة للمقاتلة الروسية قبل اسقاطها، بدا أمس ان كلاً من أنقرة وموسكو تتجهان للتهدئة على الرغم من حدة مواقف روسيا التي ارادت الانتقام عبر تكثيف غير مسبوق للقصف على المناطق ذات الغالبية التركمانية الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.
ونشر الجيش التركي امس ما قدمه على انه تسجيلات لتحذيرات وجهت الى قائد الطائرة الروسية قبل اسقاطها الثلاثاء على الحدود السورية.
وجاء في احد هذه التسجيلات باللغة الانكليزية تسجيل تكرر للعبارات التالية «هنا سلاح الجو التركي. انتم تقتربون من المجال الجوي التركي. اتجهوا جنوبا فورا».
لكن قنوات التلفزيون الروسي نقلت عمن قالت انه الطيار الذي نجا من حادث الثلاثاء، وتمت استعادته امس فيما قتل الطيار الاخر، تأكيده انه لم يتلق «اي تحذير» ولا «اي اتصال» من الجيش التركي الذي كان قال انه اصدر عشر تحذيرات في غضون خمس دقائق.
وقد سعت تركيا الى تهدئة التوتر الحاد مع روسيا التي عادت لتؤكد انها «لن تعلن الحرب» على تركيا رغم اسقاط الطائرة الذي اعتبرته «استفزازا متعمدا» فيما اوصى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواطنيه بعدم زيارة تركيا.
وقال زير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي «لدينا شكوك جدية حول ما اذا كان هذا عملا عفويا، انه اقرب ما يكون الى استفزاز متعمد». بيد انه اضاف ان روسيا لن «تعلن الحرب على تركيا، العلاقات مع الشعب التركي لم تتغير».
بالمقابل، سعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى تهدئة التوتر مؤكدا انه «ليس لدينا على الاطلاق اية نية في التسبب بتصعيد بعد هذه القضية».
كما اكد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ان بلاده «صديقة وجارة» لروسيا، موضحا «ليست لدينا اي نية في تهديد علاقاتنا مع الاتحاد الروسي»، مشددا على بقاء «قنوات الحوار» مع روسيا مفتوحة.
وبهدف تهدئة التوتر اتفق لافروف ونظيره التركي مولود جاوش اوغلو «على ان يلتقيا في الايام القادمة»، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بلغيث.
كما تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع لافروف وطالبه بالهدوء وبالحوار مع تركيا بعد أن أسقطت مقاتلة روسية عند الحدود السورية. وقالت الخارجية الأميركية في بيان إن الوزيرين في اتصال هاتفي «أكدا على حاجة الجانبين لعدم السماح لهذا الحادث بتصعيد التوتر بين بلديهما أو في سوريا».
وفي سياق متصل أفاد مكتب منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني بأن روسيا وأوروبا اتفقتا على مواصلة الجهود لايجاد حل دبلوماسي في سوريا بعد ان تحدثت مع لافروف. وقال مكتب موغيريني ان الجانبين «اتفقا على ضرورة تأمين المسار الدبلوماسي للأزمة السورية الذي افتتح في فيينا».
الى ذلك، قام متظاهرون برشق السفارة التركية في موسكو بالحجارة أمس كانتقام لإسقاط الطائرة الروسية. وتجمع مئات المتظاهرين وجميعهم تقريباً من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً بعد الظهر أمام السفارة التركية، ورددوا هتافات مناهضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام أنظار الشرطة التي لم تتدخل.
ميدانياً، كثف الطيران الحربي الروسي غاراته الجوية على ريف اللاذقية الشمالي في غرب سوريا حيث اسقطت تركيا قاذفة روسية، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
ونفذ الطيران الروسي كذلك غارات على معبر حدودي مع تركيا في محافطة حلب الشمالية، وفق المرصد. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن «تشن الطائرات الحربية الروسية منذ ليل امس (الثلاثاء) غارات كثيفة على منطقتي جبل الاكراد وجبل التركمان»، اللذين يعدان معاقل الفصائل المسلحة في محافظة اللاذقية. وأحصى المرصد 12 غارة روسية منذ صباح امس على مناطق في ريف اللاذقية الشمالي.
واوضح عمر الجبلاوي، المتحدث باسم تجمع ثوار سوريا، وهو تجمع اعلامي معني بمتابعة اخبار الفصائل المقاتلة، ان «اسرابا من الطائرات الروسية تتولى تباعا قصف جبل التركمان وجبل الاكراد منذ الامس بشكل رهيب».
وفي محافظة حلب، ذكر المرصد السوري ان مدينة اعزاز والمنطقة المحيطة بمعبر باب السلامة على الحدود التركية تعرضتا لغارات يعتقد ان مقاتلات روسية نفذتها. ويعيش في اعزاز تركمان سوريون كما في حلب واللاذقية.
وقتل ثلاثة اشخاص واصيب ستة بجروح في الغارات وفق الناشط السوري مأمون الخطيب الذي قال ان معظم الضحايا من سائقي الشاحنات.
من جهة أخرى، اقر النواب الفرنسيون أمس بشبه اجماع تمديد الضربات الجوية في سوريا التي قررها الرئيس فرنسوا هولاند في ايلول وتكثفت منذ اعتداءات باريس في منتصف تشرين الثاني.
وقد صوت النواب بغالبية 515 صوتا مؤيدا مقابل اربعة ضد وعشرة امتنعوا عن التصويت، على «تمديد تدخل القوات الجوية فوق الاراضي السورية» وذلك بموجب الدستور عندما تتجاوز مدة التدخل العسكري اربعة اشهر.
ووافق اعضاء مجلس الشيوخ على القرار بأغلبية 325 صوتا مؤيدا وامتنع 21 عن التصويت. وقال رئيس الوزراء مانويل فالس «ما من بديل: علينا القضاء على داعش» الاسم الرائج لتنظيم الدولة الاسلامية. وقال «نفذ اكثر من 300 ضربة» فرنسية في سوريا منذ بداية التدخل في العراق في ايلول 2014 وفي سوريا في ايلول 2015.
ومع تأييده لتمديد التدخل، انتقد اليمين الفرنسي الرئيس فرنسوا هولاند على «هدر الوقت» في التعاون مع روسيا التي يفرض عليها الاوروبيون عقوبات بسبب ازمة اوكرانيا.
وتساءل رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون عشية زيارة هولاند لموسكو «هل يمكن ان نحارب جنبا الى جنب مع روسيا في حين نفرض عليها عقوبات اوروبية» الجواب هو لا».
من جهة ثانية، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي قوله أمس إن موسكو لا تفهم العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا بشأن سوريا وإن على واشنطن أن تكف عن ممارسة «ألاعيب الجغرافيا السياسية». ونقلت الوكالة عن سيرجي ريابكوف قوله «من الواضح أن هذه لحظة جديدة معقدة في العلاقات».
وقالت وزارة الخزانة الأميركية أمس إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على عشرة أهداف منها بنك روسي لدعمها الرئيس السوري بشار الأسد.
البناء
أوباما والأطلسي ينتقلان للوساطة بين الثعلب التركي المذعور والدبّ الروسي الثائر
بوتين ينشر الـ«أس 400» ويبدأ مع الأسد حملة تنظيف سورية من جماعة أردوغان
صحيفة البناء كتبت تقول "لم تصمد العنتريات التركية والأطلسية ليلة واحدة بعد ساعات من الإعلان الروسي على العزم بمواصلة الحسم العسكري في سورية، وترجمة ذلك بقرارات عملية أصابت مقتلاً من الحسابات التركية الفعلية التي كانت وراء قرار إسقاط الطائرة وهي حماية الجماعات التابعة لتركيا والمختبئة تحت مسمّى المعارضة المسلحة في شمال سورية، وتحييدها من الغارات الروسية، خصوصاً في جبل التركمان والمناطق القريبة من الحدود، والتي لأجلها كانت اتصالات الرئيس التركي رجب أردوغان يومياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إثر كلّ جولة للمطالبة بتحييد هذه المناطق والجماعات لتفاهم سياسي لاحق، وروسيا تجيب دائما أنّ تصنيف التنظيمات الإرهابية وفقاً لمعايير الأمم المتحدة هو الذي يضع خطاً فاصلاً بين مَن يُستهدف ومَن يُدعى للمشاركة في العملية السياسية من جهة، وأنّ وحدة سورية الوطنية غير قابلة للتقسيم إلى مناطق نفوذ إقليمية، وأنّ التكوينات العرقية والاتنية للسوريين لا تبرّر التطلع إلى دولة سورية متعدّدة الولاءات بل إلى دولة علمانية موحدة، وكلّ هذا ورد في تفاهمات فيينا. ولما يئس أردوغان من المراجعات بادر مع الأميركيين إلى التحرك نحو انتزاع قريتين شمال سورية من يد «داعش» بغطاء جوي تركي أميركي لحساب هذه الجماعات التي تستهدفها روسيا، لمنح هذه الجماعات صكّ براءة وإخراجها من لائحة الإرهاب، ولما تواصلت الغارات الروسية وتقدّم الجيش السوري وصار جبل الزاوية محور القتال الأول وقع الاستهداف للطائرة الروسية لوضع الأمور في دائرة خط أحمر يعادل حرباً.
استنفرت واشنطن حلفاءها لمساندة أردوغان لساعات، ووقف الرئيس أوباما خطيباً مدافعاً عن حق تركيا بحماية مجالها الجوي، وتضامن حلف الأطلسي، ونقل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رسالة ليبلغها من الرئيس أوباما للرئيس بوتين، لكن موسكو استبقت كلّ ذلك وقالت إذا كانت القضية قضية مجال جوي تركي، فهي تحترم هذا المجال، ولا تحتاج إلى وساطات ومفاوضات لأجل تثبيت ذلك، ولا مبرّر للقاءات تعقد تحت هذا العنوان وتمنح صك براءة بإسقاط الطائرة، ولأنّ القضية ليست كذلك وهي قضية مضمون ومفهوم الحرب على الإرهاب ومستقبل سورية والدور الروسي في الحرب وفي وسورية، فإنّ روسيا ستمضي بثبات أشدّ وعزيمة أقوى في ما كانت تقوم بتنفيذه وتواصل اليوم فعله غير آبهة بالرسالة التركية ولن تقبل مساومة على أيّ من ثوابتها، وهي تضع بطاريات صواريخ تشكل أحدث ما في الترسانة العالمية في سلاح الدفاع الجوي وليس في الترسانة الروسية فقط ومعها تنقل سفنها الحربية وطائراتها الأشدّ فتكاً، لتمنح قرار الحسم في وجه الجماعات التابعة لأردوغان في سورية من جنوبها إلى شمالها، خصوصاً على خط الحدود التركية السورية، فإنّ كان لدى أردوغان وحلف الأطلسي وأوباما عزيمة خوض الحرب، فبوتين قد اتخذ قراره ولن يتراجع ولن يتردّد.
تلعثمت تركيا، وارتعدت فرائص الثعلب التركي أردوغان، ووقف الرئيس الأميركي مجدداً مستعيناً بمجلس الأمن القومي ليحاضر بخطر «داعش» على البشرية وضرورة أن يكون أولوية الأولويات، أملاً بوصول الرسالة إلى بوتين بأن لا نية للتصعيد ولا رغبة بالتوتر، وأنّ الأولوية الواحدة تجمع الجميع في مركب واحد، وموسكو تعلّق أنها متفقة مع هذه الأولوية، لكن الفارق أنها تمارسها كأولوية بينما يريد الآخرون جعلها أولوية كلامية ليفرضوا أولوياتهم الخاصة ويثنوا روسيا عندما تضعها كأولوية عملية عن ذلك، لأجل مساومتها على أولوياتهم الخاصة المريضة والدنيئة، والرخيصة عموماً. وروسيا لن تصغي ولن تسمع ولن تستجيب لهذه المحاولات ولو لبست ثوب الوداعة.
جولة الحوار الـ11 الملف الرئاسي في كواليس
بقي الموضوع الرئاسي في مقدمة الاهتمامات، وإن في الكواليس، فيما غاب هذا الموضوع عن الجولة الحادية عشرة من الحوار الوطني في عين التينة.
وفي أول موقف رسمي للنائب سليمان فرنجية عن طرح اسمه كمرشح رئاسي، قال: «إن هذا الطرح الجديد هو من فريق 14 آذار، وقد يكون من الرئيس سعد الحريري وعندما يُعلن رسمياً عندها لكل حادث حديث. وحتى الآن، كل الحديث هو حديث كواليس، واجتماعات ثنائية وثلاثية وغيرها».
وأضاف فرنجية: «نحن والجنرال ميشال عون على تواصل مستمر ولا يفكرنّ أحد أن هناك أي جو لا يكون من ضمنه الجنرال عون ونحن على تواصل مستمر معه».
وأكد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «المرشح المتقدم على جميع المرشحين اليوم في ملف الرئاسة هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية»، مشيراً إلى أن «الغرب مشغول عن لبنان ولسنا أولوية».
وفي حديث تلفزيوني، أوضح مكاري أنه «طرح اسم فرنجية بسبب عدم التوصل لاتفاق حول رئيس طوال المدة الماضية»، لافتاً إلى «أنه يتمّ التواصل بين تيار المستقبل وتيار المردة منذ فترة».
وفي موازاة ذلك، قالت أوساط تيار المستقبل إن حسم اسم فرنجية المرشح للرئاسة مرتبط بنتائج الاتصالات الجارية في هذا الشأن.
جلسة حوار بلا رئاسة
وكانت الجلسة الحادية عشرة من الحوار الوطني قد انعقدت بغياب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون لكن حضر معاونه النائب ابراهيم كنعان، بينما استمر حزب الكتائب بمقاطعته للجلسات حتى انعقاد مجلس الوزراء لحل أزمة النفايات، وكانت الجلسة روتينية ولا جديد فيها، بينما تركز البحث على ملف النفايات وقانون الانتخاب وعمل اللجنة المكلفة إعداد مشروع في هذا الصدد، أما في ما يتعلق بالحكومة لا تزال الأمور على حالها والمواقف نفسها، فالتيار الوطني الحر سيشارك فقط في جلسة مخصصة لموضوع النفايات إذا تم التوافق على خيار الترحيل، أما إذا لم يحصل هذا التوافق فشرطه لعقد جلسة وزارية هو البحث في آلية العمل الحكومي وفي التعيينات الأمنية في الجلسة الأولى. وتم تحديد يوم الاثنين في 14 كانون الأول موعداً للجلسة المقبلة.
جلسة حكومية ربما الأسبوع المقبل
على الصعيد الحكومي، ينتظر رئيس الحكومة تمام سلام الانتهاء من درس خيار ترحيل النفايات ليدعو الأسبوع المقبل إلى جلسة لمجلس الوزراء.
وفي السياق، أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أنه «عند الانتهاء من دراسة العروض التي قدمتها الشركات لترحيل النفايات إلى الخارج، سيدعو الرئيس سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء»، مرجحاً أن تكون الأسبوع المقبل.
وأشار إلى أن «هناك شروطاً فنية معقدة تفرضها الدول المستوردة للنفايات يتم درسها، لكن خيار الترحيل يتقدم وهو الخيار الأفضل حالياً». ونقلت أوساط سلام عنه تفاؤله بنجاح خيار الترحيل وانعقاد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
إجراءات أمنية عشية الأعياد
وعشية الأعياد، تكثّفت الاجتماعات الهادفة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في المناطق ولا سيما في بيروت وجبل لبنان وكسروان واتخذت جملة مقررات أبرزها تركيب كاميرات مراقبة موصولة بالأجهزة الأمنية وذلك لاستباق أي عمليات إرهابية وإجهاضها قبل أن تحصل.