أظهرت صور ومشاهد عناصر "جبهة النصرة" الارهابية التي انتشرت على القنوات المحلية والعالمية خلال عملية تسلم العسكريين اللبنانيين المحررين، كيف ان هذه العصابات الارهابية حاضرة بعتادها وعديدها في عرسال.
ذوالفقار ضاهر
أظهرت صور ومشاهد عناصر "جبهة النصرة" الارهابية التي انتشرت على القنوات المحلية والعالمية خلال عملية تسلم العسكريين اللبنانيين المحررين، كيف ان هذه العصابات الارهابية حاضرة بعتادها وعديدها في بلدة عرسال البقاعية في شرق لبنان، ورغم ان هذا ما كان الجميع يعلم به ويتحدث عنه سابقا، إلا أنه الآن طفا على السطح وبالدليل القاطع دون حسيب او رقيب، فالعناصر الارهابية خرجت بهذا الشكل لتقول نحن هنا ولتؤكد ان هناك اراضٍ لبنانية خارجة عن سيطرة الشرعية اللبنانية.
ما يؤكد المؤكد في هذه المشاهد، الكلام المنسوب لوزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الثلاثاء 1-12-2015 حيث قال "عرسال بلدة لبنانية محتلة خارج إدارة سلطة أجهزة الأمن اللبنانية الرسمية..."، هذا الكلام لم يأتِ من فراغ فالوزير المشنوق مطلع على التفاصيل الامنية في البلاد باعتباره الوزير المسؤول عن كافة الاجهزة الامنية، كما ان المعلومات التي ترد من داخل عرسال تفيد ان الجيش اللبناني يسير دورياته في الشارع الرئيسي للبلدة من دون الدخول الى الأحياء والطرق الفرعية تفاديا للاحتكاك بهذه الجماعات الارهابية التكفيرية.
لماذا لا تبادر الاجهزة الامنية والعسكرية لاستئصال الجماعات الارهابية من عرسال؟
مع التذكير انه قبل فترة تعرضت دورية للجيش للاستهداف عبر تفجير عبوة ناسفة ادت الى سقوط عدة جرحى في صفوف العسكريين، وسبق ذلك حادثة تفجير قيل انه استهدف مقر ما يسمى "هيئة علماء القلمون" التابعة لـ"جبهة النصرة" الارهابية، ولكن بغض النظر عن كل التفاصيل المتعلقة بالتفجيرات وأبعادها وأسبابها ونتائجها والفصيل او التنظيم الذي يقوم بها، لكن ما هو ثابت ان هذه الجماعات الارهابية المسلحة موجودة في عرسال وتستطيع التحرك والقيام بتفجيرات وعمليات، فماذا يسمى هذا؟ هل هو احتلال لبلدة امنية كما قال الوزير المشنوق ام لا؟ واين الدولة اللبنانية من كل ذلك؟ ولماذا لا تبادر الاجهزة الامنية والعسكرية لاستئصال هذه الجماعات من عرسال؟ وهل من معوقات سياسية او امنية تحول دون ذلك؟ وهل فعلا القضاء على الارهاب يحتاج الى قرار سياسي من هنا او هناك؟ وأليس في ذلك ضرب لاهم وظيفة من وظائف الدولة السيادية؟
وهنا يمكن طرح العديد من التساؤلات حول هذا الامر، هل عرسال محتلة من الجماعات الارهابية؟ بما فيها قرية عرسال بالاضافة الى جرودها المحتلة اصلا، هل بعض الاجزاء او المناطق في عرسال القرية محتلة من الارهابيين؟ وكيف يمكن القبول بهكذا احتلال دون التحرك لتحرير عرسال وأهلها من الاحتلال التكفيري؟ ومن الجهة التي تحتل عرسال؟ هل الاحتلال يقتصر على "جبهة النصرة وداعش"؟ ام ان هناك جماعات ارهابية اخرى تشارك بالاحتلال؟ وكيف يمكن القبول من الناحية الامنية بتسيير دوريات ضمن قرية محتلة كلها او بعضها من التكفيريين؟ أليس هذا يشكل خطرا على عناصر الجيش اللبناني ويجعلهم عرضة للوقوع في الاسر كما حصل سابقا مع العسكريين المختطفين من قبل الجماعات الارهابية؟ وما الضامن بعدم وقوع عناصر الجيش والقوى الامنية في كمائن لهذه الجماعات داخل عرسال؟
حول ذلك قال النائب العميد الوليد سكرية إن "الدولة اللبنانية بقرار سياسي تخلت عن عرسال لتتركها قاعدة لوجستية لدعم الجماعات الارهابية المسلحة"، ولفت الى ان "هناك جهات سياسية لبنانية تغطي هذه الجماعات بقرار اقليمي ودولي"، واضاف "طالما ان هناك من يلتزم بالقرار السعودي القطري فهذه الجماعات ستبقى تحصل على التغطية المطلوبة والدعم اللوجستي المناسب".
ولفت سكرية في حديث لموقع "قناة المنار" الى ان "البعض في لبنان يهدد بالفتنة المذهبية والطائفية فيما لو فكر اي احد بتحرير عرسال من الجماعات الارهابية"، ورأى انه "طالما البعض يعتبر هذه الجماعات المسلحة ثوارا ضد النظام في سورية وليس جماعات ارهابية سيبقى هؤلاء يسيطرون على مساحات من عرسال وجرودها لتأمين التجيزات اللوجستية اللازمة لهم"، واعتبر ان "القضاء على هذه الجماعات في عرسال يحتاج الى قرار سياسي".
من جهته، اشار قائد سلاح الجو اللبناني السابق العميد المتقاعد محمود مطر الى ان "الجماعات الارهابية تحتل مساحات كبيرة في عرسال وجرودها وتستخدمها منطلقا للاعتداء على الداخل اللبناني"، ودعا "الدولة للتحرك الفوري لتحرير عرسال من دون انتظار اي قرار سياسي داخلي او خارجي".
ونبه العميد مطر في حديث لموقعنا من ان "بقاء هذه الجماعات في عرسال ينطوي على مخاطر كبيرة على أهالي عرسال والقرى المحيطة وعلى الجيش اللبناني وعلى الداخل اللبناني ايضا"، مؤكدا ان "تحرير عرسال واجب وطني ومن الطبيعي والبديهي القيام به وبأسرع وقت ممكن".
وفي هذا السياق، طالب العميد مطر "التنسيق الفوري بين الاجهزة الامنية والعسكرية في لبنان وسوريا للإطباق على هذه الجماعات الارهابية والقضاء عليها وعدم المماطلة والتأخر في القيام بذلك تحت اي سبب او ذريعة"، ولفت الى ان "كل من يدافع عن قرار تغطية هذه الجماعات يضر بالمصلحة العامة ويساهم بانتهاك السيادة اللبنانية".
وأشار مطر الى ان "واجب الحفاظ على السيادة هو من اهم الواجبات الملقاة على الدولة اللبنانية ويجب عليها القيام بمهامها في هذا المجال"، وطالب "بالعمل لتسليح الجيش والاجهزة الامنية بالاسلحة اللازمة لتحرير الاراضي المحتلة من قبل الجماعات المسلحة الارهابية والدفاع عن سيادة لبنان بوجه العدو الارهابي والعدو الاسرائيلي".
يبقى ان الوقائع تثبت ان في عرسال ومحيطها مساحات محسوبة جغرافيا على لبنان ولكن محظور دخولها على اللبنانيين، وترتفع فيها أعلام التنظيمات الارهابية، وينتشرون فيها بكامل عتادهم وعديدهم ويستعرضون أسلحتهم وآلياتهم بلا حسيب ولا رقيب.. هذا السؤال يبقى برسم من يعنيهم الامر فهل من يجيب؟