21-11-2024 08:50 PM بتوقيت القدس المحتلة

ماذا تريد السعودية من لبنان؟

ماذا تريد السعودية من لبنان؟

في ظل التصعيد الأخير من قبل السعودية اتجاه المقاومة والمتمثل بقرار شركة "عربسات" بحجب بث قناة "المنار" عن اقمارها الاصطناعية، بات من الملح طرح السؤال التالي: ماذا تريد السعودية من لبنان؟

ذوالفقار ضاهر

في ظل التصعيد الأخير من قبل السعودية اتجاه المقاومة والمتمثل بقرار شركة "عربسات" بحجب بث قناة "المنار" عن اقمارها الاصطناعية، وما سبقه من تصعيد سياسي سعودي تمثل بوضع اسماء لرجال اعمال بسبب قربهم من حزب الله على ما تسميه لوائحها لـ"الارهاب"، بات من الملح طرح السؤال التالي: ماذا تريد السعودية من لبنان؟

هذا السؤال قد تزداد اهميته مع ما يحكى عن مبادرة تطرح وللسعودية دخل فيها بشكل مباشر او غير مباشر، ويقال انها لتكريس تسويات في الداخل اللبناني، فعن أي تسوية تبحث السعودية في لبنان؟ وما الهدف من الحديث عن مبادرات بينما السعودية لا تترك فرصة إلا وتعمد من خلالها الى التصعيد بوجه كل فريق لبناني "لا يبصم لها بالعشرة"؟ فهل معنى التسويات ان تطرح المبادرات السياسية من جهة وتمارس التصعيد والانتقام والكيد السياسي وغير السياسي من جهة اخرى؟ فأبسط متطلبات التسوية في لبنان ان تهدئ السعودية "اللعب" اقله في الساحة اللبنانية.

فما يكتب وينشر ويقال هنا وهناك عن طرح للتسوية قدمه رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الدين الحريري،(وهو أحد "حلفاء" السعودية في لبنان وهو لا يخفي ذلك بل يفاخر به)، لا يستوي مع التصعيد السعودي الذي اعتبره رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين انه ".. اعتداء وعدوان على المقاومة وجمهورها وكل اللبنانيين.."، فلماذا تقوم السعودية بهذا الدور اليوم وبهذا التوقيت ولمصلحة من؟ خاصة ان قرار وقف بث "المنار" على عربسات هو قرار سياسي بامتياز ويستهدف حرية الاعلام في لبنان وانتهاك للسيادة اللبنانية، مهما حاول البعض التنصل من المسؤولية السياسية وتحويل الموضوع الى مسألة قانونية وعقدية بحتة وكأن الموضوع هو علاقة افراد.

حول ذلك لفت عضو "المجلس الوطني للاعلام" في لبنان غالب قنديل الى ان "استهداف المنار والمقاومة هو جزء من خط الحركة العامة للولايات المتحدة واسرائيل في المنطقة بينما الحكومات العربية التابعة تلتزم فقط تنفيذ التعليمات في هذا المجال"، واوضح ان "الخطوات السعودية ضد المقاومة وإعلامها جاء مباشرة بعد الخطوات الاميركية العدائية التي اتخذت ضد حزب الله وسائل الإعلام المقاومة".

ورأى قنديل في حديث لموقع "قناة المنار" ان "كلمة السر اعطيت في واشنطن وانطلقت بعدها التدابير من الانظمة التابعة كالعادة بالتحرك على الارض"، واضاف ان "كل هذه الخطوات الاميركية والسعودية مصدرها واحد ومعروف وهو نتيجة جهود اللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة المصدر معروف وواحد والحكومات التابعة تنفذ التعليمات".

واكد قنديل انه "لا يمكن ان نفصل التدابير السعودية عن هذا المناخ العام باستهداف المقاومة"، وتابع "كل العالم يعلم ان قناة المنار واذاعة النور هما جزء من العصب المركزي والاساسي ضد السياسة الاميركية وفي الحرب ضد العدو الصهيوني وهما جزء من صناع انتصارات المقاومة"، واشار الى ان "الاعتداء السعودي على المقاومة اصبح اليوم على المكشوف وفوق الطاولة وليس كما كان في الماضي حيث كانت تعتدي بطرق مختلفة ومخفية"، معتبرا ان "الاجراءات لحجب المنار عن عربسات جاءت في مناخ لتطور العلاقات بين كيان العدو والسعوديين وهو الامر الذي يتم تداوله في الاعلام الاسرائيلي".

وبالنسبة لازدواجية المعايير السعودية في التعاطي مع الملف اللبناني عبر التصعيد من جهة وإيهام الرأي العام بالتهدئة وطرح مبادرات سياسية، قال قنديل إن "التسوية السياسية التي يحكى عن طرحها اليوم عبر النائب سعد الحريري هدفها الحفاظ على ما يمكن حمايته من مواقع نفوذ للولايات المتحدة في لبنان وضمنا للسعودية"، ولفت الى ان "هناك تحولات جارية في المنطقة ستنعكس على الداخل اللبناني"، واضاف ان "التسوية قد يكون احد اهدافها وجود توازنات لبنانية راسخة عجزت السعودية ومن خلفها عن هزها انطلاقا من حكمة المقاومة وقيادتها في ادارة الصراع ونسج التحالفات العابرة للطوائف حماية للبنان ولمنع المساس بالتوازنات اللبنانية".

وعن توقيت التصعيد السعودي ضد المقاومة، رأى قنديل ان "المحور الذي تنتمي إليه السعودية يتلقى الكثير من الخسائر والهزائم في المنطقة ولذلك يحاول فعل اي شيء لتخفيف خسائره فيحاول التصويب على الاعلام الحر في محاولة لاخفاء معالم الخسائر التي يتلقاها".

واعتبر قنديل ان "التصعيد السعودية ضد المقاومة وما يحاولون التسويق له من مبادرة او طرح هما وجهان للموقع السعودي المنخرط في منظومة الهيمنة الرجعية الاستعمارية الاميركية الاسرائيلية في المنطقة"، ولفت الى ان "هذه التوصيفات ليست للاعلام او للشعارات إنما هي توصيفات سياسية واقعية لان السعودية هي رأس الحربة في هذا المشروع وهذا الحلف بالشراكة مع تركيا وقطر"، ونبه من ان "هذا الحلف لم يبدل في خياراته رغم ما يتلقاه من هزائم وخسائر كبيرة في المنطقة"، موضحا ان "هذا الحلف يحاول التكيف في بعض الساحات مع واقع الهزيمة او يطرح تنازلات وقائية لحماية مصالحه والتحايل على التوازنات القائمة".

وحول تقييم قرار عربسات بحجب المنار وكيفية مواجهته، قال قنديل إن "هناك تزويرا في الحيثيات المطروحة لاخذ القرار وهو من خارج العقد بين المنار والعربسات ومن خارج نظام مؤسسة عربسات نفسها"، واشار الى ان "عربسات اعتدت على السيادة اللبنانية بحجب المنار تحت ذريعة مزورة كما ان عربسات لم تتبع الاصول القانونية والدبلوماسية المعمول بها في مثل هذه الحالات"، واضاف ان "عربسات تجاوزت حقيقة ان لبنان عضو في عربسات نفسها كما تجاوزت جامعة الدول العربية التي تشكل سلطة وصاية على عربسات".

ونبه قنديل من ان "السعودية تحاول وضع اليد على عربسات كما عملت على وضع اليد على جامعة الدول العربية"، ودعا الى "تحرير البث الفضائي للاعلام والقنوات الاعلامية الحرة من الابتزاز السعودي من خلال الخوض فعليا بالعمل على البدائل المطروحة عبر التعاون بين المنظومة المستقلة عن اميركا والسعودية اي بالتعاون الروسي الايراني الصيني بالاضافة الى دول اميركا اللاتينية وغيرها من دول الحرة"، ولفت الى ان "السعودية تعمل على حجب كل مؤسسة اعلامية لا تلتزم بأوامرها"، وعلل ذلك ان "السعودية في مأزق لانها تخسر سياسيا واستراتيجيا ويخشى من انعكاس ذلك على الداخل السعودي".