الدعوة التي وجَّهتها السعودية الى مؤتمر الرياض لبعض فرقاء "المعارضة السورية"، بتكليفٍ دولي تمهيداً لمؤتمر فيينا، هي بداية الفشل لمؤتمر فرقاءٍ، ليست لديهم حيثية سياسية
أمين أبوراشد
قد تكون الدعوة التي وجَّهتها السعودية الى مؤتمر الرياض لبعض فرقاء "المعارضة السورية"، بتكليفٍ دولي تمهيداً لمؤتمر فيينا، هي بداية الفشل لمؤتمر فرقاءٍ، ليست لديهم حيثية سياسية لأن غالبيتهم العُظمى من المقيمين خارج سوريا، وحضور "حركة أحرار الشام" ، هو أحد العوامل التي نسفت المؤتمر الذي شهِد إنسحابات ومشادات فاقت التوقعات.
والإرباك الذي أحدثته "حركة أحرار الشام" سواء عبر ورقة عمل تشترط قيام دولة إسلامية في سوريا، أو في انسحابها من المؤتمر ثم "إعادتها" للتوقيع على المقررات بضغطٍ قطريٍّ – سعودي، إنسحب على أجواء المؤتمر ونتائجه، ويتساءل المراقبون عن مدى التزام حركة إرهابية تدعو الى قيام دولة على قياسها بمخرجات حوارٍ أسفرت عن توافق فرقاء آخرين على قيام دولةٍ مدنية.
وبعد أن أُعلِنت القائمة بأسماء "الهيئة العليا للمفاوضات"، والتي ضمت 34 اسماً، من بينهم لبيب النحاس ممثل "حركة أحرار الشام"، وإعلان هشام مروة، نائب رئيس "الائتلاف الوطني" وعضو الهيئة السياسية، لـ"الخليج أونلاين" أن الحديث عن انسحاب "حركة أحرار الشام" صار خلف المؤتمر، وأن ممثلي الحركة وقعوا البيان الختامي ولهم ممثلون في هيئة التفاوض، ردَّ النائب العام للحركة على تويتر بالنفي، قائلاً: "حركة أحرار الشام لم تتراجع عن موقفها ولم توقِّع على البيان الختامي، لأننا لم نستطع تحقيق ما وعدنا به شعبنا وأمتنا من ثوابت".
وقدمت هذه الحركة ثلاثة أسباب للإنسحاب هي: "إعطاء دور أساسي لهيئة التنسيق الوطنية وغيرها من الشخصيات المحسوبة على النظام، وعدم أخذ الاعتبار بعدد من الملاحظات والإضافات التي قدمتها الفصائل لتعديل الثوابت المتفق عليها في المؤتمر، وعدم التأكيد على هوية شعبنا المسلم، وعدم احترام الحجم الحقيقي للفصائل الثورية سواء في نسبة التمثيل أو حجم المشاركة في المخرجات" على حد تعبيرها.
وإذا كان مؤتمر قد أثمر فقط عن قيام "الهيئة العليا للمفاوضات" مع الحكومة السورية ، فما هي شرعية تمثيلها كهيئة تفاوض وسط عقدِ مؤتمرَين للمعارضات تزامناً مع مؤتمر الرياض أحدهما في الحسكة والثاني في دمشق.؟
مؤتمر الحسكة عقده الأكراد المستبعدون عن مؤتمر الرياض في رفضٍ مُسبَق لأية مقررات تنتج عن الرياض بغيابهم، ومؤتمر دمشق عقدته قوى المعارضة الوطنية السوريّة، بمشاركة مجموعة من القوى والأحزاب المعارضة في دمشق تحت شعار "صوت الداخل" ، وفي البيان الختامي إعتبر المؤتمرون "أنّ تحرك السعوديّة في انعقاد مؤتمر الرياض يُعتبر تجاهلاً لأصوات الداخل السوري، وهو إنعكاسٌ لتحركات منحازة وغير حيادية، هدفها استبعاد الصوت الحقيقي المعبِّر عن تطلعات الشعب السوري، وصناعة مجموعة تعبِّر عن أجندات لا تمت للسوريين وآمالهم بالخلاص من هذه الحرب الإرهابية المدمرة"، وشدّد المشاركون في مؤتمر دمشق، على عدم السماح لأحد بأن يمثل الشعب السوري في الخارج أو في أيّ محفلٍ دولي إلاّ من كان في سورية ويساهم في الدفاع عنها.
ووسط ردود فعلٍ دولية غير متفائلة من نتائج مؤتمر الرياض وتشرذم "المعارضات" داخله، رفضت روسيا علناً نتائج هذا المؤتمر ببيانٍ رسمي، أعلنت فيه موقفها بوضوح من فرقاء مؤتمر الرياض بالقول: "لا نستطيع الموافقة على محاولة هذه الجماعة احتكار حق التحدث باسم المعارضة السورية بأكملها"، وقد كان موقف موسكو متوقعاً، كون الدعوات الى مؤتمر الرياض خرجت على التفاهمات التي تمت في اجتماعات سابقة لضمان نجاح مؤتمر فيينا.
وبالعودة الى الداخل السوري، وبصرف النظر عن الموقف النهائي لحركة "أحرار الشام" من المؤتمر ومقرراته ومشاركة هذه الحركة ضمن هيئة التفاوض أم عدم المشاركة، فإنها باتت من وجهة نظر "معارضات الرياض" خارجة عن الإجماع، والمحصِّلة النهائية ستكون لحركة "أحرار الشام" وباقي المنظمات الإرهابية، قبل الرياض وبعدها، وقبل فيينا وبعدها، ذلك المثل السوري القائل: "لا بالشام عيَّدنا ولا بدُمَّر لحقنا العيد"...، وانتصر الأسد سياسياً على المُعَارضات قبل ذهاب وفد حكومته الى التفاوض...