قبيل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار في اليمن، كانت بشائر المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية يتناقلها اليمنيون، إنه الـ "توتشكا" مجدداً.
قبيل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار في اليمن، كانت بشائر المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية يتناقلها اليمنيون، إنه الـ "توتشكا" مجدداً. بضع دقائق، انجلى الغبار الذي أحدثه الصاروخ الروسي ليفتح اليمنيون أعينهم صباح اليوم على مشهد لم يعد جديداً.
ضربة نوعية أرادها الجيش واللجان الشعبية في اليمن، والهدف كان مركز قيادة عمليات "تحالف" العدوان في باب المندب بمحافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء. فكانت الضربة الموجعة في منتصف ليل الأحد، قبيل ساعات قليلة من دخول وقف إطلاق النار، المقرر منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء.
وفي استفسار حول العملية التي اوقعت أكثر من 190 جثة بينهم كبار ضباط العدوان، تحدث الناطق باسم الجيش اليمني، العميد شرف لقمان، لموقع قناة المنار كاشفاً أن ما تم تنفيذه لم يكن بناءً على تسريبات فقط، بل أيضاً استناداً إلى معطيات بعد رصد دقيق للمكان المستهدف.
"هذا المعسكر عانينا منه الكثير، كانت تنطلق منه الهجمات اليومية ضد محافظتي لحج وتعز. وفيه أكبر تجمع للمرتزقة من بلاك ووتر والسودانيين والسنغاليين. تمكنت قوات الجيش واللجان الشعبية من رصد المكان بدقة، وكانت الضربة في حينها"، يقول لقمان.
"كان لدينا عدة خيارات يمكن استهدافها ولكننا اخترنا هذا المقر، لأن التجمعات كثيفة فيه، وكنا نريد تحقيق ضربة مؤلمة وإيصال رسالة معينة وقد وصلت."
التسريبات التي كانت قد وصلت إلى القيادة العسكرية اليمنية، أن اجتماعاً لقيادات العدوان كان مقرراً في مركز قيادة عمليات بمنطقة شعب الجن في باب المندب، لاصدار توجيهات بإطلاق عملية برية باتجاه مناطق في محافظة تعز.
أراد اليمينيون قطع الطريق على تنفيذ العملية البرية، والتلويح بأن أي خرق للهدنة فإن الرد عليه سيكون موجعاً. ومع ذلك، فقد أتت الضربة النوعية في سياق الرد المشروع للدفاع عن النفس، بعد أن سبقتها بغارات جوية لطائرات العدوان استهدفت مختلف المحافظات اليمنية.
كان أمام اليمنيين أهداف عدة، اختاروا مركز قيادة العدوان في باب المندب، فصُرع بذلك قائد القوات السعودية الخاصة في اليمن العقيد الركن عبدالله السهيان، وقائد القوات الإماراتية العقيد الركن سلطان محمد بن هويدن الكتبي، بالإضافة إلى قائد كتيبة مرتزقة "بلاك ووتر" الكولومبي كارل، والأميركي إدغر ماهوني أحد عناصر المنظمة الأمنية المتهمين بالقيام بجرائم في العراق، وأكثر من 12 ضابطاً مغربياً إلى جانب عشرات الصرعى من القوات الأجنبية الأخرى.
يقول العميد لقمان في تصريحه لموقع المنار: "اليوم الأوضاع هادئة، ونحن ملتزمون بهدنة، ولكن أيدينا على الزناد في حال حصول أي خروقات. الضربة كانت مقصودة كرسالة، في إطار مخططاتنا الاستراتيجية."
ويرى العميد شرف لقمان أن أهمية الضربة تكمن بكونها بيّنت أكاذيب المتحدث باسم العدوان احمد عسيري، الذي ادعى في تصريحه الأخير بأنه تم استهداف كامل القوة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية اليمنية. "عملية باب المندب النوعية اليوم أحدثت اهتزازاً على مستوى معنويات العدو، نحن أردنا من خلالها إيقاع الخسائر الموجعة وتمكنا من ذلك".
يأخذ المسار السياسي في اليمن مسار التفاوض الذي تشهده سويسرا خلال الساعات المقبلة، مع ذلك يأخذ المسار العسكري في هذا البلد مساره الخاص الذي لا يخرج عن تقدير القيادة المتمثلة بالسيد عبدالملك الحوثي.
المفاوضات التي ستشهدها جنيف في الساعات المقبلة، سيسبقها إعلان وقف لإطلاق النار ينتظره السعوديون قبل اليمنيون. يستشعر السعوديون بمأزق حقيقي يستنفز كل طاقاتهم يوماً بعد يوم، ويسعى هؤلاء إلى ضمان مخرج مشرف، الكلام يقر به اليمنيون الذين يستعمون يومياً إلى مناشدات القوات السعودية على الحدود. ومع ذلك، لا ثقة لليمنيين بالجارة الكبرى، ويؤكدون في الوقت نفسه أن أي انجاز لصالح اليمن ستخرج به المفاوضات لن يكون إلا بفضل الجهود الميدانية.
يقول العميد لقمان: "السعودية في كل التجارب السابقة لم تلتزم بالهدنات السابقة، وخرقتها منذ اللحظات الأولى".
ويضيف: "نحن الآن مستعدون وجاهزون. إلتزاماً بعهودنا، نحن ملتزمون بأي هدنة، ولكن في حال خرق الهدنة فإنّا جاهزون لأي رد".
"لدينا أجندتنا للدفاع عن شعبنا ووطننا، أما عن كونهم شعروا بالوجع والألم هذا اليوم، فنحن نتألم وشعبنا يعاني من وجع منذ تسعة أشهر وهم السبب. وهم يقتلون الأطفال والنساء… لم يتبق من بنيتنا التحتية شيء، ولكن الكرامة باقية فينا ولدينا من الرجال والشباب من لا يتوانى عن الإنضمام إلى الجيش للذود عما تبقى له في هذا الوطن".