إنّ المنطق التكفيريّ الإلغائيّ هو الّذي يشوّه صورة الحياة.. فأية حياة ستعاش إذا ساد هذا المنطق في عالم التنوّع الَّذي نعيشه!؟
رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنَّنا قادرون على مواجهة التيار التكفيريّ الإلغائيّ أو إضعافه، داعياً إلى بناء علاقات إسلاميَّة إسلاميَّة تقوم على الصَّراحة والانفتاح الصّادق، وعلى مبدأ العدل والتّوازن. ل
مناسبة أسبوع الوحدة الإسلاميَّة وذكرى ولادة النبيّ محمّد(ص)، أصدر سماحته بياناً أشار فيه إلى أنَّ سلطة التّكفير تعود إلى الله، وهو الَّذي يملك الحقيقة المطلقة، فيما دورنا هو السّعي للوصول إليها على ضوء اجتهاداتنا ووجهات نظرنا.. وأكثر من ذلك، فالدّين لم يجز استباحة الدم للاختلاف في الرأي والفكر.. فقد أعلن قاعدة أنَّ الإنسان على الإنسان حرام دمه وماله وعرضه.. والمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه..
وأضاف السيّد فضل الله: "إنّ المنطق التكفيريّ الإلغائيّ هو الّذي يشوّه صورة الحياة.. فأية حياة ستعاش إذا ساد هذا المنطق في عالم التنوّع الَّذي نعيشه!؟ إنَّ الحياة ستتحوَّل إلى ساحة دمار وحروب لا تقف عند حدّ.. وستتشوّه صورة هذا الدين، الَّذي سيتحوَّل إلى مشكلة للعالمين، بدلاً من أن يكون عنوان محبَّة ورحمة لهم".
وأكَّد سماحته أنَّ المنطق التّكفيريّ طارئ.. ولا بدَّ من مواجهته.. ومن أساليب هذه المواجهة إزالة أسباب التّوتّر بين المسلمين، والتي ينتجها شعور هذا الفريق المسلم أو ذاك بالغبن والمظلوميّة، فهذا التوتّر لن يكون لصالح هذا المذهب أو ذاك، والتكفير يستفيد أكثر ما يستفيد من هذا التوتر، لأنّه يتغذّى على الخلاف المذهبيّ والسّياسيّ ويقوى به..".
وقال: "ويبقى الأساس في مواجهة هذا المنطق الإلغائيّ، دور العلماء والموجّهين والدّعاة، فالواجب عليهم التّشديد على منطق عدم استباحة الدم، على قاعدة أنّ الله لم يحذّر من ذنب بعد الشّرك، كتحذيره من استباحة الدّماء أو القتل بغير حقّ، {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}.. فعلى العلماء أن يلتزموا قول الله، ويتمثّلوا سيرة رسول الله في التّعامل مع هذه الاستباحة المتمادية لدماء الناس..".
وأضاف سماحته: "البعض اليوم تراه أصبح خبيراً بالنّيات ويصنّف المسلمين، بحيث يخرج قسماً منهم من الإسلام، ويتّهمهم بالكفر، مع أنّهم يصلّون ويصومون ويحجّون.. لا لشيء إلا لأنّهم يختلفون معه في الشأن السياسيّ أو في بعض الأمور الفقهية والعقائدية الثانوية! فهل لمجرّد مثل هذا يُخرج الناس من إسلامهم؟ هكذا وبكلّ بساطة! حتى باتت السياسة وأمور دينية تفصيلية هي السبب الرئيس لهدر دماء المسلمين في هذه الأيام، وإشعال الفتن المذهبية والطائفية والقومية..".
ودعا إلى التنبّه "إلى اللعبة الاستكباريّة الّتي لا تريد الوحدة، فأية وحدة هي خطر على مصالحها وتهديد لها.. فتراها تمارس التحريض بكلّ أساليبه، وتوحي بدعم هذا المذهب حيناً وذاك المذهب حيناً آخر، وهي لا تريد صالح هذا المذهب أو ذاك.. إنّما تريد الفتنة...".
وخلص سماحته إلى القول: "إنّنا قادرون على مواجهة هذا التيار التكفيريّ الإلغائيّ، لأنّه لا يستند في هذا القدر من القوَّة التي يمتلكها، إلى قوَّة ذاتيَّة، بل إلى عوامل إقليميّة ودوليّة توظّفه وتستخدمه في إطار الصّراع الدائر، فإذا حان وقت التسويات حوصر وضعف.. إننا نستطيع إضعافه إلى أقصى الحدود حين نبني علاقات إسلاميّة ــ إسلاميّة تقوم على الانفتاح الصادق، وعلى مبدأ العدل والتوازن، لا على قاعدة الغلبة، وخصوصاً أنَّ هذا التيار استطاع استثمار كلّ حالات القطيعة بين المسلمين، واستغل كل حديث عن إخلال بالتوازن، لاستقطاب هذا الحشد الواسع من الناس الذين التفّوا حوله...".