02-05-2024 08:30 AM بتوقيت القدس المحتلة

كيف يمكن إحياء "14 آذار" بشعارات سقطت بمرور الزمن؟

كيف يمكن إحياء

مَنْ يشاهد صورة إعادة تجميع فريق "14 آذار" ويَسمع الكلمة التي ألقاها رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة في الاحتفال في الذكرى الثانية لاغتيال الوزير السابق محمد شطح، يعتقد ان هذا الفريق يعيش بألف خير.

ذوالفقار ضاهر

مَنْ يشاهد صورة إعادة تجميع فريق "14 آذار" ويَسمع الكلمة التي ألقاها رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة في الاحتفال في الذكرى الثانية لاغتيال الوزير السابق محمد شطح، يعتقد ان هذا الفريق ما زال يعيش في أيام "الزمن الجميل" لافرقائه وكأن "الجو بديع والطقس ربيع" بالنسبة للعلاقات فيما بينهم.

ولكن سرعان ما تختلف هذه التوصيفات اذا ما نظرنا قليلا الى الواقع الحالي، فمن الأمثلة على "وهن" التحالفات ضمن هذا الفريق، "المبادرة" السياسية التي ابتدعها رئيس "تيار المستقبل" سعد الدين الحريري بدون الرجوع الى "الحلفاء" لاسيما المسيحيين منهم، حيث من المفترض ان العديد منهم هم مرشحون محتملون لرئاسة الجمهورية، بينما المبادرة لا تقتضي بوصول احد منهم خصوصا المرشح المعلن لـ"14 آذار" حتى الساعة أي رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية، ما جعل العلاقة تنحو مناح لا تحمد عقباها بين "حليفي الضرورة" جعجع والحريري، ناهيك عن العلاقة المرتبكة مع حزب "الكتائب اللبنانية" والتي ازدادت تعقيدا بعد "مبادرة" الحريري الاخيرة.

وهذه العلاقات المرتبكة او ما يمكن وصفه بـ"تحالفات الضرورة المستمرة"، دفعت "رعاة" الفريق الآذاري للعمل لخلق فرصة او مناسبة للاظهار أمام الرأي العام ان هناك شيئا باقيا مازال موجودا اسمه "14 آذار"، ما استدعى شد العصب بسرعة فائقة لتنظيم ذكرى اغتيال الوزير شطح وحضور سمير جعجع ليجلس في الصف الاول ويتولى السنيورة توجيه التحايا له ولرئيس تياره السياسي النائب سعد الحريري.

هذا المشهد الدرامي في الحفل كان واضح المعالم، خاصة عندما قال السنيورة إن "14 آذار باقية مهما تعاظمت الخلافات لان قضيتها هي قضية المصير اللبناني.."، او حينما اكد ان "تحالف 14 آذار سيبقى قائما ومتماسكا وعاملا ومناضلا لان قضية هذا التحالف قوية ومركزية واكثر من ضرورية في حياة الشعب اللبناني.."!! او حين "اعترافه" بحصول بعض الاختلافات الداخلية ولكنها لا تفسد في الود قضية.

ولكن يبدو ان السنيورة ومن نظم حفل إحياء فريق "14 آذار" قد فاته ان مبادرة الحريري التي حُكيَ عنها قد "خلخلت" أواصر أي تحالف سياسي قد يصطنع بين الحلفاء، لا سيما ان الرجل لم يتشاور مع احد من "الحلفاء" المفترضين قبل طرحه للمبادرة التي باتت ردود فعل الاطراف المسيحية في 14 آذار اكبر من ان يتم "لملمتها" خاصة انهم عرفوا بالمبادرة الحريرية من وسائل الاعلام كما سائر المواطنين العاديين.

فعن أي تحالف يحدثوننا؟ وكيف يمكن وصف حال "14 آذار" اليوم بعد كل الخضات التي مرت بها؟ وهل ما يجري هو مجرد اختلافات او وجهات نظر او آراء سياسية ام ان الامر اكثر من ذلك وتجاوز حد الخلافات؟ وهل هناك شي فعلا اسمه "14 آذار" ام ان الامر ليس سوى شعارات ترفع هنا وهناك لاستخدامها في محطات معينة ليس إلا؟ وماذا عن الشعارات التي اطلقها السنيورة هل ما زالت قابلة للحياة او انها مجرد تضميد لجراح في جسد ميت ومحاولة إحياء مكون سياسي بات في حالة "الموت السريري" في احسن الاحوال التشخيص السياسي لحالته؟

حول كل ذلك رأى عضو كتلة "الحزب السوري القومي الاجتماعي" النيابية النائب مروان فارس ان "فريق 14 آذار حاول استغلال دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري لاقامة تجمع او حلف سياسي معين ولكن العبرة في السياسة تبقى بالاستمرارية وجدية وصوابية الخيارات التي يطرحها أي فريق"، وتابع "ما يسمى فريق 14 آذار لا يحمل أي مشروع سياسي لذلك فهو غير موجود فعليا على ارض الواقع ككتلة واحدة تعمل لتحقيق أهداف معينة".

وأكد فارس في حديث لموقع "قناة المنار" انه "حتى التحالفات التي تجمع بعض الافرقاء ضمن ما يسمى 14 آذار هي تحالفات غير متماسكة فهي ليس لديها برنامج عمل ولا مشروع سياسي سوى التهجم على المقاومة وما تقوم به في مواجهة العدو التكفيري والعدو الارهابي"، ولفت الى ان "ما يسمى 14 آذار كان وما يزال يرفع شعارات وهمية لا أساس عملي لها فما سبق ان تحدثوا عنه من سيادة وحرية واستقلال هي شعارات كل لبناني ينشدها ويعمل من أجلها"، لافتا الى ان "تحقيق هذه الاهداف يكون بالافعال لا بالشعارات".

ولفت فارس الى ان "مباردة الحريري الاخيرة زادت من تشققات فريق 14 آذار بعد الكثير من الخلافات التي ضربت في هذا الفريق سابقا حول الكثير من الملفات منها الملف الحكومي والنفايات واليوم ملف الاستحقاق الرئاسي وغيرها الكثير من الامور التي تؤكد غياب هذا الفريق ككتلة متماسكة"، وتابع "من غير المعروف اليوم من هو مرشح 14 آذار لرئاسة الجمهورية هل هو سمير جعجع ام غيره؟"، وتابع ان "حضور جعجع في الاحتفال الاخيرهو فقط لالتقاط الصور وهذا لا يعني ان الخلافات الموجودة بينهم قد حلت".

واستغرب فارس "هذه القدرة التي تملكها مكونات ما يسمى فريق 14 آذار على فك الارتباط بين ما تعلنه وما تفعله"، واوضح ان "هذا الفريق طالما رفع شعارات وكان يعود وينقلب عليها وكان يبيع ويشتري فيها للحصول على مصالح هنا وهناك"، واضاف "فريق السيادة هذا يتصرف بعكس ما يعلنه لمؤيديه في كثير من الاحيان ويفعل عكس ما يقول ولذلك فلا ضير إن قال السنيورة اليوم ان هذا الفريق باق وصلب وفعال وكان الواقع عكس ذلك تماما".

ودعا فارس "فريق 14 آذار الى البحث عن أهداف سياسية واقعية والعمل لتحقيقها بدلا من الإلتهاء بالهجوم الدائم على المقاومة لاسباب غير منطقية وغير محقة"، وتابع "على 14 آذار البحث عن مشروع سياسي لخدمة الصالح العام في لبنان أساسه الشراكة فعلا لا قولا وان يقدم هذا الفريق الدلائل على ذلك خاصة انه طالما عطّل البلد والدولة طيلة الفترة الماضية"، وأمل "في العام المقبل على 14 آذار إعادة النظر بخياراته السياسية لان سجله دونت فيه الكثير من الأخطاء التي ارتكبها وما زال يرتكبها وفي طليعتها الرهان على الخارج".

قد يعطي الهجوم السياسي على الآخرين بعض النتائج في مرحلة ما لفريق معين لكنه بالتأكيد لا يمكن الاعتماد عليه لتأسيس كيان او تحالف سياسي له جدوى على المدى البعيد، وهذا ما هو عليه حال فريق "14 آذار" الذي بات اليوم موجودا شكلا مع اضمحلال حضوره الفعلي والمؤثر على الساحة السياسية اللبنانية.