قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" إن السعودية قلقة من أن تؤدي تسوية الملف النووي الايراني إلى التركيز على الخطر الحقيقي الذي يهدد العالم
قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" إن السعودية قلقة من أن تؤدي تسوية الملف النووي الايراني إلى التركيز على الخطر الحقيقي الذي يهدد العالم والمتمثل بالدور الفاعل لها في دعم التطرف.
وكشف محمد ظريف، في مقاله أن السعودية استهدفت - على مدى السنوات الثلاث الماضية- السفارات الإيرانية في اليمن ولبنان وباكستان، وأوقعت بذلك عدداً من الدبلوماسيين الإيرانيين والموظفين المحليين كضحايا.
وقال ظريف: "لقد أعلنا انا والرئيس روحاني منذ الايام الاولى للحكومة الجديدة عن استعداد ايران للحوار وارساء الاستقرار ومكافحة التطرف ولكن الدعوة جوبهت بأذان صماء من قبل السعودية"، مضيفاً أن حل القضية الإيرانية "سيمهد الارضية للتركيز على التحدي الخطير الذي يجتاح المنطقة والعالم والمتمثل بالتطرف".
وتابع: "في سبتمبر 2013، وبعد شهر فقط من توليه منصب الرئاسة، قدم الرئيس روحاني مبادرة تحت عنوان "عالم مناهض للعنف والتطرف (WAVE)". وقد تم اقرار هذه المبادرة بالاجماع من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتوق جذوة أمل لبلورة حملة عالمية لمكافحة الإرهاب. للأسف، فإن بعض الدول تقف حجر عثرة أمام المشاركة البناءة في هذا المجال".
وأضاف: "عقب التوقيع على الاتفاق النووي المؤقت في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013، بدأت السعودية مباشرة بتكريس مواردها لافشال هذا الاتفاق، خوفا من انهيار مؤامرة الترهيب من ايران. اليوم، لدينا وثائق تثبت أن البعض في الرياض ليس فقط يستمر في عرقلة التطبيع بل أنهم عازمون على جر المنطقة بأسرها للمواجهة."
ورأى أن "السعودية قلقة من ان تسوية الملف النووي الايراني ستؤدي إلى التركيز على الخطر الحقيقي الذي يهدد العالم والمتمثل بالدور الفاعل للسعودية على صعيد دعمها ورعايتها للتطرف، مظاهر الهمجية والوحشية واضحة".
وأردف وزير الخارجية الإيراني: "جلادو الدولة يقطعون الرؤوس بالسيوف في البيت، مثل الاعدامات الاخيرة التي شملت 47 سجينا في يوم واحد، بما في ذلك عالم ديني محبوب كرس حياته لنشر ثقافة اللاعنف والدفاع عن الحقوق المدنية. في الخارج، ايضا هنالك رجال ملثمون يجزون الرؤوس بالسكاكين."
واستطرد قائلاً: "دعونا لا ننسى أن مرتكبي العديد من الأعمال الإرهابية، انطلاقا من حادثة 11 سبتمبر ومرورا بإطلاق النار في سان برناردينو والمشاهد الاخرى من الهمجية والتطرف، وتقريبا جميع عناصر الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وجبهة النصرة، إما هم سعوديون أو جرى غسل ادمغتهم من قبل مخادعين يقومون منذ عقود بالترويج للافكار المعادية للإسلام من الكراهية والطائفية بفعل البترودولار".
وقال محمد جواد ظريف إن الاستراتيجية التي تعتمدها السعودية حالياً لعرقلة الاتفاق النووي تعتمد على ثلاثة عناصر هي: الضغط على الغرب، وعدم الاستقرار الإقليمي من خلال استمرار الحرب في اليمن ودعم التطرف، إضافة إلى استفزاز إيران بشكل مباشر.
"العدوان العسكري السعودي على اليمن ودعمها للمتطرفين واضح جداً. ولكن الاستفزازات ضد ايران لم تحتل أبداً عناوين وسائل الاعلام الدولية، لأن حكمة وصبر المسؤولين الايرانيين حالت دون تحولها إلى أزمة"، بحسب ظريف.
ولفت إلى أن الحكومة الايرانية وعلى أعلى المستويات دانت بشكل حازم الاعتداء على السفارة السعودية والقنصلية في طهران يوم 2 يناير/ كانون الثاني، وأعلنت التزامها بضمان أمن الدبلوماسيين السعوديين، موضحاً: "اتخذنا تدابير فورية للمساعدة في استعادة النظام في المجمع الدبلوماسي السعودي وأكدنا عزمنا على معاقبة جميع المتورطين في الهجوم على السفارة. كما اتخذنا إجراءات تأديبية ضد أولئك الذين فشلوا في حماية تلك الاماكن، وبدأنا تحقيقاً داخلياً لمنع أي حادثة مماثلة".
وكشف ظريف أن "الحكومة السعودية ومرتزقتها قاموا على مدى السنوات الثلاث الماضية باستهداف المنشآت الدبلوماسية الإيرانية في اليمن ولبنان وباكستان بشكل مباشر -ما ادى الى مقتل الدبلوماسيين الايرانيين والموظفين المحليين."
وقال: "كانت هناك استفزازات أخرى أيضاً. لقد عانى الحجاج الإيرانيون في السعودية من التحرش المنهج - في حالة واحدة، تحرش ضابطان سعوديان بصبيين ايرانيين في جدة، ما أدى الى تأجيج غضب شعبي. أيضا، كما ادى القصور السعودي في كارثة منى إلى مقتل 464 من الحجاج الإيرانيين. وعلاوة على ذلك، رفضت السلطات السعودية لعدة ايام الاستجابة لطلبات العائلات المفجوعة والحكومة الإيرانية لاستعادة جثامين الضحايا الى الوطن."
"هذا فضلا عن أن دعاة البلاط السعودي يمارسون بشكل روتيني في خطبهم عملية بث الكراهية ليس فقط ضد ايران ولكن ضد كل المسلمين الشيعة. وخير دليل على ذلك ان جريمة اعدام الشيخ نمر مؤخرا جاءت بعد فترة قصيرة من خطبة الكراهية ضد الشيعة التي ألقاها احد خطباء المسجد الحرام، والذي قال في خطبة سابقة أيضاً أن خلافنا مع الشيعة والعمليات الانتحارية لن تنتهي ما دام الشيعة على الأرض."
وزير الخارجية الإيراني أضاف: "رغم هذه القضايا فإن إيران، التي تثق بقدراتها لم تقم بأي رد ثائري ضد السعودية وامتنعت عن قطع - أو حتى تقليل - العلاقات الدبلوماسية مع السعودية. ردنا حتى الآن كان مشفوعاً بضبط النفس. ولكن الصبر و التحمل من جانب واحد غير قابل للاستمرار."
وأكد محمد جواد ظريف أن إيران لا ترغب بتصعيد التوتر في المنطقة، قائلاً: "علينا أن نتحد لمواجهة تهديدات المتطرفين. الرئيس روحاني وأنا ومنذ الايام الاولى لانتخاب الحكومة الجديدة اكدنا سرا وعلانية عن استعدادنا للحوار، وتعزيز الاستقرار ومكافحة التطرف المزعزع للاستقرار. ولكن هذه الدعوات جوبهت باذات صماء من قبل السعودية".
وختم الوزير ظريف مقاله بالقول إن على السعودية الآن أن تختار بين "أن تستمر في دعم المتطرفين وتأجيج الكراهية الطائفية. أو أن تختار لعب دور بناء في تعزيز الاستقرار الإقليمي. نأمل أن يسود العقل".