رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنَّ ما يجري في الواقع الإسلاميّ ليس صراعاً مذهبيّاً، بل هو صراع سياسيّ تتداخل فيه العوامل الدولية والإقليمية.
رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنَّ ما يجري في الواقع الإسلاميّ ليس صراعاً مذهبيّاً، بل هو صراع سياسيّ تتداخل فيه العوامل الدولية والإقليمية، داعياً المرجعيات الدينيّة إلى توحيد جهودها لمواجهة ظاهرة العنف والتَّكفير المدمّرة لعقول الشَّباب.
استقبل سماحته وفداً روسيّاً شارك في مؤتمر "الأديان والإعلام في مواجهة الإرهاب"، الَّذي نظمه المركز الإسلاميّ للإعلام والتّوجيه. وقد ضمّ الوفد عدداً من الشَّخصيّات، أبرزها نائب رئيس صندوق دعم الثقافة والعلوم الإسلامية إدوارد خاتشوكايف، ورئيس مركز دراسات الشَّرق الأوسط ريزفان أكايف، ومدير وكالة إسلام نيوز رينالد نظام الدينيوف، ونائب مفتي داغستان محمد رسول سعيدايف، ومسؤول إعلام الإدارة الدينيّة في داغستان شهاب الدين حسينوف، يرافقهم الشَّيخ الدكتور محمود سليم اللبابيدي والشيخ محمّد سليم اللبابيدي.
في البداية، رحَّب سماحته بالوفد، مؤكّداً أنّ الاختلاف والتنوّع هما سمة من سمات الحياة وطبيعتها، ولكن مشكلتنا في عدم حسن إدارتنا لهذا الاختلاف وتنظيمه، وفي تحويله إلى عامل تفجير واقتتال بدلاً من الاستفادة منه في إحياء الحركة الفكريّة والثّقافيّة وتجديدها.
وتابع: "مسؤوليّتنا في هذه المرحلة الصّعبة والمعقّدة من تاريخ هذه الأمّة، هي تأكيد النقاط المشتركة والتركيز على تفعيل هذه النقاط وتأصليها وتأطيرها... هنا يأتي دور الإعلام الهادف في ترسيخ هذه النقاط المشتركة والإضاءة عليها وتعزيزها، في ظلّ وجود من يعمل على تشويه هذه الصّورة الجامعة والوحدويّة، من خلال نبش أحقاد التاريخ والعمل على بثّ التفرقة والانقسام بين المسلمين".
وأكّد سماحته أنّ ما يجري في الواقع الإسلاميّ ليس صراعاً مذهبياً، بل هو صراع سياسيّ تتداخل فيه العوامل الدوليَّة والإقليميَّة والداخليَّة، وإن كان هناك من يحاول أن يلبسه لباس الدين والمذهب، لتسخيره لحسابات سياسيّة ضيّقة.
ورأى أنَّ هناك من يستخدم بعض المفردات الدينيّة والمذهبيّة، أو يتحدَّث عن ظلم يصيب هذا المذهب أو ذاك، أو عن غبن هنا أو هناك، ليوظّف كلّ هذا في إذكاء هذا الصّراع وتسعيره وإعطائه أبعاداً مذهبيّة وطائفيّة وغير ذلك، مشيراً إلى ضرورة العمل على تحقيق مبدأ العدالة في مجتمعاتنا، لأنّه وحده الكفيل بمنع من يريدون استغلال هذه الأسباب من تحقيق مآربهم والنفاذ إلى مواقع الاختلاف بين مكوّنات الأمّة.
وشدَّد سماحته على ضرورة تعزيز الخطاب الوحدويّ الجامع، والتركيز على القواسم المشتركة وعلى التّاريخ المضيء من حياة هذه الأمّة التي تحفل بالكثير من النماذج الوحدويّة، داعياً كلّ الحريصين على وحدة هذه الأمّة إلى النّزول إلى الأرض لمعالجة كلّ الأسباب الَّتي تستغلّ من أجل تأجيج الصّراعات والعمل على سدّ كلّ الثغرات والأبواب التي ينفذ منها هؤلاء.
ولفت إلى ضرورة توحيد الجهود، ولا سيما بين المرجعيّات الدينيّة المتنوّعة، لمواجهة هذه الظواهر التي تدمّر عقول الشباب، من خلال استغلال طهارتهم واندفاعهم وتوجيههم نحو أهداف تصبّ في خدمة هذه الجماعات. كما طالب سماحته العلماء بأن يكونوا على قدر هذه المسؤوليّة في مواجهة هذا الوباء الفكريّ الذي أصاب الأمة.
وفي الختام، توجَّه سماحته إلى الوفد الروسيّ قائلاً: "مسؤوليَّتكم مضاعفة الجهود في الدفاع عن صورة هذا الدين وعن سماحته، وفي الدفاع عن قيمه وتعاليمه وإبراز صورته الحقيقيّة، بعد التشويه الحاصل له بسبب أعمال الجماعات التي تلبس أعمالها لبوس الدين، وفي العمل على إنتاج الصّورة الحقيقة للإسلام، وتشكيل حاضنة للشباب من خلال توعيتهم بمخاطر هذه الجماعات، وتحصينهم من أفكارها لعدم الوقوع في شباكها".