تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 19-01-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تبني ترشيح زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية..
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 19-01-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تبني ترشيح زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية..
السفير
هذه هي خيارات فرنجية.. وبري والحريري وجنبلاط و«حزب الله»
جعجع «يحتضن» عون: أنا الزعيم!
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول "لن يكون سهلاً تجاوز مشهدية معراب الثنائية بعد الآن. هذا في السياسة، أما في الرئاسة، فالأمر مختلف.
وهذه المشهدية نتاج سياسات متراكمة، أقله من العام 2005 حتى الآن، عنوانها الكبير إدارة الظهر للمكون المسيحي، وآخرها الإدارة الخاطئة لمبادرة ترشيح سليمان فرنجية، خصوصاً من قبل «تيار المستقبل»، وتحديداً رئيسه سعد الحريري.
بهذا المعنى، لم يستدرج سمير جعجع خصمه المسيحي الأول ميشال عون الى معراب، بل ثمة من استدرجهما معاً الى مشهدية مشتركة، بدا معها أن «الحكيم» هو «المنقذ» و «الزعيم الماروني الحقيقي» وصانع السياسات والخيارات.. والأهم «صانع الرؤساء»...
وما افتقد إليه المسيحيون منذ تاريخ آخر حروبهم في نهاية الثمانينيات، من وحدة ولو بحدها الأدنى، وجدوا أن هناك من بين قياداتهم من ينبري لهذا «الدور التاريخي»، بحيث قرر أن «يضحي» مجدداً، كما «ضحى» في السابق، خصوصاً من أجل الطائف.. فكان «جريئاً حيث لا يجرؤ الآخرون» من حلفاء، برغم الأكلاف الآنية والمكاسب البعيدة المدى.. وهذا هو بيت القصيد في معراب: «الأمر لي».
ويصح القول إنه منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل أحد عشر عاماً، وما تركته من ندوب واصطفافات في الجسم السياسي والطائفي اللبناني، هذه هي المرة الثانية التي يشهد فيها اللبنانيون «يوماً تاريخياً» يكاد يغطي بمشهديته الشكلية ومضمونه البعيد المدى على اليوم التاريخي الأول، لحظة قرر «الجنرال» على مسافة قريبة من هذه الأيام، أن يوقع التفاهم الأول من نوعه بين «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» في كنيسة مار مخايل في السادس من شباط 2006.
عشر سنوات على ذلك «التفاهم»، كان خلالها ميشال عون عرضة لحروب عالمية بكل معنى الكلمة منعته من أن يعيّن «صهره الثاني» قائداً للجيش ولولا تدخلات ملوك ورؤساء، لما أمكن له في بعض الأحيان أن يضمن حقيبة وزارية لوريثه و «صهره الأول» جبران باسيل.
والأصح أن ذلك التفاهم لم يكن إلا نتاج «حرب إلغاء» تعرض إليها عون، بمجرد أن قرر مغادرة منفاه الطوعي، فتكاملت أدوارُ بعض الداخل والخارج لمنعه من العودة.. وعندما قرر «التمرد»، كان «التحالف الرباعي» بالمرصاد.. ولحظة أثبت أنه «تسونامي مسيحي»، عوقب بحرمانه من مجرد مقعد وزاري.. وفي كل محطة، كان هناك من ينبري ويردد «هذه ليست خيارات شريك لبناني. بل نتاج قرارات سعودية وغربية، وتحديداً أميركية». هذه القاعدة أريد لها أن «تغطي» قرار رفض ترشيح عون للرئاسة أو رفض شامل روكز لقيادة الجيش، برغم مجاهرة السفير الأميركي السابق ديفيد هيل أمام قيادات لبنانية بحماسة بلاده للأخير.
أمس تحديداً، خطف سمير جعجع مساحة سياسية وشعبية كبيرة من زعامة «الجنرال»، وهذا أمر مشروع في السياسة. ربما صار «الجنرال» الزعيم الأكثر تمثيلاً لكنه لم يعد الزعيم المسيحي الأول. صار الهامش بينه وبين جعجع ليس كبيراً. بدا «الحكيم» هو «المستقبل». كل الحواجز السياسية والنفسية التي حاول تكسيرها وتبديدها، ونجح حيناً وفشل حيناً آخر، صارت خلف ظهره. أخذ صك البراءة الكبير وصار صاحب مبادرة ومشروعية لا يستطيع أحد أن يشكك فيها بشهادة ومشهدية يوم الثامن عشر من كانون الثاني 2016: «الجنرال» مرشحي.. وهذا هو «خطاب القسم»!
قد يزعج ذلك الحلفاء، وهو لا يقيم حساباً إلا لسعد والسعودية. لكن في النهاية هم يدركون أنه إذا أمسك بناصية القرار المسيحي مستقبلاً وصار مرجعية مارونية، هم سيأتون إليه وليس هو من يتوسل موعداً لا مع ملك ولا مع ولي عهد ولا مع من يمثلهما في «الدائرة اللبنانية».
وإذا تم تعداد العناوين العشرة المأخوذة من «ورقة إعلان النوايا» بين «التيار» و «القوات»، فإن القول بأن جعجع قد جنح نحو خيار «8 آذار» لا يبدو دقيقاً. هنا تحديداً، ينبغي التدقيق في مضمون «الإطار السياسي لهذا الترشيح»، بوصفه يشكل نقطة التقاء بين الجانبين، بمعزل عن التلاعب اللفظي اللاحق، وهو المضمون الذي لم يطلع الرأي العام اللبناني على أي حرف من حروفه حتى الآن، ولكن تكفي مقارنته بمحاولة «قواتية» سابقة لإبرام تفاهم سياسي مماثل مع «المردة» على مسافة قريبة من مبادرة الحريري لترشيح فرنجية.
ذلك التفاهم الذي يتكتم أهل بنشعي على تفاصيله كان يشمل أشياء كثيرة بدءاً بالقانون الانتخابي مروراً بالحكومات وتوزيع مقاعدها.. وصولاً إلى تعيينات الفئة الأولى، فما هي حقيقة التفاهم الذي انعقد لواؤه بين «التيار» و «القوات» وهل يضمن مصالح حلفاء الطرفين وهل تم وضع هؤلاء في حيثياته وبنوده ووافقوا عليها أم أن «الإطار السياسي الجديد» لم يتجاوز دائرة الإثنين وربما أبعد منهما مجرد حليف واحد من هنا أو من هناك.. وعلى حساب أي من القوى والشخصيات المسيحية تم تبني هذا الترشيح ـ التفاهم؟
لم يعد خافياً، وهذا أمر موضوعي ومشروع في السياسة، أن ضرر «الثنائي الماروني» الجديد سيكون «نسخة طبق الأصل» عن «الثنائي الشيعي» وأي «ثنائي طائفي» آخر. ليست العبرة هنا، بل في القدرة على تسويق «بضاعة» هذا «الثنائي» في الدائرة المسيحية أولاً («المردة» و «الكتائب» تحديداً) ثم في الدائرة اللبنانية الأوسع (الشريكان السني والدرزي تحديداً)؟
لا يعني ذلك أن «حزب الله» و «أمل» سواء أكانا قد اطلعا على كل شاردة وواردة أم لم يطلعا، قد رصدا مشهدية معراب بإيجابية. الجواب سلبي على الأرجح، خصوصاً أن حساباتهما تتجاوز دائرتهما وتتعداها الى حلفاء آخرين مثل سليمان فرنجية و «المعارضة السنية»، من دون إغفال تقديرهما العالي لـ «الحساسية الدرزية» وما يمكن أن تستولده «وحدة أقوياء الموارنة» من إعادة نبش لذاكرة الماضي القريب والبعيد..
بكل الأحوال، لم تنفع كل المحاولات السعودية والحريرية في ثني معراب عن خطوتها السياسية، برغم طغيان الطابع الرمزي عليها. حاول «صاحب المبادرة» تبديد مخاوف هؤلاء بالتركيز على الفوائد البعيدة المدى مسيحياً ما دام صرف المبادرة أو تسييلها متعذر في الصندوق الانتخابي الرئاسي.. ولو حصل ذلك، فإن النتيجة المضمونة لمصلحة أي مرشح غير «الجنرال»!
كان المحظور سعودياً هو الانخراط في أي مسار متدحرج يؤدي إلى نزول «العونيين» و «القواتيين» معاً الى الشارع تجييشاً لخيار «المرشح المسيحي الأقوى». حصل «أبو فيصل» (السفير السعودي) على ضمانات في هذه النقطة تحديداً. هذا الأمر، جعل أحد المترددين بشكل شبه يومي على السفارة السعودية يردد الجملة نفسها التي قالها اللواء جميل السيد: «إنه شيك بلا رصيد».
الغضب الحريري لا يوازيه غضب آخر. الترجمة المباشرة هي التمسك بخيار سليمان فرنجية. يريد لنا جعجع أن نخسره حليفاً «هنيئاً له».. لكننا لن نسمح له بتجاوز حدوده السياسية. فتحت الخطوط بين «بيت الوسط» وبنشعي. تحرك سليمان فرنجية باتجاه بكركي. الموعد متفق عليه منذ أسبوع مع البطريرك بشارة الراعي. قال زعيم «المردة» كلمته ومشى: أنا ماض في ترشيحي.
صحيح أن «حزب الله» يجد نفسه معنياً بعدم السماح بأية مواجهة بين عون وفرنجية، لكن واقع الأمور يشي بغير ذلك. يريد الزعيم الشمالي أن يكون هو الممر الإلزامي لوصول عون الى رئاسة الجمهورية. يقول إنه صادق في خياراته ولا يناور ولا يسعى الى وراثة. جل ما يطلبه هو أن يعامله «الجنرال» كما يتعامل مع جعجع. زاره مراراً وتكراراً في الرابية، و «عنوان منزله» في بنشعي معروف، فهل آن أوان «رد الزيارة».. الأهم من ذلك، عندما توجه فرنجية قبل أقل من شهرين بسؤال مباشر الى عون «أنا معك رئاسياً.. لكن إذا لم تسمح الظروف بوصولك.. ما هي «الخطة باء»؟ لم يأت الجواب الذي كان يشتهي فرنجية سماعه من حليفه بأن يصبح هو عندئذ مرشح ?