21-11-2024 10:01 PM بتوقيت القدس المحتلة

جدل في أوروبا حول تعافي منطقة اليورو

جدل في أوروبا حول تعافي منطقة اليورو

أثارت البيانات الاقتصادية الصادرة في الأشهر الثلاثة الماضية عن بدء خروج دول منطقة اليورو من أزمتها المالية والاقتصادية وعودة النمو إليها، جدلاً بين الخبراء الألمان والأوروبيين..

جدل في أوروبا حول تعافي منطقة اليوروأثارت البيانات الاقتصادية الصادرة في الأشهر الثلاثة الماضية عن بدء خروج دول منطقة اليورو من أزمتها المالية والاقتصادية وعودة النمو إليها، جدلاً بين الخبراء الألمان والأوروبيين، إذ في وقت رأى الفريق الأول أن أوروبا خرجت من النفق بعد سنوات عجاف.

وبدأت مسيرة إعادة الانتعاش الاقتصادي إليها تدريجاً، ذكر الفريق الثاني أن الانتعاش المشار إليه «ظاهري وضعيف جداً، فضلاً عن افتقاده القدرة الذاتية على مواصلة النمو».

وأكد الخبير المالي أولريش شتيفان من مصرف «دويتشه بنك» في تحليل، أن اقتصاد دول منطقة اليورو «ينمو في شكل أقوى مما كان عليه في النصف الأول من العام الماضي»، مشيراً إلى أن «أسباب التحول الإيجابي الجديد متعددة».

لكن يعتقد أن ضمان نمو مستدام للمنطقة «يحتاج مزيداً من الإصلاحات الاقتصادية والمالية». وبعدما رأى أن «الوقت الآن مناسب جداً لذلك»، حض دول المنطقة مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وإرلندا، على استغلال هذا الظرف للخروج من أزمتها».

وإذ لفت شتيفان إلى أن الدول المذكورة على سبيل المثال «تنبّهت إلى أن التقشف ودعم النمو أمران غير متناقضين بالضرورة»، لاحظ أن «العجز في موازنة إسبانيا السنوية تناقص في شكل مستمر منذ العام 2012 من 10 إلى 4.6 في المئة هذه السنة، وكذلك البرتغال من 11.2 إلى 3.1 في المئة، فيما تعافى اقتصاد إسبانيا وإرلندا ببطء بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التي انفجرت عام 2008، وحقق عام 2015 نمواً قوياً أعلى من متوسط النمو المسجل في دول منطقة اليورو».

في المقابل وجد خبراء في معاهد بحوث ألمانية وأوروبية، أن البيانات الاقتصادية والمالية الصادرة أخيراً «تعطي انطباعاً بسير أوروبا على طريق التحسن والخروج من أزمة اليورو، لكن الأزمة لم تضمحل فيها بعد ولا تزال تهدد بالانفجار مجدداً».

ومن المعاهد والمؤسسات المرموقة هذه «معهد هانس بوكلر» لبحوث الاقتصاد في ألمانيا، و «المرصد الفرنسي للنمو الاقتصادي». وورد في التقرير الصادر عن خبراء هذه المعاهد أخيراً، أن على رغم تسجيل معدلات نمو إيجابية وفائض في موازنات هذه الدول، فإن ذلك لا يعني بالضرورة تعافي اقتصاد منطقة اليورو».

ولفت التقرير إلى أن خطر وقوع هذه الدول في مرحلة ركود «لا يزال موجوداً وسينعكس بسرعة على سوق العمل من خلال ارتفاع البطالة». وأشار إلى أن «خطر تأثر الدول الأخرى في منطقة اليورو بالعدوى كبير جداً، ما يمكن أن يؤدي إلى قيام زوبعة لا تهدأ». ولاحظ أيضاً أن الفارق هو «عدم قدرة الدول الأوروبية المتعثرة على الانتعاش الذاتي على عكس ما هو عليه الأمر في الولايات المتحدة وبريطانيا».

إذ في وقت سمحت حكومتا أميركا وبريطانيا بارتفاع التضخم المالي فيهما وزيادة العجز في موازناتهما والديون العامة عليهما، «التزمت دول منطقة اليورو طويلاً بقيم محافظة تعتمد التقشف وخفض العجز المالي». ورأى التقرير أن «النتيجة كانت تراجع الاستثمارات في الدول الأوروبية إلى أدنى حد، ما دفع بمعدلات النمو إلى الانخفاض وبارتفاع معدلات البطالة».

وأفاد التقرير بأن «تقلّص البطالة حالياً في الدول المتقشفة بطيء جداً، ما يجعل العودة إلى معدلاتها عام 2007 غير ممكنة قبل عام 2022». واستناداً إلى البيانات الأوروبية الأخيرة، فإن «كل رابع شخص في سن العمل في منطقة اليورو عاطل من العمل حالياً».

ووصل الخبير الاقتصادي في منظمة التعاون الأوروبية يان شتراسكي، والخبير في «معهد هانس بوكلر» لبحوث الاقتصاد إنسغار راننبرغ، إلى استنتاج مفاده أن «تدابير التقشف التي اتبعت في دول منطقة اليورو، زادت حدة الأزمة فيها بدلاً من المساهمة في حلّها»، وإن «80 في المئة من أسباب فشل النمو تعود إلى نهج التقشف المتبع».

ولفتا إلى أن سياسة التقشف «تخفض الناتج القومي السنوي بسبب تدنّي الصرف والاستثمار الحكوميين من جهة، وتوقف المواطنين عن الاستهلاك الإضافي خوفاً من البطالة من جهة أخرى». يُضاف إلى ذلك «تقلّص قدرتهم الشرائية وزيادة الضرائب عليهم». ووجدا أن في مثل هذه الأجواء «يكون من الطبيعي لجوء الشركات إلى تجميد استثماراتها في الداخل، ما يخفض معدلات النمو في الدول المعنية ويرفع البطالة فيها».