نص الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول الانتخابات الرئاسية 29-1-2016
نص الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول الانتخابات الرئاسية 29-1-2016
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
حديثي في هذه الليلة مخصص لملف واحد هو الملف الرئاسي والانتخابات الرئاسية في لبنان. ولكن اسمحوا لي في البداية أن أشير إلى بعض النقاط السريعة المستجدة.
أولاً: نعبر عن إدانتنا للإعتداء الآثم الذي قام به التكفيريون اليوم على مسجد الإمام الرضا (عليه السلام) في بلدة المحاسن في منطقة الأحساء، ما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى. نتقدم إلى أهالي الشهداء بالعزاء الخالص، أهالي الشهداء المظلومين، ونسأل الله سبحانه وتعالي للجرحى العافية وللمواطنين المستهدفين المظلومين هناك التثبيت والعون من الله سبحانه وتعالى. هذا حادث خطير جداً ويؤكد أهمية المعالجة الجذرية للإرهاب من منابته الثقافية والفكرية والتربوية والمدرسية، إضافة إلى الاجراءات الأمنية المطلوبة لحماية المواطنين.
النقطة الثانية: أيضاً اليوم شهدنا في قطاع غزة تشييع المقاومين السبعة من إخواننا في كتائب عز الدين القسام، والذين قضوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي في عمل الأنفاق التي هي من أهم أسلحة المقاومة في فلسطين في مواجهة العدوان الإسرائيلي السابق أو القادم، أو في مواجهة أي تهديد.
أيضاً، أتقدم من الإخوة في قيادة حماس وقواعد حماس وإخواننا في قيادة ومقاومي كتائب عزالدين القسام أيضاً بأحر مشاعر التعازي والتعاطف، وأيضاً التبريك بهؤلاء الشهداء الذين حازوا على هذا الوسام الرفيع وأيضاً إلى عائلات الشهداء الكريمة والعزيزة والشريفة، وإلى كل عوائل الشهداء، شهداء انتفاضة القدس الذين يقدّمون أرواحهم وأنفسهم ودماءهم في كل يوم من أجل الدفاع عن المقدسات وتحرير هذه الأرض المباركة.
ثالثاً: أتوجه بالتحية والإجلال والإكبار إلى كل الرجال المرابطين على حدود الوطن، يعني نحن هذه الأيام التي مرت الثلج والصقيع والعواصف، إذا على الساحل وصلت درجة الحرارة للصفر، فكيف بالقاعدين في قمم الجبال العالية. حقيقةً، الإنسان يخجل أمام صمود هؤلاء وثبات هؤلاء وتضحيات هؤلاء. نتوجه إليهم بالتحية وننحني أمام ثباتهم وصبرهم وتحملهم، من ضباط وجنود الجيش إلى رجال المقاومة في أعالي الجبال وفي ظل العواصف الثلجية والبرد القاسي جداً. يجب أن يقدّر اللبنانيون عالياً تضحيات وصبر وثبات هؤلاء الأبطال.
رابعاً وأخيراً: قبل الدخول إلى ملفنا، نعبر عن سعادتنا للتفاهمات التي حصلت وإعادة إطلاق العمل الحكومي الذي نأمل أن يفعّل بكل قوة وأن تكثف جلساته لتدارك كل ما تم تأخيره وأن يتم الالتزام بدقة بالآليات التي اتفق عليها. لا بد أن ننوّه، حتى لا يبقى البلد كله مشاكل و"نق"، لا بد أن ننوهّ بالتعاطي الايجابي من مختلف القوى السياسية الذي أدى إلى هذه النتيجة ومعالجة العقد القائمة. يجب أن نخص بالذكر وبالشكر وبالتقدير دولة الرئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري على الجهود الشخصية والمكثفة، من المعاناة أيضاً التي عاناها في الأسابيع القلية الماضية والجهود التي بذلها من أجل التوصل إلى هذه النتيجة وبالتالي إعادة العمل الحكومي إلى السكة الصحيحة.
في هذه المناسبة أيضاً نتوجه إلى مجلس الوزراء الذي سينعقد يوم الثلاثاء، متمنّين عليه بكل تأكيد وبكل قوة أن ينصف متطوعي الدفاع المدني وأن يوافق وأن يعطيهم حقوقهم تقديراً أيضاً لتضحياتهم الجسام وعملهم الدؤوب وتعرضهم للمخاطر من أجل حياة الآخرين، وهم يستحقون هذا الموقف الوطني والإنساني والأخلاقي النبيل الذي يجب أن يبادلهم به مجلس الوزراء في جلسته المقبلة إن شاء الله.
عندما أردت أن أكتب بعض الكلمات في الملف الرئاسي، وأنا سأحاول في الوقت المتاح أن أعالج أغلب جوانب هذا الموضوع.
طبعاً لن أستطيع أن أتحدث عن كل شيء. سوف تبقى بعض الأمور أو بعض المعطيات والمعلومات لوقت لاحق، لكن في الأعم الأغلب فيما يشرح ما جرى وما حصل ويحدد موقفنا ورؤيتنا، وكيف يجري التعاطي مع هذا الملف في المرحلة المقبلة. هذا سأتعرض له الليلة إن شاء الله، لكن أنا وكنت أحضّر وجدت أمامي حديثاً أحببت أن أقرأه في البداية، لأنه خير معين عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام): "خير مفاتيح الأمور الصدق، وخير خواتيمها الوفاء". حديث جميل جداً، خير مفاتيح الأمور، مفتاح، الأمور لها مفاتيح، خير مفاتيحها الصدق، الصدق في القول، الصدق في الحديث، الصدق في الالتزام، الصدق في الموقف، وخير خواتيمها الوفاء.
نسير نقطةً نقطة.
النقطة الأولى:
طبعاً بالسياق سأحاول أن أعالج وأجيب على بعض الاتهامات، لأنه خلال الأشهر الماضية نحن لم نقارب الملف الرئاسي، لأننا نحن نعتبر أن هناك شيئاً جدياً بالحقيقة أو جديراً بأن يُقارب بوسائل الإعلام. الملف الرئاسي كان يحتاج لعمل وحوار ويحتاج لتواصل، يحتاج للقاءات ثنائية.
هذا ما كنا ندعو له دائماً، أما المزايدات والمنافسات وتصفية الحسابات والابتزاز والمزايدة للأسف حكم لعدة أشهر وما زال، ونحن طالنا شيئ كثير.
هذا ساجيب عليه أيضاً على بعض النقاط.
النقطة الأولى لها علاقة بموضوع إيران لأن النغمة الآن كلها أن إيران تعطل انتخابات الرئاسة في لبنان وآخر نغمة ربما: "هيك الديمقرطية الإيرانية".
أولاً: أنا خطابي لكل اللبنانيين بالنسبة لإيران، الجمهورية الإسلامية، القوة الإقليمية العظمى، الأولى الكبيرة، التي يعترف بها العالم الآن ويتسابق على طلب ودّها.
إيران لم تكن بحاجة للملف الرئاسي اللبناني، لا من أجل الاتفاق النووي ولا من أجل غيره، والدليل يمكن لمن يشاء أن يتهم كما يريد.
لكن دعونا نتحدث بمنطقٍ قليلاً. حسناً اذهبوا وأسألوا الدول الخمسة زائد 1، واللبنانيون ـ ما شاء الله ـ لديهم علاقات واسعة، هل في يوم من الأيام على طاولة المفاوضات مع الخمسة زائد 1 لمعالجة الملف النووي جاءت إيران ووضعت الانتخابات الرئاسية في لبنان على طاولة المفاوضات ووضعت لبنان كله على طاولة المفاوضات، جاءت وقالت مثلا للخمسة زائد 1 إذا كنتم تعطونني كذا أنا أعمل في لبنان كذا، ورتّب كذا وارتب كذا. هذا لم يحدث.
وساروا بالاتفاق، والإيرانيون ـ كما كنت أقول سابقاً ـ كانوا دائماً يرفضون أي نقاش خارج الملف النووي، لا لبنان ولا العراق ولا سورية ولا أي شيء آخر. وُقّع الاتفاق النووي بالرغم من المساعي الإسرائيلية والسعودية ومن الآخرين لمنع توقيع هذا الاتفاق. ولاحقاً حصلت مساعٍ لعدم البدء بتنفيذه وبدأ بتنفيذه.
طيب ان كانت إيران هي التي تعطل الانتخابات الرئاسية من أجل مصالحها متى توظف هذا الملف؟ من يود توظيف ملف، يود أن يعطل ليوظف يجب أن يظهر.
في الأيام القليلة الماضية سماحة الرئيس الشيخ حسن روحاني ذهب إلى إيطاليا والفاتيكان وفرنسا. اسألوا أصدقاءكم: هل بادر الوفد الإيراني إلى طرح مسألة الرئاسة انتخابات الرئاسة في لبنان أم أن الطرف الآخر هو الذي كان يبادر ويطرح الموضوع إذا كان أحد يعطل ليوظف بعلاقاته الدولية وعلاقاته الإقليمية ويجب أن يوظف التعطيل فمتى يوظف؟ مرّ أكثر من سنة ونصف.
بالعكس، الآخرون هم الذين كانوا يطلبون من إيران أن تتدخل، وكانوا يحصلون على الجواب الواضح. إذاً من لديه دليل ومن لديه مؤشر على أن إيران تسعى لأن توظف ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان لمصالحها أو تعطل للتوظيف ليتفضل ويقدم للناس دليله، أما الاستمرار بالاتهام هكذا فهو ظلم، وإن كان "عن جد" هناك ناس مقتنعون، فهذا جهل وغباء. اذا كان هناك ناس يعرفون أن الأمر ليس هكذا، لكنهم يتهمون، فهذا ظلم وجزء من اللعب السياسي القائم على الظلم والكذب والتدجيل.
إيران لا علاقة لها بهذا الملف ولا تتدخل بهذا الملف ولم تتدخل ولن تتدخل، ولا تعذّبوا قلبكم، ولا تنتظروا إيران، لا تنتظروا. إيران من اليوم الأول وحتى اليوم وإلى المستقبل، ويمكنكم ان تسألوا، أنا أمس أيضاً أجريت اتصالات حتى أكون مطمئناً وأنا واثق ولكن من أجل أن تكون المعطيات بين يدي حول ما الذي حدث بالضبط بين الرئيس روحاني والرئيس هولاند. جيد، اسألوا انتم، اسألوا، انظروا ماذا يقول لكم الفرنسيون، من طَرح الموضوع وماذا كان جواب الإخوة الإيرانيين. هذه فرصة إيران، تود فتح علاقة مع إيطاليا وفرنسا والفاتيكان وأوروبا ومعاهدات واتفاقيات، الآن فرصة إيران أن تبيع وتشتري. طيب لمَ لم تطرح إيران الموضوع ولمَ عندما طرح الموضوع عليها أجابت بالجواب الذي نعرفه جميعاً: هذا شأن داخلي لبناني، ما يتفق عليه اللبنانيون هذا ندعمه جميعاً. تحدثوا مع حلفائنا وانظروا ماذا يقولون وليتفق المسيحيون. هذه اللغة التي تقال، هذا هو الكلام الذي يقوله الإيراني، من أكبر مسؤول لآخر مسؤول. إذاً أنا أتمنى بهذه النقطة، وحتى لا أعطيها وقت أكثر، أن تخرجوا من هذه الحكاية، وإن كنتم جديين لا داعي لانتظار إيران والوضع الإقليمي، اذهبوا للحوار الداخلي وسنعود له في النهاية.
يجب عدم انتظار المعطى الإقليمي والدوليي وأعود وأقول لكم: لا تتأخروا وتنتظروا. المعطى الإقليمي والدولي "مش لمصلحتكم" حتى كفريق آخر، "مش لمصلحتكم" قلنا لكم هذا قبل مدة والآن أعود وأقول لكم هكذا.
الحمد لله سورية خارج دائرة الاتهام، أحيانا "تلطوش" قليلاً لأن الكل يعتبر أو يعتقد بأن سورية مشغولة في مواجهة الحرب الكونية الدائرة على أرضها، ولذلك يتم التركيز على إيران.
أما موضوع الديمقراطية الإيرانية، أنا أحب أن أنعش ذاكرة البعض أن إيران خلال 37 سنة وحتى الآن أجرت 35 انتخاب: انتخابات رئاسية، وانتخابات بلدية، وانتخابات مجلس نواب وانتخابات مجلس خبراء. 35 انتخاب أو أكثر، وبعد عدة أسابيع لديهم انتخابات نيابية وانتخابات مجلس خبراء. خلال سنوات الحرب الثماني التي شنها صدام حسين على إيران، والمدعوم سعودياً وأمريكياً وغربياً وكونياً، إيران لم تعطل الانتخابات. في لبنان نحن نبحث عن أي حجة حتى نفرّ من الانتخابات، نحن بعض اللبنانيين بحق أو بغير حق.
إيران تحت الصواريخ وقصف المدافع لم تعطل انتخاباتها في يوم من الأيام ولم تؤجل انتخاباتها في يوم من الأيام، في الوقت الذي بعض أصدقائكم واحبائكم ما أجروا انتخابات بحياتهم. فرجاء كل واحد يعرف حجمه جيداً عندما يود الحديث عن الجمهورية الإسلامية والديمقراطية في الجمهورية الإسلامية، ولنضع أقدامنا على الأرض ونرى مشاكلنا ونذهب لحلها. حتى مجلس تشخيص مصلحة النظام، هذا مرجعية دستورية لمعالجة الخلافات بين المؤسسات الدستورية. نحن عندنا إن حصل خلاف يعطل كل شيء لا يوجد مرجعية دستورية. يا ليت تصبح طاولة الحوار هيئة مجلس تشخيص مصلحة نظام، مجلس تشخيص مصلحة النظام وضع لإيران ما يسمى باستراتيجية أو ما تتطلع إليه إيران بعد 25 سنة اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً وفنياً وإدارياً وثقافياً وتربويا واجتماعياً وسياسياً وعسكرياً وصناعياً إلى آخره. نحن في لبنان نشبّه حالنا بمجلس تشخيص مصلحة النظام، لا نعرف كيف نحل مشكلة النفايات التي بشوارعنا وطرقنا، منيح، ويكفي هذا المقدار.
النقطة الثانية، الاتهام لحزب الله بشكل دائم أنه لا يريد انتخابات رئاسية، يريد أن يساوم على قصة الانتخابات الرئاسية. عندما يمشي حزب الله بالانتخابات الرئاسية يريد مقابلاً.
ما هو المقابل؟ ساعة يقولون مؤتمر تأسيسي، ساعة يقولون تعديلات دستورية، طبعاً هناك أناس ليس لديهم "شغلة أوعملة" في البلد، يتكلمون، يكتبون، يتسلّون، البعض يقول (حزب الله) يريد أن يكبّر حصته في الدولة، ولكن أين هي حصتنا في الدولة؟ أين هي التي نريد أن نكبرها أو نصغرها؟ كل ذلك كلام فارغ.
نحن نعم عندما تكلمنا عن تسوية لم نأتِ على ذكر مؤتمر تأسيسي ولا تعديل في النظام ولاحصة ولا شيء. بالعكس تكلمنا عن التسوية للتسهيل، تسهيل انتخاب الرئيس كي تقدم العالم لبعضها تنازلات، وكل واحد يأخذ ما يطمئنه وما يثبته ونحلّ هذه القصة كلها على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وأنه مثلاً كانت الفكرة على كل حال أن رئيس الجمهورية من هنا، رئيس الوزراء من هنا، قانون الانتخاب، نحن ننزل قليلاً، هم ينزلون قليلاً نصل إلى قانون انتخاب.
بالعكس، أنا عندما تحدثت عن تسوية كنت أتحدث عن تنازلات، وليس تعديلات وعن مكاسب وعن زيادة حصص نرهن الانتخابات الرئاسية لنحصل عليها. وعبّرت أن هذا تحت سقف اتفاق الطائف. لكن هناك أناس إما أنهم لا يقرأون أو لا يسمعون وإما "خلص، يعني" مهما تحدثت وقلت، هو فاتح ومعلن العداء، ويستخدم كل الوسائل المحرمة في مواجهتك وفي التحريض عليك.
طبعاً في هذا السياق، آخر شيء وصلنا له وأتركها للختام لأجاوب عليها أن حزب الله أصلا لا يريد انتخابات رئاسية، "حيّرتونا": يريد العماد عون، يريد الوزير فرنجية؟ الآن نصل إليه، لكن يوم من الأيام حزب الله يرهن الانتخابات الرئاسية في الاتفاق النووي، بعدين لا، حزب الله يرهن الانتخابات الرئاسية بالتعديلات الدستورية والمكاسب والحصص وإلى آخره، وبعدين حزب الله أصلاً لا يريد انتخاب، مرشحه هو الفراغ.
النقطة الثالثة موضوع الحلفاء والعلاقة مع الحلفاء، هذه تنفع للبحث الرئاسي وكل البحث السياسي في البلد.
انظروا: نحن علاقتنا مع حلفائنا قائمة على قاعدة الثقة والصدق والاحترام المتبادل وقائمة على أساسيات، نلتقي على أساسيات مهمة.
يمكن هناك الكثير من المواقف والتفاصيل التي نختلف فيها، لكن هناك أساسيات نحن متفاهمون عليها. هذا تحالفنا 8 آذار ومن هو مع 8 آذار، سواء اعتبرتم التيار الوطني جزءاً من 8 آذار أو إلى جانبه ومتحالف معه. بمعزل عن هذا التفصيل، هذه المجموعة هي ليست حزباً شمولياً. هذا الفريق السياسي ليس له حزب قائد وليس له قائد، وهذا الفريق يت