خلال الأيام التي تحرق فيها النفايات، تزداد المواد المسرطنة المنقولة بالجو بنسبة 2300 بالمئة ، ويرتفع خطر الإصابة بالسرطان إلى 18 في المليون.
خلال الأيام التي تحرق فيها النفايات، تزداد المواد المسرطنة المنقولة بالجو بنسبة 2300 بالمئة على أقل تقدير، ويرتفع خطر الإصابة بالسرطان إلى 18 في المليون. وإذا استمرت الحال على ما هي عليه، تصل النسبة إلى 70 شخصاً في المليون بخلال أقل من سنتين. هذه الخلاصة الأبرز لنتائج الدراسة التي أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت والمجلس الوطني للبحوث العلمية بمشاركة باحثين من الجامعة اليسوعية وجامعة سيدة اللويزة.
وضع الفريق البحثي الذي قادته أستاذة الكيمياء ومديرة مركز الطبيعة في الجامعة الأميركية نجاة صليبا، معداته على سطح أحد الأبنية السكنية القريبة من موقع حرج مفتوح إلى الشرق من بيروت، بين 2 تشرين الأول و26 تشرين الثاني من عام 2015، وذلك لقياس تركيزات مجموعة من الملوثات السامة الناتجة من حرق النفايات، وقورنت النتائج بقياسات سابقة.
حسين مهدي/جريدة الاخبار
«فإذا استمرت عملية حرق النفايات بهذه الطريقة، سترتفع حالات الإصابة بالسرطان من شخص في المليون إلى 70 شخصاً في المليون. أما خطر الإصابة القصير الأمد للإصابة بالسرطان، فزاد إلى نحو 18 شخصاً بالمليون في خلال الأيام التي جرى خلالها حرق النفايات»، هذا فضلاً عن الأمراض الأخرى التي يسهم حرق النفايات في انتشارها بين المواطنين. هكذا بسّطت صليبا نتائج حرق النفايات على صحة الإنسان، في خلال مؤتمر صحافي دعت إليه الجامعة الأميركية في معهد عصام فارس.
الغذاء والماء مهددان أيضاً بفعل عمليات الحرق العشوائية وانتشار هذه السموم، وخصوصاً لجهة حرق المواد البلاستيكية التي تبقى في الهواء لفترات طويلة، ما يؤدي إلى تلوث الغذاء والماء بمواد سامة ومسرطنة.
تظهر الدراسة أن المعدلات اليومية للجزيئات التي يبلغ قطرها 10 ميكرومترات أو أقل (PM10)، أو 2.5 ميكرومترات أو أقل (PM2.5)، تجاوزت المعدلات المذكورة في توجيهات الأربعة وعشرين ساعة لمنظمة الصحة العالمية، بما يصل إلى 276% و171%.
إضافة إلى ذلك، جرت دراسة تركيزات المعادن (الرصاص، الكادميوم…) التي تُعَدّ مؤشراً لحرق النفايات، ووجد أنها زادت بين 98 و 1448%. أما في ما يتعلق بالمواد العضوية، فتبيّن أن أكثر مادة مسرطنة ضمن الهيدروكربونات العطرية (أي مادة البنزو [أ] بيرين) تضاعف تركيزها بنحو 2.3 مرات.
أما مستويات الديوكسينات الثنائية البنزو والمتعددة الكلور والفيورانات السبعة عشر الأكثر سمية، وكلها مواد مسرطنة، فوجد أنها أكثر ارتفاعاً من القياسات الأخرى السابقة بنسبة 2754%.
اللافت في نتائج هذه الدراسة أن الانبعاثات الناجمة عن حرق النفايات، تقسم إلى نوعين من الملوثات السامة: الأول كان موجوداً في الهواء، ولكن بنسب لا تدعو إلى القلق، إلا أنها تضاعفت كثيراً بفعل حرق النفايات. والثانية ملوثات ظهرت بفعل حرق النفايات، ولم يكن لها أي أثر في الهواء سابقاً.
النوعان من الملوثات باتا يشكلان خطراً حقيقياً على صحة المواطن، على الأمدين القريب والبعيد، فالاستمرار في حرق النفايات سيؤدي على المدى البعيد إلى إصابة الكثير من المواطنين بالسرطان، وعلى المدى القريب هناك العديد من الأمراض تنتشر في صفوف المواطنين بفعل حرق النفايات، وهذا ما تحدث عنه رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الطبيب فضلو خوري، فـ»هذا السم المنبعث من حرق النفايات قد يسبب مأساة لبنانية طبية في السنوات المقبلة، إن لم تتداركه الجهات المعنية»، لافتاً إلى أن بعض السموم التي يتنشقها اللبنانيون، المرأة الحامل تتخلص منه عبر توريثه إلى جنينها، «ومسببات سرطان الرئة أو غيره من أنواع السرطان والأمراض الأخرى تنتشر حالياً في الهواء».
ويقول خوري إنه لا يمكن حالياً معرفة الأرقام الحقيقية والدقيقة للإصابات بأمراض السرطان، آملاً أن تتوقف حالات الحرق التي تضاعف خطر الإصابة بالأمراض المسرطنة. المجلس الوطني للبحوث العلمية، الذي موّل هذه الدراسة، اعتبرها بمثابة «تحذير للمجتمع من أخطار حرق النفايات»، وتعهد أمينه العام معين حمزة بإرسال ملخص عن نتائج هذه الدراسة باللغة العربية إلى رئيس الحكومة تمام سلام وغيره من المسؤولين في الحكومة اللبنانية والمؤسسات المعنية.