لعصابات المسلحة في سوريا ورعاتهم الدوليين أصابهم الإحباط جراء اختلال موازين القوى لمصلحة محورالمقاومة في سوريا وجراء الإنهيارات المتلاحقة في صفوف ومواقع المجموعات الإرهابية
لفت سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: الى أن وجوه الجماعات الإرهابية في سوريا اسودت وأن الدول الداعمة لها كالسعودية بدأت تعيش المرارة جراء الإنجازات الميدانية المتلاحقة التي يحققها الجيش السوري والمقاومة على امتداد ساحات المواجهة العسكرية وآخرها فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء.
وقال: الغريب العجيب الذي يكشف عن نفاق بعض الدول أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا نددوا بالعملية العسكرية التي أدت إلى فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء وفك الحصار عن عشراء آلاف المدنيين الذين كانوا محاصرين بشكل كامل من العصابات المسلحة في هاتين البلدتين, في الوقت الذي دفعوا بأدواتهم في المعارضة للمطالبة بجعل البند الإنساني شرطاً للإنخراط في عملية التفاوض في جنيف.. معتبراُ أن هذا المنطق المزدوج وغير المفهوم كان دائماً هو منطق الدول الراعية للإرهابيين.
ورأى: أن العصابات المسلحة في سوريا ورعاتهم الدوليين أصابهم الإحباط جراء اختلال موازين القوى لمصلحة محورالمقاومة في سوريا وجراء الإنهيارات المتلاحقة في صفوف ومواقع المجموعات الإرهابية المسلحة.معتبراً: أن هذه الإنجازات الميدانية جعلت الموقف التفاوضي للمعارضة ضعيفاً وهزيلاً ومربكاً ومكشوفاً وبدا هامش المناورة لديها محدوداً، ولذلك لجأت إلى المراوغة وتعطيل عملية التفاوض التي كان من المقرر أن تجري في جنيف.
نص الخطبة
في الحديث عن رسول الله (ص): إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه.
ذو الوجهين وذو اللسانين هو الإنسان الذي يظهر بشخصيتين مختلفتين متناقضتين، وبلسانين مختلفين, لديه وجهان ولسانات وشخصيتان وسلوكان وأخلاقان..تراه مثلاً يمدح إنساناً في وجهه وحال حضوره ويثني عليه ويمجده بهدف أن يكسب وده أو يستميله أو يرضى عنه ولكنه عند غيابه يطعن به ويتكلم عليه ويعيبه ويسيء إليه. يظهر المحبة والمودة واللطف تجاه الشخص في وجهه وحال حضوره، ولكن عند غيابه يظهر بغضه وحقده وكرهه له.
ذو الوجهين أيضاً، هو الذي تربطه علاقة بعدوين أو بخصمين ويتكلم مع كل واحد منهما بلسان يرضيه , يأتي إلى طرفين الى جارين متخاصمين أو طائفتين أو مذهبين أو جماعتين أو حزبين متنافرين فيظهر لهذا الطرف المحبة والمودة والإنسجام ويمدحهم على فعلهم ويذم بالطرف الآخر, ثم يذهب إلى الطرف الآخر فيظهر له المودة ويمدحه ويذم بالطرف الأول, من أجل أن يوقع بينهما ويفسد بينهما, أو من أجل أن يسترضيهما ويحقق مصالحه ويصل الى طموحاته وأهدافه .
إذا كان بين شخصين عداوة أو خلاف ونزاع وكل واحد منهما يتناول خصمه في غيابه بكلام شديد وقاسي، وكل واحد منهما يتحدث عن الآخر في غيابه بسوء، يأتي ذو الوجهين فينقل كلام كل واحد إلى الآخر, ينقل ما قاله هذا الطرف بحق ذاك وما قاله ذاك بحق هذا.. وهذا أسوأ من النميمة لأن النميمة هي أن تنقل كلام أحد الطرفين إلى الآخر. أما إذا تم نقل كلام الطرف الآخر أيضاً بأن تم نقل كلام كلا الطرفين الى بعضهما البعض فإنه يصبح ذا وجهين وذا لسانين وهو أعظم سوءاً من النميمة التي هي من الذنوب الكبيرة.من يلتقي بكل واحد من المتخاصمين ويمدحه ويفضله على الآخر , يأتي إلى هذا فيقول: أنت أحسن من ذاك, ويأتي إلى ذاك ويقول له أنت أحسن من هذا فهو أيضاً ذو وجهين ولسانين.من يساعد كل واحد من المتخاصمين على الآخر ويحرض أحدهما على الآخر, فهو أيضاً ذو لسانين.
ذو الوجهين يكون بوضعية وصفة معينة مع جماعة ومع غيرهم بوضعية وصفة أخرى, إذا عاش مع المتدينين يكون متديناً ومع أهل الصلاح والتقوى يكون من أهل الصلاح والتقوى, وإذا عاشر الفساق والمنحرفين كان كواحد منهم في أخلاقه وسلوكه وتصرفاته, يتباهى بالسيئات والمعاصي كما يتباهون, فهو يتلون ويتقمص أكثر من شخصية, ويستميل كل جماعة بما يحبون ليكون مقبولاً عندهم ولينال رضاهم .ترى ذا الوجهين مع من له مصلحة معه يداريه ويجاريه ويتودد إليه ويلاطفه من أجل أن يصل الى طموحاته ومصالحه أما مع الآخرين فيكون قاسياً وغليظاً.
ذو الوجهين انتهازي وصولي مصلحي تراه مع المسؤول أوصاحب العمل أو الشركة أو الوظيفة لطيفاً ودوداً يتبسم في وجهه ويتملق أمامه ليحاول استرضائه أما مع زملائه في العمل فيكون إنساناً آخر يكون غضوباً عبوساً.. ذو الوجهين أيضاً هو الذي يكون في داخل بيته بشخصية وخارج بيته عندما يكون مع الناس بشخصية أخرى.
تراه في داخل بيته مع زوجته ومع أولاده ذا أخلاق سيئة.. ينفعل لأدنى شيء, ويعلو صوته وصراخه لأدنى شيء, يسب ويشتم ويضرب في بعض الأحيان ويتحول إلى إنسان شرس ومفترس, بحجة أنه متعب أو معصب أو أعصابه متوترة بسبب ضغوط العمل وضغوط الحياة والمشاكل التي يمر بها.بينما عندما يكون خارج البيت مع عامة الناس, مع أصدقائه ورفقائه وزملائه في العمل أو في السهرات أو عندما يكون في المحافل العامة تراه ذا أخلاق عالية, يبدو لطيفاً وهادئاً ومتواضعاً , بحيث يبدو أمام الناس وكأنه قدوة وأسوة في أخلاقه وسلوكه.
الشخص في كل هذه الموارد يقال له ذو الوجهين وذو اللسانين، وهذه الصفة هي شكل من أشكال النفاق والخداع, حيث يتلون الإنسان في علاقاته ومواقفه ومشاعره وعواطفه وأخلاقه وسلوكه وتصرفاته.. فيظهر بأكثر من شخصية, بل إن البعض يغير شخصيته في كل ساعة لينال رضا هذا أو ذاك.. وقد حذر الإسلام والنبي الأكرم (ص) من هذه الصفة الذميمة واعتبر أن ذا الوجهين من أشرّ الناس. فقد روي عن النبي (ص) أنه قال: تجدون شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
وعن الإمام الصادق (ع): من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار.
وعن الإمام الباقر (ع): بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه حاضراً ويأكله غائباً, إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله.
أما الإنسان الذي يداري طرفين ويتودد إليهما بهدف الإصلاح بينهما وتقريب وجهات نظرهما فيستر القبيح الذي يصدر منهما ولا ينقل أو يُظهر ما يعيب به أحدهما على الآخر بل يظهر الخصال الحسنة فيهما وينقل الكلام الطيب والمشاعر الحسنة من أحدهما للآخر ليقرب بينهما ويؤلف قلوبهما فهذا من الإصلاح ومن الأعمال الجليلة التي ورد فيها ثواب عظيم, وهو عمل أخلاقي اجتماعي نبيل يدخل في إطار إصلاح العلاقات البينية بين الناس أو بين الأطراف المتنازعة والمتخاصمة.
المؤمن الحقيقي لا يتلون بل يكون على صفة ثابتة ومبدأ ثابت وواضح, سلوكه ومواقفه وأخلاقه لا تتغير ولا تتبدل، صادق اللهجة, لا ينافق ولا يخادع ولا يُظهر وجهاً ويُبطن وجهاً آخر.ذو الوجهين بسلوكه وازدواجية شخصيته وانتهازيته يُلحق بالمجتمع أضراراً جسيمة, يفسد بين الناس, ويعمق النزاعات والخصومات, ويؤجج الفتن بين الناس.
هذه الصفة الذميمة والقبيحة نراها تتفشى في واقعنا ومجتمعنا, في الوظائف والأسواق ووسائل الإعلام, في القنوات والفضائيات وبين السياسيين, حيث يحاول البعض أن يظهر بوجه مختلف وبشخصية مختلفة تماماً عن واقعه, من أجل أن يكسب وظيفة أو عمل أو زبائن أو جمهور أو أصوات انتخابية أو لأجل كسب الرأي العام, فيكثر التلون والنفاق والكذب في المواقف والأحاديث من أجل تحقيق مكاسب ومصالح من هذا النوع .. وهذا سببه قلة الأخلاق وضعف التدين وعدم الورع والتقوى والغفلة عن الآخرة والحساب والعقاب والجنة والنار , وعدم مراعاة حقوق الآخرين.
اليوم وجوه الجموعات التكفيرية الإرهابية في سوريا اسودت وهناك دول بدأت تعيش المرارة كالسعودية وغيرها جراء الإنجازات الميدانية المتلاحقة التي يحققها الجيش السوري والمقاومة على امتداد ساحات المواجهة العسكرية في سوريا وآخرها فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء الذي استمر لأكثر من ثلاث سنين ونصف.
هذا الحصار الذي عانى منه عشرات آلاف السوريين الذين صمدوا وثبتوا في هاتين البلدتين بالرغم من التخويف والترهيب والتجويع والقصف والقتل الذي كانت تمارسه الجماعات الإرهابية بحقهم من دون أن يبالي أحد لمأساتهم ومعاناتهم ممن يتشدق اليوم بالحديث عن حقوق الإنسان ويطالب بضرورة فك الحصار عن مضايا وغيرها وإيصال المساعدات الإنسانية كشرط أساسي للدخول في المفاوضات السياسية.
والغريب العجيب الذي يكشف عن نفاق بعض الدول أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا نددوا بالعملية العسكرية التي أدت إلى فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء وفك الحصار عن عشراء آلاف المدنيين الذين كانوا محاصرين بشكل كامل من العصابات المسلحة في هاتين البلدتين, في الوقت الذي دفعوا بأدواتهم في المعارضة للمطالبة بجعل البند الإنساني شرطاً للإنخراط في عملية التفاوض في جنيف.. هذا المنطق المزدوج وغير المفهوم كان دائماً هو منطق الدول الراعية للإرهابيين.
العصابات المسلحة في سوريا ورعاتهم الدوليين أصابهم الإحباط جراء اختلال موازين القوى لمصلحة محورالمقاومة في سوريا وجراء الإنهيارات الميدانية المتلاحقة في صفوف ومواقع المجموعات الإرهابية المسلحة. هذه الإنجازات الميدانية جعلت الموقف التفاوضي للمعارضة ضعيفاً وهزيلاً ومربكاً ومكشوفاً وبدا هامش المناورة لديها محدوداً، ولذلك لجأت إلى المراوغة وتعطيل عملية التفاوض التي كان من المقرر أن تجري في جنيف.
الجماعات الإرهابية والدول الراعية لها تحاول فرض وقف إطلاق النار كشرط للمفاوضات من أجل وقف المزيد من عملية إنهيار المسلحين, لكن محور المقاومة مصمم على مواصلة العمليات العسكرية في سوريا وعلى استمرار المواجهة حتى استعادة كل الأراضي السورية واستئصال الإرهابيين.