قبل سبعة وثلاثين عاما تكالبت قوى الشر على الثورة الاسلامية وكانت حينها طرية العود، ورغم ذلك لم تتمكن من النيل منها، واليوم تعود هذه القوى نفسها بأساليب وادوات اكثر خبثا ومكرا، لامتحان حظها مرة اخرى مع هذه الثورة.
تحتفل الجمهورية الاسلامية في ايران هذه الايام بالذكرى السابعة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية ، في وقت تشهد المنطقة صراعا بين المحورين التقليديين ، ولكن تحت مسميات وعناوين جديدة ، وبطريقة اكثر عنفا وتطرفا ، لا تعترف باي خطوط حمراء ، الامر الذي جعل المنطقة وشعوبها على مفترق طرق ، اما ان تحتفظ بالخريطة الجغرافية والديمغرافية الحالية ، واما ان تذهب نحو خرائط جغرافية وديمغرافية لا يعرف الا الله مدياتها ومآلاتها.
ماجد حاتمي/ موقع شفقنا
قبل سبعة وثلاثين عاما، انتصرت الثورة الاسلامية في ايران في 11 شباط / فباير العام 1979، ونسفت المعادلة السياسية التي كانت في طريقها للهيمنة على المنطقة ، والتي كانت تميل لصالح معسكر الاستسلام والانبطاح وتضييع حقوق الشعب الفلسطيني.
ومنذ ذلك الوقت، اصبحت الثورة الاسلامية هدفا للاستكبار العالمي وعلى راسه امريكا والغرب والصهيونية ولاذنابهم في المنطقة، ففرض هذا المعسكر حربا ظالمة على الثورة الاسلامية استمرت ثماني سنوات قادها بالظاهر الدكتاتور صدام حسين بذرائع واهية، وهي ذات الذرائع التي يتذرع بها هذا المعسكر لتعميم الفوضى التي تشهدها المنطقة اليوم، وفي مقدمتها ذريعة “التصدي للثورة الاسلامية”، ولما فشلت مؤامرة الحرب المفروضة ، فرض الاستكبار حظرا شاملا دام عقود بذرائع مختلفة ، لخنق الجمهورية الاسلامية.
في المقابل لم تحل الحرب المفروضة والحرب النفسية والحرب الاعلامية والحظر الاقتصادي الشامل على الجمهورية الاسلامية في ايران، بين الشعوب التواقة للحرية والتحرر من الاستعمار والاستبداد، وبين خطاب الثورة الاسلامية الذي خاطب عقول وقلوب هذه الشعوب التي انتفضت متسلحة بقيم هذه الثورة وفي مقدمتها المقاومة ورفض الواقع المرير والمهين، فكان حزب الله في لبنان والمقاومة الاسلامية في فلسطين، ومنذ ذلك التاريخ لم تدخل قوات الاحتلال الصهيوني في اي عدوان على العرب الا وخرجت منه مهزومة ذليلة، وانكسرت هيبة “الجيش الذي لا يقهر” وخاصة في اعوام 2000 و 2006 و2008 و 2012 و2014، وفرضت المقاومة في لبنان وفي غزة توازن الرعب، وبات الكيان الصهيوني المتغطرس يفكر الف مرة قبل اي عدوان على لبنان او غزة ، بعد ان كان العدوان الصهيوني على العرب اشبه بالنزهة بالنسبة لقوات الاحتلال الصهيوني.
ايقن الاستكبار ان “اسرائيل” في خطر، مع وجود الخطاب الاسلامي الثوري الاصيل، المتمثل بالثورة الاسلامية في ايران، فتفتق العقل الاستكباري عن مخطط خبيث لضرب الركيزة الاقوى، والتي كانت من اولويات اهتمام الثورة الاسلامية في ايران، وهي ركيزة “الوحدة الاسلامية، وهذا المخطط ما كان ليرى النور لولا الدور السعودي، فقد تمخض هذا المخطط عن ولادة “داعش” ذلك الكائن المسخ، في صياغة جديدة للمخطط الامريكي الصهيوني السعودي الباكستاني القديم الذي افرز حينها “القاعدة” لمواجهة الاتحاد السوفيتي.
“داعش” التي تستخدمها السعودية اليوم لمواجهة الاسلام الاصيل وحركات المقاومة الاسلامية ومحور المقاومة وفي مقدمته ايران، شأنها شأن القاعدة، التي كانت تصول وتجول في افغانستان وباكستان، ما كانت لتنتشر في ارض العرب والمسلمين لولا وقوف دول مثل امريكا والسعودية، وراءها، بهدف ضرب الجمهورية الاسلامية في ايران، كهدف رئيسي واخير.
بان وافتضح امر الجهات التي تقف وراء “داعش” والتنظيمات التكفيرية في المنطقة، بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري في شمال حلب ، وعندما رات تلك الجهات ان مؤامرتها في تفجير المنطقة وتقسيمها للوصول الى ايران ارتطم بصخرة صمود محور المقاومة، جن جنون تلك الجهات وكشفت عن وجهها القبيح عبر الاعلان وبشكل سافر عن استعدادها لغزو سوريا لانقاذ “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية الاخرى، تحت ذريعة مضحكة وهي “محاربة داعش والجماعات التكفيرية في سوريا”.
الملفت ان الدول التي اعلنت استعدادها لارسال قوات الى سوريا لمحاربة “داعش” جلها متورطة بدعم وتسليح “داعش” هذا السلاح الطائفي الاثير لدى السعودية والرجعية العربية وامريكا و”اسرائيل”، وهي ذات الدول التي دعمت وساندت القاعدة، وهي ذات الدول التي دعمت وساعدت طالبان واعترفت بها.
كل الحروب الاعلامية التي شنها المعسكر الصهيوامريكي العربي الرجعي، ضد الثورة الاسلامية في ايران، بهدف الباسها لبوس “الطائفية” و“العنصرية”، لضرب شعبيتها لدى الامم الاخرى، باءت بالفشل الذريع، واتضح ذلك جليا من طبيعة الدول التي يتألف منها هذا المعسكر الذي ناصب الثورة الاسلامية العداء، ومن طبيعة الحروب والفتن التي اشعلها هذا المعسكر في المنطقة، ومن طبيعة الخطاب “الطائفي” و”العنصري” السعودي، ازاء الثورة الاسلامية، حتى وصل الامر بهذا الخطاب، الذي كان محصورا في السابق في دائرة مشايخ الوهابية، ان يتمدد على المشهد السياسي والاعلامي السعودي كله، الامر الذي أكد للجميع، ان الثورة الاسلامية في ايران، مازالت تحتفظ بقيمها ومبادئها واهدافها، فلولا هذه الحقيقة لما كان هذا الخطاب الطائفي العنصري السعودي بهذه الهستيريا، والذي يفضح اصحابه الذي يرفعون كذبا شعار محاربة “داعش” التي تعتبر رمز الطائفية الوهابية.
قبل سبعة وثلاثين عاما تكالبت قوى الشر على الثورة الاسلامية وكانت حينها طرية العود، ورغم ذلك لم تتمكن من النيل منها، واليوم تعود هذه القوى نفسها بأساليب وادوات اكثر خبثا ومكرا، لامتحان حظها مرة اخرى مع هذه الثورة ، ولكن الفارق بين النزالين، هو ان ايران الثورة اليوم تطلق اقمارا اصطناعية الى الفضاء، وتمتلك برنامجا نوويا متكاملا، وقوة ردع عسكرية هائلة، ونهضة علمية وتقنية وصناعية واقتصادية كبرى، وهي جزء من محور كبير افشل اكبر مؤامرة كانت تستهدف المنطقة وخاصة ايران، عبر ضرب سوريا، خططت لها امريكا والغرب و”اسرائيل” ونفذتها السعودية وقطر وتركيا، عبر استخدام السلاح الطائفي ، لذلك ستبقى الثورة الاسلامية بوصلة الاحرار لتحديد صوابية الاتجاه ، رغم كل الغبار الطائفي والعنصري الذي تثيره السعودية.