"عندما كنت مطراناً في الكويت وكانت السعودية ضمن أبرشيتي كان ممنوعاً عليّ أن أزورها.. أما الكنيسة الأرمنية موجودة في إيران منذ 1700 سنة. «ثمة طلعات ونزلات عاشها المسيحيون، لكنهم لم يتعرّضوا للاضطهاد بعد الثورة الايرانية".
منذ أيام قليلة، احتفلت إيران بذكرى «انتصار الثورة الإسلامية». احتفل الشعب الإيراني الذي يضم في جزء، ولو ضئيلاً منه، مسيحيين. «هو ضئيل في العدد ولكنه ليس ضعيفاً والأهم ليس مستضعَفاً، فقد يكون المسيحيون في لبنان مضطهدين أكثر مما هم عليه في إيران، أو كما تقول البروباغندا الطاغية التي لا علاقة لها بالواقع الذي نعيشه نحن كمسيحيين في إيران، حيث مواطنيتنا مكتملة»، وفق مطران طهران للأرمن الأرثوذكس سيبوه سركيسيان.
سركيسيان الذي مرّ على خدمته الروحية في العاصمة الإيرانية 17 عاماً يقول إن الأقليات في ايران «هم مواطنون؛ وهذا هو المهم. فالقاسم المشترك بين كل مكونات المجتمع الايراني هو المواطنة، فالضائقة الاقتصادية أيام الحصار (الدولي) أصابت الجميع ومن المفترض أن تنعكس الانفراجة المرتقبة على الجميع أيضاً».
ويضيف: «ايران البلد الوحيد الذي يحترم حقوق الأقليات ويحفظها في دستوره. عند كل دراسة لميزانية الدولة، ترصد الحقوق المادية للأقليات. الفكرة بمعزل عن حجم المبالغ هي الأساس، وهذا من الناحية المادية يُعدّ ظاهرة. ناهيك بأن الدولة تهتمّ بصيانة دور العبادة كلها من كنائس ومعابد ومساجد بصرف النظر عن الدين».
المسألة لا تتعلق بوصف «الحياة الوردية» للمسيحيين في إيران بل أقله، وصف «الواقع العملي والملموس على الأرض»، على ما يُسمّيه سركيسيان. يعتبر أن «الغرب يتجاهل أحياناً وعمداً هذا الواقع، ولكن التجاهل لا يمكن أن ينفي الحقيقة الموجودة».
لماذا الصورة مغايرة وآخرها تجلّى في تحذير زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري من تحويل لبنان ولاية إيرانية؟ يجيب: «وهل المقصود أن يكون امارة سعودية؟ هناك من يذكر الحريري بأنه لا يستطيع ان يكون سلطاناً في محافظة سعودية على أرض لبنان. على السياسيين اللبنانيين أن يكونوا أكثر واقعية وأكثر لبنانية، وعندما تُتهم إيران بهذا الشكل نسأل عن حرية الأديان في السعودية. فأنا عندما كنت مطراناً في الكويت وكانت السعودية ضمن أبرشيتي كان ممنوعاً عليّ أن أزورها.. ففي السعودية زيارات رجال الدين المسيحيين ممنوعة، فكيف بالحديث عن حرية الأديان؟ إيران ليست فردوساً، ولكنها ليست جهنم». يوضح سركيسيان أن الكنيسة الأرمنية موجودة في إيران منذ 1700 سنة. «ثمة طلعات ونزلات عاشها المسيحيون، لكنهم لم يتعرّضوا للاضطهاد بعد الثورة الايرانية».
تلمع عينا المطران قبل أن يقول: «أنا سوري وأفتخر بهويتي». تعود جذوره الى القامشلي السورية ويتألم لما يحصل لبلده الأم الذي لم يزره منذ العام 2011: «أنا سوري وأفتخر بهويتي. سوريا والسوريون دائماً في صلواتي. إيماننا يفرض علينا التفاؤل والرجاء بأن سوء التفاهم والاضطهاد الحاصلين سيزولان قريباً».
وعندما ينفتح الكلام عن الإرهاب يعلّق: «إيران، حكومة وشعباً، ضد الإرهاب لأنها تؤمن بالعيش المشترك ونحن ككنائس نستنكر التطرف والإرهاب الذي لا علاقة له بالإسلام».
في زمن التطرف، فرح المطران سركيسيان بما وصفه «اللقاء التاريخي بين البطريرك كيريل والبابا فرنسيس»، ويقول لـ «السفير» إن أي لقاء بين هاتين الشخصيتين «سيكون له أثر إيجابي على المسيحيين والعالم»، لكنه أمل في ما «لو كان اللقاء قد تمّ في حاضرة الفاتيكان أو في مقر البطريركية في موسكو وليس في قاعة مطار».
في إيران يعيش نحو 100 ألف مسيحي، بينهم 80 ألفاً من الأرمن الارثوذكس. غالبية هؤلاء أي نحو 60 ألفاً يعيشون في العاصمة طهران، حيث لديهم 19 مدرسة و11 كنيسة أكبرها كنيسة القديس سركيس و29 نادياً ثقافياً واجتماعياً ورياضياً وجمعيات إنسانية، فضلاً عن وجود كنيستين هما الأقدم في العالم.
للمسيحيين حضورهم السياسي، كما بقية الأقليات المعترف بها في الدستور: 3 مقاعد مسيحية (2 أرمن أرثوذكس و1 أشوري)، 1 يهودي، 1 زرداشتي.