فقد كان الظهور الأبرز على قناة «الحياة» مع المذيع تامر أمين، الذي حاوره منفرداً، وقد بلغت الخديعة حد أن أمين طالب الرئيس السيسي بتكريم الشاب و«وضعه تحت جناحه»..!!
«قارئ القرآن المزيف» هذا هو العنوان الذي يشغل الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي في مصر على حد سواء هذه الأيام . فقد تمكن الطالب في كلية الصيدلة في «جامعة الأزهر» عبدالرحيم راضي (22) عاماً من خداع الإعلام المصري باختراع حكاية فوزه في مسابقة تلاوة القرآن في ماليزيا ممثلاً وحيداً لمصر، وحائزاً، على حد زعمه، على لقب «قارئ العالم».
لكن سيظهر لاحقاً أن الشاب لم يكن سوى «مسافر زاده الخيال»، حين أعلنت سفارة مصر في ماليزيا أن لا أحد بهذا الاسم وصل هناك، وأن المسابقة المزعومة لم تحدث من الأساس، لكن التوضيح لم يأت إلا بعد أن كانت مصر بكاملها تحتفل بالشاب وبالجائزة.
فقد كان الظهور الأبرز على قناة «الحياة» مع المذيع تامر أمين، الذي حاوره منفرداً، وقد بلغت الخديعة حد أن أمين طالب الرئيس السيسي بتكريم الشاب و«وضعه تحت جناحه»، مع أنه كان لافتاً أن الشاب رفض أن يقرأ ما تيسّر من القرآن حين طالبه المذيع، متذرعاً بأن الأطباء نصحوه بالراحة لشهر كامل. (بالطبع فإن السؤال الأهم هو ماذا يفعل المذيعون النجوم في برامجهم غير الثرثرة؟ هل يحضرون مسبقاً فعلاً لبرامجهم أم ماذا؟).
غيبوبة “الأزهر”
تالياً سيعلن «الأزهر» عن تكريم خاص للشاب (وإن كان أجل الحفل بسبب حادثة وفاة)، بعد أن وصف بأنه «يعد نموذجاً للأزهريين، المتفوقين في دراستهم، والحاملين لكتاب الله، العاملين به، ويتخذونه منهجا ودستوراً لهم». كما أن الرئاسة المصرية ستحدد له موعداً كي يكرمه الرئيس السيسي، حسب ما نقلت صحف ومواقع مصرية.
وفي مدينة أسيوط، التي يدرس في فرعها الأزهري طالباً للصيدلة، سيكرم الشاب أحسن تكريم من قبل قيادات وأبرز وجوه المدينة، وفي مدينته سوهاج كذلك الأمر، وسيكون من أبرز عناوين الصحف المصرية واحدٌ يقول «سوهاج تستقبل أول العالم في حفظ القرآن الكريم» وسيستقبل أهالي قرية «أولاد خليفة»، التابعة لمركز دار السلام شرق المدينة «بالتكبير والأحضان، القارئ الدكتور الشيخ عبدالرحيم راضي»، وسيظهر في فيديو وضع على «يوتبوب» كيف أشار المشايخ وباركوا له، وكيف هنأه الناس، وتحدث أهل قريته عن مناقبه.
لكن بعد كل هذه «المهرجانات» وانكشاف الحقيقة ستحقق جامعة الأزهر في الأمر لتقرر «إحالة الطالب عبد الرحيم راضي لمجلس تأديب بسبب ادعاءاته الكاذبة بحصوله على المركز الأول بالمسابقة العالمية لحفظ القرآن في ماليزيا». وستنقل صحف مصرية عن الشاب اعترافه وقوله بأنه «تعرض للنصب».
فيما بعد هاجم إعلاميون مصريون «الأزهر»، معتبرين إياه «غارقاً في غيبوبة»، وستشهد شبكات التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة من بينها وصفه بـ»مسافر زاده الخيال»، و«العبيط هو المذيع اللي احتفى بيه»، وسواها. معظم التعليقات كان يصب في لوم مصر والخيبة من مؤسساتها التي من السهل اختراقها بكذبة بلهاء، فما هذه الحادثة سوى حجر في مستنقع. هكذا كان لسان حال الناس في مصر؛ حينما تستسهل الدولة الضحك على الشعب، سيكون الشعب أشطر ويرد الصاع صاعين.