أضاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على معادلة جديدة في "رزمة" معادلات الردع التي تضعها المقاومة في مواجهة العدو الاسرائيلي، محلها حاويات غاز الامونيوم الموجودة في مدينة حيفا المحتلة.
ذوالفقار ضاهر
أضاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على معادلة جديدة في "رزمة" معادلات الردع التي تضعها المقاومة في مواجهة العدو الاسرائيلي، هذه المعادلة التي حُددت معالمها بوضع حاويات غاز الامونيوم الموجودة في خليج حيفا في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فالسيد نصر الله في حديثه الاخير في ذكرى القادة الشهداء، اشار الى ان "أي صاروخ يصيب هذه الحاويات هو أشبه بقنبلة نووية...".
والسيد نصر الله في الواقع نقل هذا الرأي عن تقرير لمحللين صهاينة يقدرون خطورة الوضع في مواجهة المقاومة، ويدركون كما يبدو ان المقاومة قادرة على تفجير القنبلة النووية الموقوتة المزروعة في حيفا، فحاويات مادة "الامونيا" التي تحتوي على أكثر من 15 ألف طن من هذا الغاز القاتل سيؤدي بحسب التقرير الاسرائيلي الى مصرع 800 ألف شخص، ما يجعل الصهاينة في حيفا يخشون من هجوم قاتل اذا ما اراد حزب الله شن اي هجوم ردا على اي عدوان اسرائيلي باتجاه لبنان، فهل هذه المعادلة تشكل حالة ردع كافية لـ"اسرائيل" بوجه المقاومة؟ أم ان الصهاينة يحتاجون الى اكثر من هذه المعادلة "النووية" كي يرتدعوا؟
الخوف الاسرائيلي وقدرات المقاومة..
والمواقف الاسرائيلية سرعان ما تتالت لتؤكد الخوف الذي يسكن هاجس الصهاينة، فمثلا وزير البيئة الصهيوني افي غباي اكد ان "خزان الامونيوم في خليج حيفا يشكل خطرا امنيا وبيئيا"، واشار الى ان "السلطات الاسرائيلية تعمل لنقل هذا الخزان الخطير من حيفا عبر انشاء معمل لانتاج الامونيوم في جنوب الكيان"، فهل فعلا ستعمل السلطات الصهيونية للهروب الى جنوب فلسطين المحتلة بحاويات الامونيوم الخطيرة هذه؟ وما الذي يجعل هذه الحاويات في امان على امتداد الكيان الغاصب لفلسطين؟ خاصة ان السيد نصر الله أشار الى ان "المسؤولين الإسرائيليين يسلمون اليوم بأن لدى المقاومة صواريخ تطال أي مكان في فلسطين المحتلة"، ما يجعل "الامونيوم" خطرا على "اسرائيل" في حيفا وما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا، ناهيك ان الانتقال الى الجنوب سيجعل المقاومة الفلسطينية أقرب الى "الامونيوم" المهرب ما سيضع الصهاينة في خطر مضاعف مصدره المقاومة في لبنان وشقيقتها المقاومة الفلسطينية.
حول ذلك، أشار الخبير في الشؤون الاسرائيلية خالد ابو حيط في حديث لموقع "قناة المنار" الى ان "كلام السيد نصر الله حول الغاز في حيفا جاء من باب الرد على التهديد الموجود في التقارير الاسرائيلية عن امكانية حصول عدوان على لبنان او ما يسميه الصهاينة حرب لبنان الثالثة"، وتابع ان "السيد نصر الله قابل التهديد بتهديد مقابل وموازٍ له ونقل المعركة من معركة توازن الرعب الى مرحلة توازن الردع"، واضاف "السيد نصر الله قال للصهاينة أنتم قادرون على ان تفعلوا ونحن قادرون على ان نفعل ولدينا خيارات عسكرية كبيرة جدا فالسيد نصر الله لم يهدد ابتداء انما هو هدد في معرض الرد على التهديد الاسرائيلي".
وعن امكانية نقل حاويات غاز من حيفا، قال ابو حيط إن "الاسرائيلي سبق ان تحدث في هذا الامر إلا ان خياراته في هذا الشأن ضيقة ومحدودة جدا"، ولفت الى ان "نقل هذه الحاويات سيؤثر سلبا على الاقتصاد الاسرائيلي فهي اليوم موجودة في حيفا حيث المنطقة الاقتصادية الكبرى وقريبة من البحر مع يحمله ذلك من أهمية وسهولة في حركة المواصلات وتأثير على الاقتصاد والتجارة".
وأشار ابو حيط الى ان "نقل حاويات غاز الامونيوم الى النقب او غيرها من المناطق في جنوب فلسطين المحتلة سيرتب أضرارا اقتصادية كبيرة كما أنه لن يغير كثيرا في المعادلة لان قدرات حزب الله تتطال كل فلسطين (وهذا ما اعلنه السيد نصر الله في اكثر من مرة) وبالتالي المقاومة ستطال هذه الحاويات أينما نقلت"، وتابع "ونقل غاز الامونيوم الى جنوب الكيان سيجعله في متناول صواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة".
واعتبر ابو حيط ان "موضوع نقل الحاويات طرح من قبل بعض الصهاينة من باب المزايدات النظرية والطروحات السياسية فقط"، ما يدلل على سياسة الخداع والكذب التي تنتهجها السلطات الاسرائيلية مع المستوطنين وتحاول إيهامهم انها بصدد نقلها بما يجعلهم بأمن من صواريخ المقاومة، واكد أبو حيط ان "هذا الكلام لا يغير كثيرا في المعادلة لان خطر استهداف غاز الامونيوم هو خيار قائم وتملكه المقاومة وستستخدمه إذا ما دعت الحاجة ضد العدو الصهيوني".
"اسرائيل" ونقاط الضعف.. ورسائل السيد نصر الله
ولفت ابو حيط الى ان "في فلسطين المحتلة نقاط استراتيجية وحساسة منها مفاعل ديمونا بالاضافة الى وجود بعض المطارات العسكرية الهامة جدا والتي سيؤدي استهدافها الى اضرار كبيرة لكيان العدو مثل المطار العسكري في اللد والمطار العسكري قرب العقبة"، واضاف "هذه المطارات وغيرها ستشل الكثير من قدرات الجيش الاسرائيلي لا سيما فيما يتعلق بسلاح الجو"، وأشار الى "وجود مناطق استراتيجية وحيوية اخرى في كيان العدو كمحطات الكهرباء واستخراج الغاز والنفط في البحر وهي كلها نقاط تحت مرمى نيران المقاومة وهي حساسة واستراتيجية على وجودية الكيان الاسرائيلي وهي ستسبب خسائر كبيرة جدا فيما لو استهدفت".
ورأى ابو حيط ان "السيد نصر الله ضمن كلامه الاخير الكثير من الرسائل المعلنة والمبهمة"، وتابع "هذه الرسائل يفترض انها وصلت لكل من يعنيهم الامر"، وأشار الى ان "السيد نصر الله أوضح للاسرائيلي خطورة التورط في اي حلف لخوض حرب اقليمية ضد المقاومة ومحورها وابلغ من يهمه الامر ان الرهان على اسرائيل في هكذا حرب هو رهان خاسر لان اسرائيل هي الطرف الاضعف في المعادلة وان لدى اسرائيل الكثير من نقاط الضعف التي يمكن استهدافها"، وتابع ان "السيد نصر الله حذر العدو الاسرائيلي من عاقبة استغلاله لاي حرب اقليمية بهدف الاعتداء على لبنان والمقاومة لان الرد حاضر وجاهز ومحدد وهو رد فعال ونوعي، وبذلك وضع السيد نصر الله حدا لمثل هذا الاحتمال في العقل الاسرائيلي".
الواقع ان العدو الصهيوني يعيش اليوم في مأزق حقيقي يهدد وجودية هذا الكيان الغاصب، فرغم كل التهويل الاسرائيلي والسقوف المرفوعة ورغم كل الامكانات الموجودة وتلك التي بذلك طوال عشرات السنين، فإن "اسرائيل" هذا الكيان المصطنع لم يعد لديها الجيش القادر على حمايتها، كما لم تعد قادرة على فرض ما تريد بالقوة كما كانت تفعل، والدليل ان كل الحروب التي خاضتها خلال السنوات الاخيرة هي حروب خاسرة وفاشلة ولم تحقق فيها اهدافها كما لم تحقق لا ردع ولا تمدد.