نشرت «السفير» في 12 شباط الحالي تقريراً إخباريّاً عن حملة «قاوم بصورة» بعنوان «على «فايسبوك» و«تويتر»... «جبهة» للدفاع عن صُوَر السيّد».
نشرت «السفير» في 12 شباط الحالي تقريراً إخباريّاً عن حملة «قاوم بصورة» بعنوان «على «فايسبوك» و«تويتر»... «جبهة» للدفاع عن صُوَر السيّد».
تناول التقرير الحملة الافتراضيّة الداعية لنشر أكبر عدد ممكن من صور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ردّاً على إجراءات «فايسبوك» في حظر صفحات تنشر صوره، وحجب أيّ صورة له عن الصفحات العامّة والحسابات الشخصيّة.
انتشر التقرير بكثافة على مواقع التواصل، وحقّق أكثر من 8 آلاف مشاركة على «فايسبوك» وحده، خلال ساعات. ولكن، للمفارقة، «عاقب» الموقع صفحة «السفير» على «فايسبوك»، بعد نشرها رابط التقرير، حاذفاً الرابط في 15 شباط الحالي.
كما أوقف الموقع حساب الزميلة ميساء خليل، من فريق المشرفين على الصفحة، ومنعها من استخدام الموقع لمدّة 24 ساعة، كونها رفعت التقرير المشار إليه على صفحة الجريدة الرسميّة، من خلال حسابها.
ودعا الموقع فريق المشرفين إلى مراجعة مدوّنة معاييره، محذّراً من إمكانيّة حذف الصفحة دائما، في حال تكرار «المخالفة». كما علّق كل المنشورات المبرمجة للنشر من حساب خليل.
وعلى إثر الحجب، توجّهت «السفير» برسالة إلى «فايسبوك»، توضح أنّ المضمون المحذوف عبارة عن عمل صحافيّ إخباريّ بحت، ولا يخالف مدوّنة معايير الموقع.
ودعت الصحيفة إدارة «فايسبوك» إلى رفع الحظر عن المنشور المحذوف، لأنّ في خطوتها ممارسة لرقابة تعسفية على محتوى صحافيّ، وحدّ بالتالي لحريّة التعبير. لم تتلقَّ «السفير» أيّ ردّ على رسالتها، ولم تحصل على توضيح عن سبب الحذف.
لم تنتهِ فصول الإجراءات الفايسبوكيّة الغريبة عند ذلك الحدّ، بل استكملها الموقع في 18 شباط الحالي، على منشور آخر حدّثته «السفير» عبر صفحتها الرسميّة. فضمن زاوية «حدث في مثل هذا اليوم»، نشرت الصفحة عدداً من الصور، حول أحداث مهمّة شهدها ذلك التاريخ.
ومن بين الأحداث المشار إليها، انتخاب السيد حسن نصرالله أميناً عاماً لـ«حزب الله» في 18 شباط 1992، مرفقاً بصورة لنصرالله أثناء إلقائه أحد خطاباته، بجانب صور أخرى. هذه المرّة أيضاً، حذف «فايسبوك» صورة نصرالله وحدها، من دون أن يحذف صوراً لشخصيّات أخرى وردت في المنشور ذاته، وعلّق حساب الزميلة ميساء خليل لمدّة 72 ساعة.
تثبت خطوة «فايسبوك» أنّ حجب صور نصرالله لم تعد تقتصر على صفحات المناصرين له، بل تمتدّ إلى وسائل الإعلام الناقلة لأيّ خبر مرتبط به. ويقول الخبير التقني سليمان أحمد في اتصال هاتفيّ مع «السفير» إنّ الفترة الماضية شهدت تشدّداً في حذف كلّ صورة لنصرالله عن «فايسبوك»، خصوصاً إن تضمّن المحتوى المرافق لها مضموناً «إيجابيّاً» تجاهه.
يوضح أحمد أنّ خوارزميّة «فايسبوك» باتت ذكيّة جدّاً لدرجة لم تعد تميّز فقط وجوه الشخصيّات، بل طبيعة المضمون المرافق لها، وذلك ما يفسّر عدم حذف صور نصرالله عن الصفحات الإخباريّة الحاملة لمضمون سلبيّ أو هجومي على أخباره. فعلى سبيل المثال، لم يحجب «فايسبوك» صوره عن صفحة قناة «العربيّة» ولم يحظر أيّ صفحة تهاجمه.
وبحسب أحمد، يحذف «فايسبوك» المنشور من دون أيّ إنذار، بما أنّ أنظمته الذكيّة قادرة على تمييز الوجوه والمضامين من دون الحاجة إلى تدخّل بشري.
تحظر مدوّنة معايير «فايسبوك» العريّ، وخطاب الكراهية، والعنف. وفي آذار 2015، تمّ تحديث سياسة نشر المحتوى ضمن صفحات الموقع، وباتت تسمح للحكومات بتقديم طلبات لحذف المحتوى غير المرغوب به، ليقوم الموقع بحذفه تلقائياً بدلاً من أن تقوم هذه الحكومات بحجب الموقع.
وفي ذلك الحين، قال مؤسس الموقع مارك زوكربرغ: «نتلقى أوامر من الحكومات، أحياناً، لإزالة محتوى يعتقدون أنه غير قانوني في الوقت الذي لا يخالف فيه معايير صفحاتنا. نحن نحارب من أجل حماية مستخدمينا من التدخل الحكومي غير الضروري».
لذلك من المرجّح أن يكون حذف صور نصر الله ناتجاً أيضاً من طلبات حكوميّة عربيّة أو غربيّة، وذلك ما لم يؤكده أو ينفه «فايسبوك» حتّى الساعة.
قبل أسابيع، حذف «فايسبوك» صفحات لمؤسسات إعلاميّة منها «الميادين»، والآن، يبدو أنّه طوّر تضييقه على وسائل الإعلام الأخرى، بما يفضي إلى حجب أيّ خبر مرتبط بالأمين العام لحزب الله.
وذلك إجراء أقلّ ما يقال فيه إنّه غير منطقي ومثير للضحك، خصوصاً أنّ الصحف اللبنانيّة على اختلاف توجّهاتها، تنشر عبر صفحاتها على مواقع التواصل عشرات المناشير حول «حزب الله»، وحول خطابات نصرالله.
يعلن «فايسبوك» دوماً أنّه يجهد للحدّ من الدعاية الإرهابيّة "الداعشيّة" عبر صفحاته، لكنّه يفشل، إذ تزخر مئات الصفحات بالمنشورات الإرهابيّة والمذهبيّة.
الغريب أن يتعامل الموقع مع صور نصرالله، وإن جاءت في إطار خبريّ، بـ «حزم» يفوق تعاطيه مع البروباغندا التكفيريّة. وذلك اعتداء متمادٍ على حريّة الصحافة وعلى حريّة نشر الأخبار على الانترنت، بغضّ النظر عن أبعاده السياسيّة.