أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، أمام وفد «تجمع العلماء المسلمين في لبنان»، برئاسة رئيس مجلس الأمناء الشيخ أحمد الزين، أن الولايات المتحدة تحاول تغطية انسحابها من العراق عبر افتعال المشكلات في سوريا،
الرئيس السوري بشار الأسد مطمئنّ إلى حال الاستقرار في لبنان. يؤكد أنه غير مطّلع على التفاصيل الداخلية اللبنانية حالياً، إلا أن الحكومة الحالية ستستمر في أداء مهماتها كما يبدو. وحين تحل الأزمة السورية، فإن لبنان سيمرّ في فترة مريحة أكثر، وخاصة أن كل العالم اليوم يركز على سوريا، «لكننا نتلقى الضربات ونستوعبها»
أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، أمام وفد «تجمع العلماء المسلمين في لبنان»، برئاسة رئيس مجلس الأمناء الشيخ أحمد الزين، أن الولايات المتحدة تحاول تغطية انسحابها من العراق عبر افتعال المشكلات في سوريا، قبل أن ينتقل الى الوضع الداخلي السوري، مشيراً الى أن الإسلاميين مشارب شتى، وحتى من ضمن الفكر السلفي فالبعض تكفيري، بينما هناك من هم دعويّون، وبين الفرق الأخرى أيضاً، ما بين الاخوان المسلمين وما بين الفرق الصوفية وما بين هذه وتلك. لكن السلطات السورية تعاملت مع الكل بنفس العصا، وأغلقت العديد من المعاهد الدينية، وطاردت العديد من الاشخاص، وضربت مجموعات لا شأن لها بتهديد الاستقرار. وبعدما كانت سوريا مقصداً للمسلمين الراغبين في الدراسات العليا في الشريعة من كل دول العالم الاسلامي، سواء العربية أو غير العربية، تخلت عن هذا الدور ولم تعد تستوعب هؤلاء.
وطلب الأسد، في اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات وبدأ بمطالعة قدمها امين الهيئة الادارية الشيخ حسان عبد الله عن تاريخ التجمع ودوره في لبنان وعمله في الاوساط الاسلامية، التدقيق في مصطلح الاسلاميين، مفضلاً تعبير المسلمين، ثم اعترف بأن سوريا اخطأت في التعامل مع كل المؤسسات الاسلامية كأنها واحد، «والآن نعيد النظر في اسلوب التعامل مع الكل، وقد أسسنا قناة اعلامية باسم نور الشام اسلامية متخصصة، ونحن نسعى الى تبديل التضييق الذي ساد في الماضي بتوسيع على المسلمين السوريين».
وحول امكانية الحوار مع حركة الاخوان المسلمين، عرض الاسد العلاقة مع حركة الاخوان ليقول فتحنا سابقاً ابواب الحوار مع الاخوان عدة مرات، الا اننا لم نصل الى نتيجة، وكان ذلك بفعل تشبث الاخوان برأيهم، وبعدها ايضاً كنت مستعداً للحوار انطلاقاً من مرحلة حماه، وصولاً الى الحاضر، ولم اكن انوي تجنب اي نقطة او مرحلة، لكن اليوم نحن غير مستعدين للحوار معهم ما لم يتخلوا عما هم فيه.
ولكن ميز الاسد في حواره مع العلماء ما بين مجموعات الاخوان في سوريا وما بين الموقف السوري من حركة حماس، مؤكداً ان الحركة تحت الاحتضان الكامل وتحظى بالدعم الكامل، ولا نربطها بالأطراف المتدخلة في الأحداث، وهي حركة اساسية في القضية الفلسطينية، ويتم التعامل معها من هذا المنطلق.
ويضيف الأسد ان الجو المذهبي لم يكن موجوداً في سوريا، وكانت السلطات تتعامل مع اية محاولة لإثارته بحزم، لكن هناك من عمل على اشاعته، واليوم انحسر هذا الجو الى منطقة حمص فقط. وفي السابق، حاول البعض المطالبة بسوق للهال بديلاً من السوق الموجود في احدى المدن السورية، على اساس ان هذا السوق الموجود اغلبيته من السنة، وكان الجواب بالرفض القاطع.
واشار الأسد الى الموقف الاستراتيجي لدى روسيا تجاه سوريا، حيث يراهن البعض على امكانية تحول في الموقف الروسي الداعم لسوريا، ووافق الأسد على التحليل الذي قدمه احد زواره، قائلاً ان ما قدمته روسيا كان استراتيجياً، ولن تتراجع عنه، وهم اليوم معنا في هذه المعركة.
وأضاف: لا ثمن يمكن تقديمه لروسيا يوازي خسارة سوريا ودورها في المنطقة، فخسارة الدور السوري يعني خروج روسيا نهائياً من الشرق الاوسط، وكاشف ضيوفه قائلاً ان سوريا لم تكن متشجعة للموافقة على وثيقة جامعة الدول العربية، الا ان القيادة الروسية تمنت موافقة سوريا عليها لتخفيف الضغط على سوريا ولإيجاد بيئة اكثر ايجابية، وهو ما حصل فوافقت دمشق على البروتوكول.
وتابع موضحاً إن معركة سوريا ليست ضد العرب، ولا تهتم سوريا بالتحركات العربية التي تجري حالياً، وبعض الدول العربية غير مقتنعة بالموقف الذي أبدته في جامعة الدول العربية ضد سوريا، وقد تلقينا العديد من الاتصالات من دول عربية أكدت أن شيئاً لن يتغير في العلاقات الثنائية بعد صدور قرار العقوبات بحق سوريا، خاتماً بالقول ان الزعماء العرب سيأتون الى دمشق ليعتذروا في النهاية.
وأبدى الاسد استغرابه لموقف السودان من سوريا، وخاصة ان سوريا لطالما دعمت السودان خلال الفترة الصعبة التي مر بها والعقوبات التي تعرض لها، لكنه في النهاية وافق على العقوبات ضد سوريا.
وتطرق الضيوف الى الاعلام السوري ومدى تقصيره في اظهار الحقائق الى العالم، وخاصة لناحية بعض ما يرد فيه من مستوى خطاب سياسي، مشيرين الى عدم الكفاءة في التعامل مع الأزمة، عدا عن الثغرة الكبيرة التي سادت في مؤتمر وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
ووافق الأسد على التقصير الذي يعيشه الإعلام السوري، قائلاً انه لم يصل بعد الى اداء دوره، والآن يجري تطوير العمل الاعلامي، مستطرداً إنه لم يشاهد شريط الفيديو في مؤتمر وليد المعلم.
وانتقل الى الحديث عن العقوبات الاقتصادية، معتبراً أنها ستؤثر على سوريا، لكنها لن تكون كارثية، وسيكون هناك مجموعة من الاجراءات التي ستساعدنا في مواجهة هذه العقوبات.
وتابع ان الجمهور الذي ينزل الى الشوارع ليس بالضرورة انه كله مؤيد للنظام، لكن الناس مستفزون من موقف العرب وخاصة جامعة الدول العربية تجاه بلادهم، وقاموا بردة فعل عليها. وأضاف: معركتي ليست مع العرب، لذا لا نهتم بما ينتج منهم، لكن المعركة مع من يحركون الدول العربية اليوم.
وأوضح ان الخطة الاميركية كانت تقضي بتقسيم العراق، الا ان الاميركيين اكتشفوا ان تقسيم العراق مستحيل بوجود سوريا الى جانبه، فإما سوريا مقسمة وعندها يمكن تقسيم العراق وإما البلدان لا يقسمان، واليوم الاميركيون في اضعف اوضاعهم الخارجية، وكان همهم هز الوضع السوري لتغطية الانسحاب من العراق، ويريدون تغيير النظام في سوريا، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك.
وأشار الى ان تركيا لا يمكنها ان تملي على سوريا ارادتها، وأن تركيا تدخل في امر اكبر من حجمها الاقليمي وأكبر مما يسمح به واقعها، مكرراً ان المعركة مع الغرب.
وقال بثقة انه يعلم ان المعركة ليست قصيرة، وهي قاسية، لكن الظروف اليوم افضل مما كانت عليه قبل اشهر، وقد طلب من الجيش دائماً عدم استخدام الاسلحة الثقيلة في المعارك العسكرية، والاكتفاء بالاسلحة الخفيفة.
وشدد على انه لا تراجع في موضوع الاصلاحات، وهي تتقدم، لكن الغرب لا يطلب من سوريا القيام بإصلاحات، بل هو يبدي استعداده لغض الطرف عن الاصلاحات اذا التزمت سوريا بمطالب وزير الدفاع الاميركي الاسبق كولن باول، وخضعت للشروط الغربية.
وأشار الاسد رداً على سؤال من احد ضيوفه عن استعداده لاستقبال سعد الحريري مجدداً، الى أن سوريا لم تغلق بابها امام احد، مضيفاً ان ساعات اللقاءات مع سعد الحريري اوضحت له ان الحريري لا يحبذ الحديث في السياسة، بل في شؤون متفرقة أخرى، الا ان دمشق تستقبل كل من يطرق بابها، وفي حال عودته عن موقفه فلا مانع من استقباله، على الرغم من كل الكلام الذي قاله.
واقترح الوفد القيام بصيغة تواصل ما بين علماء لبنان وعلماء سوريا، وعقد مؤتمر مشترك، وأبدى الأسد حرصه على رعاية مؤتمر مشابه. كما اتفق على آلية للتواصل بين تجمع العلماء المسلمين في لبنان والرئيس السوري.